شاشة الناقد: في صحراء حامينا.. ‫ «غروب الظلال»‬

تائهون في صحراء حامينا: لقطة من «غروب الظلال»
تائهون في صحراء حامينا: لقطة من «غروب الظلال»
TT

شاشة الناقد: في صحراء حامينا.. ‫ «غروب الظلال»‬

تائهون في صحراء حامينا: لقطة من «غروب الظلال»
تائهون في صحراء حامينا: لقطة من «غروب الظلال»

- إخراج: محمد لخضر حامينا
- تمثيل: سمير بويتار، لوران هينيكان، نيكولاس بريديه، مهدي تهمي.
- تقييم الناقد: ‪ *** ‬ (من خمسة).
حبس المخرج الجزائري محمد لخضر حامينا نفسه في إطار الأفلام التي تدور حول الحقبة الاستعمارية للجزائر رغم تنويعاته على الموضوع. من «رياح الأوراس» (1967) و«وقائع سنوات الجمر» (1975) وصولاً إلى هذا الفيلم بعد «رياح رملية» (1982) و«الصورة الأخيرة» (1986).
لعلها الرغبة في مزاولة أفلام يراها متصلة بجيله من الذين خاضوا غمار حرب الاستقلال. ولعلها أيضًا رغبته في أن يُـصنّـف لجانب مخرجين تعاملوا مع أطر الأفلام ذات الإنتاجات العريضة والحجم الكبير التي ترتكز على حكايات تاريخية وملحمية. ربما من حقه أن يرى نفسه جنبًا إلى جنب ديفيد لين («لورنس العرب») أو جون فورد (أفلامه الوسترن الصغيرة منها والكبيرة) أو أي من أمثالهما الذين عمدوا إلى مثل هذه الإنتاجات التي تستفيد من الصحارى والجبال والطبيعة لكي تودع فيها أحوالاً شخصية مناسبة.
في «غروب الظلال» (العنوان ضعيف) يتناول البيئة الصحراوية الشاسعة ويمنحها المعالجة التقنية والأسلوبية والتصوير بالمقاس العريض للشاشة. أمور يجب أن تعني للمتابع الكثير خصوصًا في عودته هنا إلى حكاية أخرى من حكايات الاستعمار والمقاومة.
إنها منطقة جبال الأوراس مجددًا والتاريخ قبل سنوات من نيل الجزائر استقلالها سنة 1960، المواجهات بين الجيش الفرنسي وثوار جبهة التحرير مستمرة وهي على كر وفر. لكن الآمر العسكري لموقع فرنسي يكمن في تلك الجبال واثق من أن هناك فصيلاً سريًا جديدًا ينشط ويكبد جنوده الخسائر وهو يريد إلقاء القبض على المتورطين أحياء لكي يستخرج منهم المعلومات. هذا يتم قبل منتصف الفيلم بقليل ويساق المقبوض عليهم للتحقيق في الوقت الذي يصل فيه مجند فرنسي جديد. عنف الضابط وتعذيبه للمناضلين ومناعة هؤلاء تثير حنق الجندي فيختطف الضابط وقائد المجموعة إلى الصحراء.
إنها نقلة مفاجئة لكنها واهية تعتمد على نيّة المخرج في دفع الحكاية إلى حيث يريد. يحتاج فعل الجندي تبريرًا أقوى وهذا كان سيأخذ وقتًا أطول. على ذلك، نتابع الأحداث التي باتت الآن متداولة بين هؤلاء الثلاثة التائهين وسط الصحراء بلا نهاية.
سيتعرض الجميع لضراوة الصحراء التي تبدد حرارتها أوهام الجميع. يحتوي الفيلم على الكثير من الحوارات المعبّـرة عن طرفي النزاع (الآمر المؤمن بدور فرنسا والمناضل الرافض للاستيطان) لكن معظمها إضافات لما سبق قوله. الفيلم، رغم بداية من التمهيد الطويل، منفّذ جيّدًا ويبقي المشاهد متابعًا من دون فقدانه أي قدر من الاهتمام. موسيقى فانغاليس تأتي في مكانها وتصوير الإيطالي أليساندرو بيشي يلتقط مشاهد الصحراء بدراية علما بأنه تعامل أكثر مع حكايات المدن من قبل. تفضيل المخرج لمواضيع صحراوية ينتج عنه جماليات واهتمامات تقربه من كلاسيكيات في هذا الشأن.



