الرئيس المصري عدلي منصور: الانتخابات البرلمانية ستسبق الرئاسية

شدد في الحلقة الأولى من حواره مع {الشرق الأوسط} على استقلالية القرار المصري .. وأكد أن المساعدات السعودية والعربية دعمت ذلك

الرئيس المصري عدلي منصور خلال الحوار مع رئيس التحرير الدكتور عادل الطريفي ({الشرق الأوسط})
الرئيس المصري عدلي منصور خلال الحوار مع رئيس التحرير الدكتور عادل الطريفي ({الشرق الأوسط})
TT

الرئيس المصري عدلي منصور: الانتخابات البرلمانية ستسبق الرئاسية

الرئيس المصري عدلي منصور خلال الحوار مع رئيس التحرير الدكتور عادل الطريفي ({الشرق الأوسط})
الرئيس المصري عدلي منصور خلال الحوار مع رئيس التحرير الدكتور عادل الطريفي ({الشرق الأوسط})

* سعي جماعة الإخوان للاستقواء بالخارج جوبه برفض شعبي ورسمي وفي تقديري أن الجماعة
* بدأت تراجع حساباتها وتبين ذلك من خلال الاعتذارات الصادرة لكنها ما زالت غير كافية من وجهة نظر الشعب المصري
* من أهم أسباب سقوط النظام السابق اعتماده على ما أطلق عليه «الأهل والعشيرة» مع تجاهله التام لأي مطالب لا ترضى بها «العشيرة»

الرئيس المصري المؤقت المستشار عدلي منصور، لم يسبق له أن تحدث إلى وسيلة إعلام خارجية منذ توليه مسؤولية قيادة مصر في واحدة من أهم مراحلها الانتقالية في تاريخها الحديث. ومن هنا يكتسب الحوار الذي أجرته معه «الشرق الأوسط» في مكتبه بقصر الاتحادية في ضاحية مصر الجديدة القاهرية، أهميته. وما يزيد من أهمية ما قاله منصور في الحوار ترافقه مع مناسبتين مهمتين؛ الأولى احتفالات مصر اليوم بالذكرى الأربعين لانتصارات «حرب أكتوبر» التي أدت إلى استعادة مصر أرضها في سيناء عام 1973، والثانية أولى زياراته الخارجية غد الاثنين إلى المملكة العربية السعودية.
في الحوار الذي تنشره «الشرق الأوسط» على جزأين، اليوم وغدا، تطرق الرئيس المصري إلى كل الأسئلة التي تتعلق بالمسيرة الداخلية المصرية، من الاستفتاء على الدستور، مرورا بالانتخابات البرلمانية والرئاسية، وجهود استعادة الأمن، والموقف من جماعة الإخوان، واعتذارات بعض قيادات الجماعة، والعلاقة مع الولايات المتحدة، وصولا إلى المباحثات التي أجرتها أخيرا في القاهرة مفوضة الشؤون الخارجية الأوروبية كاثرين أشتون.
بين أبرز ما قاله الرئيس منصور في الجزء الأول من الحوار، المنشور اليوم، تأكيده على أن «خارطة الطريق» في مصر تنص على إجراء الانتخابات البرلمانية أولا قبل الرئاسية، وأنه لا نية لتعديل ذلك. وعن الإخوان، قال إن جماعة الإخوان المسلمين سعت منذ «ثورة 30 يونيو» إلى الاستقواء بالخارج، وهو نهج وصفه بأنه «قوبل برفض كامل على المستويين الشعبي والرسمي»، معربا عن اعتقاده بأن الرسالة وصلت إليهم أخيرا. كذلك قال الرئيس المصري إن من أهم أسباب سقوط النظام السابق تعمده إقصاء قطاع عريض من المجتمع واعتماده على ما أطلق عليه «الأهل والعشيرة».

