المؤشرات تزداد على تعثر انتخاب فرنجية لرئاسة لبنان

السنيورة يؤكد أن «تحالف 14» سيبقى مستمرًا فاعلاً ومناضلاً

النائب سليمان فرنجية
النائب سليمان فرنجية
TT

المؤشرات تزداد على تعثر انتخاب فرنجية لرئاسة لبنان

النائب سليمان فرنجية
النائب سليمان فرنجية

تزداد المؤشرات على أن التسوية القاضية بانتخاب النائب سليمان فرنجية رئيسًا للجمهورية، اللبنانية تعثرت، بعد إشارة البطريرك الماروني بشارة الراعي إلى «التمييز بين المبادرة بحد ذاتها والاسم المطروح»، فيما أعلن عضو كتلة «اللقاء الديمقراطي» التي يترأسها النائب وليد جنبلاط، النائب غازي العريضي، أن «التسوية لا يمكن أن تمر في المرحلة الراهنة لأن عناصرها الداخلية والخارجية لم تكتمل بعد».
ويبدو أن قوى «14» تخطت التباينات التي ظهرت إثر تبني رئيس الحكومة الأسبق ورئيس «تيار المستقبل» سعد الحريري لخطوة ترشيح فرنجية للرئاسة، وخصوصًا لجهة العلاقة بين «المستقبل» وحزب «القوات اللبنانية»، بدليل حضور رئيس «القوات» سمير جعجع الذكرى السنوية الثانية لاغتيال الوزير محمد شطح، إلى جانب رئيس كتلة «المستقبل» النيابية فؤاد السنيورة.
غير أن مصدر في قوى «14»، قال إن الاختلافات في وجهات النظر حيال الملف الرئاسي «لا تزال موجودة». وأوضح المصدر، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن حضور جعجع في المناسبة، «مرتبط بشهادة الوزير شطح وإصرار القوات على حماية تحالف قوى (14)»، مؤكدًا أن علاقة «القوات» مع «المستقبل» «ثابتة ومستمرة، ولن يكون أي خلاف بينهما، رغم الاختلاف في وجهات النظر حيال ملف رئاسة الجمهورية». وأشار إلى أنه «طالما أن ملف التسوية الرئاسية مطروح، فالتباينات في وجهات النظر ستبقى قائمة»، مشددًا على أن «القوات» «متمسكة بالتحالف ومصرة عليه».
وأكد السنيورة أنّ «الاختلافات التي طرأت أو قد تطرأ في قوى (14) لا يمكن أن تؤثر على القضية الأساس التي تتعلق بجوهر وجود لبنان»، مشددًا على أنّ «قضية (14) محقة؛ لذا هذا التحالف سيبقى مستمرًا فاعلاً ومناضلاً».
ونبّه السنيورة إلى أن لبنان يقف على مفترق هام «فإما أن نظل متمسكين بالحسابات الصغيرة ونتسبب بضياع الوطن، وإما نغتنم الفرص المتاحة بحيث تتغلب الاعتبارات الوطنيّة على الصغائر»، مشيرًا إلى أن «المدخل الوحيد لملء الشغور الرئاسي في انتخاب رئيس يكون بحق رمزا لوحدة الوطن».
وشدد السنيورة على «عدم تبدل الأهداف والتوجهات والانفتاح على شركاء في الوطن، وعدم الموافقة على انخراط حزب الله في سوريا»، معتبرًا أن ذلك «يتثبت يومًا بعد آخر أن ليس بما يفعله حزب الله في سوريا يمكن محاربة الإرهاب».
وبدا لافتًا تصريح البطريرك الماروني بشارة الراعي أمس بخصوص المبادرة الرئاسية، ففي حين أعرب عن إصراره للمبادرة لانتخاب رئيس للجمهورية، لم يكن مصرًا على اسم فرنجية الذي طرح ضمن التسوية الأخيرة. وقال الراعي: «ما زلنا نطالب باستمرار، باسم الشعب اللبناني بانتخاب رئيس للجمهورية وقيام المؤسسات وبناء دولة القانون والحقوق»، مشددًا على أنه «عندما ندعو الكتل السياسية والنيابية إلى مقاربة المبادرة الجديدة الخاصة بانتخاب رئيس للجمهورية، فلأن انتخابه هو المدخل الأساسي، وعندما نقول إن المبادرة جدية ومدعومة، إنما نميز بين المبادرة بحد ذاتها والاسم المطروح».
ودعا الراعي «هذه الكتل للتشاور بشأنها في شقيها ولاتخاذ القرار الوطني المناسب، انطلاقا من الوقائع المتوفرة»، قائلاً: «ليس من المقبول إسقاط مزيد من فرص التوافق من أجل انتخاب رئيس، فالبلاد لا تتحمل، بعد سنة وثمانية أشهر من الفراغ، مزيدا من الخراب والدمار للمؤسسات الدستورية والإفقار والإهمال والإذلال والتهجير للمواطن اللبناني».
بدوره، كان النائب غازي العريضي الأكثر وضوحًا حول تعثر المبادرة الرئاسية، إذ رأى في حديث عبر إذاعة «صوت لبنان» أمس أن «المطلوب اليوم البحث عن تسوية للتوصل إلى انتخاب رئيس جديد للجمهورية»، مشيرا إلى أنه «متشائم من مرحلة ما بعد التسوية».
ولفت العريضي إلى أنه «لا يوجد غطاء إقليمي أو دولي لمبادرة الرئيس سعد الحريري بترشيح النائب سليمان فرنجية لسدة الرئاسة، والتسوية لا يمكن أن تمر في المرحلة الراهنة لأن عناصرها الداخلية والخارجية لم تكتمل بعد». وأشار إلى أن «المبادرة التي طرحت حركت الجمود في ملف الرئاسة، إلا أن سوء تقدير حصل وأدى إلى تعثرها، وأن اللبنانيين أهدروا الفرصة الداخلية لانتخاب رئيس لبناني من اختيارهم عبر استسلامهم الدائم للخارج ولمشيئته».
ورفض العريضي «حصر التعقيدات أمام ملف الرئاسة بالعماد ميشال عون وعلاقته بمكونات قوى (الثامن من آذار)»، مؤكدا أن «العلاقة بين تيار المستقبل والقوات اللبنانية تزعزعت بعد مبادرة الحريري».



