الفشل في استقطاب الأنصار يسقط خلية داعشية على حدود مصر الغربية

عناصرها الـ 11 ينتمون لعدة محافظات.. وحاولت التسلل إلى ليبيا

«داعش ليبيا» استقطبت العديد من قيادات الجماعات المتشددة («الشرق الأوسط»)
«داعش ليبيا» استقطبت العديد من قيادات الجماعات المتشددة («الشرق الأوسط»)
TT

الفشل في استقطاب الأنصار يسقط خلية داعشية على حدود مصر الغربية

«داعش ليبيا» استقطبت العديد من قيادات الجماعات المتشددة («الشرق الأوسط»)
«داعش ليبيا» استقطبت العديد من قيادات الجماعات المتشددة («الشرق الأوسط»)

يدعى محمود.. إنه واحد من بين عشرات المتطرفين الذين ينشطون بين مصر وليبيا. جرى تتبع تحركاته طوال عدة أشهر. وسقط هذا الشاب النحيل البالغ من العمر نحو 26 سنة، في قبضة رجال الأمن أخيرًا للتحقيق معه، ضمن موجة ملاحقات للمشتبه في انتمائهم للجماعات المتطرفة وذلك قبل حلول موعد ذكرى ثورة 25 يناير في مصر.
وتخشى السلطات الأمنية من قيام الجماعات المتشددة بتنفيذ عمليات انتقامية ضد رموز الدولة من منشآت عامة وشخصيات أمنية وقضائية وتنفيذية. وفي أعقاب توقيف محمود واستجوابه، أرشد قبل عدة أيام عن خلية داعشة نائمة في بلدة قرب الحدود مع ليبيا. وتقول التحقيقات إن الخلية فشلت في استقطاب أبناء القبائل الحدودية.
وكانت «الشرق الأوسط» كشفت عن عمليات ملاحقة تقوم بها السلطات الأمنية المصرية لعدد من عناصر داعش المرتبطين بالمتطرفين في ليبيا. وذكرت في تحقيق صحافي يوم 28 سبتمبر (أيلول) الماضي أن من بينهم محمود الذي تمكن من تضليل المحققين لعدة أشهر.
وقالت المصادر الأمنية إن محمود جرى توقيفه بالفعل، وخلال الاستجواب أرشد عن خلية نائمة داخل الحدودية الغربية المصرية، وجرت مداهمة المواقع التي كانوا يختبئون فيها في بلدة مرسى مطروح، وترحيلهم إلى القاهرة. وأضاف أن «المداهمات مستمرة، ويجري استدعاء شخصيات (أغلبهم دعاة) يشتبه في أن لديهم معلومات عن تحركات المتطرفين».
وكشفت المصادر عن إلقاء السلطات القبض على11 من عناصر «داعش» على الأقل خلال الأيام الأخيرة، بمن فيهم محمود، بعد أن فشلوا في إيجاد أرضية للعمل بين أبناء القبائل المنتشرة على جانبي حدود البلدين. وقالت المصادر إن الوصول للخلية الداعشية كان بناء على اعترافات محمود نفسه. وأفاد محقق محلي أن محمود، وهو خريج معهد فني (تعليم متوسط)، أرشد عن خلية داعشية نائمة تتكون من عشرة أشخاص وافدين من محافظات مصرية أخرى.. «جرى ترحيلهم للعاصمة.. سيكشف هذا عن باقي الشبكة التي ينشطون فيها في عموم البلاد».
وأضاف أن المجموعة التي وفدت عناصرها من مدن في شمال القاهرة ومن جنوب البلاد، وصلت إلى بلدات حدودية مطلع العام الماضي، وكانت تسعى للعبور إلى داخل ليبيا، من خلال مهربين محترفين، والانضمام إلى «داعش» ليبيا للتدريب على العمليات القتالية، إلا أن تشديد الإجراءات المصرية على المنافذ مع ليبيا، أربك حسابات الدواعش وغير من خططهم، حيث قرروا البقاء داخل الحدود لتنفيذ عمليات ضد السلطات.
وحاول «داعش» في ليبيا استغلال العناصر المصرية فيه من أجل الدفع بهم إلى داخل مصر، وتنشيط العمليات ضد السلطات. كما حاول زرع مواقع للالتقاء المباشر بين تنظيم داعش الليبي، والتنظيم المصري الذي ينشط في سيناء، في شمال شرقي البلاد. وتمكن التنظيم المتطرف من تنفيذ بعض العمليات بالفعل، خصوصًا في مناطق الواحات الغربية الواقعة جنوب سيوة، وقتل عدد من رجال الأمن على الطريق الدولي.
