«برزة الدمشقي».. بوابة «الحر» نحو العاصمة وهدف لقوات النظام

عنصران من الجيش السوري الحر في حالة تأهب خلف أكياس رملية قرب قصر العدالة الذي تسيطر عليه قوات نظام الأسد بحلب (رويترز)
عنصران من الجيش السوري الحر في حالة تأهب خلف أكياس رملية قرب قصر العدالة الذي تسيطر عليه قوات نظام الأسد بحلب (رويترز)
TT

«برزة الدمشقي».. بوابة «الحر» نحو العاصمة وهدف لقوات النظام

عنصران من الجيش السوري الحر في حالة تأهب خلف أكياس رملية قرب قصر العدالة الذي تسيطر عليه قوات نظام الأسد بحلب (رويترز)
عنصران من الجيش السوري الحر في حالة تأهب خلف أكياس رملية قرب قصر العدالة الذي تسيطر عليه قوات نظام الأسد بحلب (رويترز)

واصلت القوات النظامية، أمس، محاولاتها اقتحام حي برزة الدمشقي الذي يشكل بوابة الجيش الحر نحو العاصمة، في موازاة استمرار القصف الذي يستهدف معظم المناطق السورية.
وفي حين لم تتوقف مظاهرات يوم الجمعة، والتي حملت أمس، عنوان «شكرا تركيا»، أعلنت منظمة «هيومان رايتس ووتش» الحقوقية، أن «عشرات الآلاف من المعارضين للنظام الحاكم يتعرضون لتعذيب ممنهج داخل السجون السورية.
وأشار ناشطون إلى أن «القصف النظامي قد تجدد أمس على حي برزة شرق العاصمة دمشق باستخدام المدفعية الثقيلة وقذائف الدبابات والرشاشات الثقيلة». وأفاد الناشطون بأن اشتباكات متقطعة اندلعت على أطراف الحي نتيجة محاولة القوات النظامية اقتحامه من محاور عدة.
وتشن القوات النظامية حملة شرسة على حي برزة الدمشقي منذ العاشر من شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بحسب ما يؤكد أحد الناشطين الميدانيين لـ«الشرق الأوسط»، مشيرا إلى أن «غارات جوية دائمة تستهدف الحي بشكل شبه يومي وبمعدل ثلاث غارات يوميا».
وتحكم كتائب المعارضة سيطرتها على الحي الواقع بين منطقتي القابون وركن الدين، ويمتد على سفح جبل قاسيون باتجاه الشرق بمحاذاة حي المهاجرين، في حين تدور اشتباكات عنيفة بين القوات النظامية والجيش الحر على عدة جبهات على أطراف الحي كجبهة حي تشرين والحنبلي والغمة والإنشاءات. وقد أدى الحصار المفروض عليه منذ خمسة أشهر، إلى تدهور الأوضاع المعيشية والإنسانية داخله نتيجة النقص الشديد في المواد الغذائية والمستلزمات الطبية. ويوضح الناشط الميداني الذي يرافق الكتائب المقاتلة في حي برزة، أن «السيطرة على الحي نقطة أساسية ومركزية بالنسبة إلى النظام، إذ تؤثر على سير المعارك في مدينة دمشق وريفها»، مؤكدا أن «كتائب (الحر) المتمركزة داخل الحي محصنة بشكل جيد ولن يتمكن النظام من اقتحامه».
ويعزو الناشط قدرة الحي الدمشقي على الصمود في وجه الآلة العسكرية النظامية إلى سببين: أولهما أن «أهالي الحي معظمهم في عائلات واحدة، حيث تربطهم علاقة القرابة مما يجعلهم متكاتفين ومتضامين ويقلل من جهة أخرى احتمال وجود مخبرين في صفوفهم»، والأمر الثاني هو «الطبيعة الجغرافية للحي التي تفرض وجود مدخل واحد له (شارع تشرين) مما يصعب عملية اقتحامه من قبل الأمن السوري وشبيحته». ويشكل حي برزة الذي كان يعيش فيه نحو 75 ألف نسمة، غادر القسم الأكبر منهم نتيجة القصف العنيف، أهمية كبيرة في حسابات طرفي النزاع. إذ يسعى النظام إلى استعادة تعزيز مواقعه القريبة منه مثل «فرع الإشارة 211» و«مركز البحوث العلمية» و«قيادة الشرطة العسكرية»، كما أن السيطرة عليه تعني منع تقدم «الحر» نحو العاصمة. وبالنسبة إلى المعارضة فهي تعتبره بوابتها إلى العاصمة خاصة بعد سيطرتها على عدد من بلدات الريف الدمشقي، إضافة إلى أن الحي يربط بين الغوطة والعاصمة عن طريق بساتينه الواسعة.
