الأطفال حديثو الولادة وعوامل الخطورة التي تهدد حياتهم

الولادة المبكرة والاختناق والعدوى أهمها

الأطفال حديثو الولادة وعوامل الخطورة التي تهدد حياتهم
TT

الأطفال حديثو الولادة وعوامل الخطورة التي تهدد حياتهم

الأطفال حديثو الولادة وعوامل الخطورة التي تهدد حياتهم

«حديث الولادة» هو الطفل الذي يصل عمره لأقل من شهر واحد بعد الولادة. ويعتبر هذا الشهر مرحلة انتقالية بين الحياة الجنينية (حيث تتم التغذية ونقل الأكسجين من خلال الحبل السري داخل رحم أمه) والحياة العادية (حيث ينبغي عليه التكيف مع العالم الخارجي والتنفس). وتمر هذه المرحلة بنجاح في معظم المواليد من دون مساعدة خارجية (90 في المائة) ولكن بعضهم يتعرض بنسبة أقل من (10 في المائة) لصعوبات عند الولادة وبعضهم يحتاج لإنعاش رئوي وقلبي داخل غرفة الولادة مما يستدعي تنويمهم في وحدة العناية المركزة لحديثي الولادة ويكون ذلك لأسباب عدة.
* عوامل الخطر
التقت «صحتك» الدكتورة كارمن نصار استشارية حديثي الولادة بمستشفى الملك فهد بالباحة لتوضيح أهمية هذه المرحلة والمشكلات التي تكتنفها وعوامل الخطر التي تهدد حياة حديثي الولادة، وأوضحت أنه وفقا لدراسة أجرتها منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) وُجد أن معظم أسباب وفيات الأطفال حديثي الولادة يعود إلى تشوهات خلقية بنسبة 2.27 في المائة أو الولادات المتعددة بنسبة 26 في المائة أو عدم النضوج غير المبرر 7.21 في المائة، إضافة إلى مرض الأم بنسبة 7.6 في المائة وأوضاع معينة للوليد 4.6 في المائة والاختناق غير المبرر بنسبة 9.4 في المائة. وأوضحت الدراسة أن أكثر التشوهات الخلقية شيوعًا، كانت للأمراض القلبية الخلقية والتشوهات الخلقية المتعددة، التي شكلت نسبتها 8.25 في المائة و1.19 في المائة على التوالي.
وفي ما يتعلق بتوقيت ومكان وفيات حديثي الولادة أظهرت الدراسات وقوع نحو 79 في المائة من وفيات حديثي الولادة خلال الأسبوع الأول بعد الولادة، إذ حدثت 42 في المائة من هذه الوفيات خلال اليوم الأول بعد الولادة.
وهناك عوامل خطورة تستلزم التنويم في الوحدات العلاجية.
* الطفل الخديج: يولد واحد من كل 10 أطفال في وقت مبكر. والخديج مَن وُلد مبكرا أقل من 37 أسبوعا، وكلما نقص العمر الجنيني زادت نسبة الخطورة، فالأطفال الذين يقل وزنهم عند الولادة عن 2.5 كلغم تزيد نسبة الوفاة لديهم 40 في المائة بالمقارنة بأقرانهم الذين يزيد وزنهم عند الولادة على 2.5 كلغم وإذا نقص الوزن عن 1.5 كلغم يزيد معدل الوفاة إلى 200 في المائة والأطفال الذين يصل وزنهم إلى 500 - 600 غم يكون معدل الوفاة 80 في المائة. أما من تخطوا مرحلة الرعاية المركزة فقد يتعرضون لمضاعفات تؤدي إلى مشكلات مزمنة بالجهاز التنفسي أو الإعاقة الذهنية أو التأثير علي السمع والبصر والجهاز الحركي مدى الحياة.
