جاء إعلان حسن أحمد الخميني، حفيد مفجر الثورة الإيرانية، تقدمه لانتخابات مجلس الخبراء كطوق نجاة للتيار الإصلاحي للتغلب على هيمنة المحافظين المتشددين على مؤسسات الدولة.
ويرى مراقبون أن ترشح حفيد الخميني يزيد من فرص الإصلاحيين داخل أروقة النظام ويساهم في عودتهم بقوة إلى السلطة، ولكنهم استبعدوا أن يكون المرشد القادم. وتستقبل إيران انتخابات مجلسي الشورى (البرلمان) والخبراء المقررة في 26 فبراير (شباط) المقبل، وأعلن التلفزيون الرسمي قبل يومين، أن نحو 12 ألف مرشح سجلوا أسماءهم لخوض الانتخابات البرلمانية، فيما بلغ عدد المرشحين لمجلس الخبراء نحو 801 لـ88 مقعدا، شريطة أن يكون المرشح حاصلا على درجة الماجستير وداعما لمبادئ «الجمهورية الإسلامية». ومن بين موجبات استبعاد المرشح أن تكون له صلات بأحزاب سياسية محظورة.
ويأمل الرئيس حسن روحاني الذي فاز في انتخابات الرئاسة عام 2013 وتمكن من حسم الاتفاق النووي بين إيران والقوى العالمية في يوليو (تموز) الماضي، أن يتمكن من السيطرة على مجلس الشورى المؤلف من 290 مقعدا، كما يرغب أنصاره في إيجاد موطئ قدم داخل مجلس الخبراء الذي يهمن عليه المحافظون المتشددون. ويضع هؤلاء الإصلاحيون رهانهم في الوقت الحالي على حفيد الخميني.
وتحولت منابر المساجد في إيران الجمعة الماضية إلى منصات لتوجيه الاتهامات للخصوم، حيث اتهم خطيب طهران كاظم صديقي عضو مجلس الخبراء، الإصلاحيين والمعتدلين بأنهم من صنع الاستعمار، وأن هؤلاء يهدفون إلى استئصال إسلامية النظام، وقال: «لا يوجد هناك اعتدال وإصلاح في نظامنا الإسلامي». فيما حذر محمد سعيدي، عضو جبهة المحافظين، من مغبة حصول احتجاج جماهيري في إيران على هامش إعلان النتائج للانتخابات وقال للمصلين في قم: «إن نيران الفتنة هي أقسى من عمليات القتل، لأن نار الفتنة ستنتشر. لذلك، يجب اتخاذ كل التدابير إزاء الفتنة المقبلة».
وقال دكتور محمد عباس، رئيس تحرير مجلة «مختارات إيرانية» الصادرة عن مركز الأهرام للدراسات، لـ«الشرق الأوسط» إن فوز حفيد الخميني (43 عاما) يزيد من فرص الإصلاحيين - الموالين لولاية الفقيه - للعودة بقوة إلى السلطة، ويدعم فرصهم بعد حسم الملف النووي مع القوى الغربية، لافتا إلى أن ذلك الأمر سيدفع بالمتشددين إلى فرض رقابة صارمة على ملفات المرشحين واختيار من يتفق مع مصالحهم.
ويحظى حفيد الخميني بشعبية كبيرة داخل الأوساط الشعبية والتيارات الإصلاحية الإيرانية، فيما يواجه كثيرا من الانتقادات لقربه من التيار الإصلاحي، بينما جاءت مباركة علي خامنئي بترشيح الأول متحفظةً بعض الشيء بعد أن حذره مما وصفه بـ«الإساءة إلى سمعة جده».
ويتألف مجلس الخبراء من 86 عضوا يتم انتخابهم عن طريق اقتراع شعبي مباشر، لدورة واحدة مدتها ثماني سنوات، ويتولى هذا المجلس الإشراف على أعمال المرشد، ويقوم بدراسة قرارات المرشد وتقييمها، كما يناط به مهمة تعيين المرشد الجديد.
ولفت الخبير في الشأن الإيراني إلى أن حفيد الخميني يستفيد من رصيده العائلي أكثر من رمزيته الدينية، موضحا أن: «الدرجة الدينية التي وصل إليها حفيد الخميني لا تؤهله لأن يكون مرشد إيران القادم، وفي الانتخابات سيكون هناك اختبار فقهي لكل المرشحين، ومن المحتمل أن يتم استبعاده من سباق الانتخابات إن لم يجتز تلك الاختبارات». ويرى مراقبون أن دخول حفيد الخميني المجلس سيتيح تشكيل تحالف ثلاثي قوي مكون من الرئيس الإيراني حسن روحاني، ورئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام، هاشمي رفسنجاني وحفيد الخميني، وهو ما يصب في مصلحة التيارات الإصلاحية.
