مائة ألف جندي سهروا على أمن الفرنسيين ليلة رأس السنة

فرنسا استقبلت العام الجديد في ظل حالة الطوارئ

ضباط شرطة فرنسيون بالقرب من برج «إيفل» ضمن الإجراءات الأمنية المفروضة في العاصمة الفرنسية (أ.ب)
ضباط شرطة فرنسيون بالقرب من برج «إيفل» ضمن الإجراءات الأمنية المفروضة في العاصمة الفرنسية (أ.ب)
TT

مائة ألف جندي سهروا على أمن الفرنسيين ليلة رأس السنة

ضباط شرطة فرنسيون بالقرب من برج «إيفل» ضمن الإجراءات الأمنية المفروضة في العاصمة الفرنسية (أ.ب)
ضباط شرطة فرنسيون بالقرب من برج «إيفل» ضمن الإجراءات الأمنية المفروضة في العاصمة الفرنسية (أ.ب)

لأول مرة تمر أعياد الميلاد ورأس السنة، وفرنسا تخضع لأحكام حالة الطوارئ، التي فرضت منذ 14 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي عقب الهجمات الإرهابية التي تعرضت لها باريس والتي أوقعت 130 قتيلا و350 جريحا. وبما أن فرنسا «في حالة حرب ضد الإرهاب» وفق الرئيس فرنسوا هولاند، وبما أن التهديدات ما زالت قائمة «بشكل عام» وفق وزير الداخلية برنار كازنوف، فإن الحكومة والسلطات الأمنية عمدت إلى اتخاذ أوسع وأقسى التدابير لتجنب حصول أي حادث مخل بالأمن، خصوصا في العاصمة باريس.
وكان من الصعب على الزائر أمس أن يتنقل في جادة الشانزليزيه من غير أن يلاحظ الانتشار الأمني المكثف في الجادة نفسها وفي الشوارع الفرعية المفضية إليها. وأعلنت مديرية الشرطة في العاصمة أن 11 ألف رجل أمن وجيش وإطفاء سيتولون السهر على راحة المواطنين والزائرين الذين توافدوا إلى العاصمة الفرنسية بالآلاف؛ منهم 1600 رجل في منطقة الشانزليزيه وحدها. وتلافيا لأي استهداف للتجمعات البشرية، فقد عمدت بلدية باريس إلى إلغاء الاحتفالات التقليدية التي تجرى بداية كل عام، فلا ألعاب نارية أطلقت مع دخول العام الجديد، ولا احتفالات موسيقية ضخمة نظمت. وما بين الساعة الحادية عشرة ليلا والواحدة صباحا منع السير في الشانزليزيه التي فتحت بوجه المشاة. وبحسب مديرية الشرطة، فإن المنطقة المحيطة بـ«قوس النصر» في أعلى أشهر جادة في العالم، استقطبت العام الماضي في المناسبة عينها 650 ألف نسمة، الأمر الذي يبين ضخامة المسؤوليات التي يتعين على الأجهزة الأمنية تحملها.
وانتقل الرئيس هولاند أمس إلى ما يسمى «القصر الصغير» القائم في أسفل الشانزليزيه للقاء مسؤولي رجال الأمن والجيش وللاطلاع على الترتيبات الأمنية المتخذة. ويقع «القصر الصغير» على مسافة 300 متر من القصر الرئاسي. وجاءت زيارة هولاند بعد الكلمة التي وجهها تلفزيونيا للفرنسيين بمناسبة حلول العام الجديد.
وأعلن الوزير كازنوف أن أمن الفرنسيين والأجانب على مجمل الأراضي الفرنسية أوكل لمائة ألف رجل شرطة ودرك وجيش. وتركزت الجهود على أماكن التجمع الكبرى، وعلى محطات القطارات ومترو الأنفاق، والكنائس، وأماكن العبادة الأخرى، والمسارح، والأماكن الحساسة الأخرى.
ومنذ هجمات نوفمبر الماضي، عمدت المحلات التجارية إلى اتخاذ ترتيبات أمنية؛ أهمها تفتيش الزبائن وفتح الحقائب. ورغم البهجة بالعيد، فإنه كان واضحا أن الحركة التجارية لم تصل إلى المستويات التي كانت تصل إليها في الماضي، وأن الفنادق تشكو من نقص في عدد الزبائن.. والأهم من ذلك، أنه بعد شهر ونصف على اعتداءات باريس الدامية، ما زال الناس يشعرون بحالة من القلق. وبعد أسبوع واحد، ستحل الذكرى الأولى لمقتلة مجلة «شارلي إيبدو» الساخرة والمتجر اليهودي، التي أوقعت 17 قتيلا.



