«داعش» يتقدم في آخر معاقل النظام بشرق سوريا.. ويستعد لمغادرة محيط العاصمة بالكامل

سيطرته على حي الصناعة تهدف إلى تعزيز نفوذه في دير الزور مقابل التضييق عليه بريف حلب

قوة من المعارضة السورية تقصف مواقع لتنظيم داعش في إحدى مناطق ريف حلب بشمال سوريا (غيتي)
قوة من المعارضة السورية تقصف مواقع لتنظيم داعش في إحدى مناطق ريف حلب بشمال سوريا (غيتي)
TT

«داعش» يتقدم في آخر معاقل النظام بشرق سوريا.. ويستعد لمغادرة محيط العاصمة بالكامل

قوة من المعارضة السورية تقصف مواقع لتنظيم داعش في إحدى مناطق ريف حلب بشمال سوريا (غيتي)
قوة من المعارضة السورية تقصف مواقع لتنظيم داعش في إحدى مناطق ريف حلب بشمال سوريا (غيتي)

يتجه تنظيم داعش إلى إخلاء المناطق المحيطة بالعاصمة السورية دمشق، تنفيذا لاتفاق أعلن عنه مطلع الشهر الحالي، وبدأت أمس التحضيرات لتنفيذه، مع وصول حافلات نقل ركاب إلى المنطقة بغرض «إخراج أول دفعة من عناصر التنظيم الجرحى، ونقلهم إلى وجهة لم يجر تحديدها حتى الآن»، بحسب ما ذكره «المرصد السوري لحقوق الإنسان». ويأتي هذا التطور في وقت وسع التنظيم فيه سيطرته شرق البلاد، إثر سيطرته على حي الصناعة في مدينة دير الزور، كبرى مدن شرق سوريا.
معارضون سوريون لا يرون رابطًا بين التطورين، على اعتبار أن الهجوم على مدينة دير الزور مستمر منذ أكثر من سنة، في محاولة لطرد قوات نظام الرئيس بشار الأسد من آخر معاقلها في شرق البلاد، بينما يبدأ التنظيم بإخلاء مناطق جنوب دمشق، بموجب «اتفاق منفصل»، كما تقول مصادر المعارضة في ريف دمشق لـ«الشرق الأوسط».
ومن جهته، أعلن «المرصد» أن التحضيرات لإخراج أولى الدفعات من جرحى التنظيم، استكملت في حي القدم بجنوب العاصمة دمشق، مشيرا إلى أنه «سيتم في الدفعة الأولى إخراج الجرحى من عناصر التنظيم ونقلهم، ومن ثم إخراج عائلات عناصر التنظيم في جنوب العاصمة وبعض المدنيين الراغبين في الخروج، وصولا إلى إخراج ونقل مقاتلي التنظيم من مخيم اليرموك والحجر الأسود والقدم ومناطق أخرى من جنوب دمشق، إلى مناطق سيطرتهم». ولفت إلى أن الترجيحات تتراوح بين بئر القصب بريف دمشق الشرق، وريف حمص في وسط البلاد، والرقة، معقل التنظيم في الشمال.
وأكدت مصادر عدة وصول الحافلات، وسط تكتم النظام والتنظيم عن بنود «الاتفاق» الذي يلي قرار الأمم المتحدة «2254» الداعي إلى وقف إطلاق النار في سوريا، من غير أن يشمل الحرب ضد «داعش». ورأى رامي عبد الرحمن، مدير «المرصد»، أن إخراج هؤلاء المقاتلين والجرحى من تنظيم داعش يضاعف التوقعات بتنفيذ قرار وقف النار في جنوب دمشق، «نظرا لأن محيط العاصمة سيكون خاليا تماما من مقاتلي داعش». ويؤكد عبد الرحمن أن «عدد مقاتلي (داعش) يقدر بالمئات وليس بالآلاف»، وهم ينتشرون في مخيم اليرموك والحجر الأسود وحي القدم، وكلها ضواحٍ في جنوب العاصمة السورية. وكان يقتصر وجود «داعش» على حي الحجر الأسود، قبل أن يباشروا التمدد إلى اليرموك والقدم قبل ثمانية أشهر، وذلك بعدما طردتهم تنظيمات المعارضة بالكامل من الغوطة الشرقية لدمشق. وفي حال خروجهم، سيكون محيط العاصمة خاليا تماما من تنظيم داعش.
