إيجار المساكن بالسعودية يسجل ارتفاعًا في غياب آلية تضبط الأسعار

مختصون: الحلول في عقود ثابتة وضخ وحدات وقوانين صارمة

قطاع التأجير يغرّد خارج منظومة المتغيرات وتراجع الأسعار في القطاع العقاري
قطاع التأجير يغرّد خارج منظومة المتغيرات وتراجع الأسعار في القطاع العقاري
TT

إيجار المساكن بالسعودية يسجل ارتفاعًا في غياب آلية تضبط الأسعار

قطاع التأجير يغرّد خارج منظومة المتغيرات وتراجع الأسعار في القطاع العقاري
قطاع التأجير يغرّد خارج منظومة المتغيرات وتراجع الأسعار في القطاع العقاري

رغم أن القطاع العقاري السعودي بنشاطاته كلها أصابته انتكاسات ومتغيرات وتراجع في الأسعار، إضافة إلى قلة الطلب خلال الأشهر الأخيرة، فإن قطاع التأجير يغرّد خارج هذه المنظومة، حيث لا يزال الطلب عليه جيدا إلى حد كبير، مصاحبا بزيادة أكبر في القيمة، وبعضها بمستويات غير مبررة، مما أثار مطالبات متزايدة بإيجاد آليات تكون مرجعا موحدا في تحديد أسعار تأجير المساكن، في الوقت الذي تسود فيه العشوائية على هذا القطاع المهم الذي يعيش فوضى في تحديد الأسعار التي يغلب على فرضها المزاجية وحساب تكلفة الإنشاء، دون الاعتماد على أرضية معينة تكون قانونا ملزما يفرض على الجميع.
ومن وجهة نظر البعض، لم يفلح نظام «إيجار»، الذي راهن عليه الكثيرون، في السيطرة على الأسعار عبر توفير كميات أكبر من العرض، مما دفع ببعض المستثمرين إلى اقتراح طريقة جديدة لعلاج ذلك عبر وضع تصنيفات معينة تحددها المنطقة، وعمر البناء، والمساحة، والتجهيزات الإضافية لتحديد السعر، مما سيحد من المغالاة وتزايد الأسعار من عام لآخر، في الوقت الذي أصبح التسابق فيه على رفع الأسعار سمة رئيسية تتميز بها السوق، وذلك باعتبار أن «إيجار» مجرد محرك بحث وليس نظاما واضحا لضبط الأسعار.
وكشف نواف العقلة الذي يمتلك شركة للاستشارات العقارية، أن أسعار التأجير في السوق بعيدة تماما عن الواقع، وأن ترك السوق على ما هي عليه دون تنظيم أو تقنين يعني زيادة الأسعار، خصوصا أن السوق تشهد نموا كبيرا في حجمها، باعتبارها من أقوى القطاعات الاقتصادية النامية، إذ إنه يستغرب عدم وجود أنظمة تضبط إيقاع السوق على أوتار معينة، بحيث لا يستطيع المغالون تجاوزها، وفرض عقوبة صارمة على من يتلاعب بها، خصوصا أن الدولة نجحت في فرض حزمة من القرارات التي انعكست إيجابا على القطاعات العقارية مثل رسوم الأراضي البيضاء وتحديد نسب الشراء بالاقتراض.
وأضاف العقلة أن السيطرة على سوق التأجير أمر مهم لتحسين حياة الفرد الاقتصادية، خصوصا أن نسبة كبيرة من المواطنين يلجأون إلى هذا النوع من الخيارات للسكن، في ظل ارتفاع أسعار التملك.
وزاد أن المستأجر في الوقت الحالي يتضرر بشكل كبير، بسبب غياب القوانين التي تضع العرض والطلب مؤشرا أساسيا لفرض الأسعار، مبينا أن استمرار العشوائية دون خضوع السوق لتحديد معين في القيمة، سيزيد من حدة ارتفاع الأسعار وستظل السوق تشهد زيادات متتالية، مبينا أن معظم الدول تحدد الأسعار بحسب العقد الأول الذي أبرمه المستأجر مع المؤجر الذي لا يسمح بزيادة سعر الإيجار عند الرغبة في التجديد، وهو نظام صارم سيحد تطبيقه بشكل كبير من التلاعب.
يذكر أن الدولة تسعى جاهدة عبر وزارة الإسكان للسيطرة على أسعار العقار، ونجحت في ذلك في بعض الفروع، مما شجع بعض المهتمين في القطاع العقاري باقتراح عدد من الأفكار والدراسات لضبط أسعار الإيجار باعتبارها فرعا مؤثرا وكبيرا من فروع الحركة العقارية في السعودية، إلا أنه لا توجد صيغة واضحة وصارمة عند وضع العقود التأجيرية ومتروكة للعرض والطلب مما انعكس سلبا على أسعار الإيجارات.
