قرار التحرك الروسي في أوكرانيا اتخذته سرا دائرة مسؤولين محدودة

مسؤولون ومحللون يرون أن بوتين تصرف تحت شعور عميق بالخيانة والظلم من قبل أميركا وأوروبا

قرار التحرك الروسي في أوكرانيا اتخذته سرا دائرة مسؤولين محدودة
TT

قرار التحرك الروسي في أوكرانيا اتخذته سرا دائرة مسؤولين محدودة

قرار التحرك الروسي في أوكرانيا اتخذته سرا دائرة مسؤولين محدودة

بعد عودته من الألعاب الأولمبية الشتوية، عقد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اجتماع أزمة مع أعضاء مجلس الأمن القومي الـ12 لإدارة المأزق السياسي في أوكرانيا، الذي أثار دهشة النخبة العسكرية والسياسية، وفق كل الروايات، وأثار، علاوة على ذلك، غضب بوتين ذاته.
عقب الاجتماع أعلنت فالنتينا ماتفينكو، أبرز أعضاء المجلس ورئيسة مجلس الدوما الروسي، استحالة إقدام روسيا على غزو شبه جزيرة القرم، بيد أنه لم تمضِ سوى بضعة أيام حتى كانت القوات الروسية تتدفق على شبه الجزيرة.
وعندما أدلى بوتين بأول تصريح علني له حول الأزمة، يوم الثلاثاء، قال إن روسيا لن تدعم مساعي شبه جزيرة القرم في الانفصال. لكن الكرملين سمح يوم الجمعة للجبهة المؤيدة للانفصال بالتظاهر في الساحة الحمراء، في الوقت الذي استقبل فيه كبار أعضاء مجلس الدوما الموالون لبوتين وفدا من شبه جزيرة القرم، وتعهدوا بتقديم الدعم لجعلها إقليما جديدا ضمن الاتحاد الروسي.
النظر عن كثب للأحداث الزلزالية التي تسببت في اندلاع المواجهة الأكثر تهديدا بين الشرق والغرب، منذ عهد الحرب الباردة، استنادا إلى تصريحات ومقابلات مع مسؤولين دبلوماسيين ومحللين هنا، تشير إلى أن استراتيجية الكرملين بدت عشوائية، بعد أسبوع متوتر ومصيري، كان تصرف بوتين فيه بدافع مما وصفه مسؤولون ردا على شعور عميق بالخيانة والظلم، وخاصة من قبل الولايات المتحدة وأوروبا.
وأشار محللون إلى أن بعض تلك القرارات، لا سيما الخاص بغزو شبه جزيرة القرم، جاء عفويا، وأطلق موجة من الحماسة القومية لإعادة توحيد شبه الجزيرة مع روسيا إلى حد أن الكرملين بدا حتى الآن غير راغب، أو ربما غير قادر، على إخماد هذه الحماسة.
وقال مسؤولون ومحللون إن قرار غزو شبه جزيرة القرم، لم يُتخذ من قبل مجلس الأمن القومي، لكنه اتخذ في الخفاء من دائرة أصغر حجما من المساعدين المقربين والأكثر ثقة لدى بوتين، بينما استبعدت المجموعة كبار المسؤولين من وزارة الشؤون الخارجية، أو عددا من المستشارين الليبراليين نسبيا الذين قد يتحدثون عن الأثر الاقتصادي والعواقب المحتملة للعقوبات الأميركية والأوروبية.
وقال فيودور لوكيانوف المحلل الروسي ورئيس تحرير مجلة «العلاقات الدولية الفصلية»، التي تصدر باللغة الروسية: «يبدو المنطق الكلي هنا ناتجا عن عقلية واحدة».
وكانت بعض خطط روسيا في طور الإعداد منذ سنوات، بما في ذلك الخطط الخاصة بفصل شبه جزيرة القرم عن أوكرانيا، من خلال دعم موسكو السياسي لسيادتها الوطنية، بل وحتى إعادة ضمها إلى روسيا. لكن استراتيجية بوتين في الأسبوعين الأخيرين بدت مرتجلة، وتأثرت بالأحداث التي لا تقع في الأغلب تحت سيطرته.
وقال مارك غاليوتي الخبير في شؤون القوات الأمنية الروسية بجامعة نيويورك الذي يوجد في موسكو ويجري لقاءات منتظمة مع مسؤولي الأمن: «ينبغي أن لا نعتقد بوجود خطة كبيرة، الواضح أنهم يتصرفون حسب مجريات الأحداث».
