الرجال يتفوقون على النساء في تجميع أثاث المنزل وتركيبه

الفرق بين الجنسين كبير في ظل غياب الدليل الإرشادي

الرجال أفضل من النساء في إنجاز المهام المتعلقة بالأثاث والنجارة
الرجال أفضل من النساء في إنجاز المهام المتعلقة بالأثاث والنجارة
TT

الرجال يتفوقون على النساء في تجميع أثاث المنزل وتركيبه

الرجال أفضل من النساء في إنجاز المهام المتعلقة بالأثاث والنجارة
الرجال أفضل من النساء في إنجاز المهام المتعلقة بالأثاث والنجارة

لطالما أكد علماء النفس أن الرجال أفضل من النساء في إنجاز المهام المكانية، مثل تخيل وتحريك الأشكال ذهنيًا. وأظهرت مئات الدراسات على مدار عدة عقود أن الرجال يسجلون في المتوسط درجات أعلى من النساء في اختبارات تطلب من الطرفين تدوير الأشياء في أذهانهم.
إنه واحد من الاختلافات القليلة المهمة والثابتة التي اكتشفها العلماء بين أدمغة الرجال والنساء. ويؤيد هذا النمط أيضًا، ربما على نحو مثير للريبة، أفكار مقولبة عن كون الرجال أفضل في قراءة الخرائط أو ركن السيارات - أو تجميع الأثاث المسطح.
لكن الفكرة النمطية الأخيرة ربما تكون في واقع الأمر صحيحة. لقد نشر باحثون في جامعة ترومسو النرويجية مؤخرًا دراسة تظهر أن الرجال يتفوقون على النساء في تجميع أثاث «إيكيا»، وهي شركة سويدية لبيع مستلزمات المنازل.
وقد ألهمتهم الفكرة تعليقات أطلقتها قبل سنوات قليلة بيترا هيسر التي كانت تشغل آنذاك منصب رئيس فرع «إيكيا» في ألمانيا. وزعمت هيسر أن ذلك الاعتقاد السائد خاطئ. وجادلت بأن النساء أفضل من الرجال في تجميع الأثاث لأنهن أكثر تنظيمًا ويولين الانتباه للدليل الإرشادي.
وقالت هيسر في حديث إلى وكالة أنباء ألمانية في 2008 «لا ينظر الرجال قط إلى ورقة التعليمات ويواجهون أكثر المشاكل عند تجميع أثاثنا، لأنهم يظنون أنهم يستطيعون القيام بذلك دون مساعدة من الغير».
وقالت هيسر «المرأة ستضع البراغي على نحو منظم بينما سيلقيها الرجل في كومة.. دومًا ما يضيع شيء ما». إلا أنه عندما سعى باحثون نرويجيون إلى إخضاع زعم هيسر للاختبار، وجدوا أنها لم تكن محقة تمامًا.
وطلبت الدراسة من 40 رجلا و50 امرأة، وجميعهم في سن الجامعة، أن يجمعوا بأنفسهم عربة مطبخ من إنتاج «إيكيا». وحصل بعض الأشخاص على نسخ من الدليل الاسترشادي للتجميع، بينما لم يحصل آخرون سوى على رسم للشكل النهائي للعربة.
وتمكن الرجال والنساء من تجميع العربة بالاستعانة بالدليل الاسترشادي في نفس الفترة الزمنية في المتوسط، وبنفس مستوى الجودة تقريبًا. واستلزم تجميع العربة من أفراد كلا الجنسين نحو 23 دقيقة، ولم يرتكبوا في المتوسط سوى عدد قليل من الأخطاء الصغيرة مثل نسيان بعض البراغي.