وقد زادت نسبة الأطفال الخدج في الأعوام الماضية بشكل مطرد عالميا بسبب زيادة استخدام العقارات المحفزة للتبويض مما نتج عنه زيادة ولادة التوائم المتعددة (4، 3، 2 أو أكثر) حيث إنه كلما زاد عدد التوائم في نفس الحمل زادت نسبة الخطورة على الأم والأجنة وزادت احتمالات الولادة كخدج مع كل مضاعفات الطفل الخديج. أما الذين يولدون قبل 34 أسبوعا فيحتاجون إلى مساعدة إضافية في التنفس، والتغذية والحفاظ على دفء أجسادهم، وإلى مراقبة ومتابعة إضافية وعلاج ورعاية لأن أجسامهم لم تنمُ وتتطوّر بشكل كامل بعد. ومن أهم المشكلات الصحية الشائعة التي ترتبط بالولادة المبكرة: مشكلات في التنفّس كمتلازمة الضيق التنفسية للخدج، نزيف الدماغ، أمراض القلب، اضطرابات في الأمعاء والجهاز الهضمي (ومنها التهاب الأمعاء التقرحي)، مشكلات في العيون، اليرقان، فقر الدم، الالتهابات أو العدوى.
* الاختناق (asphyxia)؛ (الاختناق الوليدي) هو فشل الجهاز التنفسي في حديثي الولادة، قبل أو أثناء أو بعد الولادة مباشرة وهي حالة حرمان الوليد من الأكسجين فترة كافية لحدوث ضرر واضح، يحدث في كل 2 - 10 حالات بين كل ألف ولادة في موعدها. ومن الأسباب:
- هبوط ضغط دم الأم.
- تدفق الدم إلى رأس الوليد أثناء الولادة.
- عدم كفاية التروية.
- عدم كفاية الجهد التنفسي.
ويتم علاج تلك الحالات عن طريق جهاز التبريد للجسم لتقليل نسبة تلف خلايا الدماغ مع الدعم الطبي الكامل بالرعاية المركزة. وتؤثر نسبة التلف بخلايا المخ على الطفل فقد يكون التأثير بسيطا ويتحسن بعده الطفل أو يكون شديدا على أغلب الخلايا مما يؤدي للإعاقة الذهنية الشديدة أو الوفاة.
> العدوى الحادة أو الإنتان: تعد من أخطر وأصعب الأسباب التي تؤدي للوفاة، حيث إن الجهاز المناعي للأطفال المواليد يكون غير مكتمل. وهي تنقسم إلى قسمين حسب وقت الحدوث:
- عدوى ما حول الولادة: تمثل الأم أحد المصادر المسببة للمستعمرات الميكروبية وللعدوى بالنسبة للطفل حديث الولادة حيث تظهر علامات العدوى مباشرة أو في خلال ساعات قليلة بعد الولادة وتعتمد فرص نجاة الأطفال علي التشخيص المبكر وإعطاء العلاج المناسب الفوري وعلى نوع الجرثومة ومناعة الطفل الوليد.
* عدوى ما بعد ثلاثة أيام من الولادة إلى عمر شهر: وتعتمد خطط مكافحة العدوى على المبدأ الذي يعتبر الطفل حديث الولادة مصدرًا محتملاً للميكروبات ومستقبلا لها في آن واحد.
* التشوهات والاختلاجات
* التشوهات الخلقية. قد تكون في شكل الجسم أو في وظائف الجسم أو كليهما، وتحدث أثناء الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل بنسبة 1 - 3 في المائة، وهى من الأسباب الرئيسية لوفاة الأطفال حديثي الولادة مثل وجود عيوب في القلب أو الرئة. وهناك بعض العيوب الولادية التي تتعارض مع القدرة على الحياة مثل عدم تشكل الكليتين أو عدم وجود أنسجة دماغ. وقد تكون العيوب منفردة، حيث يكون المولود سليما، ولكن يوجد به عيب خلقي في عضو واحد كالقلب أو الأمعاء، أو متعددة (أكثر من عيب خلقي واحد).