ومن بين العمليات الخاطفة التي نفذتها العناصر المتشددة داخل المنطقة الغربية المصرية، في الأشهر الماضية، قتل 16 من قوات الأمن، وتصفية 3 من رجال الشرطة، وقتل اثنين من الأجانب العاملين في شركات البترول، أحدهما أميركي والثاني كرواتي، وذبح مصري من أبناء الواحات لاتهامه بالتعاون مع سلطات الأمن.
وتتضمن التحقيقات مع المقبوض عليهم، وفقًا للمصادر، معلومات عن علاقة بين المتشددين في المناطق القريبة من الحدود الليبية، والعناصر المتطرفة في سيناء، خصوصًا بعد فرار مقاتلين من سيناء، تحت ضربات الجيش والشرطة، إلى غرب البلاد. ويتبنى شيوخ القبائل الحدودية خطابًا معتدلاً ويرفضون فكر «داعش» المناهض للدولة.
وألقت الفوضى في ليبيا بأعباء كبيرة على السلطات الأمنية المصرية في مراقبة الحدود البالغ طولها نحو 1150 كيلومترًا. واستهدف الطيران المصري خلال عام 2015 ثلاث قوافل على الأقل كانت في طريقها من ليبيا إلى مصر، وفقًا لمصادر أمنية. وكانت كل قافلة تتكون من سبع إلى تسع سيارات دفع رباعي، محملة بمقاتلين وأسلحة. واطلعت «الشرق الأوسط» على صور خاصة أظهرت تعرُّض قافلة من هذا النوع للإبادة في منطقة صحراوية نائية في جنوب سيوة التي تبعد عن حدود ليبيا نحو ستين كيلومترًا فقط.
وقامت السلطات خلال الأسبوع الماضي أيضًا بتوقيف نحو 35 من محافظات مختلفة، حاولوا التسلل من مصر إلى داخل ليبيا، لكن عن طريق ممرات بعدية تقع في أقصى جنوب واحة سيوة، وتجري النيابة المختصة التحقيق فيما إذا كانت لديهم علاقات بجماعات متطرفة سواء في مصر أو ليبيا.
وقال مسؤول أمني في العاصمة المصرية لـ«الشرق الأوسط» إن الدواعش الـ11 المقبوض عليهم على الحدود ليس من بينهم ليبيون، وإن «مسألة دخول متطرفين ليبيين إلى مصر عبر الطرق البرية تراجعت إلى حد كبير، مقارنة بما كان عليه الأمر في السابق»، مشيرًا إلى تعاون القبائل الحدودية مع الجهات المختصة.
وأضاف أن الرئيس عبد الفتاح السيسي كان قد استقبل شيوخ من القبائل المصرية من تلك المنطقة، وتحدث معهم عن المخاطر التي تواجهها البلاد، في ظل استمرار المشكلات الأمنية في دولة ليبيا المجاورة.
وقالت المصادر الأمنية إن محمود له سجل أمني سابق يتعلق بقضية مطلوب فيها مع آخرين، مما أدى إلى فرارهم إلى ليبيا في بداية عام 2014، وأن القضية كانت تخص وضع ملصقات لتنظيم داعش على أسوار منشآت قرب الحدود.
وتابع المصدر أنه جرى القبض على محمود، من بيت عائلته في منطقة السواني في ضاحية علم الروم، بعد أن كان يتردد بين البلدين عبر الدروب الصحراوية في مهام استكشافية. كما خطط مع عناصر من «داعش» لاستهداف موقعين داخل الحدود المصرية في أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2014، لكنه فشل. وسعى بعد ذلك لاستقطاب سماسرة من مدينتي القاهرة والفيوم، لعقد صفقات بيع النفط الليبي المسروق لتجار في البحر المتوسط.
وينتمي الشاب إلى أسرة من أصول قبلية لها امتداد في كل من مصر وليبيا، إلا أن معظم الشخصيات المتطرفة التي جرى القبض عليها معه وافدة من خارج المنطقة وليس لها امتداد قبلي، ما صعب من مهمة حركة محمود ومن معه من عناصر الداعشية وسط القبائل. وفي نهاية المطاف، كما يقول أحد ضباط التحقيق، اضطر الدواعش المرتبطون بمحمود للاختباء في مرسى مطروح انتظار للفرصة من أجل تنفيذ عمليات إرهابية.