كانت قرارات بوتين منذ اندلاع الأزمة تعكس الغرائز، والمهارات السياسية والعواطف التي ميزته خلال الـ14 عاما التي قاد فيها روسيا، بما في ذلك حبه للسرية، والولاء والاحترام، له ولروسيا. كما أنها تشير إلى إحباط عميق تجاه قادة العالم الذين تركوه عرضه للتهديد بالعقوبات أو العزلة الدولية، حتى إنه لم يبالِ بتهديدات مجموعة دول الثماني بمقاطعة اجتماع القمة هذا العام الذي كان من المفترض عقده في سوتشي.
ونتيجة لسلطة بوتين المركزية، تبدو سياسات وتصرفات روسيا في أوقات الأزمة مشوشة أو مرتبكة حتى يقرر بوتين نفسه مسار العمل. كان هذا الحال خلال الأيام التي اندلعت فيها أعمال العنف في كييف، مما دفع الأوروبيين إلى بذل جهود محمومة للتوسط من أجل التوصل إلى تسوية. فلم يرسل بوتين، الذي كان منشغلا بدورة الألعاب الأولمبية، ممثلا إلى تلك المحادثات، إلا بعد أن جرى توقيع الاتفاق بالأحرف الأولى.
وقال ديمتري ترينين مدير مركز كارنيغي في موسكو، إن دور روسيا في اضطرابات أوكرانيا كان «سلبيا للغاية»، حتى اللحظة التي انهارت فيها حكومة الرئيس فيكتور يانوكوفيتش. كان هذا صحيحا، على الرغم من قلق الكرملين بشأن اتفاق التجارة الأوكرانية الجديدة مع الاتحاد الأوروبي، وتعهدها في ديسمبر (كانون الأول) بتقديم حزمة مساعدات لدعم المالية تقدر بنحو 15 مليار دولار لإنقاذ الاقتصاد الأوكراني المتعثر. وأشار ترينين إلى أن ارتباك الكرملين نتيجة سقوط الحكومة في أوكرانيا دفع الكرملين إلى «التحرك على الفور».
وقال هو وغيره من المسؤولين والمحللين إن رد فعل بوتين جاء ردا على انهيار الاتفاق الذي عقده في ليلة الـ21 من فبراير (شباط). وقد حذر بوتين، بحسب تصريحاته في المؤتمر الصحافي الذي عقده يوم الثلاثاء، يانوكوفيتش من سحب قوات الأمن والحكومة من كييف، التي كانت أحد مطالب الاتفاق الذي جري التفاوض بشأنه.
وقال بوتين: «قلت له: ستعم البلاد الفوضى. وستكون هناك حالة من الفوضى في العاصمة. أشفق على شعبك. لكنه فعل ذلك على أي حال، وبمجرد أن فعل ذلك، استولى الثوار على القصر الرئاسي، ومقر رئاسة الوزراء، واندلعت الفوضى التي حذرت منها، والتي لا تزال حتى يومنا هذا».
بيد أن يانوكوفيتش كان قد فقد في ذلك الوقت دعم حزبه، الذي انضم أعضاؤه إلى آخرين في البرلمان في توجيه أمر إلى الأجهزة الأمنية برفع المتاريس التي كانت قد وضعتها حول المباني الحكومية في كييف. وجمع يانوكوفيتش (الذي كان يخشي من التقارير بتوجه محتجين مسلحين إلى كييف من غرب أوكرانيا) الوثائق من مقر إقامته، وفرّ في الساعات الأولى من صباح اليوم التالي.
في تلك الليلة، كان بوتين لا يزال يطمئن الرئيس أوباما في مكالمة هاتفية على أنه سيعمل على حل الأزمة.
وفي اليوم التالي، جرد البرلمان الأوكراني يانوكوفيتش من صلاحياته، وصوّت لإطلاق سراح زعيمة المعارضة يوليا تيموشينكو من السجن، وتقرر إجراء انتخابات رئاسية جديدة. في البداية، صمتت روسيا، لكن مسؤولين قالوا إن بوتين بدا غاضبا بشدة من القادة الأوروبيين الذين توسطوا في الاتفاق، ولم يفعلوا شيئا لتنفيذه. وبدأ بوتين وغيره من المسؤولين في وصف القادة الجدد في أوكرانيا بالرجعيين والفاشيين، وأن روسيا لا يمكن أن تقبل بهم في السلطة.
