السودان.. خطوة على طريق هجرة الأفارقة نحو أوروبا

الخرطوم نقطة تحرك كبرى للمتوجهين إلى المتوسط ثم إلى أوروبا في نهاية المطاف

طابور من سيدات إريتريات في معسكر وادي شريفي للاجئين بشرق السودان خطوة أولى قبل التوجه إلى العاصمة الخرطوم (نيويورك تايمز)
طابور من سيدات إريتريات في معسكر وادي شريفي للاجئين بشرق السودان خطوة أولى قبل التوجه إلى العاصمة الخرطوم (نيويورك تايمز)
TT

السودان.. خطوة على طريق هجرة الأفارقة نحو أوروبا

طابور من سيدات إريتريات في معسكر وادي شريفي للاجئين بشرق السودان خطوة أولى قبل التوجه إلى العاصمة الخرطوم (نيويورك تايمز)
طابور من سيدات إريتريات في معسكر وادي شريفي للاجئين بشرق السودان خطوة أولى قبل التوجه إلى العاصمة الخرطوم (نيويورك تايمز)

عبر السهول الحدودية الواسعة سيرًا على الأقدام قبل أكثر من عام مضى، ألقى ضباط الدوريات الحدودية القبض عليه بمجرد دخوله السودان، ثم أرسلوه إلى ذلك المخيم المكتظ باللاجئين، مكث هناك لمدة شهر كامل، ومن هناك، وبعدما دفع ما يعادل 500 دولار، تم تهريبه عبر سيارة نقل صغيرة، برفقة 17 لاجئا آخرين، إلى العاصمة الخرطوم، حيث عمل هناك لشهور في أحد المطاعم، وحاول أن يبقى بعيدا عن الأنظار دائما، أو كما قال بنفسه «الهدوء الشديد والتخفي»، ثم استعد إلى خطوته التالية، ليبيا.
يقول يوسف محمد (27 عامًا)، المهاجر الإريتري، في عصبية واضحة: «أعلم أنه أمر خطير، لكنني مضطر إليه. ليس أمامي خيار آخر.. أريد الذهاب إلى أوروبا أو أميركا».
يغادر الآلاف من المهاجرين واللاجئين، خصوصا من دولتي إريتريا وإثيوبيا المجاورتين، إلى السودان في كل عام. ويأتي كثير منهم مع خطط لكسب بعض الأموال والتواصل مع شبكات التهريب، مما يجعل من الخرطوم نقطة انطلاق كبرى للمهاجرين المتوجهين إلى البحر الأبيض المتوسط، ثم إلى أوروبا في نهاية المطاف.
تقول ريناتا برناردو، منسقة المشروع لدى المنظمة الدولية للهجرة في الخرطوم: «هناك أناس يقدمون إلى هناك بهدف وحيد، ألا وهو المغادرة، حيث يمكثون لبضعة أشهر، يعملون، ويدخرون بعض الأموال ثم ينطلقون».
يقول المهاجرون واللاجئون إنهم يفرون من الواقع السياسي والاقتصادي المزري في أوطانهم. في إريتريا، ينتشر التعذيب، والإعدام خارج دائرة القضاء، وحالات الاختفاء القسري، والعمل الجبري، والعنف الجنسي بصورة ممنهجة، وفقا لإحصائيات الأمم المتحدة، كل ذلك إلى جانب نظام التجنيد العسكري غير محدد الأجل.. يقول يوسف محمد إن «الحياة صعبة للغاية في إريتريا، لا حريات، ولا عمل هناك».
أما إثيوبيا فإنها تفخر باقتصادها ذي النمو السريع، لكن فوائد هذا النمو لا يشعر بها المواطنون على نطاق كبير في الدولة ذات التعداد السكاني الكبير، مع أكثر من ثلثي عدد السكان يعيشون في فقر شديد مدقع، وفقا لإحصائيات برنامج التنمية التابع للأمم المتحدة، كما أن هناك انتقادات واسعة للغاية ضد الحكومة جراء القمع السياسي والانتهاكات الشديدة لحقوق الإنسان.
يقول تاسيو تايرو (33 عاما) إنه كان طالب جامعي في إثيوبيا، من إقليم أوروميا، حيث أدت الاضطرابات السياسية في ذلك الإقليم إلى حملة أمنية حكومية شديدة، حيث تعرض للاعتقال والتعذيب، على الرغم من عدم مشاركته في أي أنشطة سياسية، كما يقول، ولذلك فقد قرر المغادرة.