«داعش» يسعى بقوة إلى {إثبات وجوده} في 2020

تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)
تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)
TT

«داعش» يسعى بقوة إلى {إثبات وجوده} في 2020

تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)
تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)

ارت طموحات تنظيم «داعش» الإرهابي للتمدد مجدداً تساؤلات كثيرة تتعلق بطبيعة «مساعيه» في الدول خلال العام الجاري. واعتبر مراقبون أن «(أزمة كورونا) جددت طموحات التنظيم للقيام بعمليات إرهابية، واستقطاب (إرهابيين) عقب هزائم السنوات الماضية ومقتل زعيمه السابق أبو بكر البغدادي». ووفق خبراء ومتخصصين في الشأن الأصولي بمصر، فإن «التنظيم يبحث عن أي فرصة لإثبات الوجود»، مشيرين إلى «مساعي التنظيم في أفريقيا عبر (الذئاب المنفردة)، ومحاولاته لعودة نشاطه السابق في العراق وسوريا عبر تبني عمليات القتل»، موضحين أن «المخاوف من العناصر (الانفرادية) التي تنتشر في أوروبا وأميركا تتزايد، خاصة وأنها تتحرك بانسيابية شديدة داخل محيطهم الجغرافي».
وقال أحمد بان، الخبير في شؤون الحركات الأصولية، إن «(داعش) مثل تنظيمات الإرهاب تبحث عن فرصة مُناسبة للوجود، ومن الفُرص المُناسبة، وجود أي شكل من أشكال الفوضى أو الارتباك، وعندما تكون جهود الدول موجهة لمحاربة (كورونا المستجد)، فيبقى من الطبيعي أن يسعى التنظيم للحركة من جديد، وانتظار فرصة مناسبة لتنفيذ أهدافه، خاصة أن (داعش) في تعامله مع الفيروس روج لفكرة (أن كورونا عقاب إلهي لأعدائه، على حد زعم التنظيم)، خصوصاً أن (كورونا) كبد أوروبا خسائر كبيرة، وأوروبا في الدعايا الداعشية (هذا الغرب الذي يحارب الإسلام، على حد تصور الداعشيين)، لذا فـ(داعش) يستغل هذا، في مواجهة بعض الارتكازات الأمنية، أو الأكمنة، أو الاستهدافات بالشوارع، لإثارة فازعات، ومن الوارد تنفيذ بعض العمليات الإرهابية».
وأكد عمرو عبد المنعم، الباحث في شؤون الحركات الأصولية، أن «(داعش) استغل (أزمة الفيروس) بالادعاء في بيان له مارس (آذار) الماضي، بأن الفيروس (عذاب مؤلم من الله للغرب، خاصة للدول المشاركة في العمليات العسكرية ضده، على حد زعمه)، ويحاول التنظيم نشر الخوف من الوباء، والبحث عن إيجاد مصارف لتمويل العمليات الإرهابية».
ووفق تقرير سابق لمجموعة «الأزمات الدولية» في نهاية مارس الماضي، أشار إلى أن «التنظيم أبدى مع ظهور الفيروس (نبرة شماتة)، وأخبر عناصره عبر افتتاحية جريدة (النبأ) التابعة له في نهاية مارس الماضي، بضرورة استمرار حربهم عبر أرجاء العالم حتى مع تفشي الوباء... وادعى أن الأنظمة الأمنية والدولية التي تسهم في كبح جماح التنظيم على وشك الغرق، على حد قول التنظيم».
ويشير عبد المنعم في هذا الصدد، إلى أنه «بالعودة لزاوية (حصاد الأجناد) في عدد (النبأ) الأخير، زعم التنظيم أنه شن 86 هجمة إرهابية في شهر واحد، هو مارس الماضي، وهو أعلى رقم منذ نهاية نوفمبر (تشرين ثاني) الماضي، الذي سجل 109 هجمات، فيما عُرف بـ(غزوة الثأر) للبغدادي وأبو الحسن المهاجر اللذين قُتلا في أكتوبر (تشرين أول) الماضي في غارة جوية».
