هبوط الأسواق العالمية مع إغلاق بورصتي الصين بعد انخفاضهما 7 % في أول تداولات 2016

تواصل التراجع الصناعي لبكين يذكي المخاوف بشأن النمو العالمي

جانب من تداول الأسهم الصينية  (أ.ب)
جانب من تداول الأسهم الصينية (أ.ب)
TT

هبوط الأسواق العالمية مع إغلاق بورصتي الصين بعد انخفاضهما 7 % في أول تداولات 2016

جانب من تداول الأسهم الصينية  (أ.ب)
جانب من تداول الأسهم الصينية (أ.ب)

تأثرت الأسواق العالمية أمس بفعل المخاوف من انعكاسات التوتر بين السعودية وإيران، لكنها اهتزت بشكل أكبر بفعل المخاوف من النمو الاقتصادي في الصين «قاطرة» النمو العالمي في السنوات الأخيرة، بعد أن أغلقت بورصتا «شينزين» و«شنغهاي» بعد انخفاضهما سبعة في المائة في الجلسة الأولى لعام 2016 أمس وفق آلية للحد من تقلبات أسعار الأسهم تثير فاعليتها تساؤلات. لكن تراجع البورصتين الصينيتين جاء خصوصا بعد نشر أرقام تشير إلى انخفاض النشاط في الصناعات التحويلية الصينية، وقبل رفع قيود على بيع بعض الأسهم.
وللمرة الأولى أدى انخفاض المؤشر «سي إس آي300» الذي يغطي البورصتين، إلى توقف تلقائي بموجب نظام جديد يحد من التقلبات. وعلقت التعاملات 15 دقيقة أولا قبل إغلاق البورصتين. وبموجب هذا النظام، تغلق البورصة لبقية اليوم إذا انخفض المؤشر أكثر من سبعة في المائة. وعند تعليق التسعير، كان «مؤشر شنغهاي المركب» قد انخفض 6.86 في المائة أو 242.52 نقطة ليصل إلى 3296.26 نقطة، بينما تراجع مؤشر «شينزين» 8.22 في المائة إلى 2119.16 نقطة.
وتهدف آلية تعليق المبادلات التي بدأ تطبيقها أمس، يوم العمل الأول للبورصة في الصين، إلى وقف تقلب الأسعار وتجنب حدوث التراجع الهائل الذي سجل الصيف الماضي.
وفي حال خسر مؤشر «سي إس آي300» الذي يشمل المجموعات الكبرى من شركات نفطية عملاقة ومصارف حكومية، أو ربح سبعة في المائة، تعلق المبادلات بشكل تلقائي لبقية الجلسة من أجل تجنب «مخاطر مرتبطة بالنظام»، أي حالة هلع. لكن محللين رأوا أن آلية وقف المبادلات يمكن أن تضر بفاعلية السوق وقد تؤدي إلى نتيجة عكسية بدلا من وقف التقلبات.
وقال المحلل في «نورثويست سيكيوريتيز» شين جينغ جيانغ لوكالة الصحافة الفرنسية، إن «الآلية أداة، لكنها لن تساعد السوق في إيجاد قيمتها الحقيقية». وأضاف أن «أكثر ما يثير قلقي هو تعزيز نظام سيضر بالسيولة في السوق». وأضاف أن «المستثمرين الذين يريدون البيع لن يتمكنوا من تحقيق ذلك، والذين يريدون الشراء لن يتمكنوا من ذلك أيضا. المبادلات ستضعف إذا تعرضت لضغوط في كل مرة».
وأشار محللون آخرون إلى أن الانخفاض الكبير الذي سجل أمس ناجم أيضا عن انتهاء إجراءات اتخذتها السلطات لوقف تدهور الأسواق العام الماضي.
وقال جانغ غانغ، المحلل في شركة «سنترال تشاينا سيكيوريتيز» المالية، لوكالة الصحافة الفرنسية، إن «السوق قلقة من نتائج انتهاء قرار منع أصحاب الأسهم من بيعها». وأضاف: «الضغط سيستمر بقوة في الأسواق في الأيام المقبلة».
ومنعت الصين أصحاب الأسهم الذين يمتلكون أكثر من خمسة في المائة من أي شركة في يوليو (تموز) الماضي من بيع أسهمهم، في إجراء اتخذ لمحاولة وقف تراجع السوق في صيف 2015.وسمح الإجراء بوقف النزف؛ إذ إن بورصة «شنغهاي» أنهت عام 2015 على ارتفاع بنسبة 9.4 في المائة، بينما سجلت بورصة «شينزين» تقدما واضحا بلغت نسبته 63 في المائة.