* اليوم تمر ذكرى «نصر أكتوبر». ما هي مشاعركم الشخصية وأيضا رؤيتكم اليوم لذكرى «نصر أكتوبر». وأيضا رؤيتكم لمستقبل السلام في المنطقة؟
- في الحقيقة أكتوبر بالنسبة للشعب المصري حدث عظيم، لأننا كما تعلم حصل لنا في عام 1967 نكسة كبيرة، أثرت على مصر وأثرت على العرب، فأردنا أن نسترد الكرامة مرة أخرى. الشعب كله توحد وحتى العرب كلهم توحّدوا عام 1973 وساعدوا مصر من أجل أن تثبت أن إرادتها لن تنكسر وأن الأرض سترجع. ولقد عادت الأرض وانتصرت الإرادة في النهاية. وأظن أنه آن الأوان أن يدرك العرب الآن أيضا أنه يجب أن نجتمع ويجب أن نتوحد، لأن في تفرّقنا ضعفنا، بينما قوتنا في اتحادنا. لا شك في أن المنطقة إذا ما اتحدت سيكون شأن آخر. أما عن السلام فأنت تعلم أن بيننا وبين إسرائيل اتفاقية سلام. ومصر تحترم تعهداتها، وأبرمت اتفاقية سلام مع إسرائيل، وهي تحترم هذه الاتفاقية وليس هناك أي نية للخروج عن أحكام هذه الاتفاقية.
* كيف تلقيت نبأ تكليفكم بالرئاسة؟
- كانت لحظة صعبة جدا بالنسبة لي، وأنت تعلم ما هي مصر وماذا تمثل مصر وتعلم عدد سكان مصر وتعلم المشاكل التي تعاني منها مصر. في الحقيقة كنت في منتهى القلق وحصل لي نوع من الرهبة، إذ لم أكن أتصور أن أكون في موقع مسؤولية رئاسة دولة بحجم مصر، خاصة أن كل مساري الوظيفي كان كرجل قضاء، مع أنه يوجد في دستور 71 نصوص - حالة وحيدة في حالة شغور منصب رئيس الجمهورية أن يكون رئيس المحكمة الدستورية رئيسا للجمهورية هي لمدة 60 يوما - أي عمل روتيني للإعداد للانتخابات الرئاسية.
* استقبلتم منذ أيام الممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية الأوروبية كاثرين آشتون.. ماذا دار في مباحثاتكم معها؟
- أكدت آشتون خلال لقائي معها على دعم الاتحاد الأوروبي لخارطة مستقبل الشعب المصري وأثنت في هذا الصدد على الجهد الذي تقوم به «لجنة الخمسين»، وما لمسته من توجه نحو اعتماد دستور يعبر عن كل المصريين. كما أثنت على جهود الإدارة المصرية الحالية للتواصل مع مختلف الأطراف على الساحة السياسية المصرية، مشددة على اتفاقها معنا في الرأي في أن من يريد أن يشارك في هذه المسيرة يجب أن تأتي مشاركته إيجابية، وأن الجميع بات يدرك أهمية المضي قدما في خارطة المستقبل وأنه لا عودة إلى الوراء. كذلك أكدت آشتون أنها تولي اهتماما كبيرا بتلقي مصر الدعم الاقتصادي المناسب في هذه المرحلة، وأنها سوف تبذل مساعيها لدى المؤسسات المالية الأوروبية، لا سيما بنك الاستثمار الأوروبي وبنك الإعمار والتنمية الأوروبي. وحرصت الممثلة العليا الأوروبية على أن توضح أنها في حديثها مع الدول الـ28 الأعضاء في الاتحاد تقوم بشرح وإيضاح الصورة التي لم يفهمها كثيرون لأنهم كانوا يتابعون الشاشات التلفزيونية دون غيرها. وفي هذا الإطار، أكدت على إدانة الاتحاد الأوروبي القاطعة للعمليات الإرهابية التي تشهدها مصر، حيث قدمت لي خالص تعازيها في شهداء مصر الأبرار من القوات المسلحة والشرطة الذين سقطوا في مواجهة الإرهاب.
* وماذا عن موقف المساعدات الإنمائية الأوروبية؟
- المساعدات الإنمائية تعد أحد جوانب العلاقات الثنائية بين الدول، بخلاف جوانب أخرى عديدة.. ولا توجد علاقة بين دولتين أو بين دولة وتكتل جغرافي، يمكن اختزالها فقط في قيمة المساعدات. وفيما يخص الدول الأوروبية، فإن مصر والاتحاد الأوروبي يرتبطان بعلاقات تاريخية وسياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية هامة، وكانت مصر من أوائل الدول التي ساهمت في بناء الشراكة الأورو - متوسطية بين ضفتي المتوسط. إلا أن الاتحاد الأوروبي أعلن في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي من خلال اجتماع فريق العمل المصري - الأوروبي، عن تقديمه دعما لمصر يقدر بخمسة مليارات يورو.. حقيقة الأمر أن ذلك المبلغ لا يعدو أن يكون أكثر من رقم إعلامي، جرى التوصل إليه عبر تجميع مجموعة من الأرقام الأخرى - البعض منها مساعدات حصلت عليها مصر بالفعل، وهو القدر الضئيل منه - وغالبية الأرقام الأخرى لا تعدو أن تكون أكثر من وعود، أو قروض لم تحصل عليها مصر فعليا. وأنت حينما تتحدث مع المسؤولين الأوروبيين في ذلك الأمر يشيرون إلى الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي تعصف ببلدانهم في الوقت الراهن.. وإلى أزمة اليورو.. ويحدثونك مطولا عن الإجراءات التقشفية التي يطبقونها في بلدانهم. ونحن، على الرغم من تفهّمنا التام للأبعاد المختلفة للأزمة الاقتصادية التي يمر بها الاتحاد الأوروبي، فإننا في الوقت ذاته كنا نأمل في أن يوجه الاتحاد الأوروبي مساعدات أكبر لدعم الثورة المصرية.. على الأقل بشكل يتناسب مع الصخب الإعلامي الذي يحرص عليه في هذا الشأن، والحل يكمن في تقديري في توافر الإرادة السياسية.
للأسف، لا تزال هناك بعض الدول الأوروبية التي لم تتفهم مغزى الثورة المصرية، وما ترمز إليه من كرامة وندية في العلاقات بين مصر وسائر دول العالم. وما زالت تصلنا معلومات حول توجه بعض العواصم الأوروبية إلى فرض ما يسمى بالمشروطيات على مساعداتها لمصر، وهي كما ذكرت ضئيلة للغاية. غير أن الشعب المصري لن يقبل تحت أي ظرف من الظروف شروطا تصاحب المساعدات المقدمة. هذه المساعدات تحقق مصالح مشتركة بين مصر والطرف المانح، ولن نجد غضاضة على الإطلاق في رفض أية مساعدات قد نستشعر أنها باتت مقرونة بأي شكل من أشكال الشروط.. مثلما فعلنا بالفعل أخيرا مع الوديعة القطرية التي أعيد تحويلها إلى الدوحة.
* كيف تنظرون إلى تلك الشروط الأوروبية؟
- كما أوضحت سابقا، لن يقبل المصريون بأي حال من الأحوال أن تمسّ سيادتهم ولن يقبلوا أي تدخل في الشأن الداخلي، أو حتى مجرد التأثير عليه، وفي حالة ما إذا استشعرنا شبهة في ذلك، فسيكون ردنا فوريا، مثلما سبق أن فعلنا مع قرارنا بإعادة الوديعة القطرية. من يريد دعم مصر، وفقا للرؤية والاستراتيجية التي اعتمدتها الحكومة المصرية، فأهلا وسهلا به.. أما من يتوهم أنه سيرسم لنا معالم طريق محددة مقابل مساعدة ما، فموقفنا، الشعبي والرسمي، سوف يكون رافضا.. نحن نقف أمام أية محاولات غربية في هذا الصدد، واسمحوا لي بهذه المناسبة أن أحيي المملكة العربية السعودية، بشكل خاص، على التصريح الذي جاء على لسان وزير خارجيتها بشكل واضح لا لبس فيه من أنها سوف تعوض أية مساعدات لمصر لم يتم الوفاء بها.
إننا على يقين أن التيار المتفهم داخل الدول الأوروبية لطبيعة المرحلة الدقيقة التي تمرّ بها مصر والتغييرات الجسام فيها، سوف يكون له الكلمة النهائية عند بلورة الموقف الأوروبي النهائي الموحّد. إن لقاءاتي المتتالية مع المسؤولين الأوروبيين خلال الفترة الأخيرة كشفت عن وجود إدراك متزايد لدى الاتحاد الأوروبي لحقيقة الأوضاع في مصر. ومن منظور أوسع، أعتقد أن الغرب في طريقه إلى فهم الحقائق بشكل صحيح. وبدأ في الإدراك بأن التهديد بقطع المساعدات لن يؤثر في القرار المصري، بل على العكس، سيباعد أكثر فأكثر بين الشعب المصري وتلك المساعدات.
* خارطة الطريق التي التزمت بها رئاستكم وتشرفون عليها، هل ترون أنها تسير بالسرعة المناسبة التي تكفل تنفيذها في الفترة الزمنية المحددة لها؟
- تمر مصر بمرحلة تأسيسية مهمة. إننا نؤسس لدستور ديمقراطي يضمن الفصل الكامل بين السلطات الثلاث، ويكفل الحريات للمواطنين، ويستجيب لتطلعات الشعب المصري التي ثار من أجلها في يناير (كانون الثاني) 2011 وثار مجددا لها في يونيو (حزيران) 2013 عندما استشعر أن أحلامه قد سرقت وتم الانحراف بها في اتجاه لا يرغب فيه. وعليه، فإن الجوانب السياسية التي تتضمن إعداد دستور مصري جديد إنما تستهدف بالأساس ضمان حقوق المواطن العادي بما في ذلك حقوقه الاقتصادية. إن الثورة المصرية قامت على شعار واضح، وهو «عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية».. ونحن في جهودنا الحالية نأخذ في الاعتبار الأضلاع الثلاثة لذلك المثلث. نحن نتقدم على طريق الحرية عبر تأسيس نظام دستوري جديد يضمن ألا تجري سرقة الديمقراطية الوليدة مجدّدا وتحويلها إلى أداة ظاهرية تخدم فئة صغيرة من المجتمع المصري، كما أننا نتقدم أيضا على المستوى الاقتصادي عبر بذل كافة الجهود الممكنة لإعادة إطلاق نشاطه بالبلاد وخلق فرص عمل جديدة، وتلبية الاحتياجات المعيشية للمواطنين من تعليم ومسكن وخلافه. والخطط الاستثمارية التي اعتمدتها الحكومة أخيرا كلها تعد خطوات تصب في ذلك الاتجاه.. كما أننا نخطو أيضا في طريق العدالة الاجتماعية.. حيث تم على سبيل المثال أخيرا تحديد الحد الأدنى للأجور بالجهاز الحكومي.
نحن، إذن، لا نهتم بالجوانب السياسية على حساب الجوانب الاقتصادية كما ذكرت، أو على حساب الجوانب الاجتماعية. ولكن، بطبيعة الحال، الظروف قد تفرض نفسها في بعض الأوقات بحيث نجد أنفسنا بحاجة إلى معالجة قضية ما قبل الأخرى أو أن تفرض قضية ثالثة نفسها مثل الأمن على سبيل المثال. وكما تعلمون، تحقيق الأمن ضرورة لأية انطلاقة اقتصادية، فمن دونه، لا يمكن أن تعود الاستثمارات والسياحة على النحو المرجو الذي يتناسب مع احتياجاتنا من ناحية، ومع الإمكانيات الزاخرة المصرية والفرص المتاحة بالبلاد من ناحية أخرى. أما إذا كنت أرى أنها تسير بالسرعة المناسبة التي تكفل تنفيذها في الفترة الزمنية المحددة لها، فكما تعلمون تحققت كل الاستحقاقات الماضية بخارطة المستقبل طبقا للجدول الزمني الموضوع، وإنا على ثقة من أنه سيجري تطبيق كل استحقاقاتها المستقبلية في مواعيدها، حتى وإن شكك كثيرون في إمكانية تحقيق ذلك نظرا لقصر الفترة الزمنية الممنوحة لها في مقابل استحقاقاتها المختلفة.
