أفضل الروايات البريطانية والأميركية عام 2015

أفضل الروايات البريطانية والأميركية عام 2015
TT

أفضل الروايات البريطانية والأميركية عام 2015

أفضل الروايات البريطانية والأميركية عام 2015

عام 2015 هو عام الرواية بامتياز، إذ شهد العام المنصرم عددًا من الروايات المتقنة التي لا تظهر كل سنة، بل كل عقد من الزمن. ومثل هذه الروايات تسكت ألسنة النقاد الذين ينذرون بموت الرواية بشكلها التقليدي. كانت سنة روائية ناجحة بدءًا من مسابقة البوكر الشهيرة، حيث فازت رواية «تاريخ موجز لسبع جرائم قتل» لمارلون جيمس وهو أول كاتب جامايكي يفوز بالجائزة في تاريخها الذي يمتد 47 عامًا.
وترشحت للقائمة القصيرة لجائزة بوكر 2015 ثلاث راويات أخرى بالغة الإتقان والقوة، حسب لجنة التحكيم، وكانت تستحق كل واحدة منها الفوز بالجائزة أيضًا وهي على التوالي:
«حياة قصيرة» وهي رواية مذهلة ومقلقة في آن واحد للروائية الأميركية المولودة في هاواي هانيا يانكيهارا، وهي الرواية الثانية للروائية التي رسخت اسمها كصوت متفرد في عالم الرواية المعاصرة تتناول سيرة أربعة أصدقاء منذ تخرجهم حتى انتقالهم إلى مدينة نيويورك والسعي نحو تحقيق أحلامهم كل في طريق مختلف.
رواية «سنة الهاربين» للروائي البريطاني سنجيف ساهوتا وهي الرواية الثانية له أيضًا والرواية تتناول عوالم العمالة الهندية في مدينة شيفيلد البريطانية حيث يتكدس 13 رجلاً في غرفة واحدة تتنازعهم الرغبات في إيجاد فرص عمل وتحسين ظروف حياتهم وذاكرتهم المشبعة بالفقر والظروف المزرية في أوطانهم.
رواية «الصيادون» للروائي النيجيري جيكوزي أوبيوما وهي روايته الأولى وتتناول سيرة أربعة إخوة، أصغرهم في التاسعة، وأكبرهم في الخامسة عشرة، في مدينة صغيرة بغرب نيجيريا، يستغلون غياب الأب الصارم عن المنزل للذهاب لصيد السمك في نهر قريب لكنهم يلتقون برجل مجنون في طريقهم، يتنبأ بأن أكبرهم سيقتل من قبل أحد الثلاثة الآخرين، هذه النبوءة هي ما سيقود مجريات الأحداث اللاحقة في الرواية.
رواية «الأنوار» للروائي الاسكوتلندي اندرو أوهاغن وهي الرواية الرابعة له، وهي عن الحب والذكريات والحقيقة التي تدفن مع الأسرار في قلوب الناس، بطلتها امرأة مسنة منسية تعيش وحيدة في بيتها الاسكوتلندي وهي تراقب أرنبًا يتقافز فوق ثلج حديقتها وتتذكر شبابها حين كانت واحدة من أبرز المصورات الفوتوغرافيات في محطة «بي بي سي».
رواية «ليلى» للروائية الأميركية مارلين روبنسون التي سبق لها أن فازت بجائزة «بوليتزر» الأدبية عام 2005 وروايتها الجديدة تتناول قصة حياة فتاة مشردة في الطرقات، تحتمي بسقف كنيسة في مدينة صغيرة تقيها من البرد والمطر، وأثناء وجودها في الكنيسة تبدأ علاقة رومانسية تغير مجرى حياتها لاحقًا، وتصبح زوجة لراعي الكنيسة الأرمل، وتبدأ حياة جديدة تحاول فيها المحافظة على الأمان الذي حصلت عليه أخيرًا.
رواية «هل كان عندك عائلة» للروائي الأميركي بل كليغ، وهي رواية تتحدث عن الأسرار المعتمة في حياة امرأة، تُفشي في صباح يوم زواج ابنتها، وتتحطم حياة عائلتها ومستقبلها، وتفرّ من هذه الكارثة وحيدة ومنكوبة لتجد نفسها في غرفة في فندق يطل على المحيط يبعد مئات الأميال عن بيتها، وتظل سجينة ذكرياتها وإحساسها بالذنب لما ارتكبته من أخطاء بحق ابنتها الوحيدة وزوجها. هذه الرواية تجميع لعدة أصوات من خلال استدعائها من الذكرى وكل صوت له معوله الخاص المساهم في تحطيم هذه العائلة.
رواية «بيتلبون» للروائي الآيرلندي كيفن بري، هذه الرواية فازت بجائزة غولد سمث للرواية لهذا العام، وعن جدارة، كما ترشحت للقائمة الطويلة لجائزة المان بوكر، هذه الرواية تسرد قصة رحلة علاجية غريبة متخيلة للمغني البريطاني جون لينون إلى جزيرة صغيرة على الساحل الغربي لآيرلندا. إنها تصوير لحياة فنان يكافح من أجل الإبداع في زمن النفاق.
رواية «أفعال القتلة»، وهي الرواية السادسة للروائي البريطاني ريتشارد بيرد. هذه الرواية فيها ترقب ورعب، مزيج من البوليسية والكوابيس، مقنعة بحبكتها الروائية رغم عبثيتها، بطلها رجل يدعى كاليو يعمل في ثلاجة لحفظ الجثث، ويخسر وظيفته حين تُسرق جثة ويغلق الملف دون الاستدلال على الفاعل، لكن الملف ذاته يُعاد فتحه بعد سنوات نتيجة اختفاء جثة أخرى ويستدعى كاليو مرة أخرى. إنها رواية عن رجل مفرد يكافح من أجل الصمود أمام قوة فوق إدراكه.
رواية سلمان رشدي الأخيرة «سنتان ثمانية أشهر وثمان وعشرون ليلة» وهي رواية تمزج قصة حب مع التاريخ ومع الميثولوجيا، رواية خصبة وذات طبقات متعددة تحفر في عالمنا اللامعقول، أسلوب سلمان رشدي في هذه الرواية هو دليل على قوة النص وعلى تنامي صنعة الروائي. بطل هذه القصة حدائقي متواضع في مدينة نيويورك، تجري أحداث الرواية في المستقبل القريب بعد إعصار يضرب المدينة، تبدأ الأحداث الغريبة، حيث يشعر هذا الحدائقي بأن قدميه لم تعودا تلمسان الأرض، وحين يعود إلى غرفته يرى مخططا يقوده إلى مدخل غامض وتتداخل الأحداث حين يتم العثور على طفل رضيع في مكتب عمدة نيويورك ليجد هذا الحدائقي أنه يعيش على حافة عالمين مفصولين بحجاب رقيق. يعود سلمان رشدي إلى استلهام ميثولجيا الشرق القديمة لتتداخل مع أحداث الرواية الحديثة لإبداع راوية ملحمية تتداخل فيها تناقضات العلم والخرافة.



