إسرائيل تعتبر التنسيق مع روسيا في سوريا.. ممتازًا

في أعقاب أول محادثة بين نتنياهو وبوتين بعد اغتيال القنطار

إسرائيل تعتبر التنسيق مع روسيا في سوريا.. ممتازًا
TT

إسرائيل تعتبر التنسيق مع روسيا في سوريا.. ممتازًا

إسرائيل تعتبر التنسيق مع روسيا في سوريا.. ممتازًا

في أعقاب أول محادثة هاتفية يجريها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بعد ثلاثة أيام من اغتيال سمير القنطار بهجوم جوي في سوريا، نسب إلى إسرائيل، صرح مسؤول إسرائيلي كبير بأن «التنسيق العسكري بين روسيا وإسرائيل حول نشاط كل منهما في سوريا، يعتبر ممتازا».
وقال هذا المسؤول، في حديث خاص مع «الشرق الأوسط»، مفسرا هذا التقييم، إن «العالم يسير في أيامنا وفقا للعبة المصالح. والروس يعرفون تماما ما هي مصالح إسرائيل، وإسرائيل تعرف ما هي مصالح روسيا». وفي رد على سؤال إن كان الروس عرفوا مسبقا بعملية اغتيال القنطار بشكل عيني، أجاب: «أولا أنا لا أؤكد أن إسرائيل هي التي تقف وراء عملية اغتيال القنطار».
وبعدما ذكّرناه بأنه لا ينفي ذلك أيضا، أجاب: «أنا لا أؤكد. وثانيا، ليس بالضرورة أن يقول كل للآخر بالضبط ماذا سيفعل. التنسيق هو أولا بالصمت. فإسرائيل حرّة التصرف في المنطقة الجنوبية من سوريا، أي على مقربة من حدودنا، وروسيا حرّة في الشمال والغرب. وإذا ما احتاج أحد الطرفين إلى الاقتراب من ساحة الطرف الآخر فإنه يبلغه».
وبعدما أشرنا إلى أن القنطار قد أعلن بنفسه في التلفزيون أنه يخطط لتنفيذ عمليات كبرى موجعة لإسرائيل «لكن من يعلن في التلفزيون لا يكون يقصد ما يقول بشكل فعلي. وعلى الأقل، التصريح بالتلفزيون لا يجوز اعتباره سببا للاغتيال»، رد المسؤول: «لو كانت إسرائيل تعمل وفق مبدأ اغتيال كل من يطلق تصريحا، لكان حسن نصر الله في عداد الموتى وكذلك بشار الأسد وقبلهما الرئيس حافظ الأسد وغيرهم»، على حد قوله.
ثم ردا على سؤال حول ما إذا كانت لدى إسرائيل معلومات استخبارية ثابتة تدل على ما خططه القنطار، أجاب المسؤول الإسرائيلي: «بالتأكيد توجد معلومات راسخة جدا تؤكد أنه لم يكن يطلق كلاما للثرثرة فحسب، بل كان يخطط فعلا».
وكان ديوان رئيس الحكومة الإسرائيلية من جهة والكرملين في موسكو من جهة ثانية قد نشرا بيانين شبه متماثلين، جاء فيهما أن بوتين ونتنياهو اتفقا على «مواصلة الحوار والتنسيق بين البلدين في مسألة محاربة الإرهاب ومسائل إقليمية». وحسب بيان الكرملين، قال بوتين لنتنياهو إنه «لا يوجد بديل للمفاوضات الجارية برعاية الأمم المتحدة حول الحل السياسي للأزمة السورية، ويجب خوض حرب لا هوادة فيها ضد (داعش) والتنظيمات المتطرفة الأخرى في سوريا». الجدير ذكره أن الساحة الإسرائيلية بدأت تشهد نقاشات موسعة حول تبعات اغتيال القنطار وما سيحدث في حال قرّر حزب الله الرد. فبعد يوم من الفرح بالثأر من القنطار، جاءت مرحلة إجراء