مرض القلب.. قصة عمرها آلاف السنين

دراسة تؤكد أنه فتك بالإنسان القديم رغم نشاطه البدني وغذائه النباتي

كشفت إعادة تشكيل لمومياء عمرها 5 آلاف سنة عثر عليها في القطاع الإيطالي من جبال الألب عن جود علامات على أمراض القلب (متحف الأركيلوجي في ساوث تيرول)
كشفت إعادة تشكيل لمومياء عمرها 5 آلاف سنة عثر عليها في القطاع الإيطالي من جبال الألب عن جود علامات على أمراض القلب (متحف الأركيلوجي في ساوث تيرول)
TT

مرض القلب.. قصة عمرها آلاف السنين

كشفت إعادة تشكيل لمومياء عمرها 5 آلاف سنة عثر عليها في القطاع الإيطالي من جبال الألب عن جود علامات على أمراض القلب (متحف الأركيلوجي في ساوث تيرول)
كشفت إعادة تشكيل لمومياء عمرها 5 آلاف سنة عثر عليها في القطاع الإيطالي من جبال الألب عن جود علامات على أمراض القلب (متحف الأركيلوجي في ساوث تيرول)

في يوم ضبابي من شهر أغسطس (آب) لعام 1936. أبحر أحد علماء الأنثروبولوجي برفقة طاقمه صوب جزيرة كاغاميل، وهي بقعة بركانية صغيرة من الينابيع الحارة والمنحدرات تقع في بحر بيرنغ. ولقد أخبرهم أحد الأشخاص ويدعى الدب البني عن كهف مملوء بالمومياوات وغيرها من البقايا البشرية على الجزيرة. وبعد وقت قصير من هبوطهم، عثروا على فتحة في الصخور بالقرب من نبع حار.
ووفقا لمذكرات عالم الأنثروبولوجي، ويدعى أليس هردليكا، فإن ما عثروا عليه هناك كان «ثروة علمية رائعة».
وقال العالم هردليكا في مذكراته واصفا الكهف «كانت المساحة داخل الكهف محدودة، وفي أفضل الحالات كان يمكن لأحدنا بالكاد أن ينصب قامته، وتعذر استخدام المعاول تماما داخل الكهف، وكان جُل العمل يجري بالأيدي مثل حيوان الغرير. ومع اختراق الترسبات الملحية هناك، بدأت المومياوات في الظهور تباعا، في مختلف حالات الحفظ بطبيعة الحال – من الإناث والذكور والأطفال بصفة خاصة، إلى جانب شفرة حادة وكبيرة من أكتاف أحد الحيتان، وزورقين كاملين».
بعد ما يقرب من 80 عاما، أثارت مومياوات جزيرة كاغاميل وغيرها اهتمام العلماء الذين يقولون: إن ما تعلموه من تلك البقايا القديمة يتحدى أحد المعتقدات الراسخة للتفكير التقليدي حول ما ينبغي علينا أن نأكله.
تُلقى باللائمة في أمراض القلب، أحد أسباب الوفاة الرئيسية في الولايات المتحدة، على الوجبات السريعة وأنماط الحياة المستقرة. ووفقا لتلك الطريقة من التفكير، إذا تناول الناس الطعام الصحيح ومارسوا المزيد من التمارين الرياضية، يمكن أن يعيشوا لفترات أطول. تتقولب هذه الرؤية في النسخة الحالية من الإرشادات التوجيهية الحكومية للمواطنين الأميركيين، التي تخضع للمراجعة في الوقت الراهن وسوف يُعاد إصدارها قريبا. طالما أوصت تلك الإرشادات بعادات غذائية جيدة لصحة قلوب المواطنين – من حيث تناول كميات أقل من الدهون المشبعة والملح، والمزيد من التركيز على اللحوم الخالية من الدهون إلى جانب المأكولات البحرية.
تقول تلك الإرشادات «يرتبط سوء النظام الغذائي مع قلة النشاط البدني مع الأسباب الرئيسية للأمراض والوفيات في الولايات المتحدة».
ولكن فحوصات جثث مومياوات أونانغان من جزيرة كاغاميل وغيرها من مواطني ما قبل الحداثة تشير في واقع الأمر إلى أن الويلات الحديثة لأمراض القلب ليست جديدة على أي حال، وأن الناس الذين مارسوا الرياضة بأكثر مما نمارسها، وكان نظامهم الغذائي خاليا من المغريات الحديثة، قد عانوا كذلك من مستويات مذهلة من أمراض القلب، وفقا لإفادات الباحثين.
في الأعوام الأخيرة، فإن مسوح الأشعة السينية للمومياوات من مختلف أنحاء العام – بما في ذلك الصيادون والجامعون من جزيرة كاغاميل إلى جانب مصر القديمة، وبيرو، وجنوب غربي الولايات المتحدة – قد خلصت إلى وجود إشارات على وجود أمراض القلب أو تصلب الشرايين، وهي الصحائف المبطنة للشرايين بالقرب من القلب.
حتى الرجل المعاد تشكيله، والذي عاش قبل 5000 عام، تظهر علامات على إصابته بمرض تصلب الشرايين. ولقد عُثر على بقاياه المحنطة في جبال الألب الإيطالية في سبتمبر (أيلول) من عام 1991.
تجادل العلماء، عبر سنوات، حول المدى الذي تعتبر النظم الغذائية الحديثة مسؤولة فيه عن ارتفاع معدلات الإصابة بأمراض القلب. وكما جاء في موجز لجمعية القلب الأميركية «ربما تكون هناك شكوك قليلة حول أن النظام الغذائي الغربي يرتبط ارتباطا وثيقا بتطور الإصابة بمرض تصلب الشرايين».