أما عن الأسباب فقد تكون ناتجة عن الجينات الموروثة فزواج الأقارب يزيد نسبة الحدوث 2 - 6 في المائة، أو أسباب بيئية كتعرض الأم لأمراض أو عدوى أو عقاقير، أو التعرض للأشعة السينية خلال شهور الحمل الأولى. والاضطرابات الوراثية تتسبب بـ37 في المائة من وفيات حديثي الولادة. وتعتبر العلاقة بين زواج الأقارب وبين الأمراض الوراثية علاقة طردية، حيث إن احتمال الإصابة بالأمراض الوراثية تكون أعلى عند المتزوجين من أقاربهم مقارنة بالمتزوجين من غير أقاربهم، وتزداد نسبة هذه الأمراض كلما زادت درجة القرابة. ويرى مختصون أن أحد أهم الحلول لمحاربة الأمراض الوراثية هو الفحص قبل الزواج.
* الاختلاجات. الاختلاج هو حدوث تفريغ فجائي وبشكل زائد وغير طبيعي للشحنات الكهربائية من بعض المناطق في الدماغ، الأمر الذي يؤدي إلى التأثير على الفعالية الوظيفية العصبية الدماغية، ويمكن أن يطرأ هذا التفريغ في أي منطقة من مناطق الدماغ كما سلف.
إن التأثيرات العصبية والمظاهر الشكلية متفاوتة، تؤدي إلى حدوث اضطرابات حركية، حسية، اضطراب في الوعي، أو في الوظائف العصبية الإنباتية (اللاإرادية: الودية ونظيرة الودية)، وقد يجتمع أكثر من واحد من الاضطرابات السابقة، كما أنها يمكن أن تأخذ أشكالاً سريرية عدة. وتشاهد الاختلاجات بنسبة تتراوح بين 0.4 و1.5 في المائة بين حديثي الولادة.
ترتفع النسبة كثيرًا في الفئات عالية الخطورة؛ فنسبة 20 في المائة من الأطفال حديثي الولادة الذين تقل أوزانهم عن 2500 غرام يعانون من الاختلاجات، كما أن 50 في المائة من الأطفال الذين تعرضوا لنقص أكسجين عند الولادة يصابون بالاختلاجات مع إمكانية تطور اعتلال الدماغ الإقفاري بنقص الأكسجين.
وتبلغ نسبة الوفيات في حديثي الولادة المصابين بالاختلاجات 15 - 40 في المائة وتعتمد الأسباب:
- الاختلاجات عند الأطفال حديثي الولادة.
- الإنتانات (ولا سيما بعد اليوم الخامس من الحياة).
- التشوهات الدماغية (عادة ما تظهر في غرفة الولادة أو بعد الولادة بعدة ساعات).
- أمراض الاستقلاب (تكون مصحوبة بإجهاضات متكررة، أو وفيات لأطفال سابقين).
تشكل الأسباب الأربعة السابقة ما نسبته 5 - 10 في المائة، إضافة إلى السموم.
* مشكلات الأم وحياة المولود. تظهر هذه المشكلات في الحالات:
- عمر الأم أقل من 16 أو أكثر من 40 عاما.
- داء السكري.
- التدخين.
- ارتفاع الضغط أو تسمم الحمل.
- الأمراض المزمنة كالأنيميا أو أمراض القلب.
- الاختلاجات وتحتاج إلى علاج مستمر مما يؤثر على صحة المولود.
- العدوى أثناء الحمل وارتفاع درجة الحرارة التي تؤثر مباشرة على المولود.
- انفجار جيب المياه قبل بداية الولادة وعندما يحدث انفجار جيب المياه قبل نضوج الجنين تزيد مضاعفات ووفيات الأطفال حديثي الولادة.
* وفاة الأطفال عند النوم
ظاهرة مؤسفة ومحزنة جدا تحدث لبعض الأطفال حديثي الولادة أثناء النوم، إنها الوفاة المفاجئة التي يحاول العلماء والأطباء حل لغزها، ولكنها ما زالت تحدث وتحدث بكثرة. أو تعرف هذه الظاهرة بالإنجليزية باسم (كوت ديث cot death) أي الوفاة المفاجئة وغير المتوقعة لحديثي الولادة أثناء النوم من دون أعراض ملحوظة تسبق الوفاة. والظاهرة موجودة في جميع دول العالم من دون استثناء، ولكن نسبة حدوثها في الدول الأكثر فقرا، أكبر.
