الحركة الشعبية تنفي عقد صفقة سرية مع الخرطوم

البشير يعلن 2016 عامًا للسلام.. ويتعهد بالقضاء على التآمر

الحركة الشعبية تنفي عقد صفقة سرية مع الخرطوم
TT

الحركة الشعبية تنفي عقد صفقة سرية مع الخرطوم

الحركة الشعبية تنفي عقد صفقة سرية مع الخرطوم

قطعت الحركة الشعبية لتحرير السودان بأنها لا تسعى لعقد صفقة ثنائية سرية مع الحكومة، وجددت تمسكها بالحل الشامل الذي تشارك فيه القوى السياسية كافة، وبرفضها أي حلول جزئية مع الخرطوم، وفي الأثناء تعهد الرئيس السوداني بجعل العام الجديد (2016) عامًا للسلام وللقضاء على ما سماه التآمر والكيد.
وقالت الحركة الشعبية لتحرير السودان – الشمال في بيان، أمس، إنها ترفض توقيع أي اتفاق منفرد مع الخرطوم، وإنها لن تعمل بمعزل عن حلفائها السياسيين كافة، استنادًا إلى موقفها المبدئي الذي يدعو لحل شامل لقضايا البلاد. وضجت وسائل إعلام محلية، ومواقع تواصل اجتماعي بتحذيرات من اتفاق ثنائي محتمل بين الحركة الشعبية وحكومة الخرطوم، يعيد إنتاج اتفاقية سلام جديدة، إثر الكشف عن تفاهمات أعلن عنها عقب جولة محادثات غير رسمية استمرت لأيام، بين رئيس الوفد الحكومي إبراهيم محمود، ورئيس وفد الحركة ياسر عرمان في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا.
وأوضح البيان الذي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة إلكترونية منه، أن موقف الحركة المبدئي من الحل الشامل متفق عليه بين الجبهة الثورية، وحزب الأمة في باريس، وقوى نداء السودان في أديس أبابا وبرلين وباريس. وأضاف البيان: «لن تقبل الحركة الشعبية بحل جزئي، ولا توجد لقاءات سرية، والتفاوض يتم عبر آلية الوساطة الأفريقية وفي وضح النهار». ونفت الحركة بشدة ما يتردد بشأن العودة لاتفاق «نافع/ عقار» الإطاري، وقبول نقل الإغاثة من داخل السودان، ووصفته بأنه بعيد كل البعد عما دار في اجتماعها مع الحكومة، بيد أنها لم تكشف في بيانها الموقع باسم المتحدث عن وفدها التفاوضي مبارك أردول، ما دار في الاجتماع الذي وصفه الطرفان بـ«غير الرسمي». وألغت الحكومة السودانية اتفاق يوليو (تموز) 2011 المشهور باتفاق «نافع/ عقار» الإطاري، ووقعه رئيس الحركة الشعبية مالك عقار ومساعد رئيس الجمهورية حينها نافع علي نافع، بقرار أصدره البشير بعد أيام من توقيعه.
من جهة أخرى، تعهد الرئيس السوداني عمر البشير مجددًا، بجعل العام المقبل (2016) عامًا للسلام، وعامًا للقضاء على ما سماه التآمر والكيد، ودعا جموع المعارضين للاجتماع على كلمة سواء، وقال: «البلد واسع يسعنا ويسعكم وخيره كثير يكفي الجميع». وجدد البشير في كلمة ببورتسودان (شرق البلاد)، عشية أول من أمس، التأكيد على جدية الحوار الوطني والمجتمعي الذي يجري في الخرطوم، وعلى إيفاء حكومته بتعهدها بشأن مخرجاته والتزامها بتنفيذها، وعدم تدخلها بفرض رؤيتها أو رؤية أية جهة عليه، عدا ما سماه «إجماع أهل السودان».
وهدد البشير بملاحقة رافضي الحوار أينما كانوا، وقال: «الحوار حاليًا في خواتيمه، مما يتطلب من الجميع بالمعارضة اللحاق به، قبل فوات الأوان، والقادم بالحوار والتفاوض مرحبًا به، والذي يرفض الصلح ندمان وسنلاحقه أينما كان». وسخر البشير، مما سماها «قوى الشر»، وتعهد بعدم الإنكسار والركوع أمامها، وقال: «إنها ظلت وطيلة 60 عامًا ومنذ نيل السودان استقلاله، تحاول كسر إرادة وعزيمة أهل السودان، ولن نُطأطئ رأسنا ونسجد لغير الله، ونحن شعب أصيل وكريم، أحفاد المجاهدين الذين دوخوا الاستعمار».
وأوضح البشير أن بلاده واجهت الحصار الاقتصادي وتحدته باستخراج النفط، وكسرت باستخراج الذهب من باطن الأرض، القيود التي وضعها الغرب لتكبيل أقدام السودانيين، نحو النهضة والتنمية وبلوغ الغايات. وينتظر أن تختتم أعمال مؤتمر الحوار الوطني المثير للجدل، والذي يجري في الخرطوم منذ العاشر من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بمشاركة قوى سياسية حليفة للحكومة، وأحزاب صغيرة، وتقاطعه المعارضة المسلحة والأحزاب السياسية الرئيسة، في منتصف يناير (كانون الثاني) المقبل.
وأعلنت الخرطوم مرارًا التزامها بمخرجات مؤتمر الحوار الوطني، بيد أن الحزب الحاكم (المؤتمر الوطني) قطع الطريق باكرًا على مطلب المعارضة ومشاركين في الحوار بتكوين حكومة انتقالية، مما جعل المعارضة تعتبره مجرد حوار بين مجموعتي الإسلاميين بقيادة حسن الترابي وعمر البشير، ومشاركة ديكورية من أحزاب وحركات غير ذات أثر، وتشترط للمشاركة فيه عقد مؤتمر تحضيري في أديس أبابا تتحدد بموجبه أسس الحوار، وهو ما ترفضه الخرطوم بأشكال مختلفة، وتتمسك به ودعت له الوساطة والاتحاد الأفريقي والمجتمع الدولي.



