«عقار له تاريخ»: قصر البارون.. درة «مصر الجديدة»

القصر سمي على اسم صاحبه وبني عام 1912
القصر سمي على اسم صاحبه وبني عام 1912
TT

«عقار له تاريخ»: قصر البارون.. درة «مصر الجديدة»

القصر سمي على اسم صاحبه وبني عام 1912
القصر سمي على اسم صاحبه وبني عام 1912

غامر صاحبه ببنائه في وسط منطقة صحراوية لا يسكنها أحد على حدود العاصمة المصرية القاهرة. في منطقة لا توجد بها مرافق أو تصل إليها وسائل مواصلات. ولكنه استطاع أن يحولها إلى أحد أبرز أحياء القاهرة في غضون سنوات.
قصر البارون إمبان، والذي سمى على اسم صاحبه إدوارد إمبان وتم بنائه في شرق القاهرة في عام 1912. وكان إمبان مهندسًا بلجيكيا بارعًا ثريًا قام بتنفيذ عدة مشروعات حول العالم، ومُنح اللقب الشرفي «البارون» من قبل ملك فرنسا لمجهوداته في إنشاء مترو فرنسا.
وكان المهندس البلجيكي يهوى السفر والترحال حتى استقر في مصر في أوائل القرن التاسع عشر بعد إقامته في الهند لفترة، وقرر بناء قصر خاص به بالقرب من العاصمة المصرية، ولكنه أراد له أن يكون متميز في موقعه وتصميمه لينجذب الناس إليه ويتمركزون حوله.
واختار البارون ربوة عالية شرق القاهرة في منطقة صحراوية في ذلك الوقت، ليتخذها مكانا لقصره، وكان ذلك عقب الانتهاء من إنشاء حي «مصر الجديدة»، الذي أسسه آنذاك للطبقة الأرستقراطية والجاليات الأجنبية خاصة البلجيكيين المقيمين بالقاهرة. وأطلق على الضاحية اسم «هليوبوليس»، وتعنى مدينة الشمس. وكانت المنطقة تفتقر إلى المرافق والمواصلات والخدمات العامة. ولربط الضاحية الجديدة بالقاهرة، قام بإنشاء مترو فوق سطح الأرض، ما زال يعمل حتى الآن، حتى يجذب السكان إليها. وساهم في توصيل المرافق والخدمات العامة إلى المنطقة الجديدة.
والمميز في تصميم القصر أنه صُمم بحيث لا تغيب عنه الشمس وتدخله من جميع الجوانب، ويُقال عنه إنه صمم فوق قاعدة عجلات متحركة، ولكن أصابها الصدأ مع مرور الزمن ولم تعد تدور حاليًا، ليكون أحد أندر القصور في العالم المصممة على قواعد خرسانية متحركة.
واستعان إمبان بأشهر المصممين المعماريين في العالم لتصميم القصر، وهو الفنان الفرنسي العالمي «الكسندر مارسيل» الذي جمع بين أسلوبين في معمار القصر، أحدهما ينتمي لعصر النهضة الأوروبي وخصوصا التماثيل الخارجية، والأسلوب الآخر والأكثر وضوحًا هو بناء القصر نفسه الذي ينتمي إلى الطراز الهندي بقبته الطويلة المحلاة بتماثيل بوذا والحجرات المزينة بتماثيل من القصص الهندية الخرافية. والمستوحى من معبد «أنكور وات» في كمبوديا، ومعابد «أوريسا» الهندوسية.
وتبلغ مساحة القصر نحو 12.5 ألف متر مربع، تشمل حديقة كبيرة تحيط بالقصر من جميع الجوانب. ويتكون من طابقين يضمان 7 حجرات مغطاة بالرخام والمرمر. وشرفات القصر الخارجية محمولة على تماثيل الفيلة الهندية، أما داخل القصر فهو عبارة عن متحف يضم تحف وتماثيل من الذهب والبلاتين والبرونز.
وظل القصر مهجورًا لسنوات طويلة بعد وفاة صاحبه في عام 1929، وانتشرت حوله أساطير عدة عن وجود أشباح تسكنه وتضيئه وتُصدر منه أصوات غريبة ليلاً، وأنه أصبح مقرًا للشياطين. وفي تسعينات القرن الماضي استغل بعض الشباب الأساطير المنسوجة حول القصر وكانوا يتسللون ليلاً ليقيموا فيه حفلات صاخبة، وتم القبض عليهم بعد فترة من التعدي على القصر وإزعاج المقيمين حوله. واشترت الحكومة المصرية القصر من ورثته، لتعيد ترميمه وإحيائه بعد سنوات طويلة من الإغلاق.



تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
TT

تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس

بعد الانتشار المتزايد لفيروس «كورونا المستجد» في معظم أنحاء العالم، يحذّر خبراء الاقتصاد من التداعيات السلبية التي يشهدها الاقتصاد العالمي خصوصاً بعد الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدول ومن بينها إغلاق الحدود وتعليق الرحلات الجوية والبحرية، وهو ما امتد بدوره إلى قطاع العقارات في مصر، حيث تشهد السوق العقارية في البلاد حالياً تراجعاً في نسب المبيعات، بالإضافة إلى إلغاء فعاليات ومؤتمرات تسويقية عقارية.
ويؤكد مستثمرون عقاريون مصريون من بينهم المهندس ممدوح بدر الدين، رئيس مجلس إدارة شعبة الاستثمار العقاري بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن «القطاعات الاقتصادية تشهد تباطؤاً وجموداً حاداً في الآونة الأخيرة، وهذا سيكون له تبعاته على سوق العقار»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «أتوقع أن تخرج مصر من الأزمة سريعاً، وبأقل الخسائر نتيجة للإجراءات الاحترازية التي اتخذتها أخيراً للحد من انتشار المرض».
وشهدت سوق مبيعات العقارات في مصر «تراجعاً نسبياً منذ بداية أزمة كورونا»، وفق الخبير والمسوق العقاري محمود سامي، الذي قدّر «نسبة التراجع في مستويات البيع والشراء، بنسبة تتراوح من 20 إلى 30%، في بداية الأزمة، لتصل إلى 50% مع نهاية الأسبوع الماضي، مع اتخاذ مصر وعدد من الدول العربية إجراءات احترازية جريئة للحد من انتشار المرض».
ورغم أن مؤشرات الطلب على شراء العقارات التي تقاس وفق حجم الطلب على المواقع الإلكترونية المخصصة لبيع وشراء العقارات، لم تعكس هذا التراجع في شهر فبراير (شباط) الماضي، وفقاً لمؤشر موقع «عقار ماب» المتخصص في السوق العقارية، بعدما سجل ثبات مستوى الطلب على العقارات في شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير الماضيين، لكن المؤشر أوضح أنه «كان هناك تزايد في الطلب في النصف الأول من شهر فبراير، إلا أن هذا التزايد تراجع في الأسبوعين الأخيرين ليستقر المؤشر عند نفس معدل الشهر السابق»، ولا توجد إحصائيات واضحة عن شهر مارس (آذار) الجاري، والذي تفاقمت فيه أزمة «كورونا».
وعكس ما يؤكده المسوق العقاري محمود سامي، من وجود تراجع في نسب مبيعات العقارات في مصر، يقول الدكتور ماجد عبد العظيم، أستاذ الاقتصاد والخبير العقاري، أن «السوق العقارية في مصر لم تتأثر حتى الآن بأزمة (كورونا)»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «لا يوجد ارتباط بين فيروس (كورونا) والعقارات، فمن يريد شراء شقة سيفعل ذلك»، مشيراً إلى أن «السوق العقارية المصرية تعاني من حالة ركود بدأت منذ نحو أربعة أشهر، وتظهر ملامحها في العروض التسويقية التي تقدمها شركات العقارات، ومن بينها زيادة عمولة المسوقين العقاريين، والإعلان عن تسهيلات في السداد تصل إلى عشر سنوات من دون مقدم، والدفعة الأولى بعد التسلم»، لافتاً إلى أن «حالة الركود هذه سببها الرئيسي زيادة المعروض، وارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه».
