المتمردون يبتزون موظفي الدولة بمصادرة رواتبهم

ناطق باسم الحكومة لـ {الشرق الأوسط} : الانقلاب لن يطول.. والميليشيات لا تبني دولة

جنود يمنيون يقيمون نقاط تفتيش في عدن الأسبوع الماضي لتثبيت الأمن (أ.ف.ب)
جنود يمنيون يقيمون نقاط تفتيش في عدن الأسبوع الماضي لتثبيت الأمن (أ.ف.ب)
TT

المتمردون يبتزون موظفي الدولة بمصادرة رواتبهم

جنود يمنيون يقيمون نقاط تفتيش في عدن الأسبوع الماضي لتثبيت الأمن (أ.ف.ب)
جنود يمنيون يقيمون نقاط تفتيش في عدن الأسبوع الماضي لتثبيت الأمن (أ.ف.ب)

استنكر راجح بادي الناطق باسم الحكومة اليمنية الشرعية، مصادرة ميليشيات صالح والحوثيين رواتب موظفي الدولة، مؤكدا أن ما قامت به هي إجراءات باطلة، وتضع كل مرتكبها وكل من شارك فيها تحت طائلة المسؤولية، باعتبارها أفعالا مجرمة دستوريًا وقانونيًا.
وقال الناطق باسم الحكومة اليمنية الشرعية لـ«الشرق الأوسط»: «إن هذه الإجراءات القمعية بحق موظفي الدولة، تهدفت إلى ابتزازهم وفرض شخصيات موالية للانقلابيين في مؤسساتهم»، مشيرا إلى أن الانقلاب لن يستمر طويلا، وعلى كل من غرّر بهم الحوثي وصالح أن يعودوا لجادة الصواب، لأن الميليشيات لا تبني دولة، بل تدمر الحاضر والمستقبل.
وذكر بادي أن الحكومة هي الجهة الدستورية المخوّلة بإدارة أعمال مؤسسات الدولة وأي تغييرات قامت بها الميليشيات منذ انقلابها على الدولة هي إجراءات باطلة وغير معترف بها، مشيرا إلى أن توجيهات الرئيس عبد ربه منصور هادي ونائبه رئيس الحكومة خالد بحاح واضحة، ببطلان ما صدر عن الانقلابيين في مختلف مواقع ومرافق الدولة المدنية والعسكرية، وما يتصل منها بالخدمة المدنية من تعيين وإحلال وتوظيف وتقاعد وفي كل مؤسسات وأجهزة الدولة، وأمر الحكومة باتخاذ الإجراءات الخاصة بذلك.
وأضاف: «إن الحكومة من جانبها، وجهت البنك المركزي والمالية بعدم التعامل مع الأشخاص الذين عينهم الانقلابيون في مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية والأمنية»، موضحا أن هذه التعيينات تعد أعمالاً مجرَمة، وتضع مرتكبها ومن يشارك فيها تحت طائلة القانون.
ولجأت الميليشيا منذ سيطرتها على صنعاء في سبتمبر (أيلول) 2014، إلى تقاسم المؤسسات الحكومية المدنية والعسكرية مناصفة بين جماعة الحوثي والمخلوع علي صالح، وفرضت قيادات موالية لهم لإدارتها، وأقصت القيادات السابقة واعتقلت عددًا منهم، وشكل الانقلابيون ما يسمى «اللجنة الثورية العليا» التي شكلت في 6 فبراير (شباط) 2015، وأعطت لنفسها صلاحيات إدارة البلاد.
وقال راجح بادي: «إن الحكومة الشرعية في طريقها لاستعادة مؤسسات الدولة، بتكاتف ومساعدة كل أبناء الشعب اليمني ودعم الأشقاء في التحالف العربي»، وعدّ ما تقوم به الميليشيات من نهب للمال العام ومصادرة رواتب موظفي الدولة، محاولة فاشلة لابتزاز موظفي الدولة، وفرض أشخاص عليهم بقوة السلاح، ومن دون مسوغات دستورية أو قانونية، مؤكدًا أن الرفض الشعبي للميليشيات بدأ منذ أول يوم احتلت فيه صنعاء وسيطرت على مؤسسات الدولة.