* هل حددتم سقفا زمنيا لخارطة الطريق إلى المستقبل؟
- هي مرتبطة بما سينجز على الأرض، بمعنى أننا أوشكنا أن ننتهي من وضع الدستور. وفي خلال شهر، كحد أقصى، ستنتهي «لجنة الخمسين» من عملها وسيتم بعد ذلك طرح الدستور للاستفتاء عليه. وأنتم تعلمون أن هذه الإجراءات تأخذ وقتا، ومثلا لو قلنا تأخذ شهرا أو أقل يكون الدستور انتهى وعلى الفور سأعلن بدء الانتخابات البرلمانية التي تستغرق ما بين شهرين أو شهرين ونصف الشهر حتى نجري الانتخابات ثم الإعادة وبعدها النتيجة. كل المسائل اللوجستية تحتاج للتحضير مثل الجداول وغيرها، وهي نعمل فيها حاليا من خلال اللجنة الانتخابية. وبعد الانتخابات البرلمانية بشهرين أو ثلاثة نبدأ في الانتخابات الرئاسية.
* إذن، سوف تسبق الانتخابات البرلمانية الرئاسية بشهر؟
- هكذا رسمت خارطة الطريق وليس هناك نية للتعديل.
* فخامة الرئيس.. يدرك الجميع طبيعة المرحلة الحالية التي توصف بأنها انتقالية، لكن تراكمات المشاكل الاقتصادية السابقة على «25 يناير» وما تلاها، خاصةً خلال فترة العام الماضي، وضعت الاقتصاد المصري حسب كل التقارير والتصريحات في موقف صعب.. كيف تتخذون قراركم السياسي أخذا في الاعتبار هذه الأوضاع الاقتصادية الصعبة؟
- القرار السياسي المصري مستقل تماما، وهو يضع في اعتباره المصالح المصرية أولا وأخيرا. إن من أهم مكتسبات «ثورة 25 يناير»، التي أكدت عليها «ثورة 30 يونيو»، أن الشعب المصري رافض تماما بأن يربط قرارات بلاده السياسية بأي عامل آخر، باستثناء مصالحه العليا، الحالية والمستقبلية. الوضع الاقتصادي في مصر صعب، نتيجة لتراكمات عديدة.. منها: سوء إدارة من قبل الحكومات السابقة، ومنها أيضا بعض المشاكل الهيكلية التي نعيها تماما وندرك أهمية معالجتها في الوقت المناسب، مع مراعاة الجوانب الاجتماعية. بيد أن المشكلة الرئيسية للاقتصاد المصري تتمثل في الحاجة إلى الوصول إلى استقرار أمني، يمهّد لإعادة إطلاق النشاط الاقتصادي. إن مصر بلد غني بموارده البشرية.. ويمثل سوقا اقتصادية هائلة، كما أن المجال مفتوح للعديد من المشاريع الاستثمارية العملاقة التي يمكن أن تغير الصورة الاقتصادية العامة للبلاد في غضون عشر سنوات، إلا أن ذلك يستلزم بطبيعة الحال تحقيق الأمن في كافة ربوع البلاد. فلا مجال عن الحديث عن انطلاقة اقتصادية حقيقية من دون أمن كامل. وغني عن البيان أن الدعم الذي قدمته المملكة العربية السعودية والأشقاء العرب كان له أكبر الأثر في تدعيم استقلالية القرار المصري بعيدا عن ضغوط الوضع الاقتصادي المتردّي.
* في إطار ما طرح في خارطة الطريق عن أنه لا إقصاء لأحد طالما لم يتورط في العنف، بالنسبة إلى ملف الإخوان، أصبح هناك عداء شعبي لهم. في رأيكم كيف يمكن التعامل مع هذا الملف في المستقبل؟ وهل ترون أي إشارات من تيارهم إلى استعدادهم إلى المشاركة في الحياة السياسية وفق القواعد الجديدة؟ وهل تتعرضون لأية ضغوط في هذا الشأن؟
- لقد سعت جماعة الإخوان منذ «ثورة 30 يونيو» إلى الاستقواء بالخارج. وهذا النهج الذي قوبل برفض كامل على المستويين الشعبي والرسمي، ورد فعلنا يكون دائما فوريا حينما نرصد أية محاولة جديدة من قبلهم للاستقواء. وأعتقد أن الرسالة وصلت لهم أخيرا، كما أنها وصلت أيضا للأطراف التي كانت تستجيب لمطالبهم في هذا الشأن.
من أهم أسباب سقوط النظام السابق في مصر تعمّده إقصاء قطاع عريض من المجتمع، واعتماده على ما أطلق عليه «الأهل والعشيرة» مع تجاهله الكامل أية مطالب لا ترضى بها هذه العشيرة. ولهذا حرصت عند تشرّفي برئاسة الجمهورية على أن تمد السلطات الحالية يدها لكلّ الأطراف السياسية في المجتمع، أيا كانت انتماءاتها أو معتقداتها، طالما كانت أيديها غير ملوثة بالدماء والتزمت بنبذ العنف. لقد عرضنا، على سبيل المثال، التشاور مع الأطراف كافة عند اختيار رئيس الوزراء والتشكيل الحكومي، كما بعثنا برسائل إلى مختلف الأحزاب والتيارات السياسية للتقدم بمرشحيها في «لجنة الخمسين» المنوط بها اعتماد التعديلات الدستورية. إلا أن الإخوان آثروا عدم المشاركة في بناء مصر المستقبل، وفضّلوا عوضا عن ذلك الاستمرار في الاعتصامات المسلحة، والتهديد بحرق البلاد، وبذل المساعي الحثيثة لمعاداة العالم الخارجي لبلدهم.
وتقديري في هذا الصدد أن الجماعة بدأت في مراجعة حساباتها، وتبين ذلك جليا من خلال الاعتذارات الصادرة عن بعض قياداتها للشعب المصري عن سوء إدارة البلاد. إلا أن تلك الاعتذارات لا تزال غير كافية، ليست تلك وجهة نظري، وإنما هي وجهة نظر الشعب المصري. كذلك من الأهمية بمكان أن تقترن تلك الاعتذارات بتغيير في الممارسات على الأرض.. فليس معقولا أن يستمر العنف الممارس من قبلهم والتحريض على الجيش والشرطة، ثم يدّعون أنهم تقدموا باعتذار. على الجماعة أن تدرك وتصرح بشكل واضح أنها جزء من الوطن، وليس العكس.
إن مصر تسير بخطى واثقة في طريق تنفيذ خارطة المستقبل السياسية.. ونحن نعمل بكل ما أوتينا من جهد في اتجاه بناء دولة مؤسسات ووضع الأسس السليمة للدولة الديمقراطية الحرة المستقبلية في مصر، لكننا في الوقت الذي نحرص فيه على إشراك كل الأطياف الوطنية في المسار السياسي، فإننا نحرص أيضا على تجنب إهدار المزيد من الوقت. مصر لن تنتظر أحدا لكي تنهض، ومن يريد مشاركتنا البناء، فهو مرحب به طالما التزم بالقواعد الديمقراطية ونبذ العنف. أما من يتلكأ في ذلك، ويتوهم أن العالم الخارجي أو نهج العنف سيعزز من موقفه.. فذلك خياره وحده، والقانون كفيل بالتعامل معه.
أما حيال الحديث عن ضغوط تتعرض لها الرئاسة المصرية، فلعلكم تابعتهم بعضا من هذه الضغوط والتهديدات التي لم تجد لدينا أي صدى، وجرى تجاهلها تماما. ولقد أدركت تلك القوى أن مساعيها للضغط على مصر لن تغير في الأمر شيئا سوى الانتقاص من صورتها وشعبيتها في مصر.
* من هي الأطراف التي رفضت الحوار مع الحكومة؟
- نحن نحاول مع الجميع..
* حتى مع الإخوان؟
- هم الإخوان. ونحن نحاول معهم ولا نريد إقصاء أحد، ودائما الرسالة واضحة عندما نقول إن من أراد أن يمارس الحياة السياسية من جديد في ظل النظام القادم نحن نرحب به بشرط واحد هو أن يكون لم يمارس العنف أو حرض عليه أو خضع لعقوبة وسوف تجرى له محاكمة عادلة أن ثبتت التهمة عليه سيعاقب، وإن برأته المحاكمة أهلا به.
* بعض المراقبين يتوقعون أن يدفع الإخوان نحو ترشيح مستقلين عنهم خلال الانتخابات البرلمانية القادمة هل من محاذير؟
- هذه مسؤولية الشعب، أما أنا فليست لدي أي محظورات. إنها مسؤولية الناخبين وعليهم أن يدققوا في من يختارون، نأمل ألا ينتخبوا من ارتكب عنفا أو أحيل للتحقيق، وهذا الشخص غير مسموح له بالترشح إلى أن يتضح الموقف القانوني.
* هل تتوقع أن ترى برلمانا مصريا في خارطة المستقبل الحالية أكثر تعبيرا عن الشعب المصري من سابقه؟ وكيف ترى دور الشباب في هذه المرحلة السياسية؟
- قطعا سنرى برلمانا مصريا أكثر تعبيرا عن الشعب المصري في المرحلة المقبلة. هذا لا يعني أن الانتخابات البرلمانية السابقة التي شهدتها مصر كانت غير حرة. لقد كانت انتخابات حرة بإشراف قضائي كامل، لكن الشعب المصري تمرّس سياسيا طيلة 30 شهرا، وبات يدرك اليوم أن الشعارات التي كان البعض يتاجر بها لم تكن إلا خداعا لبلوغ غايات أخرى. لقد استفاد المصريون من التجربة المريرة التي مرّوا بها العام الماضي.. وإنني لعلى ثقة بأنه سينتج عن الانتخابات البرلمانية المقبلة برلمان يمثل بحق الشعب المصري، بسماحته واعتداله ووسطيته.
ونحن ندرك جيدا أن الشباب هو مستقبل مصر، والحكومة على رأس أولوياتها كل الهيئات المعنية بالشباب، وبصفة خاصة، إصلاح وتطوير وإعادة هيكلة المنظومة التعليمية بكافة مراحلها ومناهجها، بما يتيح تعليما حقيقيا يحقق طموحات وتطلعات المصريين. ثم إننا نضع في الاعتبار أن مصر دولة شابة، والشباب الذي أتى بالحرية للشعب المصري كله، يجب أن يأتي في صدارة الأولويات وأن يشهد تمكينا حقيقيا في كافة المجالات وليبني هذا الشباب مستقبله بنفسه، بفكره وحماسه، وتطلعاته، وطموحاته. وارتباطا بذلك فإن أهم ما يمكن أن نقدمه لشبابنا هو تعليم يضمن لهم مستقبلا أفضل في دولة عصرية تسعى إلى الديمقراطية من خلال التعليم والتنمية الاقتصادية.
إنني أؤكد أن الدولة المصرية ستضع على رأس أولوياتها كل الهيئات والمنشآت الخاصة بالشباب، وبصفة خاصة إصلاح وتطوير وإعادة هيكلة المنظومة التعليمية بكافة مراحلها ومفاهيمها، بما يتيح تعليما فعليا وحقيقيا يستجيب لطموحات وتطلعات المصريين في غد أفضل يحقق الأهداف الاقتصادية والاجتماعية المرجوة من «ثورة 25 يناير». ويهمني في هذا الصدد أن أؤكد أن نظام التعليم في مصر خلال العقود الأخيرة يتحمّل جزءا كبيرا من المسؤولية عن حالة الإحباط واليأس الذي أصاب شبابنا وإهدار فرصه في تكوين قدراته ومهاراته وكفاءاته.
* كيف تنظرون إلى أوضاع أقباط مصر، وما تعرضت له كنائسهم من اعتداءات؟