سوريا الماضي والمستقبل في عيون مثقفيها

هاني نديم
هاني نديم
TT

سوريا الماضي والمستقبل في عيون مثقفيها

هاني نديم
هاني نديم

بالكثير من التفاؤل والأمل والقليل من الحذر يتحدث أدباء وشعراء سوريون عن صورة سوريا الجديدة، بعد الإطاحة بنظام الأسد الديكتاتوري، مشبهين سقوطه بالمعجزة التي طال انتظارها... قراءة من زاوية خاصة يمتزج فيها الماضي بالحاضر، وتتشوف المستقبل بعين بصيرة بدروس التاريخ، لواحدة من أجمل البلدان العربية الضاربة بعمق في جذور الحضارة الإنسانية، وها هي تنهض من كابوس طويل.

«حدوث ما لم يكن حدوثه ممكناً»

خليل النعيمي

بهذا العبارة يصف الكاتب الروائي خليل النعيمي المشهد الحالي ببلاده، مشيراً إلى أن هذه العبارة تلخص وتكشف سر السعادة العظمى التي أحس بها معظم السوريين الذين كانوا ضحية الاستبداد والعَسْف والطغيان منذ عقود، فما حدث كان تمرّداً شجاعاً انبثق كالريح العاصفة في وجه الطغاة الذين لم يكونوا يتوقعونه، وهو ما حطّم أركان النظام المستبد بشكل مباشر وفوري، وأزاح جُثومه المزمن فوق القلوب منذ عشرات السنين. ونحن ننتظر المعجزة، ننتظر حدوث ما لم نعد نأمل في حدوثه وهو قلب صفحة الطغيان: «كان انتظارنا طويلاً، طويلاً جداً، حتى أن الكثيرين منا صاروا يشُكّون في أنهم سيكونون أحياءً عندما تحين الساعة المنتظرة، والآن قَلْب الطغيان لا يكفي، والمهم ماذا سنفعل بعد سقوط الاستبداد المقيت؟ وكيف ستُدار البلاد؟ الطغيان فَتّت سوريا، وشَتّت أهلها، وأفْقرها، وأهان شعبها، هذا كله عرفناه وعشناه. ولكن، ما ستفعله الثورة المنتصرة هو الذي يملأ قلوبنا، اليوم بالقلَق، ويشغل أفكارنا بالتساؤلات».

ويشير إلى أن مهمة الثورة ثقيلة، وأساسية، مضيفاً: «نتمنّى لها أن تنجح في ممارستها الثورية ونريد أن تكون سوريا لكل السوريين الآن، وليس فيما بعد، نريد أن تكون سوريا جمهورية ديمقراطية حرة عادلة متعددة الأعراق والإثنيّات، بلا تفريق أو تمزيق. لا فرق فيها بين المرأة والرجل، ولا بين سوري وسوري تحت أي سبب أو بيان. شعارها: حرية، عدالة، مساواة».

مشاركة المثقفين

رشا عمران

وترى الشاعرة رشا عمران أن المثقفين لا بد أن يشاركوا بفعالية في رسم ملامح سوريا المستقبل، مشيرة إلى أن معجزة حدثت بسقوط النظام وخلاص السوريين جميعاً منه، حتى لو كان قد حدث ذلك نتيجة توافقات دولية ولكن لا بأس، فهذه التوافقات جاءت في مصلحة الشعب.

وتشير إلى أن السوريين سيتعاملون مع السلطة الحالية بوصفها مرحلة انتقالية ريثما يتم ضبط الوضع الأمني وتستقر البلد قليلاً، فما حدث كان بمثابة الزلزال، مع الهروب لرأس النظام حيث انهارت دولته تماماً، مؤسساته العسكرية والأمنية والحزبية كل شيء انهار، وحصل الفراغ المخيف.

وتشدد رشا عمران على أن النظام قد سقط لكن الثورة الحقيقة تبدأ الآن لإنقاذ سوريا ومستقبلها من الضياع ولا سبيل لهذا سوى اتحاد شعبها بكل فئاته وأديانه وإثنياته، فنحن بلد متعدد ومتنوع والسوريون جميعاً يريدون بناء دولة تتناسب مع هذا التنوع والاختلاف، ولن يتحقق هذا إلا بالمزيد من النضال المدني، بالمبادرات المدنية وبتشكيل أحزاب ومنتديات سياسية وفكرية، بتنشيط المجتمع سياسياً وفكرياً وثقافياً.

وتوضح الشاعرة السورية أن هذا يتطلب أيضاً عودة كل الكفاءات السورية من الخارج لمن تسنح له ظروفه بهذا، المطلوب الآن هو عقد مؤتمر وطني تنبثق منه هيئة لصياغة الدستور الذي يتحدد فيه شكل الدولة السورية القادمة، وهذا أيضاً يتطلب وجود مشاركة المثقفين السوريين الذين ينتشرون حول العالم، ينبغي توحيد الجهود اليوم والاتفاق على مواعيد للعودة والبدء في عملية التحول نحو الدولة الديمقراطية التي ننشدها جميعاً.