«هوليوود» تقتل نجومها بمسلسلات ورسوم

بطولة جماعية وهجوم مشترك: «ذَ أڤنجرز» (مارڤل ستوديوز)
بطولة جماعية وهجوم مشترك: «ذَ أڤنجرز» (مارڤل ستوديوز)
TT

«هوليوود» تقتل نجومها بمسلسلات ورسوم

بطولة جماعية وهجوم مشترك: «ذَ أڤنجرز» (مارڤل ستوديوز)
بطولة جماعية وهجوم مشترك: «ذَ أڤنجرز» (مارڤل ستوديوز)

عندما يتساءل البعض أين هم النجوم الكبار؟ فهناك أكثر من جواب.

إذا كان السؤال عن عمالقة التمثيل في الفن السابع، أمثال مارلون براندو، وكلارك غيبل، وباربرا ستانويك، وجاك نيكلسن، وصوفيا لورِين، وجوليانو جيما، وهمفري بوغارت، وجيمس ستيوارت، وكاثرين دينوف، وأنتوني كوين، وعشرات سواهم، فإن الجواب هو أن معظمهم وافته المنية ورحل عن الدنيا. القلّة الباقية اعتزلت أو تجهدُ لأن تبقى حاضرة. المثال الأبرز هنا، كاثرين دينوف (81 سنة) التي شوهدت خلال عام 2024 في 3 أفلام متعاقبة.

أما إذا كان السؤال مناطاً بنجوم جيل الثمانينات والتسعينات ممن لا يزالون أحياء، أمثال سيلفستر ستالون، وأرنولد شوارتزنيغر، وسيغورني ويڤر، وسوزان ساراندون، وأنتوني هوبكنز، وميل غيبسن، وجيسيكا لانج، وكيم باسنجر، وغلين كلوز، وهاريسون فورد، وستيفن سيغال، وروبرت دي نيرو، وآل باتشينو وسواهم من الجيل نفسه، فحبّهم للبقاء على الشاشة مثالي يدفعهم للظهور إمّا في أدوار مساندة أو في أفلام صغيرة معظمها يتوفّر على منصات الاشتراكات.

أما بالنسبة للزمن الحالي، فإن الأمور مختلفة، فعلى الأقل تمتّع من ذُكروا أعلاه بأدوارٍ خالدة لا تُنسى في أنواع سينمائية متعدّدة (أكشن، دراما، كوميديا، ميوزيكال... إلخ).

الحال أنه لم يعد هناك من ممثلين كثيرين يستطيعون حمل أعباء فيلمٍ واحدٍ من نقطة الانطلاق إلى أعلى قائمة النجاح. أحد القلّة توم كروز، وذلك بسبب سلسلة «Mission‪:‬ Impossible» التي قاد بطولتها منفرداً، ولا تزال لديه ورقة واحدة من هذا المسلسل مفترضٌ بها أن تهبط على شاشات السينما في مايو (أيار) المقبل.

بطولات جماعية

بكلمة أخرى: لم يعد هناك نجوم كما كان الحال في زمن مضى. نعم هناك توم هانكس، وروبرت داوني جونيور، وجوني دَب، وسكارليت جوهانسون، ودانيال كريغ، ونيكول كيدمان، لكن على عكس الماضي البعيد، عندما كان اسم الممثل رهاناً على إقبالٍ هائل لجمهور لا يفوّت أي فيلم له، لا يستطيع أحد من هؤلاء، على الرغم من ذيوع اسمه، ضمان نجاح فيلمٍ واحدٍ.

ما يُثبت ذلك، هو استقراءُ حقيقة سقوط أفلامٍ أدّى المذكورة أسماؤهم أعلاه بطولاتها منفردين، لكنها أثمرت عن فتورِ إقبالٍ كما حال توم هانكس، وجنيفر لورنس، وجوني دَب، وروبرت داوني جونيور.

الحادث فعلياً أن «هوليوود» قضت على نجومها بنفسها.

كيف فعلت ذلك؟ وما المنهج الذي اتبعته ولماذا؟

الذي حصل، منذ 3 عقود وإلى اليوم، هو أن هوليوود أطلقت، منذ مطلع القرن الحالي، مئات الأفلام ذات الأجزاء المتسلسلة بحيث بات اهتمامُ الجمهور منصبّاً على الفيلم وليس على الممثل الذي لم يَعُد وحده في معظمها، بل يؤازره ممثلون آخرون من حجم النجومية نفسها.

