600 مليار دولار.. غرامة الاستفزاز الإيراني للعرب

تفوق الإجمالي المحلي لطهران

600 مليار دولار.. غرامة الاستفزاز الإيراني للعرب
TT

600 مليار دولار.. غرامة الاستفزاز الإيراني للعرب

600 مليار دولار.. غرامة الاستفزاز الإيراني للعرب

مع اقتراب دخول الاتفاق النووي الإيراني حيز التنفيذ الذي يقضي برفع العقوبات الغربية على طهران، زادت التوقعات بعلاقات عربية إيرانية تقودها دول الخليج، على أساس المصالح التجارية، وذهب بعض الخبراء إلى إمكانية إعادة ترتيب ملامح خريطة الاستثمار في المنطقة وجذب استثمارات عربية إلى إيران تتراوح بين 600 و800 مليار دولار خلال العقد المقبل، إلا أن تدخل إيران في الشؤون الداخلية لدول الخليج تسبب في بداية قطع العلاقات الدبلوماسية، وبعض من التوترات الاقتصادية، وقد يصل التطور إلى قطع كامل العلاقات الاقتصادية.
وتفوق هذه الأرقام الناتج المحلي الإجمالي لدولة إيران والذي وصل إلى 425.3 مليار دولار في 2014، منخفضا بـ27 في المائة عن 2012، ما يظهر حاجة إيران إلى التعويض القوي والسريع لخسائرها في سنوات العقوبات.
وأعلن وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، أن بلاده قطعت العلاقات الدبلوماسية مع إيران، في المؤتمر الصحافي بوزارة الخارجية السعودية أمس، كما أعلن قطع كل العلاقات التجارية بين البلدين ومنع مواطني السعودية من السفر إلى إيران، ووقف حركة الملاحة الجوية مع إيران.
ولا تعتبر التجارة السعودية الإيرانية عاملا هاما في العلاقة بين البلدين، ولكن علاقة إيران التجارية بباقي دول الخليج وخصوصا الإمارات هي ما يمكن أن توجع إيران، هذا بالإضافة إلى الاستثمارات التي كانت تستهدف إيران جذبها من دول المنطقة بعد انتهاء الحظر الدولي.
وتحتاج إيران إلى استثمارات ضخمة، خصوصا في مجالي السياحة والصناعة، حيث تقدم إيران خدمات سياحية منخفضة السعر، كما أن عمليات التنمية شهدت تباطؤا في إيران نتيجة العقوبات الاقتصادية.
وفي عام 2014 وقعت الكويت ست اتفاقيات تهدف لتعزيز العلاقات التجارية والاقتصادية مع إيران، منها اتفاقية جمركية وأخرى تخص استيراد الكويت للغاز الإيراني، وبلغ حجم التبادل التجاري بين الإمارات وإيران في 2014 أكثر من 44 مليار درهم إماراتي، حيث تستحوذ الإمارات على 80 في المائة من التبادلات التجارية بين إيران ودول مجلس التعاون الخليجي، بينما تعد طهران رابع شريك تجاري للإمارات، ولكن العلاقة تبقى أدنى من المستوى القياسي الذي سجلته عام 2011 قبل بدء العقوبات الأخيرة، هذا بالإضافة إلى الاستثمارات الإماراتية في إيران.
وتوقع نائب رئيس مجلس الأعمال الإيراني في دبي، حسين حقيقي، أن يرتفع التبادل التجاري بين البلدين بعد رفع العقوبات، بما بين 15 و20 في المائة، خلال السنة الأولى التي تلي رفع العقوبات، ولكن هذا قد يتعطل بعد الأزمة الدبلوماسية الأخيرة.
وتتحدث الإحصاءات الإيرانية عن ثمانية آلاف شركة إيرانية، تمارس نشاطًا تجاريًا في الإمارات، وبينما كانت إيران تعاني بفعل العقوبات استقطبت الإمارات رؤوس الأموال الإيرانية للاستثمار فيها، كما لعبت الشركات الإماراتية دور الوسيط بين إيران من ناحية والدول الغربية وأميركا. وكانت العقوبات فرصة بالنسبة إلى الإمارات، «فخلال العشرين عامًا الماضية، استطاعت جذب ما مقداره 300 مليار دولار من رؤوس الأموال الإيرانية، حتى إن الإيرانيين أصبحوا يشكلون نسبة معقولة من إجمالي سكان دبي. وتسهم كل أزمة داخل إيران في زيادة حجم الاستثمارات الإيرانية في دبي، إذ بعد أيام قليلة على فوز محمود أحمدي نجاد بمنصب رئيس الجمهورية في يونيو (حزيران) عام 2005 وصل إلى دبي 200 مليون دولار من إيران.
وفي العراق أعلن رئيس الغرف التجارية العراقية في أواخر 2014 أن حجم التبادل التجاري بين العراق وإيران بلغ نحو 12 مليار دولار.
أما قطر فرغم انخفاض حجم تجارتها مع إيران، نتيجة صغر حجم السوق القطرية، فالدولتان تتشاركان في أكبر حقل غاز في العالم، ما يتطلب استقرار العلاقة بينهم، وألا يحدث نزاع حول حقل الغاز الذي يكفي كل حاجة الكرة الأرضية لمدة 10 سنوات.
وفي دراسة نشرها الخليج العربي للدراسات والبحوث الاستراتيجية منذ عام، أكد على الحاجة الإيرانية الماسة للحفاظ على العلاقات الخليجية، استثماريا وتجاريا.

* الوحدة الاقتصادية بـ«الشرق الأوسط»



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم