بعد مرور 32 عامًا على ولادتها.. «أعطونا الطفولة» رسالة سلام تنتقل من لبنان إلى العالم العربي

غنّتها طفلة سورية ضمن برنامج «ذا فويس كيدز» في نسخته العربية على شاشة «إم بي سي»

بعد مرور 32 عامًا على ولادتها.. «أعطونا الطفولة» رسالة سلام تنتقل من لبنان إلى العالم العربي
TT

بعد مرور 32 عامًا على ولادتها.. «أعطونا الطفولة» رسالة سلام تنتقل من لبنان إلى العالم العربي

بعد مرور 32 عامًا على ولادتها.. «أعطونا الطفولة» رسالة سلام تنتقل من لبنان إلى العالم العربي

لم تمرّ إطلالة الطفلة السورية غنى بو حمدان مرور الكرام في الحلقة الأولى من برنامج «ذا فويس كيدز» على شاشة «إم بي سي»؛ فأداؤها المؤثّر لأغنية «أعطونا الطفولة»، والتي سبق وغنّتها ريمي بندلي في عام 1984، أعاد المشاهد العربي عامة، واللبناني خاصة، للحظات مشابهة عاشها منذ 32 عامًا، حين حقّقت هذه الأغنية نجاحًا ساحقًا طال مختلف بقاع العالم.
فيومها، وقفت الطفلة ريمي ابنة العائلة الفنية الطرابلسية العريقة المعروفة بـ«آل بندلي» في القصر الجمهوري، أثناء العشاء الرسمي السنوي الذي أقامه رئيس الجمهورية اللبنانية آنذاك أمين الجميّل، لأعضاء السلك الدبلوماسي العربي والأجنبي. فأنشدت هذه الأغنية بلغات ثلاث (العربية والفرنسية والإنجليزية)، علّها تستطيع إيصال مطلب ملحّ لحكّام العالم من أجل أن يعمّ السلام لبنان. هذه الرسالة التي حملتها ريمي بندلي باسم أطفال لبنان، والذي كانت أرضه مشتعلة بالحروب آنذاك، أحدثت يومها عاصفة من التأييد العالمي، لضرورة إيقاف الحرب في لبنان رأفة بأطفاله.
اللافت انه وبعد مرور 32 عامًا عادت هذه الأغنية بصوت جيل جديد، ولتخاطب غنى بو حمدان من خلالها الرأي العام العالمي، ولكن هذه المرة برسالة حملتها من أطفال سوريا التواقين لرؤية بلدهم يعمّه السلام من جديد. فوقفت على مسرح برنامج هواة الغناء الخاص بالأطفال «ذا فويس كيدز» فغنّت وبكت وابتسمت فرحا، فأشعلت مواقع التواصل الاجتماعي بأدائها وتأثّرها البالغ، والذي دفعها إلى التوقف عن الغناء في وصلتها هذه أكثر من مرة. فتفاعل معها أعضاء لجنة الحكم بدءًا بالمغنية اللبنانية نانسي عجرم التي كانت أول من ضغط على الزر لتستدير بكرسيها نحوها كما تتطلّب قوانين البرنامج.
هذا الانعكاس الإيجابي لأداء غنى طال أيضًا الفنان المصري تامر حسني، فلم يتوانَ عن ضغط الزر خاصته، والآخر الخاص بعضو اللجنة الثالث الفنان كاظم الساهر، وليركض نحو المسرح ويفترش أرضه صاغيًا باهتمام لأداء غنى.
الأعضاء الثلاثة رددوا كلمات الأغنية، ومن لا يعرف عباراتها رافقها موسيقيًا. فتبيّن أن هذه الأغنية لم يقتصر حفظها على اللبنانيين فقط، بل على مواطنين من مختلف العالم العربي، ولا سيما من أبناء الجيل الأصغر سنًّا. فالفنان الشاب تامر حسني (38 عامًا)، تفاعل مع الأغنية بوضوح مع أن تاريخ انطلاقها يعود لاثنين وثلاثين عامًا إلى الوراء.
أما الفنانة نانسي عجرم التي كانت أول من استدار بكرسيه نحو غنى بو حمدان، فاندفعت متجهة إلى المسرح لمساندتها في أول عرجة غنائية لها أمام الجمهور (إذ توقفت عن الغناء ثلاث مرات)، رافقتها في الغناء تارة، وفي مواساتها بالكلام اللطيف تارة أخرى.
