«كفاءة الطاقة» السعودي يحدد مواصفات استيراد السيارات المستعملة

معيار اقتصاد الوقود الأول بالشرق الأوسط والعاشر عالميًا.. ويوفر 300 ألف برميل يوميًا

«كفاءة الطاقة» السعودي يحدد مواصفات استيراد السيارات المستعملة
TT

«كفاءة الطاقة» السعودي يحدد مواصفات استيراد السيارات المستعملة

«كفاءة الطاقة» السعودي يحدد مواصفات استيراد السيارات المستعملة

حددت الحملة السعودية التوعوية باستيراد السيارات المستعملة التي أطلقها المركز السعودي لكفاءة الطاقة، بالتعاون مع وزارة التجارة وهيئة المواصفات والمقاييس ومصلحة الجمارك، الخطوات الواجب اتباعها عند الرغبة في استيراد السيارات، منبهة إلى الخطوة الأولى التي تتمثل في الاستعلام عن بيانات السيارة قبل الاستيراد عن طريق الموقع الرسمي على الإنترنت، ثم طلب شهادة مطابقة باستخدام الموقع نفسه، ومن ثم إصدار الشهادة للسيارات المطابقة بشكل آلي.
وأوضحت الحملة أن الخطوة التالية تتمثل في إنهاء المستورد سواء كان فردًا أو مؤسسة إجراءات الاستيراد، وعند وصول السيارة إلى أحد المنافذ السعودية تُستخرج لوحات مؤقتة، ومن ثم تقوم الجمارك السعودية بإحالة السيارة إلى أحد المختبرات المحلية لفحصها، والتأكد من مطابقتها للمواصفات القياسية السعودية، ومن أهمها مطابقتها لمعيار كفاءة الوقود في المركبات، وبعد اجتياز الفحص والتحقق من بيانات السيارة تُستخرج البطاقة الجمركية للسيارة.
وأكدت الحملة التي تستمر على مدى أسبوعين، أن وجود شهادة مطابقة لمعيار اقتصاد الوقود لا يغني عن المتطلبات الأخرى لاستيراد السيارات المستعملة، ومنها ألا يكون عمر السيارة قد تجاوز خمس سنوات، وألا تكون تالفة أو تعرضت لحوادث غرق أو حريق أو تصادم أو انقلاب.. إلخ، كما لا يسمح باستيراد السيارات التي كانت تستعمل كسيارات أجرة أو تأجير أو للشرطة.
وتستخدم الحملة التي أطلقها المركز السعودي لكفاءة الطاقة بالتعاون مع وزارة التجارة والصناعة والهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة ومصلحة الجمارك، وتستمر على مدى أسبوعين، عددًا من الوسائل التي تسهم في إيصال رسائل الحملة للجمهور المستهدف، وتشمل المواد والتقارير الصحافية، والإعلانات في عدد من الصحف، واللقاءات التلفزيونية والإذاعية، فضلاً عن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بشكل مكثف.
وتظهر رسائل الحملة في عدد من المواقع الإلكترونية ذات العلاقة بقطاع السيارات، إضافة إلى استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، والرسائل النصية التي تصل إلى المهتمين بهذا الشأن، كما ستقوم كل من الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة ومصلحة الجمارك بتوزيع لوحات تعريفية في جميع المنافذ، فضلاً عن استهداف معارض السيارات في المدن الكبيرة.
وتهدف الحملة التوعوية باستيراد السيارات المستعملة، إلى التعريف بوجوب التأكد من مطابقة السيارة المستعملة التي يرغب في استيرادها لمعايير اقتصاد الوقود، لا سيما مع بدء تطبيق اللائحة الفنية السعودية لمعيار اقتصاد الوقود للمركبات الخفيفة المضافة إلى السعودية من 1 يناير (كانون الثاني) 2016، وطالبت حملة «السيارات المستعملة المستوردة» الراغبين في شراء واستيراد السيارات المستعملة بمراعاة معيار اقتصاد الوقود في هذه السيارات.