وفي صلب الموضوع، أشار محمد السعيدان المستثمر العقاري، إلى أن غياب الآلية الواضحة والملزمة في صيغة عقد الإيجار، فرضت المزاجية وحساب تكلفة الإنشاء عند وضع تسعيرة التأجير في الوقت الحالي، وهي محددات بدائية وغير دقيقة أو واقعية عند وضع الإيجار، خصوصا أن نسبة تكلفة الإنشاء تختلف من منشأة إلى أخرى، فتجد أن بعضها تقع بجانب بعض، إلا أن فرق السعر يكون كبيرا بينهما، وذلك لأن تكلفة إنشاء المشروع جاءت بسعر مرتفع، وهي نتيجة طبيعية يراها ملاك بعض المنشآت التي يضع أصحابها القيمة، بحسب ما يراه مناسبا دون الاستناد إلى حسابات معينة، وهو ما يتحمله المستأجر في نهاية المطاف.
وحول جدوى تحديد أسعار التأجير في ضبط حالة السوق، أبان السعيدان أنها محور ما يبحثون عنه عبر فرض قوانين نافذة لضبط سير السوق وانتشالها من الانفلات الحاصل في قيمته، لافتا إلى أن هناك من يستغل غياب الرقابة ليعبث بالقطاع كيفما يشاء، ويستفيد منه دون وجه حق في ظل عدم وجود مراقبة صارمة لإدارة السوق بعقلية قانونية، وأن هناك من يفهم بشكل خاطئ خضوع السوق للنظرية الحرة التي تعتمد على العرض والطلب عند وضع السعر، وأن المشكلة تكمن في أن قطاع التأجير يعتبر قطاعا قياديا ويؤثر بشكل مباشر على القطاع العقاري سلبا أو إيجابا.
يذكر أن شريحة كبيرة من السكان المحليين يعتمدون على استئجار البيوت كخيار للإيواء في ظل ارتفاع أسعار التملك، مما يعني أن مشكلة عدم تقييد الأسعار تضر بشريحة كبيرة منهم، خصوصا أن البعض يعاني من زيادة الأسعار من فترة إلى أخرى رغم استمرارهم في نفس السكن دون وجود مبرر سوى غياب الآلية أو القانون الذي يمنع المؤجر من ذلك، وهو الأمر الذي أوجد ارتفاعات متتالية انعكست بشكل مباشر على ارتفاع المعيشة في السعودية وتصدر قطاع تأجير المنازل أكثر مصادر التضخم وهي القائمة الحكومية التي أعلن عنها - أخيرًا - .
إلى ذلك، أوضح عبد اللطيف العبد اللطيف، الذي يمتلك شركة لإدارة الأملاك العقارية، أن هناك تخبطا واضحا عند تحديد قيمة الإيجار، إذ إن معظم أصحاب المنشآت يقعون في حيرة عند وضع سعر التأجير، في ظل غياب مفهوم الجدوى الاقتصادي، بدليل أن معظم ملاك المنشآت يقومون بتغيير أسعار التأجير من عام لآخر، وأن معظمهم يتجه إلى الارتفاع دون مبرر واضح، مما يعني أن ثقافة تحديد أرباح المنشآت غائبة تماما عند معظم العقليات الاستثمارية، وأن تحقيق العوائد بأسرع وقت هو العامل الرئيسي في تحديد الأسعار، وهو ما أضر بالسوق كثيرا، خصوصا لمحدودي الدخل الذين وقعوا بين فكي غلاء وحدات التملك وارتفاع أسعار الإيجار.
وأضاف أن «فرض آلية محددة شاملة تحت مظلة حكومية أمر مهم لتقييد انفلات الأسعار، حيث تفرز الوحدات باعتبارات عدة، منها مكان المنشأة، ومساحتها وتجهيزاتها، ولا يعني ذلك أن تكون محددة بمبلغ معين، بل تتأرجح بين تحديد سعرين محددين أعلى وأدنى، لحساب فروقات التجهيزات والتشطيبات وبعض التفاصيل الدقيقة».
وكشف أن السوق تشهد ارتفاعا في الأسعار سببه العشوائية، وأن أول خطوة يجب العمل بها عند إعادة تنظيم القطاع العقاري ككل هي تحديد أسعار التأجير، مبينا أن نظام «إيجار» لم يحرك ساكنا منذ تطبيقه، مشيرا إلى أنه مجرد محرك بحث عن الوحدات العقارية، ولا يمتلك شعبية كبيرة على أرض الواقع، حيث لا يزال العمل بنظام السماسرة قائما ولم يحد كثيرا من قيادتهم للقطاع العقاري.
يشار إلى أن قطاع التأجير لا يخضع لأي معايير أو أنظمة تحد من ارتفاعه، مما يجعل الأسعار تقفز من حين لآخر، على الرغم من الركود الذي يشهده القطاع العقاري، كما أثارت النتائج التي أعلنتها مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات في وقت سابق عن ارتفاع قيمة إيجارات المنازل في السعودية إلى 73.5 في المائة خلال السنوات السبع الماضية، موجة انتقادات بين المتخصصين والمواطنين، خصوصا أن هذا الارتفاع شكل ضغطا كبيرا على ميزانية الأسر السعودية التي يسكن أكثر من ثلثيها في منازل مستأجرة.