- الأقباط في مصر، مثلهم مثل المسلمين، لهم كل الحقوق وعليهم كل الواجبات الخاصة بأي مواطن.. فالدولة المصرية الجديدة التي نؤسس لها تستند إلى مفهوم المواطنة في تعاملها مع الجميع. والدولة المصرية حريصة على حماية حقوق كل مواطنيها، ولا تتعامل أبدا من منطلق ديني. إن حرية الاعتقاد مكفولة للجميع.. ولا شأن لأجهزة ومؤسسات الدولة بعلاقة المواطن بربه.. اللهم إلا فيما يتعلق بالقوانين المتعلقة بالأحوال الشخصية التي تأخذ في الاعتبار تطبيق تشريعات خاصة للمسيحيين والمسلمين كل طبقا لديانته، وفقا للقانون. إن الشعب المصري يلفظ مفهوم «الأقليات الدينية».. إذ لا يوجد في مصر أقليات بالمعني الكيفي. بالتأكيد، هناك أقليات كمية إذا نظرنا إلى نسبة معتنقي ديانة ما إلى إجمالي تعداد سكان مصر.. لكن أقلية بالمعنى الكيفي، أي جزء مختلف وربما في درجة من السواد الأعظم من الشعب.. فلا مجال للحديث عن ذلك بالنسبة لمصر. ولو توجه من يردّدون ذلك إلى الكنيسة القبطية الأرثوذكسية وغيرها من الكنائس المصرية، لسمعوا منهم ما أقوله لك.
مع ذلك، فإن مصر الجديدة لا تتبع منهج تجميل الصورة أو دفن الرؤوس في الرمال، وهنا أعني أن المجتمع المصري يشهد بين الحين والآخر بعض التوترات التي قد تتطور لتأخذ أبعادا دينية أو طائفية. إن أفضل وسيلة لمحاربة ذلك في تقديري يكمن في القانون وضمان سيادته، ومسؤولية الدولة هي فرض سيادة القانون على الجميع. ونحن، على سبيل المثال، على علم بالمناشدات الغربية التي تصدر بين تارة وأخرى في هذا الموضوع، والتي تعتمد بشكل رئيس على أقاويل مغلوطة. وثمة مفارقة يتعين تسجيلها في هذا الصدد: فأين كان الغرب من حرق الكنائس التي شهدتها مصر في الأيام الأخيرة؟ لماذا كان صامتا؟ الإجابة في تقديري أن البعض فضّل أن يغمض عينيه لأن الأحداث لم ترق له، وهو ما يؤكد لنا أن تلك الدعاوى الغربية في هذا الصدد ليست إلا دعوات حق يراد بها باطل. وعلى الغرب أن يريح ويستريح في هذا الشأن. مصر هي التي ستحل مشاكلها بنفسها. لقد استهدفت جماعة الإخوان والتيارات المتشددة الأخرى الموالية لها الأقباط وكنائسهم ومتاجرهم.. وأقدّر هنا بشدة، مثلي في ذلك مثل كل المصريين، الموقف النبيل الذي اتخذه قداسة البابا تواضروس الثاني، الذي أكد بموجبه أن للحرية ثمنا غاليا، وإن كان حرق الكنائس هو جزء من هذا الثمن، فإننا نقدمه لبلادنا بصبر وحب.
* كثرة من المراقبين تعزو المشكلة الاقتصادية المستمرة في مصر إلى حالة الاضطراب الأمني، بسبب استمرار المظاهرات وأعمال تخريب سواء كتلك التي تحدث في سيناء أو بعض المظاهرات السياسية التي تشهدها القاهرة وبعض المحافظات.. ما الذي ينبغي عمله في المجال الأمني خلال المرحلة القادمة؟
- في الحقيقة أنت لمست نقطة مهمة جدا، ونحن لدينا ثلاثة مسارات مهمة: المسار الأمني والمسار السياسي والمسار الاقتصادي. من دون المسار الأول ومن دون توفير أمن حقيقي للدولة المصرية لن يتحقق شيء على المسارات الأخرى، وسيتأثر المساران السياسي والاقتصادي. مثلا هل سيأتي المستثمرون لمصر وهي غير آمنة؟ الإجابة طبعا لا. إذن من الضروري تحقيق الاستقرار والأمن. وبالتالي، هذا المسار له الأولوية، ولقد قطعنا فيه شوطا كبيرا، وأعتقد أن الجميع يرى أن مصر الآن غير مصر التي كانت منذ شهر مثلا أو شهرين أو ثلاثة. ونحن إن شاء الله ماضون للتأكيد على أهمية الأمن وتطوير منظومة الأمن ومتابعة الخارجين على القانون، سواء في الجانب الجنائي أو بالنسبة لمن يرغب في التعبير عن آرائه السياسية بالعنف، ونحن جادون في التعامل بكل حسم وحزم وبالإجراءات القانونية تجاه الفصيلين حتى ندعم المسار السياسي والاقتصادي.
* ماذا عن علاقتكم بالولايات المتحدة والتي أصابها بعض التأثر؟
- الولايات المتحدة منذ البداية كان موقفها متحفظا على ما حدث في مصر، وكانت لها حسابات معينة. لا أريد أن أسهب في هذا الأمر، لكنني أظن الآن أنها أكثر تفهما لما حدث في مصر، وهذا ما انعكس في خطاب الرئيس باراك أوباما أخيرا. وأيضا أستطيع أن أقول إن الإدارة الأميركية ليست متطابقة في كل مؤسساتها، بمعنى هناك من يعتقد أن ما حدث في مصر ثورة شعبية حقيقية وكذلك في الإدارة الأميركية، وأيضا في الكونغرس، ولقد جلست مع بعض أعضائه. ومعظم من جلست معهم يرون أن ما حدث في مصر ثورة شعبية، وكان لا بد أن يحدث ما حدث لأن النظام السابق كان يسير في طريق خطأ تماما.
* بحكم خلفيتكم القضائية ورؤيتكم للصراع والصدام الذي حدث بين الرئيس السابق والسلطة القضائية.. كيف ترون المستقبل الأمثل للعلاقة بين السلطة القضائية وأي تحول ديمقراطي قادم في مصر؟
- حقيقةً المعركة التي قادها النظام السابق مع السلطة القضائية كانت معركة خاسرة. والمشكلة أنه تصوّر أن كل أجهزة الدولة تعمل ضده، ولذلك اصطدم مع القضاء ومع الجيش والشرطة والأزهر والإعلام ولم يترك أحدا من دون أن يصطدم معه. أما فيما يتعلق بالقضاء كسلطة مستقلة، أنا أعتقد أن الدستور الجديد سينظم العلاقة بين السلطة القضائية والسلطة التنفيذية على نحو محدّد وقاطع، وهو أعطى السلطة القضائية حقها من الاستقلال. أظن أن ليس هناك أي إشكالية في الأمر لأن السلطة القضائية سلطة مستقلة، والسلطة التنفيذية لها مجال تعمل فيه ولا شأن لها بالسلطة القضائية. السلطة القضائية صمام أمان لهذا البلد لأن أي بلد بلا قضاء لا أظن أنه سيكون بلدا يسير على أصول سليمة.
* بالنسبة لمحاكمة المتورطين من النظامين السابقين.. كيف ترون طبيعة المحاكمة؟
- رئيس النظام السابق يحاكم بتهمة جرائم معينة ومحال لجهات التحقيق بجرائم، والنظام الأسبق له جرائم أخرى. ومن بين من حوكم الرئيس الأسبق لكنه طعن في الحكم بمحكمة النقض التي ألغت حكم أول درجة للأسباب التي ارتأتها، وهو الآن يحاكم وأعيدت محاكمته مرة أخرى، أما أركان النظام السابق ففي مرحلة التحقيق وقريبا ستتم إحالتهم إلى المحاكمة.
* هل تعتقد أن مصر خلال الفترة المقبلة تستطيع أن تتغير؟ بمعنى ما هي رؤيتكم تجاه وجود احتقان سياسي وبعض العنف من قبل بعض الجماعات؟
- أظن أن الأمر سوف يستغرق بعض الوقت، ويجب إلا ننسى أننا بشر. ولاحظ أن جماعة الإخوان المسلمين لم تكن تتصوّر بعدما وصلت إلى الحكم أنه ستتم إزاحتها بهذه السهولة، ولهذا ما يحدث منهم الآن هو رد فعل طبيعي على فقدانهم السلطة التي حاربوا كثيرا من أجلها منذ عام 1928. هذا الكيان له تنظيم وهياكل وخطط وبرامج.. وكونهم وصلوا إلى حكم مصر، وهي ليست أي دولة، ثم فشلوا هذا الفشل الذريع، أصيبوا بنوع من الصدمة الشديدة. وللأسف الشديد ما زالوا تحت تأثيرها وهم عاجزون عن تصور أن الأمر قد حدث وأنهم أزيحوا من السلطة.. وحتى هذه اللحظة يعيشون في العالم الافتراضي الخاص بهم.
* هل هذا العالم الافتراضي سيشهد عنفا مستمرا؟
- سوف يأخذ بعض الوقت.. لكنني أظن أن المسائل ستنتهي مع الوقت.
* ماذا عن الوضع في سيناء والعمليات العسكرية التي تجري حاليا هناك؟
- الجيش المصري يقوم بأعمال بطولية وهو يتتبع الخارجين عن القانون والجماعات الإرهابية التي تحاول أن تروع المصريين، وهو أوشك على الانتهاء من عملياته. وإن شاء الله في القريب العاجل سنعلن القضاء على جزء كبير جدا من الإرهاب هناك.
* حماس قريبة من الإخوان وتتهَم اليوم بأن لها أدوارا فيما يحدث في سيناء. كيف ترى طبيعة العلاقة المستقبلية بينها وبين مصر؟
- مصر قدمت وتقدم وستقدم الكثير للقضية الفلسطينية. والقضية الفلسطينية في قلوب المصريين جميعا، أما إذا كنت تتحدث عن الأمن القومي المصري.. فهو يسمو فوق كل اعتبار، وإذا ما جرى تجاوزه فالرد سيكون شديد الغضب وشديد القسوة.
* لدي سؤال يتعلق بالدستور.. ولا يخص مصر وحدها بحكم تجربتكم القضائية، وهو أنه في العالم العربي هناك صراع بين عدة تيارات لعل أبرزها تيار الإسلام السياسي الذي يستخدم العباءة الدينية، وما بين تيارات أخرى مدنية في العالم العربي ما هي طبيعة العلاقة التي يجب أن تحكم، خصوصا أن مصر تمر بمرحلة انتقالية ديمقراطية وما هي الرؤية الأسلم والأفضل لمثل هذه الدول حتى تتعاطى مع مسألة الدين وعلاقته بالسياسة؟
- الحقيقة أن لي رأيا خاصا، ليس كرئيس دولة لكن هذا رأيي الشخصي كمواطن. أنا أرى أن الدين مقدس.. الدين يحكم العلاقة بين الإنسان وربه، أما السياسة فلها رجالها ولها أحكامها أيضا فلا أستطيع أن أقبل أن ينزل المقدس لكي يمارس السياسة. الحاكم الذي يدين بدين الإسلام يجب أن يتعامل من منظور الإسلام.. بمعنى أن الإسلام يحرّم الكذب، فيجب أن يكون الحاكم صادقا مع شعبه ومع نفسه أولا. الإسلام يحرّم الخديعة فيجب ألا يخدع الحاكم شعبه. الإسلام يحرّم الرشوة ويحرّم كل الموبقات هذا ما أفهمه بالنسبة للإنسان الذي تكون له خلفية إسلامية أو كما يقولون مرجعية إسلامية. إنما هل الإسلام حدّد لي ما النظام الذي أتبعه من النظريات الاقتصادية.. النظام الرأسمالي أم النظام الاشتراكي؟ لا.. الإسلام قال لي لا تظلم المواطنين. الإسلام قال لي حقق مجتمع السلامة والعدل. عندما يكون لديك مواطنون تأكد أن أقلهم يعيش عيشة مناسبة، إنما في الوقت نفسه الإسلام لا يحرّم أن يكون هناك أغنياء. والإسلام يعرف هذا أن هناك أغنياء وفقراء. بمعنى أن الزكاة فرضت لهذا. خذوا من أغنيائهم لفقرائهم. هذا هو الإسلام الذي أفهمه. الإسلام دين سامٍ وراقٍ ورحب وفيه سعة. ليس دين التشدّد ولا دين الغلظة ولا الدين الذي يحاول بعض الإسلاميين أن يصدّروه للعالم. نحن ظلمنا الإسلام كثيرا. وسنحاسب على هذا أمام الله. الإسلام أرقّ وأجمل من الصورة المصدرة له. هل دعا الإسلام إلى ترويع الناس؟ هل من الإسلام أن أذهب إلى بلاد غير بلادي وأقتل وأهدم. أي إسلام هذا. أنا لا أرى أن هذا من الإسلام في شيء.