حسابات الربح والخسارة منها. ونشرت صحيفة «إسرائيل هيوم»، التي تعتبر بوقا لرئيس الوزراء نتنياهو، مقالا للبروفسور ايل زيسر، الذي رد على الانتقادات فكتب يقول: «صحيح أن قدرة حزب الله العسكرية على إطلاق الصواريخ على إسرائيل لم تتعرّض إلى الضرر، كما يبدو، رغم الجهود الإسرائيلية (حسب مصادر أجنبية) للمسّ بنقل سلاح متقدم من سوريا إلى التنظيم، وفي نهاية المطاف حصل التنظيم على عشرات آلاف الصواريخ التي يملكها فور انتهاء حرب لبنان الثانية، لكن قدرة حزب الله على الصمود ودفع ثمن الحرب التي يمكن اندلاعها في أعقاب إطلاق النار على إسرائيل تضررت بلا شك، بسبب تورط التنظيم في سوريا. (أمين عام حزب الله، حسن) نصر الله يعرف هذا كله، ومن هنا نبعت كلماته خلال الخطاب الذي ألقاه أول من أمس في أعقاب تصفية القنطار. إذ كرّس غالبية الخطاب لمشاكل التنظيم في لبنان وخارجه، وأعطى قسما ضئيلا منه لموضوع القنطار، كما تحدث بمصطلحات اقتصادية وغير ملزمة عن أنه في يوم من الأيام سيأتي الانتقام. وفي نهاية الأمر يعرف نصر الله أن الجمهور في لبنان، حتى جمهور أنصاره، لن يتقبل فتح جبهة في جنوب لبنان مع إسرائيل، في الوقت الذي تم فيه اغتيال القنطار على أراضي سوريا».
وأضاف زيسر: «عمل القنطار في السنوات الأخيرة، بتوجيه غير مباشر من قبل حزب الله وإيران، على تجنيد نشطاء من الدروز في الجانب السوري من الهضبة (هضبة الجولان) للعمل ضد إسرائيل. وفي السنوات الأخيرة جرت تصفية بعض هؤلاء النشطاء، وفي غالبية الحالات لم يتم الرد على تصفيتهم، لأنه من المشكوك فيه أن بشار الأسد يعرف عن عملهم أو يمكنه السيطرة عليهم، بينما لم تعتبرهم إيران وحزب الله لحما من لحمهم، وإنما استغلتهم بشكل سافر فقط. وهذا مثلا لا يسري على جهاد مغنية، المسؤول في حزب الله، الذي اغتالته إسرائيل قبل سنة، والذي قام حزب الله بالرد على اغتياله من خلال العملية في جبل روس. مع ذلك يتخوف نصر الله من أنه إذا تجاهل أعمال إسرائيل فإنه سيشجعها على تصعيد عملها ضد حزب الله، ولذلك أرسل إلينا تهديداته. ولكن آخر أمر يعني نصر الله في هذه اللحظة هو المواجهة مع إسرائيل. فمثل هذه المواجهة ستحرفه عن أهدافه الحقيقية، وفي مقدمها ضمان سلطة الأسد، بل ربما ستشكل خطرا على هذا الهدف. في النهاية لا يوجد منطق في فقدان مئات محاربي حزب الله في معركة الدفاع عن كرسي الأسد، والمخاطرة بهذا الكرسي من خلال جر المنطقة كلها إلى مواجهة غير محسوبة. لكن اغتيال القنطار يقود إلى نهاية فصل في حكاية طويلة لا تزال نهايتها بعيدة».
وتابع زيسر: «نصر الله وأسياده الإيرانيون سيواصلون العمل من أجل ترسيخ سيطرتهم في الجولان السوري، وسيواصلون محاولة تحويله إلى منطقة للعمل ضد إسرائيل. ولذلك فإن الحادث المقبل على الجبهة الشمالية هو مجرد مسألة وقت».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.