أشارت الأرقام المتعلقة بنشاط الصناعات التحويلية التي نشرها مكتب الإحصاء الوطني الرسمي في نهاية الأسبوع، إلى جانب أرقام المجموعة الخاصة للمعلومات المالية «كايتشين»، إلى تراجع واضح في الصناعات التحويلية خلال ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
وقال «كايتشين»، التي تحسب أرقام الصناعات التحويلية بناء على مؤشرها الخاص، إن هذا المؤشر بلغ 48.2 في ديسمبر الماضي مقابل 18.6 في الشهر الذي سبقه.
وقال مايكل إيفيري، من مجموعة «رابوبانك غروب»، لوكالة «بلومبيرغ» إن «ضعف نشاط الصناعات التحويلية وخفض سعر اليوان هما اللذان سببا على الأرجح» الانخفاض أمس. ونظام تعليق المبادلات ليس محصورا في الصين؛ فقد أقامت بورصة نيويورك آلية مماثلة في نهاية ثمانينات القرن الماضي (تعمل عندما تتجاوز التقلبات نسبة عشرين في المائة). وكانت طبقت للمرة الأولى في عام 1977 لكن بشكل نادر بعد ذلك.
من جهتها، سجلت أسواق المال الأوروبية أمس تراجعا عند بدء جلساتها الأولى لسنة 2016 متأثرة بانخفاض بورصتي الصين، الذي يؤكد تباطؤ ثاني أكبر اقتصاد في العالم. وقد تراجع اليوان الصيني في المعاملات المحلية مقابل الدولار أمس ليسجل أدنى مستوى له منذ أبريل (نيسان) 2011 بعد أن حدد البنك المركزي السعر الاسترشادي عند أقل مستوى فيما يزيد على أربعة أعوام ونصف العام. وتراجع اليوان في المعاملات الخارجية لأدنى مستوياته منذ سبتمبر (أيلول) 2011.
وفي السوق الفورية سجلت العملة الصينية 6.5272 يوان للدولار بانخفاض 0.51 في المائة عن مستوى الإغلاق السابق. وأنهي اليوان العام الماضي على خسائر سنوية قياسية أمام الدولار بلغت 4.7 في المائة بعد تعاملات متقلبة على مدى الأشهر الخمسة الماضية.
من جهته، هوى الدولار الأميركي لأدنى مستوى له في 11 أسبوعا مقابل الين، أمس الاثنين، متضررا من الخسائر الجديدة في بورصة الصين التي دفعت المتعاملين للجوء إلى الين الياباني والفرنك السويسري بحثا عن الملاذ الآمن المعتاد.
وحتى مع توقع معظم البنوك الكبرى وكبار المتعاملين في الصناديق مزيدا من الصعود للعملة الأميركية هذا العام، فإن الشكوك في حدوث ذلك تنامت في شهر هبط خلاله الدولار نحو خمسة في المائة أمام اليورو، ونحو ثلاثة في المائة مقابل الين. وقد يجد الاقتصاد العالمي صعوبة في التكيف مع رفع أسعار الفائدة الأميركية عدة مرات العام الحالي، الذي من المرجح أن يكون المحرك الرئيسي لأي مكاسب جديدة يحققها الدولار.
وارتفع الفرنك السويسري والين نحو واحد في المائة مقابل الدولار، لتسجل العملة الأميركية 118.995 ين و0.9941 فرنك. ولعب التوتر في الشرق الأوسط دورا بعد أن قطعت السعودية علاقاتها مع إيران أول من أمس الأحد. وأظهرت بيانات انكماش أنشطة المصانع الصينية للشهر العاشر على التوالي في ديسمبر الماضي لتدفع الأسهم الآسيوية للهبوط.
من جهته، صعد الذهب اثنين في المائة، أمس، بدعم من تصاعد التوترات في الشرق الأوسط، والهبوط الحاد للأسهم عقب صدور بيانات صينية ضعيفة أذكت المخاوف بشأن النمو العالمي.
وسجل البلاديوم انخفاضا حادا بعد نشر نتائج مسوح بشأن قطاع الصناعات التحويلية الصيني قوضت الآمال في تعافي القطاع. ويعتبر البلاديوم من المعادن الصناعية إلى حد كبير، ومن ثم، فإنه يتأثر بضعف الاقتصاد أكثر مما يتأثر الذهب.