مخاوف من تفاقم الأزمة في جورجيا مع انتخاب رئيس يميني مقرّب من موسكو ومناهض لأوروبا

رئيسة جورجيا سالومي زورابيشفيلي تتحدث في مؤتمر صحافي بالقصر الرئاسي في تبليسي 30 أكتوبر (أ.ف.ب)
رئيسة جورجيا سالومي زورابيشفيلي تتحدث في مؤتمر صحافي بالقصر الرئاسي في تبليسي 30 أكتوبر (أ.ف.ب)
TT

مخاوف من تفاقم الأزمة في جورجيا مع انتخاب رئيس يميني مقرّب من موسكو ومناهض لأوروبا

رئيسة جورجيا سالومي زورابيشفيلي تتحدث في مؤتمر صحافي بالقصر الرئاسي في تبليسي 30 أكتوبر (أ.ف.ب)
رئيسة جورجيا سالومي زورابيشفيلي تتحدث في مؤتمر صحافي بالقصر الرئاسي في تبليسي 30 أكتوبر (أ.ف.ب)

قد تتفاقم الأزمة في جورجيا مع انتخاب نواب حزب الحلم الجورجي اليميني المتطرف الحاكم مرشحه لاعب كرة القدم السابق ميخائيل كافيلاشفيلي، وهو شخصية موالية للحكومة التي تواجه مظاهرات مؤيّدة للاتحاد الأوروبي.

المرشح الرئاسي ميخائيل كافيلاشفيلي (أ.ب)

وأصبح كافيلاشفيلي القريب من موسكو رئيساً لجورجيا، بعدما اختاره الحزب الحاكم، السبت، في عملية انتخابية مثيرة للجدل، في الوقت الذي يسعى فيه الحزب الحاكم إلى تعزيز نفوذه في مؤسسات الدولة، وهو ما تصفه المعارضة بأنه صفعة لتطلعات البلاد في الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، في حين أعلنت الرئيسة الحالية سالومي زورابيشفيلي أن التصويت «غير شرعي»، رافضة التنحي.

وتشغل زورابيشفيلي، الموالية للغرب، رئاسة جورجيا منذ 2018، وتنتهي ولايتها التي استمرت ست سنوات يوم الاثنين المقبل، وهي تصف نفسها بأنها الرئيسة الشرعية الوحيدة، وتعهّدت بالبقاء لحين إجراء انتخابات جديدة.

متظاهرة تحمل علم الاتحاد الأوروبي بمواجهة الشرطة في تبليسي (أ.ب)

وأعلن رئيس اللجنة المركزية للانتخابات، جيورجي كالانداريشفيلي، أن الهيئة الانتخابية التي يسيطر عليها الحزب الحاكم والتي قاطعتها المعارضة، انتخبت كافيلاشفيلي بـ224 صوتاً لمدة خمس سنوات على رأس السلطة.

وفاز كافيلاشفيلي، 53 عاماً، بسهولة بالتصويت، بالنظر إلى سيطرة «الحلم الجورجي» على المجمع الانتخابي المؤلف من 300 مقعد، الذي حلّ محل الانتخابات الرئاسية المباشرة في عام 2017. واحتفظ حزب الحلم الجورجي بالسيطرة على البرلمان في تلك الدولة التي تقع جنوب منطقة القوقاز، إثر الانتخابات التي جرت يوم 26 أكتوبر (تشرين الأول).

