قتلى وجرحى في قتال بأطراف صنعاء ومأرب.. ومخاوف من «خلايا نائمة»

عضو بـ«محلي» مأرب: تصرفات الحوثيين ترقى إلى جرائم حرب

عناصر من المقاومة الشعبية والجيش الوطني اليمني يزيلون ألغاما كان الحوثيون قد زرعوها في محافظة مأرب (رويترز)
عناصر من المقاومة الشعبية والجيش الوطني اليمني يزيلون ألغاما كان الحوثيون قد زرعوها في محافظة مأرب (رويترز)
TT

قتلى وجرحى في قتال بأطراف صنعاء ومأرب.. ومخاوف من «خلايا نائمة»

عناصر من المقاومة الشعبية والجيش الوطني اليمني يزيلون ألغاما كان الحوثيون قد زرعوها في محافظة مأرب (رويترز)
عناصر من المقاومة الشعبية والجيش الوطني اليمني يزيلون ألغاما كان الحوثيون قد زرعوها في محافظة مأرب (رويترز)

خسرت الميليشيات الحوثية، أمس، المزيد من المواقع في محافظة مأرب، بشرق اليمن، في الوقت الذي تستمر المواجهات في منطقة نهم، بشمال شرقي صنعاء. وأكدت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» سقوط عدد كبير من القتلى والجرحى في صفوف الميليشيات، في المواجهات التي تأتي في إطار عملية تطهير المحافظة من جيوب الحوثيين.
وتستمر المواجهات على بعد أقل من 40 كيلومترا، شمال شرقي العاصمة صنعاء، وتسعى المقاومة الشعبية وقوات الجيش الوطني إلى فرض سيطرتها الكاملة على منطقة فرضة نهم الاستراتيجية، التي باتت تسيطر على معظم أجزائها، وبحسب المصادر الميدانية، فإن المقاومة والجيش يحققان تقدما متواصلا في الصفراء ومجزر، حيث جرى، أمس، إحراق عربتين و3 أطقم للانقلابيين في موقعي الصفراء وبراقش، والأخير يعد آخر نقطة لدى المتمردين، تقع بين الجوف ومأرب.
وقال مصدر عسكري في مأرب إن المواجهات على أشدها بين المقاومة والجيش وقوات التحالف، من جهة، والميليشيات المتمردة للحوثي وصالح، من جهة أخرى، على مشارف مركز مديرية صرواح والمعروف بسوق صرواح، مشيرا إلى أنه وبعد تطهير قوات الجيش الوطني والمقاومة، الأسبوع الماضي، لمناطق الجبهة الشمالية في مأرب والمعروفة بجبهة الجدعان - مجزر، فإن الميليشيات ما زالت تتحصن في أحد المواقع في منطقة تقع بين محافظتي مأرب والجوف وهو المعروف بموقع جبل الصفراء الذي ما زالت تتحصن فيه قوة من المتمردين وتجري فيه مواجهات شرسة برية واستهداف جوي بين قوات الشرعية وميليشيات التمرد التي خسرت، حتى الآن، ما يقارب 90 في المائة من جبهاتها المهمة في حربها مع قوات الشرعية المدعومة من التحالف وبإسناد جوي قوي.
في هذه الأثناء، لقي عدد من ضباط وأفراد الجيش الوطني في محافظة مأرب، بشرق اليمن أمس، مصرعهم في قصف للميليشيات الحوثية والقوات الموالية للمخلوع علي عبد الله صالح، استهدف القصر الجمهوري في مدينة مأرب، وقالت مصادر عسكرية في مأرب لـ«الشرق الأوسط» إن القصف، الذي استهدف القصر الجمهوري، يعتقد أن مصدره مواقع الميليشيات وقوات المخلوع في جبل هيلان المطل على المحافظة، والذي تدور بالقرب منه مواجهات عنيفة، وإن الميليشيات تلجأ لأسلوب القصف عن بعد، كلما اشتد عليها الخناق في الأرض وخسرت مواقع جديدة، حيث بات وجودها، في مأرب، مقتصرا على جيوب محدودة للغاية في أطراف المحافظة باتجاه محافظة صنعاء وعلى حدود محافظة شبوة.
واستهجن الشيخ أحمد الباشا بن زبع، عضو المجلس المحلي (البلدي) بمحافظة مأرب، أحد كبار مشايخ الجدعان، الاستهداف المستمر للمساكن والمصالح الحكومية في مدينة مأرب، والتي تتعرض لقصف صاروخي شبه يومي من قبل الميليشيات الانقلابية سواء بالصواريخ أو الكاتيوشا والتي تنطلق من جبل هيلان في مديرية صرواح الذي ما زالت تتحصن فيه مجموعة إرهابية من الميليشيات، وقال بن زبع لـ«الشرق الأوسط» إن هذا الاستهداف المستمر يدل على يأس وعن الشعور بالمرارة من الانتكاسات والهزائم التي مني بها الانقلابيون في مأرب.