واعتبر عباس أن انتخابات مجلس الخبراء هي الأهم في الفترة المقبلة، والتي سيتم عن طريقها اختيار خليفة للمرشد علي خامنئي بعد أن أصبحت حالته الصحية تثير تساؤلات عدة، إلا أنه قال: «تيار المحافظين سيكون في غاية الحذر عند اختيار هوية الأعضاء الذين سينجحون في هذه الانتخابات».
ويسعى روحاني إلى مجلس يدعمه على تفويض أقوى للدفع بإصلاحات داخلية تزيد من الحريات الاجتماعية والسياسية، وعلى النقيض يواجه المحافظون حملات الإصلاحيين بخطابات تحذيرية للإيرانيين مما سموه «مؤامرة على الجمهورية الإسلامية»، والخروج عن نهج ولاية الفقيه، كما حذروا من «عصيان» محتمل في الانتخابات.
من جهته، حذّر مصباح يزدي رئيس جبهة المحافظين المتشددة من مغبة ما سماه «محاولات يقوم بها رفسنجاني وبعض المسؤولين للإطاحة بالمرشد الأعلى خامنئي من خلال إقامة مشروع انتخابات للقائد الجديد»، وأكد يزدي المرجع المقرب من الحرس وتيار الرئيس الأسبق أحمدي نجاد على وجود محاولات للأعداء لضرب ولاية الفقيه، لافتا إلى أن «البعض يسعى من خلال طرح مشروعات يوهم بها الناس أنها مشروعات لخدمة الثورة، لكنها في أساسها مؤامرات وانقلابات يجب التوخي والحذر منها».
وكان روحاني قد دعا النساء للمشاركة في الانتخابات، وهو ما دفع محمد يزدي، رئيس مجلس الخبراء، إلى التحذير مما وصفه بعواقب حصول اختراقات في الانتخابات، حيث قال إن «تنافس 800 مرشح على مجلس تعداده 99 شخصا يدعو للاستغراب والتساؤل، لا سيما وأن هناك نساء حضرن للترشيح وهن من ذوات الحجاب السيئ»، وتابع: «لن نسمح بتقسيم المجلس إلى إصلاحي ومحافظ، بل مجلس موحد في ظل ولاية الفقيه».
من جهة أخرى، هاجم النائب الإيراني المعتدل علي مطهري المحافظين متهما إياهم بممارسات سياسية غير عقلانية، تخدم أجندتهم الحزبية، قائلا إن «الدعوة إلى عدم الرقابة على سلوك المرشد خامنئي، هي دعوة غير قانونية وغير شرعية، لأن العصمة للأنبياء فقط وليس للناس العاديين».
وتابع: «لا يوجد مسؤول في إيران معصوم، والكل يتعرض للخطأ، لذلك يجب الإشراف عليهم بشكل قانوني وبما جاء في مفردات الدستور، وأن الشعب هو من يختار الممثل له، بشكل حر ومن دون ضغوط».
أما أحمد جنتي، الأمين العام لمجلس صيانة الدستور، فحذّر من تعمد دفع الإصلاحيين لأكبر عدد من ممثليهم في المدن والقرى، فيما رحب الإصلاحيون الإقبال على التقدم للترشح، واصفين تلك الخطوة برغبة الشباب في خوض الانتخابات التي سيطر المخضرمون عليها في الدورات السابقة. ويشارك في هذه الانتخابات شخصيات إصلاحية بارزة، مثل مرشح الرئاسة السابق مصطفى معين، وأحمد خرم وزير المواصلات في حكومة الرئيس السابق محمد خاتمي، والأكاديمي داود هيرميداس الذي ينتمي إلى التيار القومي الإيراني، ونجلي هاشمي رفسنجاني، محسن وفاطمة.
الصعود السياسي لحفيد الخميني.. طوق النجاة للتيار الإصلاحي في الانتخابات البرلمانية
12 ألفًا سجلوا أسماءهم لخوض الانتخابات البرلمانية و801 للخبراء
الصعود السياسي لحفيد الخميني.. طوق النجاة للتيار الإصلاحي في الانتخابات البرلمانية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة