بلاتيني يحترق بنيران فيفا وبلاتر

فجر قضيته بنفسه لكنه يشعر بالخيانة

بلاتيني (أ.ب)
بلاتيني (أ.ب)
TT

بلاتيني يحترق بنيران فيفا وبلاتر

بلاتيني (أ.ب)
بلاتيني (أ.ب)

يصرخ الفرنسي ميشال بلاتيني محاولا أن يصل صوته إلى قضاة الفيفا، إلا أن الرجل القوي الذي كان يجلس على قمة الاتحاد الأوروبي لكرة القدم سقط من عليائه بإيقافه لمدة ثمانية أعوام.
لقد تلاشى حلم بلاتيني بالتربع على رئاسة الاتحاد الدولي «فيفا» خلفا للصديق القديم والعدو الحالي السويسري جوزيف بلاتر بعد أن ورطه الأخير في قضية الدفع المشبوهة التي حصل عليها الفرنسي من السويسري عام 2011 عن عمل قام به لمصلحة فيفا بين 1999 و2002.
بلاتيني اللاعب الفذ لم يتمكن من تفادي سقوطه في الهزيمة الأكثر مرارة في تاريخه الكروي، فهذا الشخص الذي كان أفضل لاعب في العالم ثم تحول ليصبح رئيسا لاتحاد القارة الأقوى في العالم أصبح خارج اللعبة تماما.
وفي تعبير عن الصدمة والوقوع في فخ لن يستطيع الخروج منه بسهولة قال بلاتيني: «كلما اقتربت من الشمس، كل شيء يحترق، مثل ايكاروس تماما»، في إشارة للأسطورة الإغريقية الذي احترق جناحاه الاصطناعيان نتيجة مخالفته نصيحة والده وتحليقه قريبا من الشمس خلال هروبهما من مكان احتجازهما في جزيرة كريت.
هل دفع بلاتيني ثمن الاستخفاف بقضية الدفع المشبوهة التي تحدث هو عن خفاياها في مقابلته مع «لوموند» قائلا: «سألني بلاتر: كم تريد؟ فأجبته: مليون. مليون ماذا؟ لا يهم، روبل، ليرة، دولار. في تلك الحقبة لم يكن هناك يورو. فأجابني: حسنا، مليون فرنك سويسري سنويا».
وفي مقابلته مع «لوموند»، لم يستبعد بلاتيني أن يكون بلاتر هو أساس المصيبة التي حلت به وهو قال بهذا الصدد: «لنقل إن الشكوك تراودني»، دون أن يقصي احتمال محاولته «اغتيالي سياسيا» في سياق السباق على رئاسة فيفا.
هذه «البطاقة الحمراء» التي رفعت في وجه بلاتيني ستمنعه من الولوج إلى العالم الذي أمضى فيه حياته، منذ السنوات التي قضاها في ملاعب كرة القدم والتي توجها بثلاث كرات ذهبية وكأس أوروبا عام 1984 مرورا بسنوات مجده مع يوفنتوس وصولا إلى إدارته للعبة في القارة العجوز.
اعتبر بلاتيني الذي أكد دائما حسن نيته، أن «الحكم سبق وأعلن في وسائل الإعلام من قبل أحد المتحدثين باسم لجنة القيم في الفيفا التي تجاهلت افتراض البراءة». صانع الألعاب السابق للمنتخب الفرنسي، شجب مناورة لمنعه من الترشح لرئاسة الفيفا، وقرر مقاطعة جلسة الاستماع تاركا محاميه يدافع عنه في جلسة استغرقت 9 ساعات.
ثم صدر الحكم الرسمي وسقط بلاتيني مع معلمه السابق بلاتر وذلك بسبب شيك مصرفي، وهو الذي جعل العامل المادي هامشيا طيلة مسيرته التي كانت بعيدة كل البعد عما يعيشه حاليا نجوم الملايين، وذلك رغم أنه أحد أفضل اللاعبين الذين عرفتهم الملاعب.
الضربة كانت قاسية على الابن الأصغر لعائلة متواضعة من المهاجرين الإيطاليين الذين حلوا في فرنسا، لكن أفضل لاعب في أوروبا لأعوام 1983 و1984 و1985 لن يلقي سلاحه بهذه السهولة ولن يحترق بنيران فيفا وبلاتر دون مقاومة، إذ ندد سريعا بقرار لجنة الأخلاقيات واعتبره «مهزلة حقيقية» تهدف إلى «تلطيخ» سمعته من طرف هيئات نفى عنها «كل شرعية ومصداقية».
وقال بلاتيني: «موازاة مع لجوئي إلى محكمة التحكيم الرياضي، أنا عاقد العزم، على اللجوء إلى المحاكم المدنية في الوقت المناسب، للحصول على تعويضات عن جميع الأضرار التي عانيت منها لأسابيع طويلة جدا بسبب هذا الحكم.. سأذهب حتى النهاية في هذه العملية».
وكتب بلاتيني في مقدمة بيانه: «هذا القرار لا يفاجئني.. أنا مقتنع بأن مصيري كان محسوما، وأن هذا الحكم هو تستر مثير للشفقة على رغبة في إقصائي من عالم كرة القدم».
إن ما وصل إليه بلاتيني بعيد كل البعد عن عصر الرومانسية الكروية الذي عاشه كلاعب ثم كمدرب حتى وإن كان مساره التدريبي قصيرا (درب منتخب فرنسا بين 1988 و1992).
وأولئك الذين رافقوا مشواره في الملاعب حتى أعلى الهرم الإداري في الاتحاد الأوروبي يؤكدون أن بلاتيني لم يتغير بل كل ما تغير هو مظهره الخارجي وشعره الذي أصبح أبيض.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.