عام 2015 يقفل على خسائر مؤلمة للفصائل المعارضة المسلحة

عام 2015 يقفل على خسائر مؤلمة للفصائل المعارضة المسلحة
TT

عام 2015 يقفل على خسائر مؤلمة للفصائل المعارضة المسلحة

عام 2015 يقفل على خسائر مؤلمة للفصائل المعارضة المسلحة

بينما تتسارع عجلة عام 2015 نحو نهايته، على وقع حراك دبلوماسي دولي حثيث للوصول إلى مخرج للأزمة في سوريا، عاشت فصائل المعارضة السورية المسلحة ظرفا مؤلما بمقتل عدد من قادتها في ريف دمشق، إذ اغتال مسلحون مجهولون قائد المجلس العسكري في مدينة قدسيا منتصف ليل السبت – الأحد بإطلاق الرصاص عليه في المنطقة، دون معلومات عن سبب اغتياله.
أبرز من تم اغتيالهم قائد جيش الإسلام زهران علوش الذي قضى مساء الجمعة مع اثنين من مرافقيه في غارة جوية للطيران الحربي الروسي على الغوطة الشرقية بريف دمشق، ليتبعه بعد ساعات نبأ اغتيال مجهولين لقائد المجلس العسكري بمدينة قدسيا بريف دمشق حمدي مستو أبو زيد، تلاه نبأ مقتل أبو سلمو قائد الكتيبة الموحدة للواء شهداء الإسلام في داريا بالغوطة الغربية بريف دمشق، كما قتل خلال أقل من أربع وعشرين ساعة أحمد أبو البراء أحد قادة أحرار الشام العسكريين، ومحمد الأعور قائد كتائب فجر الخلافة بريف حلب.
ونعى المجلس المحلي في مدينة قدسيا شمال غربي العاصمة دمشق قائد المجلس العسكري في المدينة حمدي مستو، وقال في بيان صدر يوم أمس «ببالغ الرضى والقبول تزف إليكم مدينة قدسيا نبأ (استشهاد) القائد (حمدي مستو أبو زيد) قائد المجلس العسكري في قدسيا، وذلك جراء عملية اغتيال نفذت ليلة البارحة الساعة الثانية عشر ليلاً على طريق بيروت قرب معمل البيرة». ويعتبر حمدي مستو من أهم قادة الفصائل العسكرية في المنطقة، وتعيش المدينة حاليا هدنة مع النظام بعد خروج غالبية الثوار إلى محافظة إدلب.
فيما نعى «لواء شهداء الإسلام» في داريا غرب دمشق قائد الكتيبة الموحدة في اللواء، ولقبه أبو سلمو وجاء في بيان للواء صدر يوم أمس «أبو سلمو (استشهد) مع ثلاثة من رفاقه في الاتحاد الإسلامي لأجناد الشام خلال معارك الشرف والبطولة على أرض الغوطة الغربية». وأفاد البيان أن أبو سلمو «هو أحد أبرز القادة الميدانيين، وقد ترك بصمته على جميع الجبهات وفي إدارة العمل العسكري، وقد تخرج على يديه قادة ميدانيون أكفاء وقادرون على سد مكانه».
والقيادي أبو سلمو كان قد انشق عن قوات النظام عام 2011 من أحد حواجز حي بابا عمرو في حمص، والتحق بفصائل المعارضة المسلحة في حمص والقلمون والزبداني قبل أن يعود إلى مدينته داريا عام 2012 والتحق بالجيش الحر فيها، وبرز دوره مع بداية الحملة العسكرية على المدينة أواخر عام 2012. شارك عام 2013 في تشكيل «لواء شهداء الإسلام»، أكبر الفصائل العاملة في مدينة داريا، وأصبح قائد الكتيبة الموحدة في اللواء، وشارك في جميع العمليات العسكرية خلال الحملة، وكان له دور أساسي في التخطيط لها وتنفيذها. كما شارك في غرف العمليات التي تشكلت لإدارة العمل العسكري في داريا، وعمل على إعداد الكوادر العسكرية والإدارية والشرعية لرفد العمل العسكري والتنظيمي في المدينة.
وجاء الإعلان عن مقتل القياديين في داريا وقدسيا بعد ساعات من إعلان مجلس قيادة «جيش الإسلام» في بيان مصور نشره بعد منتصف ليلة السبت الجمعة اختياره عصام بويضاني الملقب (أبو همام) قائدًا عامًا له، بعد أن نعى قائده زهران علوش في غارة جوية استهدفت مقره في الغوطة الشرقية.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.