إلا أن الاختلاف بين أبناء الجنسين جاء كبيرًا في ظل غياب الرسوم البيانية التي توضح خطوات التجميع. واستغرق الرجال نحو 24 دقيقة في المتوسط، لكن النساء استغرقن أكثر من 28 دقيقة لإنجاز المهمة، أي بزيادة 20 في المائة عن متوسط أقرانهم من الذكور. وفي حال لم يقدم الباحثون على إيقاف المنافسة بعد 30 دقيقة، لربما أصبح الفارق بين الجنسين أشد اتساعًا. كما أن عربات المطابخ التي جمعتها النساء كانت أكثر قابلية لمواجهة مشاكل كبيرة، مثل غياب رف أو حاجز معدني.
اللافت للانتباه أن الرجال من دون الأدلة الاسترشادية أبلوا بلاء حسنًا يماثل أقرانهم الذين جمعوا عربات المطبخ بالاستعانة بهذه الأدلة. إلا أن زمن انتهائهم من إنجاز المهمة كان أطول بنحو دقيقة واحدة في المتوسط كما أنهم ارتكبوا عددًا أكبر قليلاً من الأخطاء.
وتشير تلك الدراسة إلى أن الأدلة الاسترشادية في «إيكيا» لها تأثير كبير. وبينما أمكن للرجال تجميع عربات المطابخ بمساعدة الأدلة الاسترشادية أو من دونها، عانت النساء في ظل غياب الرسوم البيانية. وحتى النساء اللائي استمددن العون من تلك الأدلة عجزن عن التغلب على الرجال الذين عملوا من دونها.
وكتب الباحثون «بمعنى أن النساء يحتجن فيما يبدو إلى الإرشادات لينجزن المهمة بنفس مستوى الرجال من دونها»
ويمكن تفسير الكثير من الاختلافات بين الرجال والنساء في ضوء الفجوات بين الجنسين في القدرات المكانية. وقبل أن يشرعوا في التجربة، خضع جميع المشاركين إلى اختبار تقليدي في القدرة على تدوير الأشياء ذهنيًا. وطلب منهم أن يطابقوا صور أشكال ثلاثية الأبعاد رسمت من زوايا متعددة. وكشفت نتائج الاختبار عن اختلافات صارخة بين الجنسين، تتماشى مع دراسات سابقة كثيرة من باحثين آخرين. ووجد علماء النفس في العموم أن أكثر من 80 في المائة من الرجال أفضل في المتوسط من النساء في تخيل كيف تبدو الأشكال عند تدويرها.
وتتجلى بوضوح أهمية القدرة على تصور الأشكال ذهنيًا في إنجاز مهام من نوعية تجميع الأثاث. عندما يحصل المرء على كومة من الشرائح والبراغي، يتطلب منه الأمر الكثير من الخيال ليتبين كيف تتناغم فيما بينها لتكون شكلاً ثلاثي الأبعاد. وحتى في ظل وجود التعليمات، تظل بعض الرشاقة الذهنية مطلوبة. ولا تضم الأدلة الاسترشادية لـ«إيكيا» تعليمات مكتوبة، لذا يتعين على الناس أن يتمكنوا من اتباع الرسوم البيانية مع تحرك الأشكال. ومن الأمور المحبطة إزاء أثاث «إيكيا» هو اضطرار المستهلك إلى هدم كل شيء عندما يدرك أنه ارتكب خطأ ما مثل تركيب لوح في الاتجاه العكسي.
واستخدمت أيضا الاختلافات في القدرات المكانية بين الجنسين في المحاولات لتفسير أسباب عدم بروز النساء في مجال العلوم. على سبيل المثال، يتعين على المهندسين أن يفكروا في كيفية تجميع أناسهم الآليين، كما ينبغي على الكيمائيين أن يفكروا في كيفية ارتباط الجزئيات مع بعضها البعض. ووجد علماء النفس أن فرص الأشخاص الذين يسجلون درجات أعلى في الاستدلال المكاني خلال المرحلة الثانوية تزيد في الالتحاق بمهن علمية.