حتى الحضور في صالة المسرح والمشاهد أمام شاشة تلفزيوني «إم بي سي» و«إم تي في» التي تنقل بدورها وقائع البرنامج وفي الوقت نفسه، بلغهم التأثّر ذاته والذي عبّروا عنه بعد انتهاء الحلقة بتعليقات لافتة على مواقع التواصل الاجتماعية من «فيسبوك» و«تويتر» و«إنستغرام». فكتب أحدهم معلّقا، «السلام لسوريا.. لقد أبكيتني يا غنى». فيما علّقت مواطنة سورية أخرى على صفحة «فيسبوك» تقول «يا حرام ما حدا دفع ثمن الحرب إلا الطفولة». وكتبت إحداهن تحت اسم موماني: «يي على قلبي أنا.. حبيبتي شو أثّرت فينا بدموعها.. الله يفرجها عاكل مظلوم بالعالم العربي».
ويبدو أن هذا البرنامج الذي أطلقته شاشة «إم بي سي» مؤخرًا، قد حصد نسبة مشاهدة عالية، للمواهب الفنية الخارقة المشاركة فيه من ناحية، ولإطلالة أعضاء لجنة الحكم فيه بشكل متناغم من ناحية ثانية. فحسب إحصاءات أجريت في لبنان، فقد تخطّت نسبة مشاهدته البرنامج الأكثر مشاهدة على قناة «إم تي في» (الرقص مع المشاهير).
وكما الطفلة غنى بو حمدان التي كانت مسك ختام البرنامج في حلقته الأولى، فقد لفتت الأنظار مواهب أخرى أطلّت فيه قبلها مثل أمير عموري، الذي غنّى لميادة الحناوي «أنا بعشقك»، والذي اختار الانضمام إلى فريق تامر حسني. وكذلك ميرال عياض من فلسطين التي أدّت أغنية «أهو ده اللي صار» للسيد مكاوي، واللبناني غدي بشارة الذي اقنع نانسي وكاظم في أدائه أغنية بالإنجليزية «I see fire» وقد انضما معًا إلى فريق نانسي.
وحسب معلومات لـ«الشرق الأوسط» فإن الحلقة الثانية من هذا البرنامج ستحمل مفاجآت بين المواهب المشاركة فيه، لا سيما من قبل موهبة عراقية.
وبالعودة إلى غنى بو حمدان، تجدر الإشارة إلى أنها تبلغ الثامنة من عمرها، وحلمت منذ نعومة أظافرها في الالتقاء بنجمتها المفضّلة نانسي عجرم، وقد حفظت جميع أغانيها. لذلك لم تستطع أن تتمالك نفسها عندما استدارت لها بكرسيها، فبكت فرحا كما أوضحت إثر انتهائها من الغناء.
بدأت في الغناء في عمر الخمس سنوات، إذ كانت تحفظ شارات المسلسلات التي كانت تتابعها مع والديها. شجعها والداها على الغناء منذ اللحظة الأولى لاكتشافهما موهبتها، فأدخلاها المعهد الموسيقي (صدى) في سوريا لدراسة السولفيج والعزف على آلة الأرغن. غنّت على مسرح دار الأوبرا في دمشق وهي تهوى الرسم إلى جانب الغناء.
ومن المتوقّع أن ينقل برنامج «ذا فويس كيدز» بنسخته العربية، رسائل مباشرة تدعو إلى السلام، من قبل أطفال تتراوح أعمارهم ما بين الثمانية والخمسة عشر عاما. وقد جاءوا من بلدان عربية مختلفة عانوا فيها من الحروب والويلات وعمليات الإرهاب، إنْ في سوريا أو العراق ولبنان وغيرها، فتكون إطلالتهم من خلاله بمثابة جسر فني للعبور بالطفولة إلى خشبة الخلاص، كما سيحصل في الحلقة الثانية من البرنامج مع إطلالة طفلة عراقية تدعى ميرنا حنا، التي ستغني موالاً عراقيًا لتتبعه بأغنية أجنبية بعنوان «let it go»، مقدمة بذلك خليطًا من الفن الغربي والشرقي معا، يصبّ في خانة الوصلات الغنائية من نوع الـ«فيوجن» الرائجة حاليًا في هذا الصنف من البرامج.