«جمعة رجب»... مناسبة حوثية لفرض الإتاوات وابتزاز التجار

مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
TT

«جمعة رجب»... مناسبة حوثية لفرض الإتاوات وابتزاز التجار

مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)

استهلت الجماعة الحوثية السنة الميلادية الجديدة بإطلاق حملات جباية استهدفت التجار وأصحاب ورؤوس الأموال في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، بغية إجبارهم على دفع الأموال لتمويل احتفالات الجماعة بما تسميه «جمعة رجب».

وتزعم الجماعة الحوثية أن دخول اليمنيين في الإسلام يصادف أول جمعة من شهر رجب الهجري، ويستغلون المناسبة لربطها بضرورة الولاء لزعيمهم عبد الملك الحوثي تحت ادعاء أن نسبه يمتد إلى علي بن أبي طالب الذي أدخل اليمنيين في الإسلام قبل أكثر من 14 قرناً هجرياً. وفق زعمهم.

وذكرت مصادر مطلعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن مشرفين حوثيين برفقة عربات ومسلحين يتبعون عدة مكاتب تنفيذية تابعة للجماعة، نفذوا حملات واسعة ضد متاجر ومؤسسات تجارية في عدة مديريات في المدينة، وأجبروا ملاكها على دفع جبايات، بينما أغلقوا عدداً من المتاجر التي رفض ملاكها التبرع.

وأكدت المصادر أن الانقلابيين شرعوا في توسيع أنشطتهم الاستهدافية في تحصيل الإتاوات أكثر مما كان عليه قبل أشهر ماضية، حيث لم تستثنِ الجماعة حتى صغار التجار والباعة المتجولين والسكان الأشد فقراً.