وتقول المعارضة إنه جرى تزوير الانتخابات، بمساعدة موسكو. ومنذ ذلك الحين، قاطعت الأحزاب الرئيسة الموالية للغرب الجلسات البرلمانية، مطالبين بإعادة الانتخابات. وتعهّد الحلم الجورجي بمواصلة الدفع باتجاه الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، ولكنه يريد أيضاً «إعادة ضبط» العلاقات مع روسيا.

الرئيسة المنتهية ولايتها سالومي زورابيشفيلي بين مؤيدين في العاصمة الجورجية (أ.ب)

وفي 2008، خاضت روسيا حرباً قصيرة مع جورجيا أدت إلى اعتراف موسكو باستقلال منطقتين انفصاليتين، أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا، وتعزيز الوجود العسكري الروسي بهما.

واتهم المنتقدون «الحلم الجورجي» الذي أسسه بيدزينا إفانيشفيلي، وهو ملياردير جمع ثروته في روسيا، بأنه أصبح سلطوياً على نحو متزايد ويميل إلى موسكو، وهي اتهامات نفاها الحزب.

وقرار حزب الحلم الجورجي الشهر الماضي تعليق المحادثات بشأن محاولة انضمام البلاد إلى الاتحاد الأوروبي زادت من غضب المعارضة وأثارت احتجاجات ومظاهرات.

ومساء الجمعة، جرت المظاهرة أمام البرلمان في تبليسي من دون اضطرابات، على عكس الاحتجاجات السابقة التي تخلّلتها اشتباكات عنيفة منذ انطلقت في 28 نوفمبر (تشرين الثاني).

ومنذ التاسعة صباحاً بدأ مئات المتظاهرين يتجمعون متحدين البرد والثلج ومتوافدين إلى محيط البرلمان قبل أن يُعيّن الرئيس الجديد. وجلب بعضهم كرات قدم وشهاداتهم الجامعية استهزاء بالرئيس المنوي تعيينه. وقال تيناتن ماتشاراشفيلي ملوحاً بشهادة تدريس الصحافة التي حصل عليها: «ينبغي ألا يكون رئيسنا من دون شهادة جامعية، فهو يعكس صورة بلدنا».

مسيرة احتجاجية للمؤيدين للاتحاد الأوروبي بالقرب من مبنى البرلمان في تبليسي ليلة 28 نوفمبر (رويترز)

وبدأت، السبت، مظاهرة أمام البرلمان في أجواء هادئة، واكتفت الشرطة بحظر النفاذ إلى مدخل المبنى. لكنها وضعت ثلاثة خراطيم مياه ونحو عشرين مركبة على أهبة التدخل في ساحة الحرية. وقالت ناتيا أبخازافا، في تصريحات لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «الشرطة في كل مكان... رغم الثلوج والأمطار والطقس البارد في الشتاء، سنناضل من أجل بلدنا». وكشفت صوفي كيكوشفيلي، من جهتها، أنه لم يُغمض لها جفن في الأسابيع الأخيرة. وأخبرت المحامية، البالغة 39 عاماً، التي تركت ابنها البالغ 11 عاماً وحيداً في المنزل: «بات الجميع مهدداً الآن، من الأصدقاء والأقرباء ولم يعد في وسعنا التركيز على العمل». وتوقعت أن تطبّق السلطات نهجاً استبدادياً «سيتفاقم مع مرور الوقت إن لم نقاوم اليوم... هذه هي الفرصة الأخيرة للنجاة».

وأوقفت السلطات خلال المظاهرات الاحتجاجية أكثر من 400 متظاهر، حسب الأرقام الرسمية. ووثّقت المعارضة ومنظمات غير حكومية حالات متعددة من عنف الشرطة ضد متظاهرين وصحافيين، وهو قمع نددت به الولايات المتحدة والأوروبيون.

والجمعة، قالت منظمة العفو الدولية إن المتظاهرين تعرّضوا لـ«أساليب تفريق وحشية واعتقالات تعسفية وتعذيب».