وكانت الحملة التوعوية باستيراد السيارات المستعملة للمواطنين ومستوردي السيارات، قد أكدت عبر إعلاناتها في مختلف وسائل الإعلام أنه بدءًا من الأول من شهر يناير 2016 الحالي لن يُسمح باستيراد السيارات المستعملة المخالفة لمعيار اقتصاد الوقود، وبينت أنها تنقسم إلى سيارات السيدان، والحد الأدنى لمعيار استهلاك الوقود فيها هو (10.3) كيلومتر لكل لتر، والشاحنات الخفيفة، والحد الأدنى لمعيار استهلاك الوقود فيها هو 9 كيلومترات لكل لتر، ودعت الحملة الراغبين في الاستيراد من الأفراد أو رجال الأعمال إلى زيارة الموقع الرسمي للتأكد من مطابقة مواصفات السيارات التي يرغبون في استيرادها لمتطلبات كفاءة الطاقة السعودية.
يذكر أن المعيار السعودي لاقتصاد الوقود في المركبات الخفيفة بالنسبة للمركبات الجديدة المضافة، بدأ تطبيقه ابتداء من 1 يناير 2016، ويستمر حتى 31 ديسمبر (كانون الأول) 2020، وفقًا لمجموعة من المراحل والمنحنيات، أما بالنسبة للمركبات المستعملة المضافة، فبدأ نفاذ تاريخ التطبيق ابتداء من 1 يناير 2016 ويستمر لغاية 31 ديسمبر 2020، بحيث يكون الحد الأدنى المسموح به لاقتصاد الوقود مختلفًا لكل فئة من فئات المركبات (أي سيارات الركوب والشاحنات الخفيفة).
ويعد تطبيق المعيار على المركبات الجديدة والمستعملة الأول في الشرق الأوسط والعاشر عالميًا الذي يطبق على المركبات الجديدة، والأول عالميًا في التطبيق على المركبات المستعملة.
وحدد المعيار «المركبات الخفيفة» التي لا يتجاوز وزنها الإجمالي 3500 كيلوغرام، وتستخدم لنقل الركاب أو البضائع، وتشمل سيارات الركوب والشاحنات الخفيفة، كما يشمل المعيار متطلبات أداء اقتصاد الوقود لجميع المركبات الخفيفة المضافة إلى أسطول المركبات في السعودية من خلال منحنيات تطبق تدريجيًا للوصول إلى الحدود العليا التي تطمح إليها السعودية، ويُشكِّل جزءًا من نهج متكامل لتحسين كفاءة الطاقة في قطاع النقل بالسعودية.
ويأمل القائمون على المعيار في تحسين معدل اقتصاد وقود المركبات في السعودية بنحو 4 في المائة سنويًا، لنقله من مستواه الحالي عند نحو 12 كيلومترًا لكل لتر وقود، إلى مستوى يتخطى 19 كيلومترًا لكل لتر وقود، بحلول عام 2025، وعند اكتمال تطبيق مراحل المعيار كافة، يمكن تحقيق وفر يصل إلى 300 ألف برميل يوميًا من البنزين والديزل بحلول عام 2030.
وتأتي هذه الحملة ضمن الجهود الوطنية المكثفة والمتواصلة التي يقف خلفها منظومة عمل متكاملة لأجهزة حكومية وغير حكومية، يحكمها التنسيق والتنظيم في مختلف خطوات الأداء في إطار البرنامج السعودي لكفاءة الطاقة، وذلك في سبيل الحد من الزيادة المتنامية لاستهلاك الطاقة في السعودية بمعدلات مرتفعة فاقت المعدلات العالمية المتعارف عليها.
وأظهرت الإحصاءات الرسمية أن المركبات الواردة إلى السعودية من جميع المنافذ سنويًا تنقسم إلى نوعين، أحدهما مركبات جديدة، وهي ما تشكل نسبة 89 في المائة، والثاني مركبات مستعملة وتشكل نسبة 11 في المائة، من مجمل أعداد المركبات المستوردة.
ويغطي معيار اقتصاد الوقود للمركبات الخفيفة كلاً من المركبات الجديدة والمستعملة الواردة إلى السعودية، حيث يطبق معيار CAFE متوسط اقتصاد الوقود للشركات للمركبات الجديدة، فيما يطبق معيار MEPS الحد الأدنى لكفاءة الطاقة للمركبات المستعملة.