وقد أكدت الأبحاث أن هناك علاقة وطيدة بين ظاهرة الوفاة المفاجئة للأطفال حديثي الولادة وتدخين المرأة أثناء فترة الحمل. وأشارت إلى أن المرأة الحامل المدخنة يصاب جنينها بأعراض عدة وعلى رأسها حدوث مشكلات في مجاري التنفس بسبب انتقال المواد السامة الموجودة في السجائر من الأم إلى الجنين، وعندما يولد الطفل يكون تأثير هذه المواد قد تعمق. وقد بينت الدراسات أن تدخين المرأة الحامل هو من الأسباب الرئيسية لحدوث الوفاة المفاجئة للأطفال حديثي الولادة. والنصيحة التي قدمها البحث هنا هو أن التدخين ممنوع منعا باتا بالنسبة للمرأة الحامل لعدم إفساح المجال أمام انتقال المواد السامة الموجودة في السجائر إلى رئتي الجنين.
* الوقاية
تقول د. كارمن نصار إن وسائل الوقاية المعروفة والرخيصة التكاليف، التي لا تتطلب تكنولوجيا متطورة لإنتاجها، تصل إلى من هم في أشد الحاجة إليها، وعلى سبيل المثال التحصين ضد التيتانوس، الإرضاع من الثدي، الرعاية البسيطة للأطفال المولودين بأوزان أقل من الوزن الطبيعي، المضادات الحيوية لعلاج أنواع العدوى التي قد تصيب الأطفال حديثي الولادة وامتناع الأم عن التدخين السلبي والإيجابي خاصة أثناء الحمل والإرضاع.
قد يكون هناك أيضًا رعاية انتقالية بعد استقرار حالة الطفل والتخلص من الأنابيب والأجهزة المساعدة على التنفس، ربما في جناح ما بعد الولادة، لمراقبة حالته ومساعدة الأم على الشعور بالثقة عندما يقترب وقت عودتها مع طفلها إلى البيت.
* وحدة الأطفال حديثي الولادة
تقدم وحدة الأطفال حديثي الولادة خدماتها على مدار الساعة لرعاية حديثي الولادة، المرضى منهم والمواليد قبل الأوان، أي الخدّج أو المبتسرون. تتوفر الرعاية في وحدة حديثي الولادة على ثلاثة مستويات:
- وحدة العناية المركزة لحديثي الولادة (NICU)
- الرعاية الفائقة (HD) للأطفال الذين لا تعتبر حالتهم حرجة، لكنهم ما زالوا بحاجة لعناية مركزة.
- الرعاية الخاصة (SC) للأطفال الذين هم بخير ويقطعون شوطًا في النمو والتطور بعد ولادة سابقة لأوانها، أو أولئك الذين يتحسّنون بعد خضوعهم لعلاج أكثر تعقيدًا.
وأوضحت د. نصار أن الطفل الخديج يحتاج إلى كل الأمور التي يحتاجها الأطفال الآخرون من والديهم. هناك أشياء كثيرة يمكن للأم القيام بها لمساعدة طفلها أثناء وجوده في وحدة حديثي الولادة، مثل:
- رعاية الكنغر: عندما يقوى الطفل بما يكفي، توجد طريقة جيدة جدًا لمساعدته على النمو تسمى «رعاية الكنغر». يمكن للأم ببساطة أن تحمل طفلها داخل قميصها وتحتضنه ببشرتها العارية. تعمل طريقة رعاية الكنغر على تهدئة الطفل، ويمكن أن تساعده على تحسين صحته ونموه.
- تغذية الطفل: عندما يصبح الطفل أقوى يمكن البدء بإرضاعه أيضًا. إذا كانت الأم حريصة على أرضاعه رضاعة طبيعية، والممرضات يبذلن كل جهد ممكن لمساعدتها في ذلك بشفط الحليب في الأيام الأولى قبل أن يقوى الطفل بما يكفي للرضاعة الطبيعية. ويتم تخزين الحليب واستخدامه لتغذيته عندما يكون مستعدا. قد يساعد إعطاء الطفل الخديج حليب الثدي على تحفيز جهازه المناعي ومكافحة المرض. لذا يحب أن تحصل الأم على الكثير من المساعدة والدعم كي تبدأ ثم تستمر في أرضاع المولود رضاعة طبيعية.