ووفق تقارير إخبارية محلية ودولية فإن «(داعش) يسعى لاستعادة سيطرته على عدد من المناطق في سوريا والعراق من جديد، وأنه يحتفظ بنحو من 20 إلى 30 ألف عضو نشط، ولا ينقصه سوى توفر المال والسلاح». وأشارت التقارير ذاتها إلى أن «التنظيم يحاول استغلال انشغال سوريا والعراق بمكافحة الفيروس، لاستعادة سيطرته على مناطق من الصحراء السورية في الغرب، إلى وادي نهر الفرات شرقاً، مروراً بمحافظة دير الزور والمناطق ذات الأغلبية السنية في العراق، والتي لا يزال يوجد فيها بعض عناصره».
ويشار أنه في أبريل (نيسان) الماضي، هاجم التنظيم بلدة السخنة في صحراء حمص، وأسفر عن مقتل 18. وفي دير الزور أعلن التنظيم مقتل اثنين... وفي العراق، قتل ضابط شرطة عند نقطة تفتيش في الحويجة غرب كركوك على يد التنظيم، كما قتل اثنان من مقاتلي البيشمركة الكردية في هجوم للتنظيم أبريل الماضي، كما أسفر هجوم للتنظيم على مطار الصادق العسكري عن مقتل اثنين.
وفي هذا الصدد، قال عمرو عبد المنعم، إن «أكثر هجمات (داعش) كانت في العراق أخيراً، وشهد التنظيم نشاطاً مكثفاً هناك»، مضيفاً: «في نفس السياق دعت فتوى نشرها التنظيم على (تلغرام) للهروب من السجون السورية، وهذا ما حدث، فقد هرب 4 نهاية مارس الماضي، من سجن تديره قوات سوريا الديمقراطية، وفقاً لتقارير إخبارية».
وسبق أن طالب أبو حمزة القرشي، متحدث «داعش» في سبتمبر (أيلول) الماضي، «بتحرير أنصار التنظيم من السجون ...»، وسبقه البغدادي «وقد حرض بشكل مُباشر على مهاجمة السجون في سوريا والعراق».
وبحسب المراقبين «حاول (داعش) أخيراً زيادة حضوره الإعلامي على منصات التواصل الاجتماعي مجدداً، بعد انهيار إعلامه العام الماضي». ورصدت دراسة أخيرة لمرصد الأزهر لمكافحة التطرف في القاهرة «تداول التنظيم تعليمات لعناصره عبر شبكات التواصل الاجتماعي، بالادعاء بأن الفيروس يمثل (عقاباً من الله، ويحتم اتخاذ خطوات لتكفير الذنوب)، وجعل التنظيم الإرهابي - على حد زعمه - السبيل الوحيد للخلاص من الفيروس، والقضاء عليه، هو (تنفيذ العمليات الإرهابية)، ولو بأبسط الوسائل المتاحة». اتسق الكلام السابق مع تقارير محلية ودولية أكدت «تنامي أعداد حسابات أعضاء التنظيم وأنصاره على مواقع التواصل خصوصاً (فيسبوك)، حيث تمكن التنظيم مجدداً من تصوير وإخراج مقاطع فيديو صغيرة الحجم حتى يسهل تحميلها، كما كثف من نشر أخباره الخاصة باستهداف المناطق التي طرد منها في العراق وسوريا، وتضمين رسائل بأبعاد عالمية، بما يتوافق مع أهداف وأفكار التنظيم».
ووفق عبد المنعم فإن «(داعش) يستغل التطبيقات الإلكترونية التي تم تطويرها في الفترة الأخيرة في المجتمع الأوروبي، والتي قدمتها شركات التكنولوجيا والذكاء الصناعي في أوروبا مثل تطبيق Corona-tracker لجمع البيانات عن المصابين، وتوجيه بعض الأسئلة لتحديد نسبة الخطورة، وفرض التنظيم على الأطباء والممرضين في الرقة الحضور اليومي الإجباري، ومن خالف تعرض لعقوبات شديدة».