الصين تتوقع نمواً بنسبة 5% هذا العام

عمال السكك الحديدية في الصين يجمعون آلة حفر الأنابيب في موقع بناء محطة قطار تحت الأرض في هوتشو (رويترز)
عمال السكك الحديدية في الصين يجمعون آلة حفر الأنابيب في موقع بناء محطة قطار تحت الأرض في هوتشو (رويترز)
TT

الصين تتوقع نمواً بنسبة 5% هذا العام

عمال السكك الحديدية في الصين يجمعون آلة حفر الأنابيب في موقع بناء محطة قطار تحت الأرض في هوتشو (رويترز)
عمال السكك الحديدية في الصين يجمعون آلة حفر الأنابيب في موقع بناء محطة قطار تحت الأرض في هوتشو (رويترز)

قال نائب مدير اللجنة المركزية للشؤون المالية والاقتصادية في الصين يوم السبت إن اقتصاد الصين من المتوقع أن ينمو بنحو 5 في المائة هذا العام. وأضاف هان وين شيو في مؤتمر اقتصادي أن ثاني أكبر اقتصاد في العالم سيُسهم بنحو 30 في المائة من النمو العالمي. وأشار هان، الذي يشغل أيضاً منصب مسؤول كبير في الحزب الشيوعي الحاكم، إلى ضرورة تعزيز الاستهلاك واعتبار توسيع الطلب المحلي خطوة استراتيجية طويلة الأجل، حيث من المتوقع أن يصبح هذا الطلب القوة الدافعة الرئيسة للنمو الاقتصادي.

وأعلنت الصين يوم الخميس عن خطط لزيادة إصدار الديون وتخفيف السياسة النقدية للحفاظ على معدل نمو اقتصادي مستقر، استعداداً لمواجهة مزيد من التوترات التجارية مع الولايات المتحدة في ظل احتمال عودة دونالد ترمب إلى البيت الأبيض. كما أوصى مستشارو الحكومة بالحفاظ على هدف نمو يتراوح حول 5 في المائة للعام المقبل، وفقاً لتقرير «رويترز» الصادر الشهر الماضي.

وبينما تتوقع سوق الأسهم انتعاش الاستهلاك في الصين، يراهن مستثمرو السندات على استمرار التحديات الاقتصادية. وأكد هان أن سياسة مالية نشطة إلى جانب سياسة نقدية أكثر تساهلاً ستساعد الصين على التكيف بشكل أفضل مع العوامل غير المستقرة وغير المؤكدة في الاقتصاد، مما يوفر دعماً قوياً لتحقيق الأهداف السنوية.

وفيما يتعلق بالاحتياطات المالية، أوضح هان أن احتياطيات النقد الأجنبي في الصين من المتوقع أن تظل فوق 3.2 تريليون دولار هذا العام، مع الاستمرار في استقرار مستويات العمالة والأسعار.

على صعيد آخر، أظهرت البيانات الرسمية التي أصدرها بنك الشعب الصيني (البنك المركزي) ارتفاعاً في القروض المقومة باليوان بمقدار 17.1 تريليون يوان (نحو 2.38 تريليون دولار) خلال الأشهر الأحد عشر الأولى من عام 2024.

وأشارت البيانات، التي نقلتها وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا)، إلى زيادة في مؤشر «إم 2»، الذي يُعتبر مقياساً واسع النطاق للمعروض النقدي ويشمل النقد المتداول وجميع الودائع، بنسبة 7.1 في المائة على أساس سنوي ليصل إلى 311.96 تريليون يوان بنهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

في المقابل، بلغ مؤشر «إم 1»، الذي يغطي النقد المتداول والودائع تحت الطلب، 65.09 تريليون يوان بنهاية الشهر الماضي، مسجلاً انخفاضاً بنسبة 3.7 في المائة على أساس سنوي.

أما مؤشر «إم 0»، الذي يعكس حجم النقد المتداول، فقد ارتفع بنسبة 12.7 في المائة مقارنة بالعام السابق، ليصل إلى 12.42 تريليون يوان بنهاية نوفمبر، وفقاً للبيانات الصادرة عن البنك المركزي الصيني.

وفيما يخص القروض المستحقة باليوان، فقد بلغت 254.68 تريليون يوان بنهاية نوفمبر، بزيادة قدرها 7.7 في المائة على أساس سنوي.

كما أظهرت البيانات أن التمويل الاجتماعي المستحق بلغ 405.6 تريليون يوان بنهاية الشهر الماضي، مسجلاً زيادة بنسبة 7.8 في المائة على أساس سنوي.