العلاج العظمي للأطفال في فرنسا يلاقي إقبالاً من الأهالي... ويقلق الأطباء

تتنوع أسباب استشارة الأهل معالجي عظام الأطفال بين الإمساك والمغص (أ.ف.ب)
تتنوع أسباب استشارة الأهل معالجي عظام الأطفال بين الإمساك والمغص (أ.ف.ب)
TT

العلاج العظمي للأطفال في فرنسا يلاقي إقبالاً من الأهالي... ويقلق الأطباء

تتنوع أسباب استشارة الأهل معالجي عظام الأطفال بين الإمساك والمغص (أ.ف.ب)
تتنوع أسباب استشارة الأهل معالجي عظام الأطفال بين الإمساك والمغص (أ.ف.ب)

على جدران أقسام الولادة في المستشفيات الفرنسية، تتكاثر الملصقات التي تنصح الآباء الجدد بأخذ أطفالهم المولودين حديثاً إلى معالج عظمي عندما يعانون عدداً من الأعراض، لكنّ كثيراً من العاملين في القطاع الصحي ينتقدون هذه الدعوات، ويرون عدم جدوى هذه الاستشارات، لا بل خطورتها، وفق تقرير لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وتتنوع أسباب استشارة الأهل معالجي عظام الأطفال، بين الإمساك والمغص والانتفاخ وصعوبات الرضاعة والبكاء أثناء الليل، لكنّ هذه الأعراض عادية جداً ومألوفة، وخصوصاً إذا كان الأطفال حديثي الولادة.

وقالت طبيبة الأطفال والناطقة باسم جمعية «طب الأطفال الفرنسية»، كريستيل غرا لو غين: «هذه المعاينات عديمة الفائدة، إذ إن كل هذه الأعراض فيزيولوجية وتزول بصورة طبيعية بعد أربعة أشهر».

وتحظى مقاطع الفيديو التي تُظهر معالجي عظام يعاينون أطفالاً بإقبال كبير على شبكات التواصل الاجتماعي.

فعلى «تيك توك»، شوهدت نحو 40 مليون مرة مقاطع فيديو دافيد يعيش، المعروف باسم «موسيو بروت» Monsieur Prout في إشارة إلى كونه «يحرر الطفل من الغازات».

ويبدو الطفل مرتاحاً، ووالداه راضيين، مع أن رئيسة المجلس الوطني لنقابة المدلكين وأخصائيي العلاج الطبيعي، باسكال ماتيو، أكدت أن ما فعله المُعالِج ليس معجزة، بل هو تقنية معروفة.

وشرحت أنه «مجرّد تدليك للبطن، تفرضه الفطرة السليمة، نشرحه للأم في جناح الولادة. ليست هناك حاجة للجوء إلى استشارة تكلف 60 يورو في المتوسط لإراحة طفل من الغازات».

واتهمت «أخصائيي تقويم العظام الذين يوفرون هذه الجلسات» بأنهم «يسعون فقط إلى تعزيز حجم عملهم من خلال استغلال قلق الوالدين».

ليست تشخيصاً طبياً

في فرنسا، لا يُعد مقوّمو العظام متخصصين في مجال الصحة، ولا يغطي التأمين الصحي معايناتهم، ولكن بعض المؤسسات التعاونية تغطيها.