محطات مصرية منذ 25 يناير

* 25 يناير (كانون الثاني) 2011: انطلاق مظاهرات شبابية في القاهرة رفعت للمرة الأولى شعار «الشعب يريد إسقاط النظام» في احتفال البلاد بعيد الشرطة.
* 28 يناير: اتساع المظاهرات في «جمعة الغضب»، وبدء اعتصام مفتوح في ميدان التحرير بقلب القاهرة، وانسحاب الشرطة، وقرار الرئيس الأسبق حسني مبارك بنزول الجيش لحفظ الأمن.
* 11 فبراير (شباط): مبارك يقرر التنحي عن الحكم ويكلف المجلس العسكري بإدارة شؤون البلاد؟
* 19 مارس (آذار): الاستفتاء على التعديلات الدستورية التي أدخلتها لجنة معينة برئاسة المستشار طارق البشري على دستور 1971.
* 30 مارس: صدور إعلان دستوري من المجلس العسكري تضمن تعديلات لجنة البشري.
* 3 أغسطس (آب): بدء محاكمة مبارك.
* 28 نوفمبر (تشرين الثاني): بدء أولى مراحل انتخابات مجلس الشعب.
23 يناير 2012: انعقاد أولى جلسات مجلس الشعب الذي هيمنت عليه القوى الإسلامية وحصدت جماعة الإخوان المسلمين أكثرية مقاعده.
* 23 مايو (أيار): بدء الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية.
* 16 يونيو (حزيران): بدء الجولة الثانية التي تنافس فيها الدكتور محمد مرسي مرشح جماعة الإخوان، والفريق أحمد شفيق آخر رئيس وزراء في عهد مبارك.
* 24 يونيو: إعلان فوز الرئيس السابق محمد مرسي في الانتخابات الرئاسية.
* 30 يونيو: مرسي يؤدي اليمين الدستورية أمام أعضاء المحكمة الدستورية العليا.
* 8 يوليو (تموز): مرسي قرر إلغاء قرار حل مجلس الشعب ويدعوه للانعقاد.
* 10 يوليو: أوقفت المحكمة الدستورية قرار مرسي بعودة مجلس الشعب.
* 22 نوفمبر: مرسي يصدر إعلانا دستوريا يمنح فيه لنفسه سلطات مطلقة، مما أثار غضب القوى السياسية في البلاد.
* 8 ديسمبر (كانون الأول): إعلان دستوري جديد لإلغاء إعلان مرسي، أبقى على آثار الإعلان السابق.
* 15 ديسمبر: الاستفتاء على دستور 2012 الذي هيمن الإسلاميون على الجمعية التأسيسية التي وضعته.
* 23 يونيو 2013: الفريق أول عبد الفتاح السيسي يمهل القوى السياسية أسبوعا للتوصل إلى حل سياسي قبل انطلاق مظاهرات دعت لها حملة تمرد، لإجراء انتخابات رئاسية مبكرة.
* 30 يونيو: ملايين المصريين يتظاهرون على امتداد البلاد تأييدا لإجراء انتخابات رئاسية مبكرة.
* 1 يوليو: الجيش يمهل القوى السياسية 48 ساعة للتوافق قبل التدخل.
* 3 يوليو: قادة الجيش تتوافق مع القوى السياسية والرموز الدينية في البلاد على عزل مرسي، وتعديل دستور 2012، وإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية.

قصر الاتحادية في سطور

* اللقاء مع الرئيس المصري عدلي منصور جرى في قصر رئاسة الجمهورية، أو «قصر الاتحادية»، الذي يقع في ضاحية مصر الجديدة شرق القاهرة. هذا القصر الذي صمّمه المهندس المعماري البلجيكي إرنست غاسبار، عُرف أيضا بقصر هليوبوليس - نسبة إلى مصر الجديدة حيث مقره - وهو يعتبر مقر العمل الرسمي لرئيس الجمهورية المصري، وفيه يستقبل الرئيس زواره الرسميين أفرادا ووفودا.
دشّن القصر في بداية أمره ليكون فندقا فاخرا، وعرف باسم «هليوبوليس بالاس» وافتتحته الشركة الفرنسية المالكة في أول ديسمبر (كانون الأول) من عام 1910، وكان يومذاك باكورة فنادقها الفاخرة في أفريقيا. وهنا تجدر الإشارة إلى أن تلك الشركة هي «شركة سكك حديد مصر الكهربائية وواحات عين شمس»، التي تحول اسمها لاحقا إلى شركة مصر الجديدة للإسكان والتعمير. وكان قد أسسها عام 1906 البارون إدوار أمبان وبوغوص نوبار نوباريان - ابن نوبار باشا رئيس وزراء مصر الأسبق.
تولت تشييد القصر شركتا إنشاءات كانتا في حينه الأكبر، هما شركة ليو رولان وشركاه، وشركة بادوفا دينتامارو وفيرو، بينما أوكلت إلى شركة سيمنز - شوكرت الألمانية مهمة التوصيلات الكهربائية والتجهيزات. وضم الفندق - القصر 400 غرفة بالإضافة إلى 55 شقة خاصة وقاعات ضخمة، وأثثت غرفه يومذاك بأثاث فاخر جله من الطرازين الفرنسيين «لويس الرابع عشر» (لوي كاتورز) و«لويس الخامس عشر» (لوي كانز)، أما القاعة المركزية الكبرى فقد كانت مكلفة؛ حيث وضعت بها ثريات ضخمة من الكريستال كانت الأضخم في عصرها وكانت تحاكي الطراز الشرقي.
اعتبر الفندق من أفخم الفنادق في عصره، ولفت معماره المتميز أنظار زوار مصر، وأصبح عامل جذب سياحي للعديد من الشخصيات الملكية في مصر وخارجها إضافة إلى رجال الأعمال الأثرياء وكان من ضمن نزلاء القصر ميلتون هيرشي، مؤسس ومالك شركة هيرشي الأميركية للشيكولاته، والمصرفي العالمي جي بي مورغان. ولقد عاصر القصر الحربين العالميتين الأولى والثانية، ووفدت إليه خلالهما شخصيات بارزة وافدة، كما تحول في بعض الفترات من الحربين إلى مستشفى عسكري، كما كان لبعض الوقت مقرا لتجمع الضباط من قبل سلطة الاحتلال البريطاني في مصر.
وخلال عقد الستينات من القرن الماضي استعمل القصر، الذي هُجر بعد فترة من التأميم، مقرا لعدة إدارات ووزارات حكومية. وفي يناير (كانون الثاني) 1972 خلال فترة رئاسة الرئيس الأسبق الراحل أنور السادات اختير القصر مقرا لما عرف بـ«اتحاد الجمهوريات العربية» الذي ضم آنذاك كلا من مصر وسوريا وليبيا، ومنذ ذلك الوقت عرف باسمه الحالي غير الرسمي «قصر الاتحادية» أو «قصر العروبة».