هل تؤدي العقوبات وأسعار الفائدة الروسية إلى موجة شاملة من الإفلاسات؟

الساحة الحمراء وكاتدرائية القديس باسيل وبرج سباسكايا في الكرملين كما تظهر من خلال بوابة في وسط موسكو (رويترز)
الساحة الحمراء وكاتدرائية القديس باسيل وبرج سباسكايا في الكرملين كما تظهر من خلال بوابة في وسط موسكو (رويترز)
TT

هل تؤدي العقوبات وأسعار الفائدة الروسية إلى موجة شاملة من الإفلاسات؟

الساحة الحمراء وكاتدرائية القديس باسيل وبرج سباسكايا في الكرملين كما تظهر من خلال بوابة في وسط موسكو (رويترز)
الساحة الحمراء وكاتدرائية القديس باسيل وبرج سباسكايا في الكرملين كما تظهر من خلال بوابة في وسط موسكو (رويترز)

في ظلّ الضغوط المتزايدة التي فرضتها العقوبات الغربية وارتفاع أسعار الفائدة بشكل مذهل، تتزايد المخاوف في الأوساط الاقتصادية الروسية من احتمال حدوث موجة من الإفلاسات التي قد تهدّد استقرار الكثير من الشركات، لا سيما في ظل استمرار الرئيس فلاديمير بوتين في التمسّك بحربه في أوكرانيا.

وفي كلمته خلال مؤتمر الاستثمار الذي نظمته مجموعة «في تي بي» هذا الشهر، لم يفوّت بوتين الفرصة للتفاخر بما عدّه فشل العقوبات الغربية في إضعاف الاقتصاد الروسي، فقد صرّح قائلاً: «كانت المهمة تهدف إلى توجيه ضربة استراتيجية إلى روسيا، لإضعاف صناعتنا وقطاعنا المالي والخدماتي». وأضاف أن النمو المتوقع للاقتصاد الروسي سيصل إلى نحو 4 في المائة هذا العام، قائلاً إن «هذه الخطط انهارت، ونحن متفوقون على الكثير من الاقتصادات الأوروبية في هذا الجانب»، وفق صحيفة «واشنطن بوست».

وعلى الرغم من التصفيق المهذّب الذي قُوبل به الرئيس الروسي، فإن التوترات بدأت تظهر بين النخبة الاقتصادية الروسية بشأن التأثيرات السلبية المتزايدة للعقوبات على الاقتصاد الوطني. فقد حذّر عدد متزايد من المسؤولين التنفيذيين في الشركات الكبرى من أن رفع البنك المركزي أسعار الفائدة لمكافحة التضخم -الذي تفاقم بسبب العقوبات والنفقات العسكرية لبوتين- قد يهدد استقرار الاقتصاد في العام المقبل. وقد تتسبّب هذه السياسة في تسارع موجات الإفلاس، لا سيما في القطاعات الاستراتيجية الحساسة مثل الصناعة العسكرية، حيث من المتوقع أن يشهد إنتاج الأسلحة الذي يغذّي الحرب في أوكرانيا تباطؤاً ملحوظاً.

حتى الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب، أشار في منشور على شبكته الاجتماعية «تروث سوشيال» إلى أن روسيا أصبحت «ضعيفة جزئياً بسبب اقتصادها المتداعي».

تحذيرات من الإفلاس

ومع تزايد توقعات أن «المركزي الروسي» سيضطر إلى رفع الفائدة مرة أخرى هذا الشهر، انضم بعض الأعضاء المعتدلين في الدائرة الداخلية لبوتين إلى الانتقادات غير المسبوقة للسياسات الاقتصادية التي أبقت على سعر الفائدة الرئيس عند 21 في المائة، في وقت يستمر فيه التضخم السنوي في الارتفاع ليصل إلى أكثر من 9 في المائة. وهذا يشير إلى احتمالية حدوث «ركود تضخمي» طويل الأمد أو حتى ركود اقتصادي في العام المقبل. وبالفعل، يتوقع البنك المركزي أن ينخفض النمو الاقتصادي بشكل حاد إلى ما بين 0.5 في المائة و1.5 في المائة في العام المقبل.

كما تسبّبت العقوبات الأميركية الجديدة التي شملت فرض عقوبات على 50 بنكاً روسياً، بما في ذلك «غازبروم بنك»، وهو قناة رئيسة لمدفوعات الطاقة، في زيادة تكاليف المعاملات بين المستوردين والمصدرين الروس. وقد أسهم ذلك في انخفاض قيمة الروبل إلى أدنى مستوى له مقابل الدولار منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في عام 2022. وقد أدى هذا الانخفاض في قيمة الروبل إلى زيادة التضخم، حيث ارتفعت الأسعار بنسبة 0.5 في المائة بين 26 نوفمبر (تشرين الثاني) و2 ديسمبر (كانون الأول)، وفقاً للبيانات الرسمية.