لكن الميزة الذكورية في هذا المجال تظهر فقط في المتوسطات الإجمالية، التي تخفي تباينًا هائلاً بين الأفراد. إن انتشار القدرات الفردية واسع، بمعنى أن هناك نساء كثيرات أفضل جدا من الرجال في مجال المهام المكانية. ويعني ذلك بصيغة أخرى أن أدمغة الرجال في المتوسط أكثر اختلافًا فيما بينهم عما هي مع النساء. ويؤكد علماء النفس ذلك منذ فترة طويلة، وسلطت الضوء على تلك الحقيقة دراسة أخيرة استخدمت فحوصات الرنين المغناطيسي.
وما زال الجدل محتدمًا حول العلاقة بين الفجوة بين الجنسين في القدرة المكانية والفجوة بينهما في التوظيف بالمجالات العلمية. هل يتسبب اختلال واحد في حدوث الثاني؟ أم أن كلا النمطين هو نتاج عوامل ثقافية تدفع الأولاد أكثر من البنات نحو المهن المتعلقة بالرياضيات والعلوم؟
ويعتقد كثيرون أن الاختلاف في القدرة المكانية هو بالأكثر نتاج التنشئة. وفي إحدى الدراسات الشهيرة، قدم باحثون أحجية بصرية لأشخاص يحملون سمات جينية متشابهة لكنهم ينتمون إلى قبائل متباينة الثقافة في شمال شرقي الهند. وفي القبيلة التي يحكمها الرجال، كان أداء النساء أميل إلى البطء مقارنة بالرجال. لكن في القبيلة التي تحكمها النساء، لم تكن هناك اختلافات بين الجنسين في المتوسط.
كما تبين أن الخبرة الطفولية في لعبة المكعبات تتنبأ بأدائهم في تلك الأنواع من الاختبارات، وقد رصد الباحثون النرويجيون نفس النمط. وجاء أداء المشاركين الذين قالوا إنهم لعبوا بالمكعبات في طفولتهم أفضل في مجال القدرات المكانية وتفوقوا أيضًا في تجميع الأثاث.
ما يثير الدهشة أن هناك بحثًا يشير إلى أن تلك الاختلافات بين الجنسين ليست فقط مرنة ولكنها قابلة للزوال سريعا أيضًا. وعندما طلب من النساء أن يتخيلن أنهن رجال، جاء أداؤهن مماثلاً تقريبًا للرجال في اختبارات التدوير الذهني. كما أن درجات النساء تتحسن بشدة إذا أخبرهن الباحثون أن النساء يتغلبن في العادة على الرجال في هذه الاختبارات. ويجادل بعض علماء النفس أن الثقة تلعب دورًا مهمًا في تفسير الفجوة بين الجنسين في المهام المتعلقة بالتدوير الذهني - الرجال يكونون أكثر ثقة في أنفسهم ولذلك تزيد فرص نجاحهم في التخمين الصحيح.
ويؤكد الباحثون النرويجيون أن تجربتهم مع أثاث «إيكيا» ضيقة. فقد أجروا التجربة على نوع واحد من الأثاث، والأفراد الذين خضعوا للتجربة كانوا من النرويجيين في العشرينات من عمرهم. ورغم وجود اختلافات كبيرة في المتوسط، فقد كان هناك أيضًا تداخل كبير بين الرجال والنساء.
الأمر الأكثر أهمية هو أنهم تركوا الإجابة عن السؤال حول أسباب ظهور تلك الاختلافات مفتوحة. ربما كان الرجال بالفعل أفضل في تجميع أثاث «إيكيا» لأننا نتوقع أن الرجال متفوقون في ذلك، ولأن الصبية ينشأون على اللعب بدمى تؤكد على هذه النوعية من المهارات. وفي حال تصديق الأبحاث السابقة، فربما كان ذلك مجرد مثال على التحقق الذاتي لصورة نمطية. أما غياب النساء عن المهن العلمية فربما يكون أمرا مختلفا.
* خدمة {«واشنطن بوست»} خاص بـ {الشرق الأوسط}



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».