ميدانيا، وفي حين خرجت أمس التي اختار لها المعارضون عنوان «شكرا تركيا»، لم يتوقف القصف على معظم المناطق السورية، موقعا المزيد من الضحايا.
وقد جددت قوات النظام صباح أمس، القصف العنيف بالمدفعية الثقيلة، المتمركزة في أبراج القاعة جنوب حي الميدان، على مخيم اليرموك في دمشق، وطالت قذائف الهاون مخيم التضامن، بالتزامن مع اشتباكات بين الجيش الحر وقوات النظام، على محور شارع نسرين، ودوار البطيخة.
وفي ريف دمشق جددت قوات النظام المتمركزة في جبل قاسيون، قصف بلدات الغوطة الشرقية، في حين دارت اشتباكات عنيفة في محيط الفوج 81، وإدارة الدفاع الجوي، في بلدة المليحة من جهة المتحلق الجنوبي. وطال القصف أيضا بلدة رنكوس في ريف دمشق، بالمدفعية الثقيلة وقذائف الدبابات من اللواء 65، مستهدفا الأحياء السكنية. وفي حلب أيضا، تواصلت المعارك العنيفة بين قوات النظام وذكرت مصادر من الجيش، أن قوات النظام استعادت السيطرة على بلدة خناصر في ريف حلب الجنوبي، بينما لا يزال طريق الإمداد بين حلب وحماه تحت سيطرة مقاتلي «الحر».
كذلك تجددت المعارك في ريف حماه ضمن ما يسميها الجيش الحر «معركة قادمون يا حمص»، وتعرضت قرى الريف الشرقي للمحافظة لقصف مدفعي وصاروخي عنيف، خاصة قرى ناحية عقيربات. وفي درعا، لا تزال كتائب المعارضة تشن هجماتها ضد معاقل قوات النظام ضمن عملية بدأت منذ عدة شهور هدفها فتح الطريق من الريف الغربي للمحافظة إلى الغوطة الغربية من دمشق.
ولا تزال الكتائب مستمرة في معركة أطلقت عليها المعارضة اسم «معركة توحيد الصفوف»، والتي تهدف إلى السيطرة على مساكن الضباط ومركز الأغرار وحاجز العنفة في مدينة طفس.
وتفيد الأنباء بأن كتائب المعارضة تواجه صعوبة في التقدم إلى هذه المواقع لكونها محصنة جيدا، إذ يحيط بها حقل للألغام، فضلا عن الغارات اليومية التي يشنها طيران النظام. وكانت إحدى الغارات قد استهدفت منزلا كان يوجد فيه العشرات من أفراد كتائب المعارضة وأسفرت عن وقوع قتلى وجرحى، بعضهم في حالة خطرة.
في المقابل، وفي موازاة الاعتقالات المستمرة التي تشنها قوات النظام يوميا ضد معارضين، أصدرت منظمة «هيومان رايتس ووتش» تقريرا قالت فيه إن عشرات الآلاف من المحتجين السلميين المعارضين أودعوا السجون ويتعرضون لتعذيب ممنهج. وذكرت المنظمة أن هؤلاء المعتقلين تعرضوا لانتهاكات كالاغتصاب والصدمات الكهربائية على مناطق حساسة، إضافة إلى الضرب بالعصي الكهربائية والأسلاك والقضبان المعدنية.
وأشار التقرير إلى «أدلة قوية» تؤكد أن التعذيب يمثل سياسة دولة وجريمة ضد الإنسانية، واستشهد بأرقام ذكرها مركز توثيق الانتهاكات في سوريا، الذي أكد مقتل ما لا يقل عن 1200 معتقل في سجون النظام السوري، في حين تنكر السلطات السورية احتجاز كثيرين من نشطاء الحراك المدني، وتتهم من تعترف باحتجازهم بانتهاكهم قوانين مكافحة الإرهاب، وتمنع أخبارهم عن ذويهم. وفي بيانها أشارت «هيومان رايتس ووتش» إلى أن جماعات من المعارضة المسلحة ارتكبت انتهاكات أيضا، حيث احتجزت صحافيين وعاملين في مجال الإغاثة ونشطاء مدنيين، وأعدمت بعض المحتجزين.