هل سقط «يوم الثقافة» المصري في فخ «التكريمات غير المستحقة»؟

لقطة جماعية لبعض المكرمين (وزارة الثقافة المصرية)
لقطة جماعية لبعض المكرمين (وزارة الثقافة المصرية)
TT

هل سقط «يوم الثقافة» المصري في فخ «التكريمات غير المستحقة»؟

لقطة جماعية لبعض المكرمين (وزارة الثقافة المصرية)
لقطة جماعية لبعض المكرمين (وزارة الثقافة المصرية)

تحمس وزير الثقافة المصري الدكتور أحمد فؤاد هنو الذي تولى حقيبة الثقافة قبل 6 أشهر، لعقد «يوم الثقافة» بُغية تكريم المبدعين في مختلف مجالات الإبداع، من منطلق أن «التكريم يعكس إحساساً بالتقدير وشعوراً بالامتنان»، لكن كثرة عدد المكرمين وبعض الأسماء أثارت تساؤلات حول مدى أحقية البعض في التكريم، وسقوط الاحتفالية الجديدة في فخ «التكريمات غير المستحقة».

وأقيم الاحتفال الأربعاء برعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي، وقدمه الفنان فتحي عبد الوهاب، وكان الوزير قد عهد إلى جهات ثقافية ونقابات فنية باختيار من يستحق التكريم من الأحياء، كما كرم أيضاً الفنانين الذين رحلوا عن عالمنا العام الماضي، وقد ازدحم بهم وبذويهم المسرح الكبير في دار الأوبرا.

ورأى فنانون من بينهم يحيى الفخراني أن «الاحتفالية تمثل عودة للاهتمام بالرموز الثقافية»، وأضاف الفخراني خلال تكريمه بدار الأوبرا المصرية: «سعادتي غير عادية اليوم».

الفنان يحيى الفخراني يلقي كلمة عقب تكريمه في يوم الثقافة المصري (وزارة الثقافة المصرية)

وشهد الاحتفال تكريم عدد كبير من الفنانين والأدباء والمثقفين على غرار يحيى الفخراني، والروائي إبراهيم عبد المجيد، والمايسترو ناير ناجي، والشاعر سامح محجوب، والدكتور أحمد درويش، والمخرجين هاني خليفة، ومروان حامد، والسينارست عبد الرحيم كمال، والفنان محمد منير الذي تغيب عن الحضور لظروف صحية، وتوجه الوزير لزيارته في منزله عقب انتهاء الحفل قائلاً له إن «مصر كلها تشكرك على فنك وإبداعك».

كما تم تكريم المبدعين الذين رحلوا عن عالمنا، وقد بلغ عددهم 35 فناناً ومثقفاً، من بينهم مصطفى فهمي، وحسن يوسف، ونبيل الحلفاوي، والملحن حلمي بكر، وشيرين سيف النصر، وصلاح السعدني، وعاطف بشاي، والفنان التشكيلي حلمي التوني، والملحن محمد رحيم، والمطرب أحمد عدوية.