كثير من هذه المسلسلات يضعُ ممثلين مشهورين في البطولة كما حال سلسلة «The Avengers»، التي ضمّت روبرت داوني جونيور، وسكارليت جوهانسن، وجوينيث بالترو، وصامويل ل. جاكسون، ومارك رافالو، وكريس إيڤانز تحت مظلّتها.

في مسلسل «كابتن أميركا»، وإلى جانب داوني جونيور، وسكارليت جوهانسون، وإيڤنز، أيضاً تناثر بول رود، وتوم هولاند، وإليزابيث أولسن. كلُ واحدٍ منهم قدّم في هذا المسلسل وسواه من أفلام الكوميكس والسوبر هيروز نمرته، وقبض أجره ومضى منتظراً الجزء التالي.

أيّ فيلم خارج هذه المنظومة مرجّح فشله. بذلك تكون «هوليوود» قد ساهمت في دفن نجومها عبر توجيه الجمهور لقبولهم الجميع معاً على طريقة «اشترِ اثنين واحصل على الثالث مجاناً».

ولا عجب أن أعلى الأفلام إيراداً حول العالم كسرت إمكانية تعزيز العودة إلى أيامٍ كان اسم ممثلٍ كبيرٍ واحدٍ، (لنقل كلينت إيستوود أو أنتوني هوبكنز)، كفيلاً بجرِّ أقدام المشاهدين إلى صالات السينما بسببه هو.

الأفلام العشرة التي تقود قائمة أعلى الأفلام رواجاً حول العالم، تتألف من 4 أفلام من «الأنيميشن» هي، «Inside Out 2»، و«Despicable Me 4»، و«Moana 2»، و«Kung Fu Panda 4».

بعض هذه الأفلام جاءت بممثلين مجهولين، وأُخرى جلبت بعض الأسماء المعروفة. في «إنسايد آوت 2»، اعتُمد على عددٍ من الممثلين غير المعروفين أمثال مايا هوك، وليزا لابيرا، وتوني هايل، ولويس بلاك.

في «مونا 2»، استُعين باسم معروف واحد هو، دواين جونسون الذي تقاضى 50 مليون دولار وأُحيط بممثلين مجهولين. نعم الإقبال على هذا الفيلم أثمر عن 441 مليونَ دولارٍ حتى الآن (ما زال معروضاً)، لكن ليس بسبب اسم بطله جونسون، بل بسبب تطبيع جمهور مستعدٍ لأن يرى الفيلم حلقةً مسلسلةً أكثر مما يهتم لو أن جونسون أو دنزل واشنطن قام بالأداء الصوتي.

سقوط وونكا

أحد الأفلام العشرة كان من بطولة وحشين كاسرين هما غودزيللا وكينغ كونغ. معهما من يحتاج لممثلين معروفين، أشهر المشتركين كانت ريبيكا هول، أما الباقون فهم مجموعة جديدة أخرى لم يعد باستطاعة كثيرين حفظ أسمائهم.

يتمتع الفيلم الخامس في القائمة «Dune 2»، بوجود ممثلين معروفين أمثال تيموثي شالامي، وزيندايا، وخافيير باردم. لكن الكل يعرف هنا أنه لو لم يكن شالامي أو زيندايا أو باردم لكان هناك آخرون لن يقدّموا أو يؤخّروا نجاح هذا الفيلم، لأن الإقبال كان، كما كل الأفلام الأخرى، من أجله وليس من أجل ممثليه.

لهذا نجد أنه عندما حاول شالامي تعزيز مكانته ببطولة منفردة في «Wonka»، سقط الفيلم وأنجز أقلَّ بكثيرٍ ممّا وعد به.

ما سبق يؤكد الحالة الحاضرة من أن نظام إطلاق أفلام الرُّسوم والمسلسلات الفانتازية أثمر عن إضعاف موقع الممثل جماهيرياً. غداً عندما ينتهي كروز من عرض آخر جزءٍ من «المهمّة: مستحيلة» سينضمُّ إلى من أفُلَت قوّتهم التجارية أو كادت. سينضم إلى جوني دَب، مثلاً، الذي من بعد انقضاء سلسلة «قراصنة الكاريبي» وجد نفسه في وحول أفلام لا ترتفع بإيرادها إلى مستوى جيد.