رئيس رواندا يعلن ترشحه لولاية ثالثة رغم معارضة دول الغرب

الولايات المتحدة نصحته بالتنحي ومقاومة سحر السلطة

صورة أرشيفية للرئيس بول كاغامي خلال مشاركته في الاستفتاء الذي جرى الشهر الماضي والذي سيتمكن بموجبه من الترشح لولاية ثالثة (أ.ب)
صورة أرشيفية للرئيس بول كاغامي خلال مشاركته في الاستفتاء الذي جرى الشهر الماضي والذي سيتمكن بموجبه من الترشح لولاية ثالثة (أ.ب)
TT

رئيس رواندا يعلن ترشحه لولاية ثالثة رغم معارضة دول الغرب

صورة أرشيفية للرئيس بول كاغامي خلال مشاركته في الاستفتاء الذي جرى الشهر الماضي والذي سيتمكن بموجبه من الترشح لولاية ثالثة (أ.ب)
صورة أرشيفية للرئيس بول كاغامي خلال مشاركته في الاستفتاء الذي جرى الشهر الماضي والذي سيتمكن بموجبه من الترشح لولاية ثالثة (أ.ب)

أعلن الرئيس الرواندي بول كاغامي، مساء أول من أمس، أنه سيترشح للانتخابات الرئاسية في 2017 لولاية ثالثة، في تأكيد لقرار كان متوقعا على نطاق واسع عقب الموافقة على تعديلات دستورية قد تتيح له البقاء في السلطة لأعوام مقبلة، لتنتهي بذلك التكهنات بشأن ما إذا كان كاغامي سيخوض الانتخابات مرة أخرى أم لا.
وقال كاغامي في خطابه إلى الأمة بمناسبة انتهاء السنة «طلبتم مني أن أقود البلاد من جديد اعتبارا من 2017. ونظرا للأهمية التي تولونها لذلك لا يمكنني إلا أن أقبل» بذلك، وأضاف موضحا: «لكن لا أعتقد أننا في حاجة إلى زعيم أبدي».
وكان الروانديون قد وافقوا بأغلبية كبيرة على تعديل دستوري يسمح لكاغامي بالترشح لولاية رئاسية جديدة، وربما قيادة البلاد حتى 2034. كما أفادت النتائج بأن نسبة مؤيدي الإصلاح الدستوري بلغت 98.13 في المائة من الناخبين، مقابل 1.71 في المائة عبروا عن رفضهم له، فيما ذكرت السلطات الرواندية أن هذه المراجعة الدستورية كانت مبادرة شعبية، مشيرة إلى أن 3.7 ملايين رواندي طلبوا في عريضة بقاء كاغامي في السلطة بعد انتهاء ولايته في 2017، وهي آخر ولاية يسمح له بها الدستور قبل تعديله. لكن هذا القرار جعل أميركا وقوى غربية تنتقد التعديلات الدستورية خشية تزايد أعداد القادة الأفارقة الذين يسعون لتمديد بقائهم في السلطة.
وأوضح كاغامي في خطابه، أن «وحدة الشعب ثابتة وعمل بناء الأمة مستمر باندفاع»، مشيرا إلى أن «الروانديين طلبوا مراجعة الدستور، ووافقوا على ذلك في استفتاء.. وقد أعلنتم بشكل واضح خياراتكم لمستقبل بلدنا».
وانتخب كاغامي رئيسا في 2003، وأعيد انتخابه 2010، وكان في كل مرة يفوز بأكثر من تسعين في المائة من الأصوات. وقد كان كاغامي رجل البلاد القوي منذ يوليو (تموز) 1994، بعد أن طردت حركة التمرد التي كان يقودها في تسعينات القرن الماضي (الجبهة الوطنية الرواندية) المتطرفين الهوتو من كيغالي، ووضعت حدا لحملة الإبادة التي بدأت قبل ذلك بثلاثة أشهر، وأودت بحياة 800 ألف شخص، معظمهم من أقلية التوتسي.
وأصبح خيار الترشح متاحا أمام الرئيس الرواندي بفضل تغييرات دستورية أجريت في استفتاء 18 من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، بعد أن صوت الروانديون بأغلبية كاسحة على رفع القيود الدستورية التي كانت ستمنع كاغامي من خوض الانتخابات لولاية أخرى، وذلك رغم انتقادات للتعديل المقترح من قبل الولايات المتحدة ومانحين غربيين آخرين.
ودُعي الشهر الماضي نحو 6.4 مليون ناخب إلى التصويت في مراكز الاقتراع، للرد على السؤال الحاسم «هل أنت موافق على دستور جمهورية رواندا بعد تعديله في 2015؟».
وأدخل البرلمان تعديلات كبيرة على الدستور في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، لكن يبقى أهمها مرتبطا بالمادتين الجديدتين 101 و172، التي تسمح للرئيس كاغامي (58 عاما) بالبقاء في السلطة 17 سنة أخرى. وقالت السلطات إن هذه المراجعة الدستورية مبادرة شعبية، مشيرة إلى أن 3.7 ملايين رواندي طلبوا في عريضة بقاء كاغامي في السلطة بعد انتهاء ولايته في 2017، وهي آخر ولاية يسمح له بها الدستور قبل تعديله.
وتدعم كل الأحزاب السياسية المرخص لها، باستثناء الحزب الديمقراطي الذي تخلى عن حملته من أجل رفض التعديلات، معتبرا أن مهلة عشرة أيام قصيرة جدا بين الإعلان عن الاستفتاء والتصويت.
وبموجب هذا التعديل أصبح يحق لكاغامي أن يرشح نفسه مرة أخرى بعد انتهاء فترة ولايته الثانية. وقالت الولايات المتحدة الشهر الحالي، بعد أن كانت امتدحت كاغامي لإعادته بناء رواندا عقب الإبادة الجماعية، إن عليه أن يقاوم سحر السلطة ويتنحى عام 2017 ليفسح المجال أمام صعود جيل جديد.
وحسب مراقبين فإن ما يحدث في رواندا هو أحدث محاولة من رئيس أفريقي لتمديد فترة ولايته، وقد تسببت تحركات مماثلة في اندلاع العنف وإشاعة عدم الاستقرار في بوروندي وجمهورية الكونغو. لكن حتى الآن لم تحدث اضطرابات في رواندا.