«جمعة رجب»... مناسبة حوثية لفرض الإتاوات وابتزاز التجار

مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
TT

«جمعة رجب»... مناسبة حوثية لفرض الإتاوات وابتزاز التجار

مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)

استهلت الجماعة الحوثية السنة الميلادية الجديدة بإطلاق حملات جباية استهدفت التجار وأصحاب ورؤوس الأموال في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، بغية إجبارهم على دفع الأموال لتمويل احتفالات الجماعة بما تسميه «جمعة رجب».

وتزعم الجماعة الحوثية أن دخول اليمنيين في الإسلام يصادف أول جمعة من شهر رجب الهجري، ويستغلون المناسبة لربطها بضرورة الولاء لزعيمهم عبد الملك الحوثي تحت ادعاء أن نسبه يمتد إلى علي بن أبي طالب الذي أدخل اليمنيين في الإسلام قبل أكثر من 14 قرناً هجرياً. وفق زعمهم.

وذكرت مصادر مطلعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن مشرفين حوثيين برفقة عربات ومسلحين يتبعون عدة مكاتب تنفيذية تابعة للجماعة، نفذوا حملات واسعة ضد متاجر ومؤسسات تجارية في عدة مديريات في المدينة، وأجبروا ملاكها على دفع جبايات، بينما أغلقوا عدداً من المتاجر التي رفض ملاكها التبرع.

وأكدت المصادر أن الانقلابيين شرعوا في توسيع أنشطتهم الاستهدافية في تحصيل الإتاوات أكثر مما كان عليه قبل أشهر ماضية، حيث لم تستثنِ الجماعة حتى صغار التجار والباعة المتجولين والسكان الأشد فقراً.

الانقلابيون سيطروا بالقوة على مبنى الغرفة التجارية في صنعاء (إعلام محلي)

وفي ظل تجاهل الجماعة المستمر لفقر السكان في مناطق سيطرتها، أقرت ما تسمى اللجنة العليا للاحتفالات والمناسبات في اجتماع لها بصنعاء، إطلاق برنامج الفعاليات المصاحب لما يُسمى ذكرى «جمعة رجب»، بالتوازي مع بدء شنّ حملات جباية على التجار والسكان الذين يعانون من ظروف معيشية حرجة.

