المبعوث الأممي يزور الرياض لبحث مكان انعقاد المباحثات اليمنية

التقى أمس أنور قرقاش وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية

المبعوث الأممي يزور الرياض لبحث مكان انعقاد المباحثات اليمنية
TT

المبعوث الأممي يزور الرياض لبحث مكان انعقاد المباحثات اليمنية

المبعوث الأممي يزور الرياض لبحث مكان انعقاد المباحثات اليمنية

علمت «الشرق الأوسط» من مصادر يمنية، أن إسماعيل ولد الشيخ أحمد، المبعوث الأممي لليمن، سيزو السعودية خلال الأيام القريبة المقبلة، وذلك للاتفاق على استكمال المباحثات الثالثة مع وفد الانقلابيين برعاية الأمم المتحدة، وتحديد موقع جديد لاحتضان المباحثات، وذلك بعد التراجع عن اقتراح استضافة إحدى الدول الأفريقية، بعد أن اختارها ولد الشيخ مكانا للمباحثات، وذلك لأسباب أمنية.
وأوضحت المصادر، في اتصال هاتفي، أن المبعوث الأممي لليمن سيلتقي مع وفد الشرعية، برئاسة عبد الملك المخلافي، نائب رئيس مجلس الوزراء اليمني وزير الخارجية، وأعضاء الوفد، من أجل تحديد الموقع والتباحث في استكمال جدول أعمال مباحثات «جنيف2»، مشيرة إلى أن هناك عددًا من النقاط الرئيسية لم يتم طرحها.
وكان أحمد بن دغر، مستشار الرئيس اليمني وأحد أعضاء وفد الشرعية في «جنيف2»، ذكر في حوار لـ«الشرق الأوسط»، أن قضايا رئيسية لم تتطرق إليها المباحثات «جنيف2»، مثل الانسحاب من المدن، أو تسليم الأسلحة أو استعادة الدولة، وإنما طرح المعتقلين وتقديم المساعدات الإغاثية إلى تعز، واتفقنا على الموعد الزمني لعقد المشاورات الثالثة، إلا أنه جرى حديث حول مكان المؤتمر، وما زلنا في تشاور عن الموقع. وقالت المصادر، إن وفد الانقلابيين رفضوا إحدى الدول الخليجية غير الحاضنة للميليشيات الحوثية والرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، حيث أبدت هذه الدولة استعدادها مشكورة، إلا أن وفد الانقلابيين رفض المكان، بحجة أن تلك الدولة تدعم الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي، ومشاركة ضمن «التحالف العربي»، لإنقاذ الشرعية اليمنية.
وأشار المصادر إلى أن إسماعيل ولد الشيخ اقترح دولة أفريقية مكانا لعقد المباحثات بين طرفي الشرعية اليمنية والانقلابيين، إلا أن المبعوث الأممي تراجع عن اقتراحه، لدواعٍ غير معروفة.
وكان إسماعيل ولد الشيخ أعلن عقب انتهاء المباحثات «جنيف2»، في سويسرا، الشهر الماضي، أن نتائج المباحثات لم تكن على مستوى ما كان يُرجى، لكنه أكد وضع مجموعة من تدابير بناء الثقة، بما في ذلك الإفراج عن المعتقلين، وأنه تم تشكيل لجنة خبراء عسكرية من الجانبين بإشراف الأمم المتحدة، مهمتها وضع إطار تفاوضي لاتفاق شامل لإنهاء الصراع، ويستند على قرار مجلس الأمن «2216»، وبقية القرارات ذات الصلة ومخرجات الحوار الوطني.
وأكدت المصادر، أن وفد الشرعية اليمنية يبحث عن السلام في اليمن، ولا يحبذ العنف، واستخدام السلام، إلا أن ما فعله الانقلابيون بقيادة الحوثيين وصالح أجبر الرئيس هادي على طلب المساعدة من الأشقاء الخليجيين والعرب، بقيادة السعودية، حسب الميثاق رقم «51» في الأمم المتحدة، وأن جميع المواقع والدول متوافقون عليها.
يذكر أن اليوم الرابع من مباحثات «جنيف2» شهد غيابات من وفد الانقلابيين، وذلك عندما تحققت الانتصارات في الجوف ومأرب، وهذا الانتصار خلق نوعا من الهستيريا لديهم، وأرادوا الانسحاب كليا من المشاورات، إلا أن هناك من نصحهم بأن يبقوا في المكان بغياب دون انسحاب، من أجل تعطيل وتثبيت وقف إطلاق النار.
ومن جانب آخر، جددت الإمارات تأكيداتها بدعم قوي للحل السياسي للأزمة اليمنية، وذلك وفقًا للمرجعيات الدولية والإقليمية المتفق عليها، مشيرة إلى أن هذا الخيار الذي يجمع اليمنيين ويضمن على المدى الطويل مستقبلاً آمنًا.
وجاءت تأكيدات الإمارات خلال لقاء بين الدكتور أنور قرقاش وزير الدولة للشؤون الخارجية أمس، وإسماعيل ولد الشيخ أحمد، الذي يزور البلاد، حيث أطلع المبعوث الأممي المستجدات بشأن المفاوضات اليمنية، وتفاصيل الجولة المقبلة منها، المقرر عقدها خلال شهر يناير (كانون الثاني) الحالي للوزير الإماراتي.
وثمن ولد الشيخ دعم دولة الإمارات الجهود السلمية التي تقوم بها الأمم المتحدة في اليمن، وأكد الدكتور أنور قرقاش أن بلاده تدعم وبشكل قوي الحل السياسي القائم على المرجعيات الدولية والإقليمية المتفق عليها بشأن الأزمة اليمنية، مشيرا إلى أن الحل السياسي العادل هو الخيار الذي يجمع اليمنيين ويضمن على المدى الطويل مستقبلا آمنا ومستقرا ومزدهرا لليمن الشقيق.
ونوه قرقاش، خلال اللقاء، بضرورة تفعيل وتوسيع نطاق الدعم الإغاثي، ليشمل محافظات اليمن كافة، مؤكدا خطورة استغلال هذا الجانب لأهداف سياسية قصيرة المدى.
وأثنى، بحسب ما نقلته وكالة الأنباء الإماراتية «وام»، على أداء وفد الحكومة اليمنية في جولة المفاوضات السابقة، مبديًا ثقته في استمرار هذا الأداء العقلاني الذي يضع مصلحة اليمن فوق أي اعتبار في الجولات المقبلة من المباحثات، وبما يدعم الحلول السياسية المرتكزة على قرار مجلس الأمن الدولي «2216»، والمبادرة الخليجية، ومخرجات الحوار الوطني اليمني.
وأكد قرقاش أن الإمارات، من خلال دورها الفاعل في «التحالف العربي» بقيادة السعودية، تسعى لحل سياسي مستدام يضمن العلاقة التاريخية بين اليمن ومحيطه العربي، مشيرًا إلى أن الإمارات تدرك - ومن خلال جهود الأمم المتحدة - صعوبة المسار السياسي، لكن في الوقت ذاته على قناعة بأنه الخيار الذي يضمن لليمن واليمنيين استقرار دولتهم ومجتمعهم.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.