للمرة الأولى منذ عقود... مقاتلات فرنسا تغادر سماء تشاد

جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)
جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)
TT

للمرة الأولى منذ عقود... مقاتلات فرنسا تغادر سماء تشاد

جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)
جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)

سحب الفرنسيون من تشاد، الثلاثاء، مقاتلات عسكرية من طراز «ميراج 2000»، ليصبح البلد الأفريقي مترامي الأطراف والحبيس في قلب القارة السمراء، خالياً من أي مقاتلات فرنسية لأول مرة منذ أن نال استقلاله عن باريس قبل 6 عقود.

اليوم، أصبحت سماء تشاد هادئة من أزيز «الميراج» الفرنسية، وأغمضت العين الفرنسية التي ظلّت لعقود طويلة رقيباً لا يغفل على أرض تشاد الشاسعة، الممتدة من صحراء أوزو الحارقة شمالاً، وصولاً إلى أحواض بحيرة تشاد الرطبة في أقاصي الجنوب.

الطائرة التي تُمثّل فخر الصناعة العسكرية الفرنسية، ظلّت لسنوات طويلة صاحبة الكلمة الأولى في السماء التشادية، والسلاح الحاسم الذي تدخّل لقلب موازين السياسة أكثر من مرة، خصوصاً حين حاصر المتمردون القادمون من الشمال الرئيسَ الراحل إدريس ديبي في 2006 و2019.

بداية الرحيل

طائرة «ميراج» فرنسية وهي تغادر قاعدة «غوسي» التشادية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)

في حدود منتصف نهار الثلاثاء، كان الجنود الفرنسيون في قاعدة «غوسي» العسكرية في عاصمة تشاد إنجامينا، يتبادلون الابتسامات الباهتة مع أقرانهم التشاديين، فطغت على أجواء الوداع حميمية مصطنعة، وهم يستعدون لركوب طائرات «الميراج»، في رحلة ذهاب دون عودة، نحو فرنسا.

