دبلوماسيون عرب: إيران لم تهتم بمصالح المسلمين ولم تساند قضيتها الأولى «فلسطين»

أكدوا لـ {الشرق الأوسط} أن بلدانهم مع قرار الرياض وتحترم سيادتها

عملت طهران على شق الصف الفلسطيني خلال دعمها لحماس وفي الصورة المرشد الإيراني خامئني مستقبلا خالد مشعل رئيس حركة حماس (غيتي)
عملت طهران على شق الصف الفلسطيني خلال دعمها لحماس وفي الصورة المرشد الإيراني خامئني مستقبلا خالد مشعل رئيس حركة حماس (غيتي)
TT

دبلوماسيون عرب: إيران لم تهتم بمصالح المسلمين ولم تساند قضيتها الأولى «فلسطين»

عملت طهران على شق الصف الفلسطيني خلال دعمها لحماس وفي الصورة المرشد الإيراني خامئني مستقبلا خالد مشعل رئيس حركة حماس (غيتي)
عملت طهران على شق الصف الفلسطيني خلال دعمها لحماس وفي الصورة المرشد الإيراني خامئني مستقبلا خالد مشعل رئيس حركة حماس (غيتي)

أكد سفراء بعض الدول العربية تضامنهم مع السعودية إزاء التدخلات الإيرانية في شؤون المنطقة العربية، إضافة إلى إدانتهم الكاملة للاعتداء الذي قام به مقتحمون على البعثة الدبلوماسية السعودية في كل من طهران ومشهد.
واتهم السفير الفلسطيني لدى السعودية النظام الإيراني بعدم مساندة القضية الفلسطينية، وأنه لم يقدم أي مساعدات مالية في ذروة المواجهات مع العدو الإسرائيلي.
من جانب آخر، أشار ناصر حمدي، السفير المصري لدى السعودية، إلى أن بلاده تعارض دائما مبدأ التدخل في شؤون البلدان الأخرى، مبينًا أن القاهرة تعارض أي تصرفات تخالف الأعراف والمواثيق الدولية، ومن بينها انتهاك حرمة السفارة والقنصليات.
وذكر حمدي لـ«الشرق الأوسط» أن الموقف الذي اتخذته الرياض يحافظ على سيادتها التامة على أراضيها، حيث تم انتهاكها وانتهاك القوانين الدولية فيما يتعلق بهذا الأمر.
وأشار السفير المصري إلى أن الموقف السعودي يأتي في نفس إطار ما اتخذته مصر من إجراءات من شأنها إيقاف التدخلات الإيرانية في شؤونها الداخلية، وتحفظ سيادتها، وهي تعارض أي تصرفات ضد الدول العربية، مشددًا على أن القاهرة ترحب بالموقف السعودي والخليجي الذي يحافظ على سيادتها التي تم انتهاكها.
وجدد السفير المصري ذكر أن بلاده قطعت علاقاتها الدبلوماسية مع طهران منذ 27 عامًا، ولا يوجد إلا مكتب تسيير أعمال. وأكد ناصر حمدي أن أمن الخليج هو من أمن مصر، لافتًا إلى أن القاهرة لن تسمح بانتهاك أمن الخليج.
من جانبه، أشار باسم الآغا، السفير الفلسطيني لدى السعودية، إلى أن الموقف الفلسطيني كان واضحا منذ بداية ضد انتهاك إيران لسيادة وأمن السعودية، مشددًا على أن فلسطين مع المواقف السعودية في مواجهة الإرهاب وكل من يمس أمن السعودية.
واتهم الآغا خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» إيران بأنها لم تدعم السلطة الفلسطينية وهي في أوج وذروة المواجهات مع العدو الإسرائيلي، متسائلاً: إلى متى هذا الشرود الإيراني؟ مفيدًا أن الاعتذارات التي قدمتها خاوية، كون فلسطين عانت من السلوكيات الإيرانية والتصرفات الغريبة على حساب الشرعية الفلسطينية، ومحاولات خلق التكتلات ضد الشرعية الفلسطينية.
وشدد السفير الفلسطيني على أن «فيلق القدس» لم يكن له عمل إلا تدمير العراق وسوريا، مبينًا أن إيران منغلقة على القضية الفلسطينية، ولم تقدم أي أموال تدعم القضية الفلسطينية، ولم تقدم الخدمات العلاجية للجرحى والمصابين جراء العدوان الإسرائيلي على المدنيين الفلسطينيين العزل، ولم تقرر بناء أي مدرسة للأطفال الفلسطينيين.
وأشار السفير الفلسطيني إلى أن النظام الإيراني لم يقدم سوى المزايدات فقط على القضية الفلسطينية، فيما أصدروا بطرق مباشرة وغير مباشرة الفتاوى لهدر السلطة الشرعية الفلسطينية.
ولفت إلى أن السعودية قدمت ولا تزال تقدم كافة الدعم للقضية الفلسطينية دون إحداث مزايدات أو ضجيج، والوقوف التام مع الشرعية الفلسطينية.
وأشار الآغا إلى أن الإيرانيين اعتادوا الهجوم على السفارات في بلادهم، لافتًا إلى أن الجميع كان يتمنى أن تستمر العلاقات مع إيران بالبعد الاستراتيجي المطلوب، إلا أن إيران لا ترغب في ذلك.
وبيّن السفير الفلسطيني، أن عددا من المسؤولين الفلسطينيين، منهم صائب عريقات، وأحمد عساف، ومحمود الهباش، ونبيل أبو ردينة، أبدوا تضامنهم مع ما اتخذته السعودية بشأن حمايتها وسيادتها، وعدم القبول بالتدخل في شؤونها الداخلية.
من جهته، أكد جمال الشمايلة، السفير الأردني لدى السعودية، أن بلاده استدعت أمس السفير الإيراني في عمان للتأكيد على إدانة الأردن الشديدة ورفضه المطلق لمبدأ الاعتداء والتعرض للبعثات الدبلوماسية وسفارة السعودية في طهران وقنصليتها في مشهد.
وأضاف الشمايلة خلال تصريحاته لـ«الشرق الأوسط» أن الأردن عبر عن إدانته ورفضه المطلق لانتهاك أمن البعثات الدبلوماسية، مشددًا على أن التصرف يعتبر مرفوضا، كما أن عمان استهجنت هذا العمل السافر.
وأشار الشمايلة إلى أن بلاده أدانت التدخلات الإيرانية في كافة الدول العربية، موضحًا أن بلاده استهجنت الشحن الطائفي المذهبي الذي أسهم في الإضرار بالمصالح العربية ويعمل على تغذية الإرهاب وتوفير البيئة الخصبة له.



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.