وقال ألكسي تشسناكوف الاستراتيجي السياسي والمساعد السابق في الكرملين، عن تحرك بوتين في شبه جزيرة القرم: «ربما لم يكن الأمر وليد اليوم، ولكنه جاء عندما اتضح (بما لا يدع مجالا للشك) أن السلطات في أوكرانيا لم تعد قادرة على العودة إلى الاتفاق الذي وُقّع».
بعد يومين، حضر بوتين الحفل الختامي لدورة الألعاب الأولمبية التي كان يأمل في أن تصبح نموذجا لعودة روسيا كأمة قوية حديثة. ثم أمر بغزو سريع وخلسة لمنطقة تبدو مؤثرة في تاريخ روسيا منذ غزو كاترين العظمى. ويبدو أن قرار أمر القوات الروسية قد وقع في وقت متأخر من مساء يوم الثلاثاء أو فجر الأربعاء، بين دائرة صغيرة من مستشاري بوتين.
شملت المجموعة التي اتخذت القرار، حسب مسؤولين ومحللين، سيرجي إيفانوف مدير ديوان الرئيس بوتين، ونيكولاي باتروشيف سكرتير مجلس الأمن القومي، وألكسندر بورتنيكوف مدير جهاز الأمن الاتحادي. وجميعهم من قدامى المحاربين في الـ«كي جي بي»، وتحديدا زملاء بوتين خلال عمله في المنظمة في لينينغراد، والآن في سانت بطرسبورغ، خلال السبعينات والثمانينات. وقال محللون ومسؤولون إن استثناء مستشارين آخرين يؤكد أن تشدده المتزايد منذ عودته للرئاسة في عام 2012، بعد أن قضى فترة كرئيس للوزراء ولم يواجه احتجاجات شعبية فحسب، بل واجه أيضا انتقادات متزايدة من الولايات المتحدة وأوروبا لسجل البلاد في شؤون الحقوق السياسية وحقوق الإنسان. وأضاف غاليوتي: «إنه يحاول شيئا فشيئا التخلص من الأفراد الذين عارضوا نظرته للعالم». ولم يعترف بوتين أو أي مسؤول آخر بإصدار أمر بغزو عسكري للقرم، على الرغم من تصريح بوتين في مؤتمره الصحافي، حيث قال إنه عزز الأمن في قواعد الأسطول في البحر الأسود، التي توجد مقراتها في سيفاستوبول.
وأشار مسؤولون ومحللون إلى أن نشر القوات الروسية (التي قالت الحكومة الأوكرانية إنها تتراوح ما بين ستة آلاف إلى 15 ألف جندي) لا يزال عملية سرية، لتجنب القانون الدولي، والحاجة للحصول على موافقة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وهو أمر أصر بوتين مرارا على أنه كان ضروريا لأي عمليات عسكرية ضد دولة أخرى.
وقال أندري سولداتوف الذي شارك مع إيرينا بوروغان في تأليف كتاب عن الاستخبارات الروسية تحت عنوان «ذا نيو نوبيليتي»: «إنه أمر تقليدي أن تنكر الحقيقة الساطعة». كان بوتين قد حذر خلال لقاء قادة حلف شمال الأطلسي في بوخارست عام 2008، لدراسة دعوة أوكرانيا للانضمام إلى الحلف، من أن هذه العضوية لن تكون مقبولة لروسيا، وأنذر بالاستراتيجية التي بدأت تتكشف الآن وفقا لبرقية دبلوماسية نشرها موقع «ويكيليكس»، شكك بوتين حتى في شرعية نقل الاتحاد السوفياتي من المنطقة لسلطة ما كان يعرف آنذاك بجمهورية أوكرانيا الاشتراكية السوفياتية، في عام 1954. فقال بوتين بحسب البرقية التي كتبها كيرت فولكر، السفير الأميركي لدى «الناتو» في ذلك الوقت: «إذا أضفنا شكوك (الناتو) والمشكلات الأخرى، فستجد الدولة نفسها عرضة للتهديد».
والسؤال الآن هو إلى أي مدى ينوي بوتين المضي قدما؟ يرى سيرغي ماركوف، مستشار الكرملين، إن ذلك لم يتضح بعد، لأن بوتين يرتجل حسب مجريات الأحداث.
* خدمة «نيويورك تايمز»