وفي هذا السياق، حذّر رئيس هيئة الرقابة المالية الروسية، نجل أحد أقرب حلفاء بوتين، بوريس كوفالتشوك، من أن رفع أسعار الفائدة «يحد من إمكانات الاستثمار في الأعمال، ويؤدي إلى زيادة الإنفاق في الموازنة الفيدرالية». كما انتقد الرئيس التنفيذي لشركة «روسنفت» الروسية، إيغور سيتشين، البنك المركزي بسبب ارتفاع أسعار الفائدة، مؤكداً أن ذلك أسهم في زيادة تكاليف التمويل للشركات وتأثر أرباحها سلباً.

وفي تصريح أكثر حدّة، حذّر رئيس شركة «روس أوبورون إكسبورت» المتخصصة في صناعة الأسلحة، سيرغي تشيميزوف، من أن استمرار أسعار الفائدة المرتفعة قد يؤدي إلى إفلاس معظم الشركات الروسية، بما في ذلك قطاع الأسلحة، مما قد يضطر روسيا إلى الحد من صادراتها العسكرية.

كما شدّد قطب صناعة الصلب الذي يملك شركة «سيفيرستال»، أليكسي مورداشوف، على أن «من الأفضل للشركات أن تتوقف عن التوسع، بل تقلّص أنشطتها وتضع الأموال في الودائع بدلاً من المخاطرة بالإدارة التجارية في ظل هذه الظروف الصعبة».

وحذّر الاتحاد الروسي لمراكز التسوق من أن أكثر من 200 مركز تسوق في البلاد مهدد بالإفلاس بسبب ارتفاع تكاليف التمويل.

وعلى الرغم من أن بعض المديرين التنفيذيين والخبراء الاقتصاديين يشيرون إلى أن بعض الشركات قد تبالغ في تقدير تأثير أسعار الفائدة المرتفعة، في محاولة للحصول على قروض مدعومة من الدولة، فإن القلق بشأن الوضع الاقتصادي يبدو مشروعاً، خصوصاً أن مستويات الديون على الشركات الروسية أصبحت مرتفعة للغاية.

ومن بين أكثر القطاعات تأثراً كانت صناعة الدفاع الروسية، حيث أفادت المستشارة السابقة للبنك المركزي الروسي، ألكسندرا بروكوبينكو، بأن الكثير من الشركات الدفاعية لم تتمكّن من سداد ديونها، وتواجه صعوبة في تأمين التمويل بسبب ارتفاع تكاليفه. وقالت إن بعض الشركات «تفضّل إيداع الأموال في البنوك بدلاً من الاستثمار في أنشطة تجارية ذات مخاطر عالية».

كما تحدّث الكثير من المقاولين علناً عن الأزمة الاقتصادية المتزايدة في روسيا. ففي أوائل نوفمبر، أشار رئيس مصنع «تشيليابينسك» للحديد والصلب، أندريه جارتونغ، خلال منتدى اقتصادي إلى أن فروعاً رئيسة من الهندسة الميكانيكية قد «تنهار» قريباً.

وفي الثالث من ديسمبر (كانون الأول)، أفادت وكالة «إنترفاكس» الروسية بأن حالات عدم السداد انتشرت في مختلف أنحاء الاقتصاد، حيث تأخرت الشركات الكبرى والمتوسطة بنسبة 19 في المائة من المدفوعات بين يوليو (تموز) وسبتمبر (أيلول)، في حين تأخرت الشركات الصغيرة بنسبة 25 في المائة من المدفوعات في الفترة نفسها.

وحسب وزارة التنمية الاقتصادية الروسية، فقد انخفض الاستثمار في البلاد، وتسببت العقوبات في ارتفاع تدريجي لتكاليف الواردات والمعاملات المالية، مما أدى إلى زيادة التضخم. كما قال مسؤول مالي روسي كبير سابق، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته بسبب حساسية الموضوع: «ما يحدث هو صدمة إمداد نموذجية في البلاد».