وينتشر هذا الاعتقاد على نطاق واسع، ولكنه أدى إلى إثارة جدل حاد حول الكيفية التي يجب على الناس، تحديدا، تغيير نظامهم الغذائي وفقا لها. والكثير من المجموعات الرائدة المهتمة بالصحة، ومن بينها جمعية القلب الأميركية، قد خلصت إلى أن خطر إصابة قلب الإنسان بالمرض يتوقف على «كل من نوعية وكمية الدهون في النظام الغذائي للفرد الواحد»، كما دعوا الناس إلى التقليل من كميات المنتجات الحيوانية – وخصوصا اللحوم، ولحوم الخنزير، والضأن – التي يتناولونها.
لقي هذا المنهج انتقادات قوية في الأعوام الأخيرة من قبل النقاد الذين يقولون، بدلا من ذلك، إن اتباع النظام الغني بالبروتينات والقليل من الكربوهيدرات – أو ما يسمى بمقاربة رجال الكهوف – يجعل الأمور أكثر سهولة من حيث المحافظة على الوزن المناسب والتمثيل الغذائي الجيد.
من شأن البحث الجديد أن يقوض كلا الموقفين. فمن خلال عرض أدلة أمراض القلب بين المواطنين من ذوي النظم الغذائية المتباينة، تشير أبحاث المومياوات إلى وجود بعض الأسباب الأخرى غير المعروفة إلى جانب ما نتخير أن نأكله يوميا.
ووفقا لإفادات الباحثين، الذين يضمون مختصين في أمراض القلب، والأشعة السينية، والأنثروبولوجيا، وغيرها من المجالات العلمية: «على الرغم من الاعتقادات الشائعة بأنه من أمراض العصر الحديث، فإن التواجد الحقيقي لمرض تصلب الشرايين لدى إنسان ما قبل الحداثة يثير الاحتمالات إلى وجود استعدادات أساسية أخرى للإصابة بذلك المرض في العصور القديمة».
ومع تلمس الأبحاث طريقها عبر السنين في مختلف المجلات والدوريات الطبية المرموقة، بما في ذلك مجلة «لانسيت»، التي نشرت في عام 2013 مقالة حول أربع مومياوات، إلا أن نقاد المقال يدفعون بأن المومياوات التي تم فحصها ذات عمر قصير – ربما بضع مئات من الأعوام فحسب أو نحوها – وهي ليست نتائج كافية لدعم الاستنتاجات واسعة النطاق. وعلاوة على ذلك، فتلك الجثث قد وافتها المنية منذ وقت طويل، وربما تكون قد تعرضت لتغيرات كيميائية أخرى سببت علامات من الترسبات الدموية عليها.
ولكن رد الفعل الأساسي على أبحاث المومياوات كان كما يلي: بالنظر إلى كافة الأبحاث التي تربط أمراض القلب بالنظم الغذائية، إلا أن نتائج تلك الأبحاث من غير المرجح تصديقها.
يقول الدكتور غينو فورناشياري عالم باثولوجيا المومياوات في جامعة بيزا الإيطالية في رسالة وصلت بالبريد الإلكتروني «في اعتقادي، مارس السكان القدماء أنشطة بدنية مكثفة وكانوا يتبعون نظاما غذائيا غنيا بالخضراوات، وخاليا من الدهون المشبعة، وبالتالي كانت احتمالات أقل من الإصابة بأمراض تصلب الشرايين».
وفي الماضي، كما يتابع الدكتور فورناشياري، كان المواطنون من النخبة فقط، مثل الملوك، هم من يعانون من أمراض تصلب الشرايين بسبب استطاعتهم تناول الأغذية التي تتطابق مع النظم الغذائية الحديثة.
وقال الدكتور فورناشياري مضيفا أن الأخطاء الواردة في قراءة مسوح الأنسجة التي ماتت بالفعل منذ زمن طويل، وفقدت سوائلها، ربما تؤدي إلى الأخطاء في الاستنتاجات. وتعتمد تلك المسوح، والمعروفة علميا باسم الأشعة المقطعية للتصوير المقطعي المحوسب، على التحليل الحوسبي لمختلف صور الأشعة السينية. والصحائف المسببة لأمراض القلب تتألف من جزء من الكالسيوم، وتبقى تلك الترسبات الكلسية في المومياوات وتظهر في الأشعة والمسوح الحديثة.
ويضيف الدكتور فورناشياري قائلا: «على أساس الخبرات الطويلة في علم باثولوجيا المومياوات فإن الكثير من النتائج الخاطئة ممكنا».
ولكن الباحثين في المومياوات، ومن بينهم أطباء أمراض القلب الذين يتابعون مثل تلك الأشعة لدى البشر من الأحياء، يلاحظون أن مظهر تصلب الشرايين في الأشعة المقطعية في المومياوات يتطابق من الناحية الافتراضية مع مظهر نفس المرض لدى المرضى من الأحياء.
وهذا التشابه، كما يقولون، يجعل من غير المرجح وقوع بعض التغيرات في الأجساد القديمة تلك التي أدت إلى الاعتقاد الخاطئ بإصابتها بمرض تصلب الشرايين.
وفي الواقع، خلص باحثون آخرون إلى أدلة مقنعة حول أمراض القلب لدى السكان القدامى.
* خدمة «واشنطن بوست»
خاص بـ«الشرق الأوسط»



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».