وأضاف بن زبع أن هذه التصرفات العدوانية التي تستهدف مصالح الوطن العليا، بما فيها منشآت النفط والطاقة، هي دليل إفلاس وعدم شعور بالمسؤولية تجاه مصالح عليا لكل اليمنيين وترقى (التصرفات) إلى مرتبة جرائم حرب لاستهدافها للسكان والمدنين في مدينة مأرب وأحيانا في مديرية مدغل الجدعان، وعبر الشيخ بن زبع «عن الاعتزاز بموقف أبناء مأرب سلطة محلية وعسكرية ومواطنين الذين يعيدون الآن إصلاح الكهرباء المدمرة في منطقة الجدعان بسبب الحرب لنمد صنعاء إن أمكن بالطاقة، فنحن نحترم شعبنا ومصالحه ونتعاطف مع أهلنا المدنيين في صنعاء وغيرها من المحافظات ومهما تمادى التدميريون في استهدافنا، سنواصل صناعة المعروف والمساعدة في رفع المعاناة عن المظلومين والفقراء فلا ذنب لهم فيما يحدث ونتمنى أن يدركوا هذا الفارق بين فريق الشرعية وفريق الانقلاب»، حسب قوله.
في سياق آخر، لقيت عملية الاغتيال التي تعرض لها أحد الضباط الموالين للشرعية في مدينة مأرب، ردود فعل منددة، في أوساط الجيش الوطني وغيره من الأوساط العسكرية والأمنية والسياسية، واغتيل المقدم جار الله الصلاحي برصاصة قاتلة أثناء تسوقه في مدينة مأرب، أول من أمس، وقالت مصادر محلية إنه جرى استهداف الصلاحي داخل مدينة مأرب التي دخلها للتسوق ومعه أحد أطفال الأسرة بطلقة واحدة أصابته في مقتل، مما يعني أن من استهدفه قناص محترف كان يترصده وليست وليدة اللحظة، وبحسب مصادر عسكرية في مأرب لـ«الشرق الأوسط»، فإن الضابط الصريع برز خلال القتال بين قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية، من جهة، والميليشيات الحوثية وقوات المخلوع صالح، من جهة أخرى، أثناء عملية تحرير سد مأرب التاريخي.
وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، دعا قائد عسكري في محور مأرب إلى تأمين مدينة مأرب بتعزيز الإجراءات، وحذر القائد العسكري، الذي رفض الكشف عن هويته، من أن الجريمة المنظمة تترعرع في الأجواء الأمنية غير الحازمة، وقال إن هناك خلايا نائمة محسوبة على الميليشيات الحوثية والمخلوع صالح وغيره من الأطراف التي تسعى إلى تقويض الوضع الأمني وإفشال الانتصار الذي تحقق، وإن المعلومات تشير إلى أن هناك قوائم اغتيالات أعدت منذ ما قبل تحرير مدينة مأرب والتي تسمى الخطة «ب»، وهي التي تلي فترة اليأس من السيطرة على المناطق المحررة من قبل المتمردين والذين تلتقي مصالحهم مع الجماعات المتطرفة في خطوط تقاطع كثيرة. وأشار المصدر العسكري إلى أن المقدم الصلاحي كان من الضباط الأوائل الذين التحقوا بالمقاومة في وقت مبكر ولا يستبعد أنهم يعاقبونه على موقفه لإرهاب أمثاله من الضباط الشرفاء الذين رفضوا التمرد ووقفوا مع الشرعية، واستبعد المصدر فرضية الثأر القبلي بحكم أن الضابط الصلاحي لم تكن لديه خلافات قبلية، مشيرا إلى أن العملية تهدف إلى لصق هذه الجرائم بالثأر لخلخلة الوضع في المحافظة المحررة، وقال إنه كان يقود كتيبة من الجيش الوطني ما زالت، حتى اللحظة، تواجه الميليشيات المتمردة في موقع الطلعة الحمراء الاستراتيجي في صرواح والذي تسيطر عليه منذ نحو 3 أشهر المقاومة والجيش الوطني وقوات التحالف إلى جانب معسكر كوفل ومنطقة الزور ومواقع أخرى.



«جمعة رجب»... مناسبة حوثية لفرض الإتاوات وابتزاز التجار

مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
TT

«جمعة رجب»... مناسبة حوثية لفرض الإتاوات وابتزاز التجار

مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)

استهلت الجماعة الحوثية السنة الميلادية الجديدة بإطلاق حملات جباية استهدفت التجار وأصحاب ورؤوس الأموال في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، بغية إجبارهم على دفع الأموال لتمويل احتفالات الجماعة بما تسميه «جمعة رجب».

وتزعم الجماعة الحوثية أن دخول اليمنيين في الإسلام يصادف أول جمعة من شهر رجب الهجري، ويستغلون المناسبة لربطها بضرورة الولاء لزعيمهم عبد الملك الحوثي تحت ادعاء أن نسبه يمتد إلى علي بن أبي طالب الذي أدخل اليمنيين في الإسلام قبل أكثر من 14 قرناً هجرياً. وفق زعمهم.