رفع الطيار العسكري الفرنسي يده بتحية عسكرية صارمة، من وراء زجاج طائرته النفاثة، وألقى نظرة أخيرة، ثم حلّق عالياً لتكون بذلك بداية انسحاب فرنسي من بلد دخله أجداده مستعمرين مطلع القرن العشرين، أي قبل 120 عاماً.

الجيش الفرنسي قال في بيان مقتضب تعليقاً على سحب طائراته العسكرية، إن القرار جاء بعد أن قررت تشاد إنهاء العمل باتفاقية التعاون الأمني والعسكري مع فرنسا، يوم 28 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وأضاف أن «وجود هذه الطائرات كان تلبية لحاجة سبق أن عبّر عنها الشريك (التشادي)».

فيما قال مصدر فرنسي إن وجود المقاتلات الفرنسية في تشاد لم يعُد مبرّراً بعد إنهاء التعاون العسكري بين البلدين، وأضاف أن «فرنسا تنهي نشر مقاتلاتها في قاعدة (غوسي) الجوية في إنجامينا. والجيش الفرنسي اتخذ قراراً بسحب طائراته الحربية».

رحيل تدريجي

وزير خارجية تشاد، عبد الرحمن كليم الله، نشر تغريدة مقتضبة على موقع «إكس»، قال فيها: «إنه بعد الانسحاب النهائي لمقاتلات (الميراج) الفرنسية وطائرة الدعم والإسناد، نفذت المرحلة الأولى من سحب القوات الفرنسية في تشاد».

كما نشرت الخارجية التشادية بياناً قالت فيه: «إن هذا الحدث يُمثل خطوة كبيرة في تنفيذ الجدول الزمني المتفق عليه بين الطرفين» بخصوص مغادرة القوات الفرنسية، قبل أن تشير إلى أنه «سيتم الترحيل التدريجي للقوات البرية خلال الأسابيع المقبلة».

ويوجد في تشاد نحو ألف جندي فرنسي، كانوا موجودين بموجب اتفاق تعاون عسكري موقع منذ عقود، وجرى تجديده عام 2019، ولكن تشاد قررت الشهر الماضي أن تنهيه من جانب واحد من أجل «تجسيد السيادة» على أراضيها.

وفي هذا السياق، قالت الخارجية التشادية إن الشعب التشادي «يتطلّع إلى مستقبل تحظى فيه السيادة الوطنية بالاحترام الكامل، وتتولى فيه القوات المسلحة الوطنية بشرف وكفاءة الدفاع عن أراضيها وأمن مواطنيها».

ولكنها في الوقت نفسه، شدّدت على «فكّ الارتباط (مع فرنسا) يتم بروح من الاحترام المتبادل والحوار البنّاء للحفاظ على العلاقات الثنائية بين تشاد وفرنسا في المجالات الاستراتيجية الأخرى ذات الاهتمام المشترك».

لجنة مشتركة

جنديان تشاديان خلال مناورات مع سلاح الجو الفرنسي (أرشيف الجيش الفرنسي)

ورغم أن البلدين لم يُعلنا أي تفاصيل حول الجدول الزمني لسحب القوات الفرنسية، فإن المصادر تؤكد تشكيل «لجنة مشتركة» تتولّى الإشراف على العملية، وقد عقدت هذه اللجنة اجتماعها الأول يوم الجمعة الماضي، دون إعطاء أي تفاصيل.

في هذه الأثناء، وصفت صحف فرنسية واسعة الانتشار من بينها «لوموند» ما يجري بأنه «صفعة موجعة» تتلقّاها فرنسا في بلد ظلّ لعقود يمثل حليفاً استراتيجياً في أفريقيا، واليوم يُعدّ آخر مركز نفوذ لفرنسا في منطقة الساحل الأفريقي، حيث سبق أن انسحبت القوات الفرنسية من مالي وبوركينا فاسو والنيجر.

ويصر الفرنسيون على أن ما يحدث في تشاد مختلف عما جرى في دول الساحل الأخرى؛ حيث وقعت قطيعة تامة مع باريس.

ويقول مصدر وصفه الإعلام الفرنسي بأنه قريب من الملف: «إن التشاديين لم يطلبوا سحب القوات بشكل فوري، وبهذه السرعة»، وأضاف: «نحن من أراد التحكم في الانسحاب» تفادياً لأي مفاجآت.