أكثر من 100 برلماني يتقدمون باقتراح لحظر حزب «البديل من أجل ألمانيا» قبل 3 أشهر من الانتخابات

الكتلة البرلمانية لحزب «البديل من أجل ألمانيا» اليميني المتطرف (أ.ف.ب)
الكتلة البرلمانية لحزب «البديل من أجل ألمانيا» اليميني المتطرف (أ.ف.ب)
TT

أكثر من 100 برلماني يتقدمون باقتراح لحظر حزب «البديل من أجل ألمانيا» قبل 3 أشهر من الانتخابات

الكتلة البرلمانية لحزب «البديل من أجل ألمانيا» اليميني المتطرف (أ.ف.ب)
الكتلة البرلمانية لحزب «البديل من أجل ألمانيا» اليميني المتطرف (أ.ف.ب)

يزداد القلق في ألمانيا من تعاظم قوة حزب «البديل من أجل ألمانيا» اليميني المتطرف الذي حقق مكاسب كبيرة في انتخابات محلية قبل أسابيع، ويسعى لتكرارها على الصعيد الوطني في الانتخابات العامة التي ستجرى يوم 23 فبراير (شباط) المقبل، بعد الانهيار المفاجئ للحكومة الائتلافية. ويحل حزب «البديل» في المرتبة الثانية حالياً وفق استطلاعات الرأي بنسبة تأييد تصل إلى 16 في المائة، بعد «الاتحاد المسيحي الديمقراطي» (يمين وسط) الذي يتقدم على جميع الأحزاب البرلمانية بفارق كبير وبنسبة تأييد تزيد على 32 في المائة.

زعيمة حزب «البديل لألمانيا» أليس فايدل خلال مشاركتها في جلسة داخل «البوندستاغ» يوم 16 مايو الماضي (رويترز)

ومنذ أشهر يعمل نواب من مختلف الأحزاب على مشروع لحظر حزب «البديل»، وكانوا يأملون أن يُتوصل لقرار قبل الانتخابات العامة المقبلة، التي كان من المفترض إجراؤها في النصف الثاني من العام الحالي. ولكن الآن، يسارع النواب إلى طرح مشروعهم للمناقشة أمام البرلمان قبل الانتخابات المقبلة.

شعار دعائي لحزب «البديل من أجل ألمانيا» يقول: جاهزون للأكثر (د.ب.أ)

وقد سلم 113 نائباً اقتراحاً إلى رئيسة البرلمان (البوندستاغ)، باربل باس، لحظر الحزب اليميني المتطرف، وفق ما نقلت مجلة «دير شبيغل» والقناتان المرئيتان؛ الأولى والثانية. وبهذا الاقتراح، يتعين على البوندستاغ أن يبدأ تحركاً للطب من المحكمة الدستورية العليا بحث إمكانية حظر الحزب بناء على خرقه الدستور، كما يقول هؤلاء. ويأمل النواب الذين تقدموا بالاقتراح أن يناقَش المشروع داخل «البوندستاغ» تمهيداً لإحالته إلى المحكمة الدستورية العليا خلال شهر ديسمبر (كانون الأول) المقبل.

