2015.. أسوأ أعوام الصحافة السودانية قاطبة

نزفت خلاله حريتها ورواتها

2015.. أسوأ أعوام الصحافة السودانية قاطبة
TT

2015.. أسوأ أعوام الصحافة السودانية قاطبة

2015.. أسوأ أعوام الصحافة السودانية قاطبة

أسدلت السنة الستار على أيامها الأخيرة بفاجعة صحافية، وجهت خلالها اتهامات من نيابة أمن الدولة، لرئيسي تحرير تحت مواد تصل عقوبتها إلى الإعدام، وبإيقاف صدور صحيفة يومية لأجل غير مسمى، وبتصريحات متشددة للرئيس عمر البشير تتهدد الصحافة والصحافيين، ما جعل من عام 2015 واحدًا من أسوأ أعوام الصحافة السودانية التي أصبح تواليها هو المعتاد.
بلغت كارثية الوضع الصحافي ذروتها باتهام الرئيس عمر البشير لها بـ«التآمر» على حكومته، ووعيده بحسمه وبتولي ملفه بنفسه بعد فشل الجهات المعنية في السيطرة عليه منتصف ديسمبر (كانون الأول) الحالي. وتلا ذلك بيوم واحد إيقاف صحيفة «التيار» المستقلة عن الصدور لأجل غير مسمى، بقرار شفهي من جهاز الأمن، ثم أعقبه بيوم واحد أيضًا القبض على رئيس تحريرها عثمان ميرغني، ورئيس تحرير صحيفة «الصيحة» أحمد يوسف التاي، واتهامهما بإثارة الكراهية ضد الدولة وبخرق نصوص عدد من مواد القانون الجنائي وقانون الأمن الوطني وقانون الصحافة والمطبوعات، وتصل عقوبتها القصوى إلى الإعدام.
وبوقف صدور «التيار» وتوجيه اتهامات لرئيسي التحرير يسدل العام ستار الرحيل مدونًا نفسه من بين أسوأ أعوام الصحافة السودانية، بل أسوأ من سابقه الذي وصفه عميد الصحافيين السودانيين والحاصل على جائزة «القلم الذهبي» محجوب محمد صالح بأنه أسوأ الأعوام في تاريخ الصحافة السودانية.
يقول الصحافي الحاصل على «جائزة بيتر ماكلر» المكافئة للنزاهة والشجاعة فيصل محمد صالح، إن الصحافة السودانية عاشت وضعًا مذريًا خلال عام 2015، واستمرت فيه الانتهاكات والمطاردات للصحافيين.
ويوضح صالح أن العام حقق رقمًا قياسيا في مصادرة وإيقاف الصحف، إذ أوقفت 10 صحف في يوم واحد، ثم صودرت 14 أخرى في اليوم التالي له، وإن عمليات الإيقاف الإداري خارج إطار القانون تزايدت خلال العام، ويضيف: «هذه الإيقافات غير دستورية وغير قانونية، والدليل أن المحكمة الدستورية قضت في سابقة مشهورة بأن الإيقاف الإداري يعد خرقًا للدستور ولا يسنده قانون، ورفضت تفسير جهاز الأمن لبعض مواد القانون التي زعم أنها تعطيه حق تعطيل صدور الصحف».
ويوضح صالح أن هناك إصرارا حكوميا عجيبا على انتهاك الدستور والقوانين وتكميم حرية الصحافة، عن طريق الاعتقالات لفترات قصيرة، والاستدعاءات والإخضاع للتحقيق المطول والتهديد، في وقت يتم فيه حجب المعلومات باستمرار.
وينتقد صالح انتهاكات حرية التعبير، ويعتبرها مخالفة للقوانين والمواثيق الدولية التي وقعها وصادق عليها السودان، ويقول: «المؤسف أن هذا يتم أثناء عملية حوار وطني، ولا يمكن أن يكون هناك حوار لا يشارك فيه الإعلام بحرية».
وامتدادًا لسنوات السوء في أوضاع الصحافة يقول صالح: «رغم أن السنوات السيئة بالنسبة للصحافة السودانية متكررة، فإن العام الماضي، يفوقها سوءًا».
ويوضح رئيس تحرير يومية «الصيحة» المستقلة أحمد يوسف التاي، ويواجه اتهامات تصل عقوبتها الإعدام، أن نيابة أمن الدولة ألقت القبض عليه ووجهت له اتهامات تحت المادتين 50-51 من القانون الجنائي، وتتعلق بإثارة الكراهية ضد الدولة، وتبلغ عقوبتها القصوى الإعدام، والمواد 22-60 من قانون الصحافة والمطبوعات، وتتعلق بالنشر الضار والكاذب، ويضيف: «الصحافة تمر بأسوأ حالاتها مقارنة بأي وضع مضى، ولا شيء يدعو للتفاؤل مطلقًا».
واستخدمت خلال العام عدة أساليب لقمع حرية التعبير والصحافة، مثل حجب المعلومات، ووقف النشر في قضايا الفساد، واستدعاء الصحافيين والتحقيق معهم مطولاً، وإجبار رؤساء التحرير على ممارسة الرقابة المشددة على «الخطوط الحمراء».
وخلال العام المنصرم، صادر جهاز الأمن أكثر من 70 نسخة من صحف مختلفة، بعد طباعتها، كما حقق مع واعتقل عددا كبيرا من الصحافيين لفترات قصيرة، وأخضع بعضهم للتحقيق المطول، وأوقف صحيفة واحدة عن الصدور لأجل غير مسمى.
ويقول صحافيون وناشرون إن الصحافة تواجه أوضاعًا اقتصادية بالغة التعقيد، بسبب غلاء مدخلات طباعتها وإنتاجها، وضعف مقروئيتها بسبب الرقابة المفروضة، وبسبب التردي الاقتصادي العام في البلاد، ما أدى لتوقف عدد من الصحف عن الصدور بسبب الإفلات، وآخرها صحيفة «السياسي» المستقلة، فيما تعاني صحف كثيرة من أوضاع مالية بالغة التعقيد تهدد بتوقفها عاجلاً أو آجلاً.
وأدت الأوضاع الصحافية القاسية إلى هجر مئات الصحافيين للمهنة خلال العام الماضي وحده، وشهدت صالات المغادرة هجرة المئات منهم خارج البلاد.
ودأبت منظمة «صحافيون بلا حدود» على تصنيف السودان من بين أسوأ الدول انتهاكًا لحرية الصحافة والتعبير لعدة أعوم متتالية، وصنفه مؤشرها لحرية الصحافة المكون من 180 درجة في المرتبة 174 لعام 2015، بما يجعل من عام 2015 أكثر سوءً من سابقه 2014، الذي يعد أسوأ أعوام الصحافة السودانية طوال تاريخها، وبعد أن نزفت حريتها ورواتها، فعلى صحافة السودان انتظار جنازتها الحزينة.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.