تحذيرات من استمرار تأثير الفيضانات على الوضع الإنساني في اليمن

مستويات عالية من الأمطار يشهدها اليمن سنوياً (أ.ف.ب)
مستويات عالية من الأمطار يشهدها اليمن سنوياً (أ.ف.ب)
TT

تحذيرات من استمرار تأثير الفيضانات على الوضع الإنساني في اليمن

مستويات عالية من الأمطار يشهدها اليمن سنوياً (أ.ف.ب)
مستويات عالية من الأمطار يشهدها اليمن سنوياً (أ.ف.ب)

على الرغم من اقتراب موسم الأمطار في اليمن من نهايته مع رحيل فصل الصيف، تواصلت التحذيرات من استمرار هطول الأمطار على مناطق عدة، مع تراجع حدتها وغزارتها، مع استمرار تأثير الفيضانات التي حدثت خلال الأشهر الماضية، وتسببت بخسائر كبيرة في الأرواح والممتلكات والبنية التحتية.

ويتوقع خبراء ومراكز أرصاد استمرار هطول الأمطار على مناطق متفرقة مختلفة الطبيعة الجغرافية خلال الأيام المقبلة، وتشمل تلك المناطق محافظة المهرة أقصى شرقي اليمن، والمرتفعات الغربية في محافظات تعز، وإب، ولحج، وريمة، وذمار، وصنعاء، والمحويت، وعمران، وحجة وصعدة، بالإضافة إلى الساحل الغربي في محافظات حجة، والحديدة وتعز، والمناطق السهلية في محافظات أبين، وشبوة وحضرموت.

آثار عميقة تسببت بها الفيضانات في اليمن وأدت إلى تفاقم الظروف الإنسانية المتردية (أ.ف.ب)

وحذّر الخبراء الذين نشروا توقعاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي من تشكل سحب عملاقة تنذر بأمطار غزيرة وسيول وعواصف وبروق شديدة، واحتمال هبوب رياح عنيفة، مع أجواء غائمة أغلب الوقت، داعين السكان إلى اتخاذ الاحتياطات اللازمة.

وشهد اليمن منذ مطلع الشهر الحالب تراجعاً في هطول الأمطار في مختلف أنحاء البلاد، بعد شهرين من الأمطار التي تسببت بفيضانات مدمرة في عدد من المحافظات، وتركزت الآثار العميقة لهذه الفيضانات في محافظتي الحديدة والمحويت غرباً.

وحذَّرت لجنة الإنقاذ الدولية من تفاقم الكارثة الإنسانية في اليمن مع استمرار الفيضانات، التي بدأت في مارس (آذار) واشتدت في يوليو (تموز) وأغسطس (آب)، وأدت إلى نزوح عشرات الآلاف من الأسر، وتدمير البنية التحتية الحيوية، وتأجيج الانتشار السريع للكوليرا، وتضرر أكثر من 268 ألف شخص في اليمن، في ظل موجة ماطرة شهدتها البلاد.

ونبهت اللجنة في بيان لها إلى أن استمرار احتمالية وجود خطر فيضانات مفاجئة إضافية بسبب تشبع الأرض بفعل الأمطار الغزيرة وأنظمة الصرف السيئة، رغم توقف هطول الأمطار خلال الشهر الحالب، ووصفت هذا الخطر بالمرتفع.

استمرار الكارثة

قالت اللجنة إن الفيضانات أثرت بشدة على محافظات الحديدة، وحجة، ومأرب، وصعدة وتعز، حيث تأثر ما يقرب من 268 ألف فرد في 38285 عائلة حتى الشهر الماضي، وفقاً لتقارير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، وتسببت الأمطار الغزيرة، التي من المتوقع استمرارها هذا الشهر، في تدمير واسع النطاق للمنازل والأراضي الزراعية والبنية التحتية.