«مؤتمر الأطراف الـ16» في الرياض يضع أسساً لمواجهة التصحر والجفاف عالمياً

استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)
استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)
TT

«مؤتمر الأطراف الـ16» في الرياض يضع أسساً لمواجهة التصحر والجفاف عالمياً

استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)
استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)

بعد أسبوعين من المباحثات المكثفة، وضع «مؤتمر الأطراف السادس عشر (كوب 16)» لـ«اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر» الذي يعدّ الأكبر والأوسع في تاريخ المنظمة واختتم أعماله مؤخراً بالعاصمة السعودية الرياض، أسساً جديدة لمواجهة التصحر والجفاف عالمياً، حيث شهد المؤتمر تقدماً ملحوظاً نحو تأسيس نظام عالمي لمكافحة الجفاف، مع التزام الدول الأعضاء باستكمال هذه الجهود في «مؤتمر الأطراف السابع عشر»، المقرر عقده في منغوليا عام 2026.

وخلال المؤتمر، أُعلن عن تعهدات مالية تجاوزت 12 مليار دولار لمكافحة التصحر وتدهور الأراضي والجفاف، مع التركيز على دعم الدول الأشد تضرراً، كما شملت المخرجات الرئيسية إنشاء تجمع للشعوب الأصلية وآخر للمجتمعات المحلية، إلى جانب إطلاق عدد من المبادرات الدولية الهادفة إلى تعزيز الاستدامة البيئية.

وشهدت الدورة السادسة عشرة لـ«مؤتمر الأطراف» مشاركة نحو 200 دولة من جميع أنحاء العالم، التزمت كلها بإعطاء الأولوية لإعادة إصلاح الأراضي وتعزيز القدرة على مواجهة الجفاف في السياسات الوطنية والتعاون الدولي، بوصف ذلك استراتيجية أساسية لتحقيق الأمن الغذائي والتكيف مع تغير المناخ.

ووفق تقرير للمؤتمر، فإنه جرى الاتفاق على «مواصلة دعم واجهة العلوم والسياسات التابعة لـ(اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر) من أجل تعزيز عمليات اتخاذ القرار، بالإضافة إلى تشجيع مشاركة القطاع الخاص من خلال مبادرة (أعمال تجارية من أجل الأرض)».

ويُعدّ «مؤتمر الأطراف السادس عشر» أكبر وأوسع مؤتمر لـ«اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر» حتى الآن، حيث استقطب أكثر من 20 ألف مشارك من مختلف أنحاء العالم، بمن فيهم نحو 3500 ممثل عن منظمات المجتمع المدني. كما شهد المؤتمر أكثر من 600 فعالية ضمن إطار أول أجندة عمل تهدف إلى إشراك الجهات غير الحكومية في أعمال الاتفاقية.

استدامة البيئة

وقدم «مؤتمر الأطراف السادس عشر» خلال أعماله «رسالة أمل واضحة، تدعو إلى مواصلة العمل المشترك لتحقيق الاستدامة البيئية». وأكد وزير البيئة السعودي، عبد الرحمن الفضلي، أن «الاجتماع قد شكّل نقطة فارقة في تعزيز الوعي الدولي بالحاجة الملحة لتسريع جهود إعادة إصلاح الأراضي وزيادة القدرة على مواجهة الجفاف». وأضاف: «تأتي استضافة المملكة هذا المؤتمر المهم امتداداً لاهتمامها بقضايا البيئة والتنمية المستدامة، وتأكيداً على التزامها المستمر مع الأطراف كافة من أجل المحافظة على النظم البيئية، وتعزيز التعاون الدولي لمكافحة التصحر وتدهور الأراضي، والتصدي للجفاف. ونأمل أن تسهم مخرجات هذه الدورة في إحداث نقلة نوعية تعزز الجهود المبذولة للمحافظة على الأراضي والحد من تدهورها، وبناء القدرات لمواجهة الجفاف، والإسهام في رفاهية المجتمعات في مختلف أنحاء العالم».