صناعة الدفاع مهددة

تأتي هذه التحديات في وقت حساس بالنسبة إلى صناعة الدفاع الروسية. فعلى الرغم من ضخ بوتين مبالغ ضخمة من التمويل الحكومي في هذا القطاع، مع تخصيص 126 مليار دولار في موازنة العام المقبل، فإن معظم الزيادة في الإنتاج كانت ناتجة عن تعزيز القوة العاملة لتشغيل المصانع العسكرية على مدار الساعة وتجديد مخزونات الحقبة السوفياتية. ومع ذلك، ومع استمرار الحرب ودخولها عامها الثالث، وارتفاع خسائر المعدات العسكرية، فإن القوة العاملة في القطاع قد وصلت إلى أقصى طاقتها، وإمدادات الأسلحة السوفياتية تتضاءل بسرعة.

وتقول جانيس كلوغ، من المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية، إن التكاليف المتزايدة والعقوبات المشددة على واردات المعدات تجعل من الصعب على قطاع الدفاع الروسي بناء الأسلحة من الصفر. ووفقاً لتقرير صادر هذا العام عن الباحثَين في المعهد الملكي للخدمات المتحدة بلندن، جاك واتلينغ ونيك رينولدز، فإن 80 في المائة من الدبابات والمركبات القتالية المدرعة التي تستخدمها روسيا في الحرب ليست جديدة، بل جُدّدت من المخزونات القديمة. ويضيف التقرير أن روسيا «ستبدأ في اكتشاف أن المركبات بحاجة إلى تجديد أعمق بحلول عام 2025. وبحلول عام 2026 ستكون قد استنفدت معظم المخزونات المتاحة».

ثقة الكرملين

على الرغم من هذه التحديات يبدو أن الوضع لا يثير قلقاً في الكرملين. وقال أكاديمي روسي له علاقات وثيقة مع كبار الدبلوماسيين في البلاد: «لا يوجد مزاج ذعر». وأضاف أن المسؤولين في الكرملين يعدّون أن «كل شيء يتطور بشكل جيد إلى حد ما». ووفقاً لهذا الرأي، فإن روسيا تواصل تحقيق تقدم عسكري، وفي ظل هذه الظروف، لا يرى الكرملين حاجة إلى تقديم أي تنازلات جادة.

وتزيد الاضطرابات السياسية في العواصم الغربية -بما في ذلك التصويت بحجب الثقة في فرنسا، مع التصويت المرتقب في ألمانيا، بالإضافة إلى اعتقاد الكرملين أن ترمب قد يقلّل من دعمه لأوكرانيا- من الثقة داخل روسيا.

وقد تصدّى بوتين لانتقادات متزايدة بشأن زيادات أسعار الفائدة ورئيسة البنك المركزي، إلفيرا نابيولينا، قائلاً في مؤتمر الاستثمار إن كبح جماح التضخم يظل أولوية بالنسبة إليه. ومع الارتفاع الكبير في أسعار المواد الغذائية الأساسية مثل البطاطس التي ارتفعت بنسبة 80 في المائة هذا العام، يواصل بوتين دعم نابيولينا وزيادات أسعار الفائدة، رغم شكاوى الشركات الكبرى. وقالت كلوغ: «من وجهة نظر بوتين، لا يمكن السماح للتضخم بالخروج عن السيطرة، لأنه يمثّل تهديداً لاستقرار النظام السياسي، ولهذا السبب منح نابيولينا تفويضاً قوياً».

لكن المستشارة السابقة للبنك المركزي، ألكسندرا بروكوبينكو، ترى أن الضغط من الشركات الكبرى لن يهدأ. وقالت: «عندما يكون التضخم عند 9 في المائة، وسعر الفائدة عند 21 في المائة، فهذا يعني أن السعر الرئيس لا يعمل بشكل صحيح، ويجب البحث عن أدوات أخرى. أولوية بوتين هي الحرب وتمويل آلتها، ولا يمتلك الكثير من الحلفاء، والموارد المتاحة له تتقلص». وأضافت أنه من المحتمل أن تتعرّض نابيولينا لمزيد من الضغوط مع استمرار الوضع الاقتصادي الصعب.

ومع تزايد الضغوط على بوتين، أصبحت الصورة في الغرب أكثر تفاؤلاً بشأن فرص التغيير في روسيا، وفقاً لمؤسسة شركة الاستشارات السياسية «ر. بوليتيك» في فرنسا، تاتيانا ستانوفايا.

وأضافت: «بوتين مستعد للقتال ما دام ذلك ضرورياً... لكن بوتين في عجلة من أمره. لا يستطيع الحفاظ على هذه الشدة من العمل العسكري والخسائر في الأرواح والمعدات كما كان في الأشهر الأخيرة».