غدا.. السعودية وعلاقات مصر العربية والمساعدات الخليجية والموقف من تركيا وقطر وإيران .. والرؤية المصرية من الأزمة السورية



معرض «ديفا» حكايات الإبداع الإيطالي في تصميم المجوهرات

رئيس المعهد الثقافي الايطالي أنجلو جووي خلال جولته في المعرض (الشرق الأوسط)
رئيس المعهد الثقافي الايطالي أنجلو جووي خلال جولته في المعرض (الشرق الأوسط)
TT

معرض «ديفا» حكايات الإبداع الإيطالي في تصميم المجوهرات

رئيس المعهد الثقافي الايطالي أنجلو جووي خلال جولته في المعرض (الشرق الأوسط)
رئيس المعهد الثقافي الايطالي أنجلو جووي خلال جولته في المعرض (الشرق الأوسط)

لا يشكّل معرض «ديفا» (رحلة في بريق المجوهرات الإيطالية) قصة عادية لفنانين مصمّمين، بل يروي حكاية شيّقة عن تاريخ هذا الفنّ اليدوي في إيطاليا. فتبرز خصوصيته في قطعٍ مشغولة بتأنٍ، تشبه بتركيبتها لوحاتٍ تشكيلية مطرّزة بزجاج المورانو وأحجار الـ«سواروفسكي» البلّورية، فتصنع لغةَ أناقةٍ راقية بابتكاراتها، تبدأ منذ خمسينات القرن الماضي وصولاً حتى يومنا هذا.

بعض المجوهرات الطريفة التي تلوّن معرض «ديفا» (الشرق الأوسط)

يحطّ هذا المعرض رحاله في بيروت بعد جولات ناجحة في عدد من دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. يقدم رحلة ثقافية فريدة من نوعها، تجمع بين روعة التصميم الإيطالي وإبداعه في عالم المجوهرات عبر التاريخ الحديث. ويقام المعرض برعاية السفارة الإيطالية، بتنظيم من المعهد الثقافي الإيطالي ونادي اليخوت في بيروت.

ومع عرض نحو 200 قطعة مصنوعة يدوياً، يستعرض الزائر سبعين عاماً من المهارة الحرفية الإيطالية. وتشرف على تنسيق المعرض ألبا كابيلييري، أستاذة تصميم المجوهرات في معهد البوليتكنيكو في ميلانو، ومديرة متحف «فيتشنزا» للمجوهرات في إيطاليا.

صُمّم المشروع على شكل معرض متنقّل يزور السفارات والمعاهد الثقافية الإيطالية حول العالم. ويسلّط الضوء على أبرز نماذج هذه الحرفة اليدوية. وتأتي القطع من توقيع أبرز مصممي دور الأزياء الكبرى، الذين يختبرون مواد وتقنيات جديدة، ما يجعل المعرض تجربة تجمع بين الإبداع والتقنية والابتكار.

ويرى رئيس المعهد الثقافي الإيطالي في بيروت، الدكتور أنجلو جووي، أن العاصمة اللبنانية تشكّل محطة بالغة الأهمية لهذا الحدث، إذ يلتقي بإرثها الحرفي المتأثر بتبادل الثقافات. وبذلك، يصبح حضور المعرض في بيروت خاتمة رمزية لمسيرته، ما يمنحه سياقاً غنياً للاحتفاء بالإبداع والمهارة والتصميم.

أطواق مصنوعة من البلاستيك والجلد في أحد أركان معرض «ديفا» (الشرق الأوسط)

ويشير جووي إلى أن المعرض يقدّم تصاميم المجوهرات بعيداً عن قيمة المعادن والأحجار الكريمة. مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» «أنه ينقل تطور صناعة المجوهرات منذ الخمسينات حتى اليوم. ويعرّفنا على أناقة مختلفة برموزها وأبعادها. فمعظم التصاميم تواكب المرأة العملية. وهناك قسم خاص في أحد أركان المعرض يحمل عنوان (الألفية الجديدة). وتتضمن المجوهرات البديلة المعاصرة. وهي منفذة بأدوات تفاجئ مشاهدها، فترتكز على مواد بلاستيكية ومعدنية وأخرى تدخلها مادة الجلد».

المعرض يقوم برحلته الأخيرة في لبنان قبل أن يعود إلى موطنه الأم إيطاليا. «هناك سيتم إعادة هذه المجوهرات لأصحابها من دور أزياء». ويتابع أنجلو جووي: «إن منسقة المعرض ألبا كابيلييري رغبت في أن تلفت نظر هواة المجوهرات إلى أسلوب فني متقدّم، لا يرتكز على الماس والذهب والأحجار الكريمة والمعادن المشهورة، ولكن على حرفية متوارثة تقوم على أسماء عائلات اشتهرت في هذا المجال، فتم ارتداؤها من قبل الناس على اختلافهم، وفي عروض أزياء كبيرة. ففي هذه الأخيرة عادة ما يبتعد منظموها عن استخدام المعادن الثمينة».

تكمل جولتك في المعرض لتطالعك قطع مجوهرات برّاقة، أساور، وأقراط، وعقود وغيرها. ومن بينها موقّع من قبل دور الأزياء الإيطالية المعروفة عالمياً. فتحضر دار «فيرساتشي» كما «غوتشي» و«فالنتينو» وغيرها.

بدأت جولات هذا المعرض في العالم منذ نحو 5 سنوات. وتكمن أهميته في إبرازه تطور هذه الحرفة من خلال مجوهرات معاصرة. وتعدّ ثمينة بفضل إرثها التاريخي الغني.

مائتا قطعةِ مجوهرات تتوزّع على المعرض في نادي اليخوت وسط بيروت. وتمثّل المرآة الجمالية للمجتمع، من «دولتشي فيتا» في خمسينات القرن الماضي إلى أزياء الـ«بريت-آ-بورتيه» في ثمانيناته، وصولاً إلى البساطة في تسعيناته ضمن تكنولوجيا الموضة في الألفية الجديدة. وتُظهر تحوّل الأنماط والعادات، وطموحات النساء وإنجازاتهن، وتطوّر الأشكال والمواد، وتقنيات الإنتاج الجديدة. ويحتضن المعرض الأطواق المؤلّفة من طبقات عدّة، والأساور المنحوتة، وقطعاً مرحةً تترك البسمة عند ناظرها.

يتناول «ديفا» تاريخ حرفة صناعة المجوهرات الايطالية الحديثة (الشرق الأوسط)

وتحمل بعضها اللمحة الشرقية من خلال تقنية الـ«فيلي غرانا»، القائمة تصاميمُها على تجديلاتٍ دقيقة أو على تطعيم القطعة بالزجاج المنفوخ. وهو ما يجسّده تاجٌ ذهبي من توقيع «دولتشي أند غابانا» نلحظه في المعرض. ويذكر رئيس المعهد الثقافي الإيطالي جووي أن نقاط التشابه هذه ولّدت مساحة التقاء بين المعرض ومنطقة الشرق الأوسط.

وعن سبب تسمية الحدث بـ«الديفا» يشرح لـ«الشرق الأوسط»: «إنها إشارة إلى إمكانية أن تتحوّل كلّ امرأة إلى نجمة من خلال أسلوبها في انتقاء المجوهرات والأزياء. فليس من الضروري أن تشعر بذلك من خلال ارتداء الجواهر الثمينة فقط. فيحضر عندها الإحساس بهذا البريق ما دامت منسجمةً مع ما ترتديه، سواء أكان ثميناً أم بسيطاً».


خريطة طريق لتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين موسكو ونيودلهي

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي يتحدثان خلال قمة منظمة شنغهاي (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي يتحدثان خلال قمة منظمة شنغهاي (رويترز)
TT

خريطة طريق لتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين موسكو ونيودلهي

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي يتحدثان خلال قمة منظمة شنغهاي (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي يتحدثان خلال قمة منظمة شنغهاي (رويترز)

عكست نتائج القمة الروسية الهندية إصرار موسكو ونيودلهي على إطلاق مرحلة جديدة لتعزيز التعاون في كل المجالات، بما في ذلك في قطاعي الطاقة والدفاع وفي المجالات النووية والتقنية. وتجنبت الوثائق التي وقَّعها الزعيمان الروسي فلاديمير بوتين والهندي ناريندرا مودي الإشارة إلى الضغوط الأميركية على الهند لتقليص التعاون مع روسيا، لكنها رسمت ملامح «خريطة طريق» لتوسيع الشراكة بين البلدين خلال السنوات المقبلة.

وبعد جولات من المحادثات التي شارك فيها ممثلون عن قطاعات مختلفة في البلدين، شارك الزعيمان في أعمال المنتدى الروسي الهندي للتعاون، ووقَّعا عشرات الوثائق المشتركة.

ووصف بوتين نتائج المحادثات بأنها وضعت أساساً لتوسيع التعاون الاقتصادي التجاري بين البلدين. بينما أعلن رئيس الوزراء الهندي برنامجاً للتعاون الاقتصادي حتى عام 2030، سيساعد على تنويع التجارة والاستثمارات، وتحقيق التوازن بينهما.