وعن الواجهة التي يسعى «داعش» التمدد فيها خلال الفترة المقبلة. أكد الخبير أحمد بان، أن «أفريقيا هي الواجهة المفضلة لتنظيمي (داعش) و(القاعدة)، والفترة الأخيرة شهدت تصاعدا لعمليات في الغرب الأفريقي وداخل الساحل، وعمليات داخل موزمبيق، فـ(داعش) في حالة سباق لتصدر المشهد هناك، مع توفر آليات تساعده على ذلك من بينها، تهريب السلاح، وحركة العصابات». فيما أبدى عمرو عبد المنعم، تصوراً يتعلق بـ«زيادة العمليات الإرهابية في نيجيريا، وأنه طبقاً لبيانات صدرت أخيراً عما يُعرف باسم (ولاية غرب أفريقيا) أفادت بوجود أكثر من مائة مقاتل هاجروا لنيجيريا من سوريا والعراق».
وتجدد الحديث في فبراير (شباط) الماضي، عن مساعي «داعش» للوجود في شرق أفريقيا أيضاً، بعدما أظهرت صوراً نشرها التنظيم عبر إحدى منصاته تتعلق بتدريبات على أسلحة تلقاها عناصره في مرتفعات «غل غلا» الوعرة بولاية بونتلاند الواقعة شمال شرقي الصومال.
تعليقاً، على ذلك أكد أحمد زغلول، الباحث في شؤون الحركات الأصولية، أن «(داعش) يهدف إلى السعي لمناطق بالقارة السمراء، بعيداً عن سوريا والعراق، لـ(تفريغ قدرات عناصره القتالية)، فضلاً عن تأكيد عبارة (أنه ما زال باقياً)».
تقديرات سابقة لمراكز بحثية غربية أشارت أيضاً إلى أن «عدد الذين انضموا لـ(داعش) من أفريقيا منذ عام 2014 في سوريا والعراق يزيد على 6 آلاف مقاتل». وقال المراقبون إن «عودة هؤلاء أو ما تبقى منهم إلى أفريقيا، ما زالت إشكالية كبيرة على أمن القارة، خصوصاً أن كثيراً منهم شباب صغير السن، وأغلبهم تم استقطابه عبر مواقع التواصل الاجتماعي».
فيما قال خالد الزعفراني، الباحث في شؤون الحركات الأصولية، إن «مساعي التنظيم للتمدد داخل أفريقيا سوف تتواصل عبر (الذئاب المنفردة)»، مضيفاً أن «ما يقوم به التنظيم في أفريقيا، والعراق وسوريا أخيراً، لإثبات أن لديه قدرة على تحقيق إنجازات، وأنه (عابر للحدود)، وأنه غير مُتأثر بهزائم سوريا والعراق».
وكان أبو محمد العدناني، الناطق الأسبق باسم «داعش» قد دعا في تسجيل صوتي عام 2014 المتعاطفين مع التنظيم، إلى القتل باستخدام أي سلاح متاح، حتى سكين المطبخ من دون العودة إلى قيادة «داعش»... ومن بعده دعا البغدادي إلى «استهداف المواطنين». وتوعد التنظيم عبر مؤسسة الإعلامية «دابق» بحرب تحت عنوان «الذئاب المنفردة».
في ذات السياق، لفت أحمد بان، إلى أن «التنظيم يسعى لاكتشاف أي ثغرة لإثبات الوجود أو تجنيد عناصر جُدد، خاصة وأن هناك عناصر (متشوقة للإرهاب)، وعندما يُنفذ (داعش) أي عمليات إرهابية، تبحث هذه العناصر عن التنظيم، نتيجة الانبهار».
من جانبه، قال الخبير الأمني اللواء فاروق المقرحي، مساعد وزير الداخلية المصري الأسبق، إن «تنظيمات الإرهاب خاصة (داعش) و(القاعدة) لن تتوانى عن سياسة التجنيد، ومن هنا تنبع فكرة الاعتماد على (الذئاب المنفردة) أو (العائدين) بشكل كبير».
وبينما رجح زغلول «حدوث بعض التغيرات داخل (داعش) عام 2020». قال اللواء المقرحي: «لا أظن عودة (داعش) بفائق قوته في 2020 والتي كان عليها خلال عامي 2014 و2015 نتيجة للحصار المتناهي؛ لكن الخوف من (حرب العصابات) التي قد يشنها التنظيم، لاستنزاف القوى الكبرى»، لافتاً إلى أن «كثيرا من العناصر (الانفرادية) تتحرك في أوروبا وأميركا بانسيابية داخل الدول، وهذا هو الخطر».