وذكرت مصادر مطلعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن مشرفين حوثيين برفقة عربات ومسلحين يتبعون عدة مكاتب تنفيذية تابعة للجماعة، نفذوا حملات واسعة ضد متاجر ومؤسسات تجارية في عدة مديريات في المدينة، وأجبروا ملاكها على دفع جبايات، بينما أغلقوا عدداً من المتاجر التي رفض ملاكها التبرع.

وأكدت المصادر أن الانقلابيين شرعوا في توسيع أنشطتهم الاستهدافية في تحصيل الإتاوات أكثر مما كان عليه قبل أشهر ماضية، حيث لم تستثنِ الجماعة حتى صغار التجار والباعة المتجولين والسكان الأشد فقراً.

الانقلابيون سيطروا بالقوة على مبنى الغرفة التجارية في صنعاء (إعلام محلي)

وفي ظل تجاهل الجماعة المستمر لفقر السكان في مناطق سيطرتها، أقرت ما تسمى اللجنة العليا للاحتفالات والمناسبات في اجتماع لها بصنعاء، إطلاق برنامج الفعاليات المصاحب لما يُسمى ذكرى «جمعة رجب»، بالتوازي مع بدء شنّ حملات جباية على التجار والسكان الذين يعانون من ظروف معيشية حرجة.

وهاجم بعض السكان في صنعاء كبار قادة الجماعة لجهة انشغالهم بابتكار مزيد من الفعاليات ذات المنحى الطائفي وتخصيص ميزانية ضخمة لأعمال الدعاية والإعلان، ومكافآت ونفقات لإقامة الندوات وتحركات مشرفيها أثناء حشد الجماهير إليها.

وكانت تقارير محلية اتهمت في وقت سابق قيادات حوثية بارزة في الجماعة يتصدرهم حمود عباد وخالد المداني بجباية مليارات الريالات اليمنية من موارد المؤسسات الحكومية الخاضعة لسلطات الجماعة في صنعاء، لافتة إلى أن معظم المبالغ لم يتم توريدها إلى حسابات بنكية.

تعميم صوري

في حين زعمت وسائل إعلام حوثية أن تعميماً أصدره القيادي في الجماعة حمود عباد المعين أميناً للعاصمة المختطفة، يقضي بمنع إغلاق أي محل أو منشأة تجارية إلا بعد اتخاذ ما سماها «الإجراءات القانونية»، نفى تجار وأصحاب مؤسسات تجارية بصنعاء توقّف عناصر الجماعة عن مداهمة متاجرهم وإغلاقها بعد رفضهم دفع جبايات.

تجمع للمارة في صنعاء أثناء محاولة اعتقال مالك أحد المطاعم (الشرق الأوسط)

وفي مسعى لتلميع صورتها عقب حملات التعسف كانت الجماعة أصدرت تعميماً يُلزِم قادتها في عموم المديريات والمكاتب التنفيذية في صنعاء بعدم إغلاق أي منشأة تجارية إلا بعد اتخاذ «الإجراءات اللازمة».

وحض التعميم الانقلابي كل الجهات على «عمل برامج شهرية» لتنفيذ حملات نزول ميداني لاستهداف المتاجر، مرة واحدة كل شهر عوضاً عن تنفيذ حملات نزول يومية أو أسبوعية.

واعترفت الجماعة الحوثية بوجود شكاوى لتجار وملاك منشآت تجارية من قيام مكاتب تنفيذية في صنعاء بتحصيل مبالغ مالية غير قانونية منهم بالقوة، وبإغلاق مصادر عيشهم دون أي مسوغ قانوني.

توسيع الاستهداف

اشتكى تُجار في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من تصاعد كبير في حملات الاستهداف وفرض الإتاوات ضدهم عقب صدور تلك التعليمات التي يصفونها بـ«غير الإلزامية».

ويتهم عدد من التجار القياديَين حمود عباد وخالد المداني، والأخير هو مشرف الجماعة على المدينة، بتكثيف الأنشطة القمعية بحقهم وصغار الباعة وإرغامهم في كل حملة استهداف على دفع جبايات مالية مقابل السماح لهم بمزاولة أنشطتهم التجارية.

الحوثيون يستهدفون المتاجر والشركات لإجبارها على دفع الأموال (إعلام حوثي)

ويتحدث (أحمد.و)، مالك محل تجاري بصنعاء، عن استهداف متجره بسوق شعبي في حي السنينة بمديرية معين بصنعاء من قِبَل حملة حوثية فرضت عليه دفع مبلغ مالي بالقوة بحجة تمويل مناسبة «جمعة رجب».

وذكر أن عناصر الجماعة توعدته بالإغلاق والاعتقال في حال عدم تفاعله مع مطالبها غير القانونية.

وتحدث أحمد لـ«الشرق الأوسط»، عن إغلاق عدد من المتاجر في الحي الذي يعمل فيه من قِبَل مسلحي الجماعة الذين قال إنهم اعتقلوا بعض ملاك المحلات قبل أن يتم الإفراج عنهم بعد أن رضخوا لدفع الجبايات.