وبعد رحلة سفر امتدت لشهر كامل وتكاليف بلغت 350 دولارا، تمكن من الوصول إلى الخرطوم قبل عامين، وما زال ينتظر الآن أن تسنح الفرصة للرحيل إلى ليبيا. ويستطرد قائلا «إذا جاءتني الفرصة، فسوف أذهب. عندما يتوفر لديّ المال الكافي».
حتى بعد مرور عامين، لا يزال البعض هناك يعدونه من المهاجرين الجدد. على مدى عقود، كان شرق السودان ملجأ للاجئين من كلا البلدين، حيث أسفرت حرب الاستقلال الإريترية الطويلة عن نزوح عشرات الآلاف من اللاجئين إلى السودان، تماما كما حدث إثر الصراعات السياسية الحالية في أجزاء من إثيوبيا. وفي حين أن كثيرا قد اعتاد على ظروف الحياة الصعبة في السودان، فإن كثيرا من أطفالهم الآن يتطلعون إلى فرص أفضل في أماكن أخرى.
تقول إنجيلا لي روسي، نائب ممثل مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في السودان: «ظل السودان دائما على مفترق طريق الهجرة بالنسبة للاجئين والمهاجرين».
غيري أبراهام (45 عاما)، من لاجئي إريتريا والذي عاش في السودان لأكثر من ثلاثين عاما، ولقد أثار حنقه الفيديوهات التي أظهرت مقاتلي «داعش» يذبحون المهاجرين الإثيوبيين والإريتريين هذا العام في ليبيا، حيث كان اثنان من القتلى في الفيديو جيرانا له في الحي الذي يقيم به في الخرطوم.
وفي مساء ذلك اليوم من أبريل (نيسان) عندما أذيع الفيديو، انطلق إلى كنيسة الحي، حيث كانوا يتلقون التعازي في الضحايا. كما ذكره الأمر بما كان يمكن أن يحدث لابنته الكبرى، والتي حاولت مؤخرا عبور الصحراء إلى البحر الأبيض المتوسط تحدوها آمال الوصول إلى أوروبا. ولقد تمكن من منعها في الوقت المناسب، بعدما هدد بقتل الوسيط الذي كان مسؤولا عن تواصلها مع المهربين.. يقول غيري أبراهام: «بكيت بشدة لما رأيتها».
تحدثت ابنته، هيويت أبراهام، على مضض حول الأحداث، غير نادمة على محاولتها مغادرة البلاد، حيث قالت: «ليست لديّ حياة، ولا احترام، ولا يوجد ما يمكنني أن أفعله هنا، فقط لأنني لاجئة».
نشأ مصطفى إسماعيل عبد الله (25 عاما) في السودان، وكان والده أحد الناشطين في «جبهة تحرير أورومو»، وهي من جماعات التمرد الإثيوبية التي وصمت بأنها جماعة إرهابية من قبل الحكومة الإثيوبية. وتدور حياته حول العمل فحسب، ولقد ظل يداوم على ذلك منذ أن كان في الثامنة من عمره، وينتقل حاليا بين ثلاثة وظائف.
يقول مصطفى عن ذلك: «غادر بعض من أصدقائي قبل بضعة أشهر وهم يعيشون في فرنسا الآن. أحتاج فقط إلى مزيد من المال وسوف ألحق بهم».
يعد شهر فبراير (شباط) إلى أكتوبر (تشرين أول) هو موسم الذروة في الهجرة، حيث تميل المياه عبر البحر الأبيض المتوسط إلى الانخفاض قليلا، كما يقول المهاجرون. ولدى المهربين قوائم انتظار طويلة، ويواجه كثيرون ممن يخوضون تلك الرحلة مخاطر الاعتقال، أو الضرب الشديد، أو سوء المعاملة، وربما الانتهاكات الجنسية في الصحراء.
ورغم أن أغلب المهاجرين المغادرين إلى ليبيا يأتون من إريتريا وإثيوبيا فإن أعداد السودانيين باتت تتصاعد، خصوصا سكان إقليم دارفور، إلى جانب السوريين وحتى الباكستانيين والنيجيريين الذي يسافرون إلى البحر الأبيض المتوسط عبر السودان. وهناك يتواصلون مع المهربين عبر مجموعة من الوسطاء الذين ينطلقون بهم إلى الصحراء من نقاط التقاء في مختلف أنحاء العاصمة السودانية التي تحاول تجنب اكتشاف السلطات لها.
* خدمة «نيويورك تايمز»



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.