الانقلابيون سيطروا بالقوة على مبنى الغرفة التجارية في صنعاء (إعلام محلي)

وفي ظل تجاهل الجماعة المستمر لفقر السكان في مناطق سيطرتها، أقرت ما تسمى اللجنة العليا للاحتفالات والمناسبات في اجتماع لها بصنعاء، إطلاق برنامج الفعاليات المصاحب لما يُسمى ذكرى «جمعة رجب»، بالتوازي مع بدء شنّ حملات جباية على التجار والسكان الذين يعانون من ظروف معيشية حرجة.

وهاجم بعض السكان في صنعاء كبار قادة الجماعة لجهة انشغالهم بابتكار مزيد من الفعاليات ذات المنحى الطائفي وتخصيص ميزانية ضخمة لأعمال الدعاية والإعلان، ومكافآت ونفقات لإقامة الندوات وتحركات مشرفيها أثناء حشد الجماهير إليها.

وكانت تقارير محلية اتهمت في وقت سابق قيادات حوثية بارزة في الجماعة يتصدرهم حمود عباد وخالد المداني بجباية مليارات الريالات اليمنية من موارد المؤسسات الحكومية الخاضعة لسلطات الجماعة في صنعاء، لافتة إلى أن معظم المبالغ لم يتم توريدها إلى حسابات بنكية.

تعميم صوري

في حين زعمت وسائل إعلام حوثية أن تعميماً أصدره القيادي في الجماعة حمود عباد المعين أميناً للعاصمة المختطفة، يقضي بمنع إغلاق أي محل أو منشأة تجارية إلا بعد اتخاذ ما سماها «الإجراءات القانونية»، نفى تجار وأصحاب مؤسسات تجارية بصنعاء توقّف عناصر الجماعة عن مداهمة متاجرهم وإغلاقها بعد رفضهم دفع جبايات.

تجمع للمارة في صنعاء أثناء محاولة اعتقال مالك أحد المطاعم (الشرق الأوسط)

وفي مسعى لتلميع صورتها عقب حملات التعسف كانت الجماعة أصدرت تعميماً يُلزِم قادتها في عموم المديريات والمكاتب التنفيذية في صنعاء بعدم إغلاق أي منشأة تجارية إلا بعد اتخاذ «الإجراءات اللازمة».

وحض التعميم الانقلابي كل الجهات على «عمل برامج شهرية» لتنفيذ حملات نزول ميداني لاستهداف المتاجر، مرة واحدة كل شهر عوضاً عن تنفيذ حملات نزول يومية أو أسبوعية.

واعترفت الجماعة الحوثية بوجود شكاوى لتجار وملاك منشآت تجارية من قيام مكاتب تنفيذية في صنعاء بتحصيل مبالغ مالية غير قانونية منهم بالقوة، وبإغلاق مصادر عيشهم دون أي مسوغ قانوني.

توسيع الاستهداف

اشتكى تُجار في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من تصاعد كبير في حملات الاستهداف وفرض الإتاوات ضدهم عقب صدور تلك التعليمات التي يصفونها بـ«غير الإلزامية».

ويتهم عدد من التجار القياديَين حمود عباد وخالد المداني، والأخير هو مشرف الجماعة على المدينة، بتكثيف الأنشطة القمعية بحقهم وصغار الباعة وإرغامهم في كل حملة استهداف على دفع جبايات مالية مقابل السماح لهم بمزاولة أنشطتهم التجارية.

الحوثيون يستهدفون المتاجر والشركات لإجبارها على دفع الأموال (إعلام حوثي)

ويتحدث (أحمد.و)، مالك محل تجاري بصنعاء، عن استهداف متجره بسوق شعبي في حي السنينة بمديرية معين بصنعاء من قِبَل حملة حوثية فرضت عليه دفع مبلغ مالي بالقوة بحجة تمويل مناسبة «جمعة رجب».

وذكر أن عناصر الجماعة توعدته بالإغلاق والاعتقال في حال عدم تفاعله مع مطالبها غير القانونية.

وتحدث أحمد لـ«الشرق الأوسط»، عن إغلاق عدد من المتاجر في الحي الذي يعمل فيه من قِبَل مسلحي الجماعة الذين قال إنهم اعتقلوا بعض ملاك المحلات قبل أن يتم الإفراج عنهم بعد أن رضخوا لدفع الجبايات.