ورغم أن العاملين في التسويق العقاري لا ينكرون وجود حالة ركود في السوق، فإنهم يرون أن المسألة تزايدت مع الخوف من انتشار «كورونا»، حتى حدث «انكماش في السوق العقارية»، على حد تعبير سامي الذي أوضح أن «شركات التسويق العقاري تأقلمت مع حالة الركود، ونفّذت عمليات إعادة هيكلة وتقليص لعدد الموظفين والمقرات»، مضيفاً: «ما نشهده الآن مختلف، فهناك حالة شلل لم نشهدها من قبل إلا مع ثورتي 30 يونيو (حزيران) 2013، و25 يناير 2011. وإن كان ما نشهده حالياً أكثر حدة، فهناك إلغاء لحجوزات ومواعيد معاينات للوحدات العقارية، وتأجيل لقرارات الشراء بشكل عام حتى انتهاء الأزمة واتضاح الرؤية».
ولا يقتصر تأثير انتشار «كورونا» على حركة البيع والشراء في قطاع العقارات، بل من المتوقع أن «ينعكس التأثير على اقتصاد الشركات العقارية واستثماراتها» حسب بدر الدين، الذي أشار إلى أن «قطاع النفط تأثر بصورة كبيرة خصوصاً بعد إصرار منظمة (أوبك) على عدم تقليل إنتاجها، ليهبط سعر البرميل إلى أقل من 30 دولاراً، ما سبب خسائر للمستثمرين والصناديق العالمية، وترتبت على ذلك انخفاضات في أسعار مواد البناء وبالتالي فإن أي مستثمر لديه مخزون من هذه السلع، سيحقق خسائر بلا شك».
وتماشياً مع قرارات الحكومة المصرية إلغاء التجمعات، تم تأجيل مؤتمر ومعرض «سيتي سكيب مصر للتسويق العقاري»، الذي يعده الخبراء أحد أكبر معارض التسويق العقاري في مصر، والذي كان من المقرر عقده في منتصف الشهر الجاري، لتكتفي الشركات العقارية بالعروض التسويقية التي تقدمها وتعلن عنها إلكترونياً أو تلفزيونياً.
والتأجيل يحمي شركات العقارات من خسائر متوقعة، نظراً لصعوبة حضور العملاء، مما سيؤثر بشكل سلبي على صورة القطاع العقاري، حسب بدر الدين.
ويخشى العاملون في السوق العقارية من استمرار الأزمة فترة طويلة، وهو ما سيؤدي إلى خسائر كبيرة في القطاع، قد تضطر الشركات إلى عمليات إعادة هيكلة وتخفيض عمالة -على حد تعبير سامي- الذي قال إن «الشركات تأقلمت مع انخفاض المبيعات خلال الشهور الماضية، لكن لو استمر الوضع الحالي لمدة شهر، فالمسألة ستكون صعبة وقد تؤدي إلى إغلاق شركات وتسريح موظفين، حيث ستحتاج كل شركة إلى تخفيض نفقاتها بنسبة 40% على الأقل».
ورغم تأكيدات عبد العظيم أنه لا يوجد تأثير لأزمة «كورونا» على السوق العقارية حتى الآن، فإنه يقول: «إذا تفاقمت أزمة (كورونا) فستكون لها تأثيرات على جوانب الحياة كافة، ومنها العقارات»، وهو ما يؤكده بدر الدين بقوله إن «العالم كله سيشهد تراجعاً في معدلات النمو الاقتصادي».