جانب من حقل استقبال بوتين في نيودلهي أمس (إ.ب.أ)

وشملت الوثائق الجديدة التي تضاف إلى اتفاقية «الشراكة الاستراتيجية الشاملة» المبرمة قبل 25 سنة، اتفاقية للتعاون في مجال الصحة والتعليم الطبي والعلوم، واتفاقية لتنظيم حماية المستهلك، وتعزيز الإشراف على حقوق المستهلكين في البلدين.

كما وقَّع الزعيمان اتفاقية لمكافحة الهجرة غير الشرعية، وتعزيز فرص العمل لمواطني كل دولة لدى الدولة الأخرى، وكان هذا مطلباً هندياً لتوسيع مجالات العمالة الوافدة من الهند. وركزت اتفاقية أخرى على توسيع التعاون في منطقة القطب الشمالي، وتم رفدها بمذكرتي تفاهم للتعاون في مجال الملاحة في المياه القطبية.

ومن ضمن الاتفاقات الأخرى كان هناك بروتوكول بين الهيئة الفيدرالية للجمارك الروسية والهيئة الجمركية الهندية. واتفاق لتعزيز الخدمات البريدية. وبدا أن هذه تشكل الجوانب المعلنة من الاتفاقات الجديدة التي وصل عددها بحسب مصادر الكرملين إلى 29 وثيقة.

مودي لدى استقباله بوتين في نيودلهي أمس (إ.ب.أ)

إجراءات تبسط التنقل بين البلدين

كما أصدر الرئيسان بياناً مشتركاً حدد أولويات التعاون الثنائي. بعد مشاركتهما في منتدى الأعمال الروسي الهندي. وشدد البيان على إطلاق موسكو ونيودلهي إجراءات العمل على تبسيط التنقل لمواطني البلدين من خلال نظام تأشيرات ميسر. وأشار إلى تعزيز التعاون في إمدادات الطاقة، وتوسيع الصادرات الهندية إلى روسيا، وحدد أولويات تطوير التعاون الدفاعي في إعادة تركيز الشراكة العسكرية والانتقال إلى إنتاج منصات دفاعية متقدمة وتطوير أبحاث علمية.

كما نص على تسريع المشاورات بشأن بناء محطة طاقة نووية جديدة بتصميم روسي في الهند. واتفق الزعيمان على تطوير أنظمة دفع بالعملات الوطنية، وناقشا إنشاء شركات للأسمدة.

رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي يلتقي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لدى وصول الزعيم الروسي إلى قاعدة بالام الجوية في نيودلهي في 4 ديسمبر 2025 وهو اليوم الأول من زيارته الرسمية التي تستغرق يومين إلى الهند (أ.ف.ب)

ووفقاً للبيان المشترك، فقد ناقش الطرفان، وأشادا عالياً بالتعاون الواسع النطاق في مجال الطاقة بوصفه عنصراً أساسياً في الشراكة الاستراتيجية الخاصة والمتميزة بينهما. وأشار الطرفان إلى التعاون الحالي والمستقبلي بين الشركات الروسية والهندية في مجالات النفط ومنتجاته، والتكنولوجيات المتعلقة بالتكرير والبتروكيماويات، وخدمات الحفر، وتكنولوجيا الاستخراج والبنية التحتية ذات الصلة، والبنية التحتية المرتبطة بالغاز الطبيعي المسال وغاز البترول المسال، والمشاريع المختلفة القائمة في البلدين، وتكنولوجيا الغاز تحت الأرض للفحم، والمشاريع النووية، وما إلى ذلك. كما شدّد الطرفان على ضرورة حلّ القضايا المتعلقة بالمشاريع الاستثمارية في قطاع الطاقة بشكل عاجل، واتفقا على معالجة مختلف التحديات التي يواجهها المستثمرون في هذا القطاع.

تعاون في مجال الطاقة النووية

كما اتفق الطرفان على تعميق التعاون في إنشاء ممرات نقل مستقرة وفعالة، مع التركيز بشكل خاص على توسيع الروابط اللوجيستية لتحسين الترابط، وزيادة قدرة البنية التحتية، دعماً لتطوير «الممر النقل الدولي الشمال – الجنوب»، وممر تشيناي – فلاديفوستوك، والطريق البحري الشمالي. ورحّب الطرفان بتوقيع مذكرة تفاهم بشأن إعداد المتخصصين للعمل على السفن العاملة في المياه القطبية.

أشار الطرفان إلى التعاون المثمر بين إدارات السكك الحديدية في روسيا والهند، الهادف إلى إقامة شراكات في مجال تبادل التكنولوجيا المتبادل المنفعة.

وأكدا استعدادهما لتكثيف التعاون التجاري والاستثماري في منطقة الشرق الأقصى الروسي والمنطقة القطبية الشمالية للاتحاد الروسي. ويشكل «برنامج التعاون الروسي - الهندي في المجالات التجارية - الاقتصادية والاستثمارية في الشرق الأقصى الروسي للفترة 2024–2029»، فضلاً عن «مبادئ التعاون في المنطقة القطبية الشمالية للاتحاد الروسي»، الأساس الضروري لمزيد من التعاون بين الهند والأقاليم الروسية في الشرق الأقصى، خصوصاً في مجالات الزراعة والطاقة واستغلال الثروات المعدنية واستخدام العمالة وتعدين الألماس ومعالجته والصناعات الدوائية والنقل البحري.

لافتة ترحيبية ببوتين في أحد شوارع نيودلهي يوم 4 ديسمبر (رويترز)

وأكد الطرفان عزمهما على توسيع التعاون في مجال الطاقة النووية، بما في ذلك دورة الوقود النووي، وضمان دورة حياة تشغيل محطة الطاقة النووية «كودانكولام»، والتطبيقات غير الطاقوية للتكنولوجيا النووية، فضلاً عن بلورة جدول أعمال جديد للتعاون في المجالات المتعلقة بالاستخدام السلمي للطاقة الذرية والتكنولوجيات العالية المرتبطة بها.

وأشار الطرفان إلى أهمية التعاون في استخدام الطاقة الذرية في الأغراض السلمية كجزء جوهري من الشراكة الاستراتيجية، خصوصاً مع الأخذ في الحسبان خطط حكومة جمهورية الهند لزيادة توليد الطاقة النووية في البلاد إلى 100 غيغاواط بحلول عام 2047. ورحّب الطرفان بالتقدم المحرز في مشروع محطة «كودانكولام»، بما في ذلك بناء الوحدات المتبقية، واتفقا على الالتزام بجدول تسليم المعدات والوقود.

لاحظ الطرفان أهمية مواصلة النقاش حول تخصيص موقع ثانٍ في الهند لبناء محطة طاقة نووية.

وسوف يبذل الجانب الهندي كل الجهود لتخصيص الموقع رسمياً وفقاً للاتفاقيات الموقعة سابقاً. مع الإشارة إلى أهمية التعاون في الفضاء، رحّب الطرفان بتوسيع التعاون بين مؤسسة «روسكوسموس» الروسية ومنظمة الأبحاث الفضائية الهندية في استخدام الفضاء للأغراض السلمية، بما في ذلك برامج الفضاء المأهولة والملاحة الفضائية واستكشاف الكواكب. وأشار الطرفان إلى التقدم المحرز في التعاون المتبادل المنفعة في مجال تطوير وإنتاج وتشغيل محركات الصواريخ.

منظمة شنغهاي والنظام العالمي

الرئيسان الصيني شي جينبينغ (يمين) والروسي فلاديمير بوتين وبينهما رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي في لقائهم بمدينة تيانجين الصينية في سبتمبر (أ.ب)

في الشق السياسي، أشار الطرفان إلى الدور المتنامي لمنظمة شنغهاي للتعاون في تشكيل النظام العالمي الجديد. وأكد دعم روسيا ترشيح الهند للعضوية الدائمة في مجلس الأمن الدولي الموسع. كما تم توقيع حزمة كبيرة من الاتفاقيات الحكومية والوزارية والتجارية. ويهدف العديد منها إلى توسيع التعاون الاقتصادي بين روسيا والهند.

وأعلن بوتين في ختام المحادثات أن روسيا سوف تظل مورداً موثوقاً به للطاقة لنيودلهي، مؤكداً أن الأسعار التفضيلية التي تمنحها روسيا للهند سوف تظل قائمة. من دون أن يتطرق إلى التهديدات الأميركية برفع التعرفقة الجمركية على الهند في حال واصلت مشتريات موارد الطاقة من روسيا.

وقال بوتين إن حجم التجارة الروسية الهندية بلغ هذا العام 64 مليار دولار، مشيراً إلى أن خريطة الطريق الجديدة لتعزيز التعاون سوف تسهم في رفع هذا الرقم إلى 100 مليار حتى حلول عام 2030.

ورأى بوتين أن العلاقات القوية بين قطاع الأعمال في البلدين تشكل أساساً متيناً لتطوير التعاون بين موسكو ونيودلهي. وزاد أن روسيا مستعدة لشراكة واسعة مع الهند في مجال الذكاء الاصطناعي، مشيراً في الوقت نفسه إلى توجه لتعزيز التعاون الصناعي. وتحدث الرئيس الروسي عن تحديث البنية التحتية لطريق بحر الشمال ومشروع الممر الشمالي الجنوبي.