وزير الثقافة يرحب بحفيد وابنة السينارست الراحل بشير الديك (وزارة الثقافة المصرية)

وانتقد الكاتب والناقد المصري طارق الشناوي تكريم نقيب الموسيقيين مصطفى كامل، قائلاً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «حتى لو اختاره مجلس النقابة كان عليه أن ينأى بنفسه عن ذلك»، مشيراً إلى أن الاختيارات جاءت على عُجالة، ولم يتم وضع خطوط عريضة لمواصفات المكرمين، كما أنه لا يجوز أن يُرشح نقيب الموسيقيين ورئيس اتحاد الكتّاب نفسيهما للتكريم، وأنه كان على الوزير أن يتدخل «ما دام أن هناك خطأ». لكن الشناوي، أحد أعضاء لجنة الاختيار، يلفت إلى أهمية هذا الاحتفال الذي عدّه «عودة حميدة للاهتمام بالإبداع والمبدعين»، مشدداً على أهمية «إتاحة الوقت للترتيب له، وتحديد من يحصل على الجوائز، واختيار تاريخ له دلالة لهذا الاحتفال السنوي، كذكرى ميلاد فنان أو مثقف كبير، أو حدث ثقافي مهم»، ضارباً المثل بـ«اختيار الرئيس السادات 8 أكتوبر (تشرين الأول) لإقامة عيد الفن ليعكس أهمية دور الفن في نصر أكتوبر».

الوزير ذهب ليكرم محمد منير في بيته (وزارة الثقافة المصرية)

ووفق الكاتبة الصحافية أنس الوجود رضوان، عضو لجنة الإعلام بالمجلس الأعلى للثقافة، فإن «الاحتفال حقق حالة جميلة تنطوي على بهجة وحراك ثقافي؛ ما يمثل عيداً شاملاً للثقافة بفروعها المتعددة»، متطلعة لإضافة «تكريم مبدعي الأقاليم في العام المقبل».

وتؤكد رضوان في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «تكريم نقيب الموسيقيين لا تُحاسب عليه وزارة الثقافة؛ لأنه اختيار مجلس نقابته، وهي مسؤولة عن اختياراتها».

ورداً على اعتراض البعض على تكريم اسم أحمد عدوية، تؤكد أن «عدوية يُعد حالة فنية في الغناء الشعبي المصري وله جمهور، فلماذا نقلل من عطائه؟!».

ولفتت الناقدة ماجدة موريس إلى أهمية وجود لجنة تختص بالترتيب الجيد لهذا اليوم المهم للثقافة المصرية، مؤكدة لـ«الشرق الأوسط» أنه من الطبيعي أن تكون هناك لجنة مختصة لمراجعة الأسماء والتأكد من جدارتها بالتكريم، ووضع معايير محددة لتلك الاختيارات، قائلة: «لقد اعتاد البعض على المجاملة في اختياراته، وهذا لا يجوز في احتفال الثقافة المصرية، كما أن العدد الكبير للمكرمين يفقد التكريم قدراً من أهميته، ومن المهم أن يتم التنسيق له بشكل مختلف في دورته المقبلة بتشكيل لجنة تعمل على مدى العام وترصد الأسماء المستحقة التي لعبت دوراً أصيلاً في تأكيد الهوية المصرية».

المخرج مروان حامد يتسلم تكريمه من وزير الثقافة (وزارة الثقافة المصرية)

وتعليقاً على ما أثير بشأن انتقاد تكريم المطرب الشعبي أحمد عدوية، قال الدكتور سعيد المصري، أستاذ علم الاجتماع والأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للثقافة، على «فيسبوك»، إن «أحمد عدوية ظاهرة غنائية غيرت في نمط الأغنية الذي ظل سائداً في مصر منذ الخمسينات حتى بداية السبعينات»، معتبراً تكريم وزير الثقافة له «اعترافاً بالفنون الجماهيرية التي يطرب لها الناس حتى ولو كانت فاقدة للمعايير الموسيقية السائدة».