في المقابل، حمّل «الحلم الجورجي» المتظاهرين والمعارضة المسؤولية عن أعمال العنف، مشيراً إلى أن المظاهرات كانت أكثر هدوءاً منذ أيام، وأن الشرطة ضبطت كميات كبيرة من الألعاب النارية. ويقول المتظاهرون إنهم ماضون في احتجاجاتهم حتى تتراجع الحكومة عن قرارها.

وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في رسالة مصورة، إن فرنسا تقف إلى جانب «أصدقائها الجورجيين الأعزاء» في «تطلعاتهم الأوروبية والديمقراطية». وأضاف ماكرون: «لا يمكن لجورجيا أن تأمل في التقدم على طريقها الأوروبي إذا قُمعت المظاهرات السلمية باستخدام القوة غير المتناسبة، وإذا تعرّضت منظمات المجتمع المدني والصحافيون وأعضاء أحزاب المعارضة لمضايقات».

حشد من المتظاهرين في تبليسي عاصمة جورجيا (أ.ب)

وقالت داريكو غوغول (53 عاماً) لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، في حين كانت تشارك في مظاهرة احتجاجية أمام البرلمان، إن الانتخابات التشريعية التي جرت في أكتوبر (تشرين الأول) «سُرقت، يجب على (زورابيشفيلي) أن تبقى في منصبها، وأن ترشدنا بطريقة أو بأخرى في هذا الوضع المعقد للغاية».

وأكدت هذه الموظفة في منظمة غير حكومية تُعنى ببرامج تنموية، أن ميخائيل كافيلاشفيلي «لا يمكنه أن يمثّل البلاد».

من جهته، أشاد رئيس البرلمان شالفا بابواشفيلي أمام الصحافيين برجل «لا تشوب وطنيته أي شائبة»، و«لا يقع تحت نفوذ قوة أجنبية، كما هي حال» الرئيسة المنتهية ولايتها. وعلّق أحد المارة لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «لم نغادر الاتحاد السوفياتي لتحكمنا واشنطن أو بروكسل أو كييف أو باريس أو أي كان».

وأعلنت واشنطن، الجمعة، أنها فرضت على نحو 20 شخصاً في جورجيا، بينهم وزراء وبرلمانيون، حظر تأشيرات لاتهامهم بـ«تقويض الديمقراطية».

مسيرة احتجاجية للمؤيدين للاتحاد الأوروبي أمام مبنى البرلمان في تبليسي ليلة 28 نوفمبر (أ.ف.ب)

وحتى قبل أن يُصبح كافيلاشفيلي رئيساً، شكّك خبراء في القانون الدستوري في شرعية انتخابه، خصوصاً من أحد واضعي الدستور، فاختانغ خمالادزيه. وحسب هذا الخبير الدستوري فإن سبب هذا التشكيك هو أن البرلمان صادق على انتخاب النواب خلافاً للقانون الذي يقضي بانتظار قرار المحكمة بشأن طلب الرئيسة زورابيشفيلي إلغاء نتائج انتخابات أكتوبر.

وصلاحيات رئيس الدولة في جورجيا محدودة ورمزية. لكن ذلك لم يمنع زورابيشفيلي المولودة في فرنسا والبالغة 72 عاماً، من أن تصبح أحد أصوات المعارضة المؤيدة لأوروبا. وأضاف خمالادزيه أن «جورجيا تواجه أزمة دستورية غير مسبوقة»، مشدداً على أن «البلاد تجد نفسها من دون برلمان أو سلطة تنفيذية شرعيين. والرئيس المقبل سيكون غير شرعي أيضاً».

وتعكس المحادثة الهاتفية التي جرت الأربعاء بين ماكرون وبيدزينا إيفانيشفيلي، الرئيس الفخري للحزب الحاكم، هذا التشكيك بالشرعية، إذ إن ماكرون اتصل بالرجل القوي في جورجيا بدلاً من رئيس الوزراء إيركلي كوباخيدزه؛ للمطالبة بالإفراج عن جميع المتظاهرين الموقوفين المؤيدين للاتحاد الأوروبي. لكن المتظاهرين في تبليسي عدّوا، الجمعة، أن انتخابات السبت لن تغير شيئاً.