مؤكداً أن سهولة الوصول إلى وسائل النقل والاتصالات اللوجيستية تحظى بأهمية خاصة، و«يجري العمل بالفعل على قدم وساق في هذا الاتجاه. ويجري العمل على مشروع إنشاء ممر بين الشمال والجنوب - من روسيا وبيلاروسيا إلى ساحل المحيط الهندي».

مودي، بدوره، تحدث عن شراكة مع الشركات الروسية في إنتاج المركبات الكهربائية ومكوناتها. وأعرب عن قناعة بأن التعاون في هذا المجال لن يلبي احتياجات البلدين فحسب، بل سيسهم أيضاً في تنمية دول الجنوب العالمي، كما اقترح تطوير علاجات جديدة للسرطان بشكل مشترك. وتطرق إلى إمدادات الطاقة، مؤكداً الاستعداد لضمان إمدادات الوقود دون انقطاع للاقتصاد الهندي سريع النمو.

وبات معلوماً أن الطرفين ناقشا خلال الزيارة توسيع التعاون في مجال الطاقة الذرية.

وقال مودي إن موسكو ونيودلهي تتجهان للتعاون في مجال بناء المفاعلات المعيارية الصغيرة ومحطات الطاقة النووية العائمة، بالإضافة إلى استخدام التكنولوجيا النووية في الطب. وأكد أن محطة كودانكولام للطاقة النووية سوف تقدم مساهمة كبيرة في إمدادات الطاقة الهندية.

وأشاد مودي بالشراكة الاستراتيجية الممتدة على مدى ربع قرن مع روسيا، مؤكداً أنها صمدت وتعمقت رغم جميع التحديات والتغيرات العالمية. ووجَّه مودي الشكر للرئيس الروسي على صداقته وعمله المتفاني، مؤكداً أن «حكمة بوتين وخبرته كانتا حاسمتين في تعزيز هذه العلاقات».

وفي إطار التعاون المستقبلي، أشار مودي إلى أن الشراكة في منطقة القطب الشمالي ستحقق منفعة مشتركة، وستسهم في خلق فرص عمل للشباب الهندي.


المخرجة سارة جوهر: «عيد ميلاد سعيد» ينافس بقوة على «الأوسكار»

المخرجة المصرية سارة جوهر (الشرق الأوسط)
المخرجة المصرية سارة جوهر (الشرق الأوسط)
TT

المخرجة سارة جوهر: «عيد ميلاد سعيد» ينافس بقوة على «الأوسكار»

المخرجة المصرية سارة جوهر (الشرق الأوسط)
المخرجة المصرية سارة جوهر (الشرق الأوسط)

أعلنت مجلة «فارايتي» الأميركية اختيار المخرجة المصرية سارة جوهر ضمن قائمة «أفضل 10 مخرجين واعدين»، وهي أبرز قائمة سنوية تُسلَّط فيها الأضواء على المواهب الإخراجية الجديدة. ويأتي هذا الاختيار في ظل النجاح الذي يحقّقه فيلمها الروائي الطويل الأول «عيد ميلاد سعيد»، الممثّل لمصر في منافسات الأوسكار.

وذكرت «فارايتي» أن المخرجين العشرة الواعدين سينضمون بذلك إلى أسماء لامعة سبق أن اختارتهم المجلة بوصفهم مواهب جديرة بالمتابعة، مثل كريستوفر نولان، وروبن أوستلوند، وويس أندرسون، وألفونسو كوارون، وستيف ماكوين، وبين زيتلين، وذلك قبل سنوات من حصولهم على ترشيحات لجائزة أفضل مخرج في جوائز «الأوسكار».

وضمّت القائمة كلاً من: أكينولا ديفز عن فيلم «ظلّ أبي»، وبث دي أراجو عن فيلم «جوزفين»، وجان-أولي جيرستر عن فيلم «آيسلندا»، وسارة جوهر عن فيلم «Happy Birthday»، وديف غرين عن فيلم «Coyote vs. Acme»، وشاندلر ليفاك عن فيلم «Mile End Kicks»، وهاري لايتون عن فيلم «Pillion»، وإن. بي. ماجر عن فيلم «Run Amok»، وكريستين ستيوارت عن فيلم «The Chronology of Water»، وولتر سيمبسون هيرنانديز عن فيلم «If I Go Will They Miss Me».

وأعربت سارة جوهر عن سعادتها الكبيرة بهذا الاختيار غير المتوقع، لتكون المخرجة العربية الوحيدة ضمن قائمة أفضل 10 مخرجين واعدين خلال العام الحالي. وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «تفاجأت بهذا الاختيار المذهل، فقد كنت أدرك منذ دراستي للسينما في الولايات المتحدة أهمية هذه القائمة. بعض المخرجين الذين حصدوا جوائز (الأوسكار)، مثل روبن أوستلوند، كانوا ضمنها قبل سنوات. لذلك لا أزال غير مستوعبة تماماً هذا التكريم، وأنا ممتنّة وفخورة بما يحقّقه فيلمي الأول».

سارة جوهر هي رابع مخرجة عربية تُدرج في هذه القائمة، بعد 3 مخرجات سبقتها إليها، وهنّ السعودية هيفاء المنصور، واللبنانية نادين لبكي، والفلسطينية شيرين دعيبس.

وأضافت سارة، الموجودة حالياً في لوس أنجليس لمتابعة عروض «الأوسكار» الخاصة بفيلمها، أنها دعت أعضاء الأكاديمية لمشاهدته في سانتا باربارا ونيويورك وكاليفورنيا، معربةً عن سعادتها بردود فعلهم الإيجابية وتأثرهم أثناء مشاهدة الفيلم.

تدور أحداث الفيلم حول الطفلة «توحة»، التي تعمل خادمة في منزل أسرة ثرية وترتبط بصداقة مع ابنة صاحبة المنزل، حيث تسعى إلى إعداد حفل عيد ميلاد استثنائي لصديقتها، وهي تُخفي في داخلها أمنية بأن تختبر هي أيضاً الاحتفال بعيد ميلادها.

الفيلم من بطولة نيللي كريم، وشريف سلامة، والطفلة ضحى رمضان. وقد عُرض للمرة الأولى في مهرجان «تريبيكا السينمائي» في الولايات المتحدة، وحصد 3 جوائز: أفضل فيلم دولي، وأفضل سيناريو، وجائزة «نورا إيفرون» لأفضل مخرجة.

كتبت سارة جوهر قصة الفيلم بالاشتراك مع زوجها المخرج محمد دياب، في حين شارك في إنتاجه الممثل والمنتج الأميركي جيمي فوكس.

فريق عمل الفيلم في مهرجان تريبيكا (الشرق الأوسط)

وتقول سارة: «حين كنت أعمل على الفيلم لم أفكّر إلى أين سيصل، بل ركّزت على إيجاد أفضل طريقة للتعبير عن مشاعر أبطاله. كان كلّ تركيزي على الأداء وعناصر الفيلم ليترك أثراً قوياً في كل من يشاهده. فالفيلم الجيد، في رأيي، يكمن في قدرته على التأثير وإحداث التغيير لدى المتلقي. وقد أسعدني أن من شاهدوا الفيلم في (صندانس) أو (الجونة) أو في أميركا خرجوا بانطباعات تؤكد هذا التأثير».

ولفتت سارة إلى أن الأيام العشرة المتبقية قبل إعلان نتائج التصفية الأولية لمسابقة «أفضل فيلم دولي غير ناطق بالإنجليزية»، في 15 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، تُعدّ الأكثر أهمية، إذ تشهد حضور معظم أعضاء الأكاديمية لعروض الأفلام المرشّحة. ولذلك تُكثّف جهودها في دعوتهم لمشاهدة الفيلم، الذي تُقام له في الوقت نفسه عروض في مدن أوروبية عدّة، من بينها باريس وبرشلونة وبرلين، لوجود أعضاء للأوسكار فيها. بيد أنها تشير إلى أن الجزء الأكبر من الحملة يجري في الولايات المتحدة، حيث تعقب العروض جلسات نقاش يطرح خلالها أعضاء الأكاديمية أسئلتهم على المخرجة حول الفيلم.

وتشير سارة إلى أن فيلم «عيد ميلاد سعيد» تم اختياره في مهرجان «بالم سبرينغز» ضمن قسم الأوسكار، لافتةً إلى أن أكثر من 90 في المائة من الأفلام التي تُرشَّح للجائزة تكون ضمن برمجة هذا المهرجان، وهو ما تعدّه إنجازاً كبيراً، رغم أن رحلة الفيلم لم تبدأ من المهرجانات الكبرى مثل «كان» و«برلين» و«فينيسيا»، بحسب تعبيرها.

وتشهد مسابقة أفضل فيلم دولي في النسخة الـ98 من جوائز «الأوسكار» منافسة قوية مع مشاركة 86 فيلماً، إضافة إلى حضور عربي لافت تسيطر عليه المخرجات بشكل ملحوظ. إذ تشارك 8 دول عربية هي: السعودية بفيلم «هجرة» لشهد أمين، وتونس بفيلم «صوت هند رجب» لكوثر بن هنية، والمغرب بفيلم «شارع مالقة» لمريم توزاني، ولبنان بفيلم «نجوم الأمل والألم» لسيريل عريس، وفلسطين بفيلم «فلسطين 36» لآن ماري جاسر، والعراق بفيلم «مملكة القصب» لحسن هادي، والأردن بفيلم «اللي باقي منك» لشيرين دعيبس، إضافة إلى الفيلم المصري «عيد ميلاد سعيد» لسارة جوهر.