وهاجم بعض السكان في صنعاء كبار قادة الجماعة لجهة انشغالهم بابتكار مزيد من الفعاليات ذات المنحى الطائفي وتخصيص ميزانية ضخمة لأعمال الدعاية والإعلان، ومكافآت ونفقات لإقامة الندوات وتحركات مشرفيها أثناء حشد الجماهير إليها.

وكانت تقارير محلية اتهمت في وقت سابق قيادات حوثية بارزة في الجماعة يتصدرهم حمود عباد وخالد المداني بجباية مليارات الريالات اليمنية من موارد المؤسسات الحكومية الخاضعة لسلطات الجماعة في صنعاء، لافتة إلى أن معظم المبالغ لم يتم توريدها إلى حسابات بنكية.

تعميم صوري

في حين زعمت وسائل إعلام حوثية أن تعميماً أصدره القيادي في الجماعة حمود عباد المعين أميناً للعاصمة المختطفة، يقضي بمنع إغلاق أي محل أو منشأة تجارية إلا بعد اتخاذ ما سماها «الإجراءات القانونية»، نفى تجار وأصحاب مؤسسات تجارية بصنعاء توقّف عناصر الجماعة عن مداهمة متاجرهم وإغلاقها بعد رفضهم دفع جبايات.

تجمع للمارة في صنعاء أثناء محاولة اعتقال مالك أحد المطاعم (الشرق الأوسط)

وفي مسعى لتلميع صورتها عقب حملات التعسف كانت الجماعة أصدرت تعميماً يُلزِم قادتها في عموم المديريات والمكاتب التنفيذية في صنعاء بعدم إغلاق أي منشأة تجارية إلا بعد اتخاذ «الإجراءات اللازمة».

وحض التعميم الانقلابي كل الجهات على «عمل برامج شهرية» لتنفيذ حملات نزول ميداني لاستهداف المتاجر، مرة واحدة كل شهر عوضاً عن تنفيذ حملات نزول يومية أو أسبوعية.

واعترفت الجماعة الحوثية بوجود شكاوى لتجار وملاك منشآت تجارية من قيام مكاتب تنفيذية في صنعاء بتحصيل مبالغ مالية غير قانونية منهم بالقوة، وبإغلاق مصادر عيشهم دون أي مسوغ قانوني.

توسيع الاستهداف

اشتكى تُجار في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من تصاعد كبير في حملات الاستهداف وفرض الإتاوات ضدهم عقب صدور تلك التعليمات التي يصفونها بـ«غير الإلزامية».

ويتهم عدد من التجار القياديَين حمود عباد وخالد المداني، والأخير هو مشرف الجماعة على المدينة، بتكثيف الأنشطة القمعية بحقهم وصغار الباعة وإرغامهم في كل حملة استهداف على دفع جبايات مالية مقابل السماح لهم بمزاولة أنشطتهم التجارية.

الحوثيون يستهدفون المتاجر والشركات لإجبارها على دفع الأموال (إعلام حوثي)

ويتحدث (أحمد.و)، مالك محل تجاري بصنعاء، عن استهداف متجره بسوق شعبي في حي السنينة بمديرية معين بصنعاء من قِبَل حملة حوثية فرضت عليه دفع مبلغ مالي بالقوة بحجة تمويل مناسبة «جمعة رجب».

وذكر أن عناصر الجماعة توعدته بالإغلاق والاعتقال في حال عدم تفاعله مع مطالبها غير القانونية.

وتحدث أحمد لـ«الشرق الأوسط»، عن إغلاق عدد من المتاجر في الحي الذي يعمل فيه من قِبَل مسلحي الجماعة الذين قال إنهم اعتقلوا بعض ملاك المحلات قبل أن يتم الإفراج عنهم بعد أن رضخوا لدفع الجبايات.