التزامات مالية تاريخية لمكافحة التصحر والجفاف

وتطلبت التحديات البيئية الراهنة استثمارات ضخمة، حيث قدرت «اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر» الحاجة إلى 2.6 تريليون دولار بحلول عام 2030 لإصلاح أكثر من مليار هكتار من الأراضي المتدهورة. ومن بين أبرز التعهدات المالية خلال المؤتمر «شراكة الرياض العالمية لمواجهة الجفاف» حيث جرى تخصيص 12.15 مليار دولار لدعم 80 دولة من الأشد ضعفاً حول العالم، و«مبادرة الجدار الأخضر العظيم»، حيث تلقت دعماً مالياً بقيمة 11 مليون يورو من إيطاليا، و3.6 مليون يورو من النمسا، لتعزيز جهود استصلاح الأراضي في منطقة الساحل الأفريقي، وكذلك «رؤية المحاصيل والتربة المتكيفة» عبر استثمارات بقيمة 70 مليون دولار لدعم أنظمة غذائية مستدامة ومقاومة للتغير المناخي.

وأكدت نائبة الأمين العام للأمم المتحدة، أمينة محمد: «عملنا لا ينتهي مع اختتام (مؤتمر الأطراف السادس عشر). علينا أن نستمر في معالجة التحديات المناخية؛ وهذه دعوة مفتوحة للجميع لتبني قيم الشمولية، والابتكار، والصمود. كما يجب إدراج أصوات الشباب والشعوب الأصلية في صلب هذه الحوارات، فحكمتهم وإبداعهم ورؤيتهم تشكل أسساً لا غنى عنها لبناء مستقبل مستدام، مليء بالأمل المتجدد للأجيال المقبلة».

مبادرات سعودية

لأول مرة، يُعقد «مؤتمر الأطراف» في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مما أتاح فرصة لتسليط الضوء على التحديات البيئية الخاصة بالمنطقة. وضمن جهودها القيادية، أعلنت السعودية عن إطلاق 5 مشروعات بيئية بقيمة 60 مليون دولار ضمن إطار «مبادرة السعودية الخضراء»، وإطلاق مرصد دولي لمواجهة الجفاف، يعتمد على الذكاء الاصطناعي؛ لتقييم وتحسين قدرات الدول على مواجهة موجات الجفاف، ومبادرة لرصد العواصف الرملية والترابية، لدعم الجهود الإقليمية بالتعاون مع «المنظمة العالمية للأرصاد الجوية».

دعم الشعوب الأصلية والشباب

وفي خطوة تاريخية، أنشأ «مؤتمر (كوب 16) الرياض» تجمعاً للشعوب الأصلية والمجتمعات المحلية لضمان تمثيلهم في صنع القرار بشأن إدارة الأراضي والجفاف. وفي هذا السياق، قال أوليفر تيستر، ممثل الشعوب الأصلية: «حققنا لحظة فارقة في مسار التاريخ، ونحن واثقون بأن أصواتنا ستكون مسموعة»، كما شهد المؤتمر أكبر مشاركة شبابية على الإطلاق، دعماً لـ«استراتيجية مشاركة الشباب»، التي تهدف إلى تمكينهم من قيادة المبادرات المناخية.

تحديات المستقبل... من الرياض إلى منغوليا

ومع اقتراب «مؤتمر الأطراف السابع عشر» في منغوليا عام 2026، أقرّت الدول بـ«ضرورة إدارة المراعي بشكل مستدام وإصلاحها؛ لأنها تغطي نصف الأراضي عالمياً، وتعدّ أساسية للأمن الغذائي والتوازن البيئي». وأكد الأمين التنفيذي لـ«اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر»، إبراهيم ثياو: «ناقشنا وعاينّا الحلول التي باتت في متناول أيدينا. الخطوات التي اتخذناها اليوم ستحدد ليس فقط مستقبل كوكبنا؛ بل أيضاً حياة وسبل عيش وفرص أولئك الذين يعتمدون عليه». كما أضاف أن هناك «تحولاً كبيراً في النهج العالمي تجاه قضايا الأرض والجفاف»، مبرزاً «التحديات المترابطة مع قضايا عالمية أوسع مثل تغير المناخ، وفقدان التنوع البيولوجي، والأمن الغذائي، والهجرة القسرية، والاستقرار العالمي»