وجدد بادي توجيهات الحكومة لجميع مؤسسات الدولة في صنعاء وكل المحافظات، بوقف التعامل مع إجراءات الميليشيات المتعلقة بالوظيفة العامة، وعدم اعتماد توقيعات المعينين من قبلهم، مؤكدا أن مجلس الوزراء وجه باتخاذ إجراءات عقابية بحق من أصدر القرارات غير القانونية.
وقال ناطق الحكومة: «إن المتمردين استغلوا وجود موالين لهم داخل هذه المؤسسات ممن رفضت الحكومة السابقة تغييرهم، لحرصها على ألا يفسر ذلك بأنه إجراء يستهدف أطرافا بعينها». وأضاف: «اكتشفنا أن هذه الشخصيات كانت خلايا نائمة للانقلابيين، وتحالفوا معهم وساعدوهم للسيطرة على مؤسسات دولة».
وأوضح بادي أن جميع موظفي المؤسسات الحكومية في صنعاء، يعرفون جيدا من أوصلوا مؤسساتهم للانهيار، وكيف جرى تعيين أشخاص لا يمتلكون أي مؤهلات ولا خبرات إلا أنهم موالون لهم، بعد أن أقصوا كل القيادات السابقة المعينة بقرارات جمهورية وقرارات من رئاسة الوزراء»، موضحا أن «المنهجية التدميرية التي تسير عليها الميليشيات، أوصلت البلاد إلى مرحلة الانهيار والفوضى، وتحاول الحكومة الشرعية إيقاف ذلك بكل الطرق الممكنة».
وصادر المتمردون رواتب العشرات من موظفي الدولة بمبرر مساندتهم للشرعية، واشترطت الميليشيات وجود الموظف داخل البلاد، وتسلم راتبه مباشرة من المؤسسة التي يعمل فيها، وبررت ما تسمى اللجان الثورية التي تدير المؤسسات إجراءاتها، بأنها تنفيذ لتعميم صادر من اللجنة الثورية العليا التي تدير العاصمة صنعاء منذ الانقلاب، وذكر الكثير من الموظفين من الرافضين للميليشيات أن هناك محاولة لابتزازهم بالراتب الشهري، بهدف اختطافهم، خصوصا أن هناك عمليات مماثلة تعرض لها جنود وموظفون جرى اعتقالهم فور وصولهم إلى صنعاء.
وتصاعد السخط والرفض داخل المؤسسات الرسمية في صنعاء، لما يسمى اللجان الثورية التي سيطرت على المؤسسات في سبتمبر 2014، وطالبت نقابات نفطية بطرد اللجان من شركتهم، وقالت نقابة الشركة اليمنية للاستثمارات النفطية والمعدنية في بيان صحافي تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه: «إن تدخلات الميليشيات في عمل الشركة أوصلها إلى مرحلة الانهيار»، ودعت النقابات إلى طرد هذه اللجان من الشركة ومنع أي تسييس لها باعتبارها شركة وطنية خدمية.
وأمهلت النقابة قيادة الشركة الموالية للمتمردين أسبوعا لإبعاد ما تسمى اللجان الثورية من الشركة ومنع تدخلها في أعمالها، وأوضح البيان أن موظفي الشركة طالبوا بطرد اللجنة الثورية من شركتهم بعد تعرض الكثير من الموظفين للاعتداء والتهديد وطردهم من مكاتبهم وملاحقتهم، بسبب رفضهم التدخل في أعمالهم، وأكدت النقابة تعرض موظفين في الشركة للتهديدات والاعتداء والابتزاز، وقام مسلحو الحوثي بطرد عدد منهم من مكاتبهم تحت تهديد السلاح، وتلفيق تهم ضدهم.
وحذرت النقابة من انهيار وتدمير الشركة في حال استمرت هذه اللجان في الشركة، وقالت «إن لجان الحوثي لم تكن عونا للمصلحة العامة، بل كان وجودها سلبيا».



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».