وداعاً «نظام الخوف»

مروان علي

ومن جانبه، بدا الشاعر مروان علي وكأنه على يقين من أن مهمة السوريين ليست سهلة أبداً، وأن «نستعيد علاقتنا ببلدنا ووطننا الذي عاد إلينا بعد أكثر من خمسة عقود لم نتنفس فيها هواء الحرية»، لافتاً إلى أنه كان كلما سأله أحد من خارج سوريا حيث يقيم، ماذا تريد من بلادك التي تكتب عنها كثيراً، يرد قائلاً: «أن تعود بلاداً لكل السوريين، أن نفرح ونضحك ونكتب الشعر ونختلف ونغني بالكردية والعربية والسريانية والأرمنية والآشورية».

ويضيف مروان: «قبل سنوات كتبت عن (بلاد الخوف الأخير)، الخوف الذي لا بد أن يغادر سماء سوريا الجميلة كي نرى الزرقة في السماء نهاراً والنجوم ليلاً، أن نحكي دون خوف في البيت وفي المقهى وفي الشارع. سقط نظام الخوف وعلينا أن نعمل على إسقاط الخوف في دواخلنا ونحب هذه البلاد لأنها تستحق».

المساواة والعدل

ويشير الكاتب والشاعر هاني نديم إلى أن المشهد في سوريا اليوم ضبابي، ولم يستقر الأمر لنعرف بأي اتجاه نحن ذاهبون وأي أدوات سنستخدم، القلق اليوم ناتج عن الفراغ الدستوري والحكومي ولكن إلى لحظة كتابة هذه السطور، لا يوجد هرج ومرج، وهذا مبشر جداً، لافتاً إلى أن سوريا بلد خاص جداً بمكوناته البشرية، هناك تعدد هائل، إثني وديني ومذهبي وآيديولوجي، وبالتالي علينا أن نحفظ «المساواة والعدل» لكل هؤلاء، فهي أول بنود المواطنة.

ويضيف نديم: «دائماً ما أقول إن سوريا رأسمالها الوحيد هم السوريون، أبناؤها هم الخزينة المركزية للبلاد، مبدعون وأدباء، وأطباء، وحرفيون، أتمنى أن يتم تفعيل أدوار أبنائها كل في اختصاصه وضبط البلاد بإطار قانوني حكيم. أحلم أن أرى سوريا في مكانها الصحيح، في المقدمة».

خالد حسين

العبور إلى بر الأمان

ومن جانبه، يرصد الأكاديمي والناقد خالد حسين بعض المؤشرات المقلقة من وجهة نظره مثل تغذية أطراف خارجية للعداء بين العرب والأكراد داخل سوريا، فضلاً عن الجامعات التي فقدت استقلالها العلمي وحيادها الأكاديمي في عهد النظام السابق كمكان لتلقي العلم وإنتاج الفكر، والآن هناك من يريد أن يجعلها ساحة لنشر أفكاره ومعتقداته الشخصية وفرضها على الجميع.

ويرى حسين أن العبور إلى بر الأمان مرهونٌ في الوقت الحاضر بتوفير ضروريات الحياة للسوريين قبل كلّ شيء: الكهرباء، والخبز، والتدفئة والسلام الأهلي، بعد انتهاء هذه المرحلة الانتقالية يمكن للسوريين الانطلاق نحو عقد مؤتمر وطني، والاتفاق على دستور مدني ديمقراطي ينطوي بصورة حاسمة وقاطعة على الاعتراف بالتداول السلمي للسلطة، وحقوق المكوّنات الاجتماعية المذهبية والعرقية، وحريات التعبير وحقوق المرأة والاعتراف باللغات الوطنية.

ويشير إلى أنه بهذا الدستور المدني المؤسَّس على الشرعية الدولية لحقوق الإنسان يمكن أن تتبلور أحلامه في سوريا القادمة، حينما يرى العدالة الاجتماعية، فهذا هو الوطن الذي يتمناه دون تشبيح أو أبواق، أو طائفية، أو سجون، موضحاً أن الفرصة مواتية لاختراع سوريا جديدة ومختلفة دون كوابيس.

ويختتم قائلاً: «يمكن القول أخيراً إنّ مهام المثقف السوري الآن الدعوة إلى الوئام والسلام بين المكوّنات وتقويض أي شكل من أشكال خطاب الهيمنة والغلواء الطائفي وإرادة القوة في المستقبل لكي تتبوّأ سوريا مكانتها الحضارية والثقافية في الشرق الأوسط».