في المقابل، بالتزامن مع إخلاء محيط العاصمة السورية، وسع «داعش» مساحة حضوره في شرق البلاد، حيث سيطر على حي الصناعة في مدينة دير الزور بالكامل، إثر هجمات عنيفة، استهلها التنظيم بتفجير ثلاث عربات مفخخة بأطنان من المواد المتفجرة، في أول تقدم له في المدينة منذ سنة. وأفاد ناشطون بأن التنظيم المتشدد سيطر على الحي بعد هجوم عنيف بدأ صباح الأربعاء، وأسفرت المواجهات عن مقتل 26 مقاتلا نظاميا، قبل أن يواصل هجماته في محاولة للسيطرة على مطار المدينة، لكن الهجمات باءت بالفشل. وتجدر الإشارة إلى أن التنظيم المتشدد يسيطر منذ 2013 على محافظة دير الزور النفطية بأكملها تقريبا، باستثناء نصف المدينة (عاصمتها الإدارية) ومطارها العسكري.
ووفق عبد الرحمن، خلال حوار مع «الشرق الأوسط»، فإن التنظيم «كان يسيطر على أجزاء من حي الصناعة، قبل أن يشن هجومه الأخير، الذي أفضى للسيطرة عليه بأكمله». وأشار إلى أن مقاتلي التنظيم «نفذوا التحاما مع قوات النظام، مما ساهم بتحييد سلاح الجو السوري والروسي»، علما بأن المقاتلات الروسية «شنت عدة غارات على مواقع (داعش) في مدينة دير الزور منذ بدء عملياتها العسكرية في سوريا في 30 سبتمبر (أيلول) الماضي». وأشار إلى أن سلاح الجو السوري النظامي «كان ضالعا في مهمة تنفيذ غارات بما يتخطى الطائرات الروسية، نظرا لقرب المسافة بين المطار والمواقع المستهدفة».
وفي هذه الأثناء، أعلن «داعش» من جانبه السيطرة على حي الصناعة، قائلا في بيان تداوله مقربون منه في موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، أن ثلاثة سوريين نفذوا عمليات انتحارية، اثنان منهم استخدموا جرافتين مفخختين بأطنان من المتفجرات، والآخر بشاحنة محملة بستة أطنان من المتفجرات، قبل أن تبدأ الاشتباكات التي أفضت للسيطرة على الحي.
ويرتبط هذا التقدم بخطة لدى التنظيم تقضي بتعزيز مواقع سيطرته في شرق البلاد، والسيطرة على كامل محافظة دير الزور، بموازاة الهجمات التي تشن عليه في مناطق أخرى في سوريا، والتي أفضت إلى انحسار مواقع نفوذه فيها، كما قال مصدر معارض بارز لـ«الشرق الأوسط». وأوضح المصدر أن التنظيم «بدأ يفقد مساحات خاضعة لسيطرته في ريفي محافظتي حلب والحسكة، مما ساهم في التضييق عليه»، وتابع أنه يتعرض لهجمات تتركز في ريف محافظة حلب الشمالي الشرقي، انطلاقا من مدينة صرين، وتنفذها ميليشيا «قوات سوريا الديمقراطية» التي تتلقى دعما من التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب، إضافة إلى هجمات أخرى تنفذها قوات النظام وحلفائها في ريف حلب الشرقي بمحيط مطار «كويرس» العسكري، مؤكدة أن التنظيم «لا يستطيع الاحتفاظ بمواقعه في تلك المناطق».



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.