وفي حالة الأطفال الرضع الذين تقل أعمارهم عن ستة أشهر، يُحظر تماماً المساس بالجمجمة والوجه والعمود الفقري من دون شهادة طبية بعدم وجود موانع.

لكنّ هذا الشرط «لا يطبق على الإطلاق عملياً»، بحسب رئيس جمعية مقوّمي العظام في فرنسا، دومينيك بلان، الذي عزا ذلك إلى أن «الأطباء لا يرغبون في تحمل المسؤولية» عن هذا الأمر.

ولاحظ مع ذلك أن الأهل «يحضرون أطفالهم قبل بلوغهم ستة أشهر»، مؤكداً أن «أي مشكلة على الإطلاق لم تسجَّل».

إلاّ أنّ طبيبة الأطفال كريستيل غرا لوغين شدّدت على أن بعض ما ينفذه مقوّمو العظام قد يكون خطيراً، مشيرة إلى حالات عدة لأطفال تعرضوا لتوعكات صحية «خلال جلسات العلاج العظمي أو بعدها».

وشددت المفتشية العامة للشؤون الاجتماعية في فرنسا في تقريرها الأخير عن العلاج العظمي على ضرورة إنشاء «سجلّ للحوادث الجسيمة الناجمة عن هذه الممارسات».

وأكّد بعض معالجي تقويم العظام للأطفال، على مواقعهم الإلكترونية، أنهم قادرون على علاج متلازمة Kiss syndrome التي تتجلى في البكاء المتكرر ووضعية مقوسة، مرتبطة بانسداد في الرقبة.

لكنّ طبيبة الأطفال والرئيسة السابقة للجمعية الفرنسية لطب الأطفال الخارجي، فابيين كوشير، أكدت: «هذه المتلازمة غير موجودة. إنها ليست تشخيصاً طبياً... يطلقون تسمية متلازمة لأعراض مألوفة عند الرضّع».

«تأثير الدواء الوهمي»

في ظل بعض التجاوزات في المهنة، ذكّرت الأكاديمية الفرنسية للطب هذا الأسبوع بأن ممارسات العلاج العظمي الحشوية والجمجمية لا تستند «إلى أي أساس علمي مثبت»، ولم يثبت أنها فاعلة وآمنة.

وفيما يتعلق بانتحال الرأس، وهو تَشوُّه في رأس الرضيع ومن أبرز أسباب استشارة مقوّمي العظام، أكدت الأكاديمية لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» أن «البيانات العلمية لا تتيح التوصية بالعلاج العظمي».

ونددت الأكاديمية الفرنسية للطب التي ليس لآرائها أي صفة قانونية ولكن لها قيمة مرجعية طبية، «بالإعلانات» التي تروج لهذه الممارسات في أقسام الولادة.

وقالت رئيسة المجلس الوطني لنقابة المدلكين وأخصائيي العلاج الطبيعي، باسكال ماتيو: «إذا كان الطفل يتمتع بصحة جيدة، فهو لا يحتاج إلى معالج عظام، وإذا كان يعاني مرضاً ما، فهو يحتاج إلى أخصائي صحي».

ورغم عدم وجود أدلة على فاعلية العلاج العظمي، فهو يشهد إقبالاً كبيراً في فرنسا. ويصل عدد الممارسين الحصريين إلى 15 ألفاً، مقارنة بأقل من 6 آلاف في المملكة المتحدة.

ورأى دومينيك بلان في ذلك دليلاً «على رضا» الأهل الذين يراجعون المعالجين العظميين، وعلى تزايد عدد هذه الاستشارات.

غير أن فابيين كوشير رأت أن هذا «النجاح» هو قبل كل شيء نتيجة لاتساع ما وصفته بـ«الصحارى الطبية».

وقالت: «لدينا نقص في المتخصصين في مجال الصحة الذين يعتنون بالأطفال، في حين أن الأهل القلقين بشكل متزايد يلجأون إلى معالجي العظام، لكنّ معاينات هؤلاء أشبه بتأثير دواء وهمي».