وقيَّدت الأمطار والفيضانات - وفق بيان اللجنة - من إمكانية الوصول إلى الغذاء، وهي قضية يعاني منها بالفعل أكثر من 17 مليون يمني بسبب الصراع والتدهور الاقتصادي وارتفاع أسعار المواد الغذائية، وكلها تفاقمت بسبب أزمة المناخ.

توقعات باستمرار الأمطار الغزيرة في اليمن رغم انتهاء موسمها برحيل فصل الصيف (رويترز)

وبينت المنظمة أن محافظة تعز (جنوب غرب) شهدت وحدها تدمير ما يقدّر بنحو 70 إلى 100 في المائة من الأراضي الزراعية جراء الأمطار.

ودعت المجتمع الدولي والجهات المانحة إلى تقديم المزيد من الدعم للحد من تفاقم الكارثة الإنسانية في اليمن جراء الفيضانات المدمرة الأخيرة التي ضربت البلاد، والتفشي المتسارع لوباء الكوليرا، مشددة على زيادة الدعم المالي واللوجيستي لتلبية الاحتياجات الفورية والطويلة الأجل للمتضررين من تفاقم الكارثة الإنسانية في اليمن.

ونوهت اللجنة إلى أن الكارثة الإنسانية في اليمن تتضاعف «مدفوعة بالتأثيرات المدمرة للفيضانات الأخيرة والتفشي المتسارع لوباء الكوليرا في معظم أنحاء البلاد»، مرجحة أنه، و«من دون اتخاذ إجراءات في الوقت المناسب، سيستمر الوضع في التدهور؛ مما يعرض المزيد من الأرواح للخطر».

انتشار سريع للكوليرا

قال إيزايا أوجولا، القائم بأعمال مدير لجنة الإنقاذ الدولية في اليمن، إن البلاد «تواجه أزمة على جبهات متعددة» بدءاً من الصراع المستمر إلى الفيضانات الشديدة، والآن «تفشي وباء الكوليرا الذي انتشر بسرعة في الكثير من المحافظات».

وأضاف: «إن حياة الناس معرّضة للخطر بشكل مباشر، ومن المرجح أن يؤدي تدمير مرافق المياه والصرف الصحي إلى تفاقم انتشار المرض»، في حين أطلقت اللجنة الدولية للصليب الأحمر عمليات طوارئ في المناطق الأكثر تضرراً في حجة، والحديدة، والمحويت وتعز، حيث قدمت مساعدات نقدية لنحو 2000 عائلة متضررة.

دمار هائل في البنية التحتية تسببت به الفيضانات الأخيرة في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وأشار إلى أن المرحلة الأولية ركزت على تلبية الاحتياجات الفورية، مع التخطيط لمزيد من التقييمات لتوجيه التدخلات المحتملة في مجال المياه والصرف الصحي، مثل إنشاء نقاط المياه والمراحيض الطارئة.

وبيَّن أوجولا أن اللجنة الدولية للصليب الأحمر وشركاءها أجروا تقييمات في المناطق المتضررة، وكشفوا عن نزوح ما يقرب من 9600 شخص بسبب الفيضانات في تعز، وحجة والحديدة، حيث تعرَّضت البنية الأساسية للمياه والصرف الصحي والصحة لأضرار كبيرة؛ مما زاد من خطر تفشي الكوليرا في هذه المناطق.

وكان مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية وزَّع مساعدات إيوائية طارئة على المتضررين من السيول والفيضانات في مديرية موزع التابعة لمحافظة تعز، الثلاثاء الماضي.

وتضمنت المساعدات الطارئة 100 خيمة و370 حقيبة إيواء استفاد منها 2220 فرداً من المتضررين من السيول في المديرية.

ويأتي هذا التدخل بالتنسيق مع كتلة الإيواء ومكاتب مركز الملك سلمان للإغاثة في اليمن، وبالتنسيق مع السلطة المحلية ووحدة النازحين.