«البرلمان الألماني - البوندستاغ»... (أ.ف.ب)

ولكن التحرك الذي يضم نواباً من حزب «الخضر» و«الحزب الاشتراكي» وحزب «الاتحاد المسيحي الديمقراطي» وحزب «دي لينكا» اليساري المتطرف، لا يحظى بتأييد من قيادات الأحزاب بسبب المخاوف من فشل الحظر، والتخوف من أن يستفيد «البديل من أجل ألمانيا» من ذلك بكسب مزيد من التأييد الشعبي.

وقد أعلن نائب في حزب «الخضر» عن نيته تقديم اقتراح مضاد يطلب تشكيل لجنة لبحث حظوظ هذا الحظر قبل التقدم بالطلب إلى المحكمة الدستورية العليا، وهذا يعني أن البرلمان سيتعين عليه أن يبحث في الاقتراحين بشكل متوازٍ، مما قد يبطئ العملية التي تواجه ضغوطاً زمنية قبل حل البرلمان والانتخابات المقبلة في نهاية فبراير.

المستشار الألماني أولاف شولتس (أ.ف.ب)

وستضطر الأجهزة الأمنية والمخابرات الألمانية الداخلية التي تراقب الحزب منذ سنوات، إلى أن تسلم ملف الحزب إلى اللجنة التي ستبحث حظوظ نجاح الحظر.

وتصنف المخابرات الألمانية الحزب يمينياً متطرفاً، مما يعطيها صلاحيات مراقبته من دون اللجوء للمحاكم لطلب أذون خاصة بملاحقة أفراده.

وكان من المفترض أن تصدر المخابرات تقريراً يؤكد أو ينفي أن الحزب يميني متطرف، ولكن رئيس المخابرات، توماس هالدنفانغ، أعلن تأجيل إصدار التقرير بسبب قرب الانتخابات و«للسماح للأحزاب بحظوظ متساوية».

وعقّد من الوضع أكثر استقالة هالدنفانغ من منصبه صباح الأربعاء بسبب نيته الترشح لمقعد في «البوندستاغ» عن «الحزب المسيحي الديمقراطي». وهذا الحزب هو أكثر الأحزاب التي تخشى حزب «البديل لأجل ألمانيا»، بسبب المخاوف من أن يجذب الحزب المتطرف ناخبين محافظين.

المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل تصفق خلال كلمة ماكرون في «البوندستاغ» الاثنين (إ.ب.أ)

ومنذ تسلم فرديرش ميرتز زعامة الحزب الذي تنتمي إليه المستشارة السابقة أنجيلا ميركل، وهو يواجه اتهامات باستخدام خطاب شعبوي لكسب أصوات من «البديل لأجل ألمانيا». وغالباً من ينتقد ميرتز، الذي يتصدر حزبه استطلاعات الرأي ويسعى إلى أن يصبح المستشار المقبل بعد الانتخابات، سياسة الهجرة واللجوء لحكومة أولاف شولتز. وقد كرر في كلمة أمام «البوندستاغ»، الأربعاء، مهاجمة الحكومة، التي فقدت أغلبيته بعد مغادرة الحزب الليبرالي الائتلاف الحاكم، حول سياسات الهجرة. وقال إن ألمانيا تحتاج لسياسة أكثر تشدداً، داعياً لإغلاق الحدود أمام اللاجئين ولتشديد كل إجراءات اللجوء والهجرة.

ورغم تشابه كثير من السياسات، خصوصاً بشأن الهجرة، بين «الحزب المسيحي الديمقراطي» وحزب «البديل لأجل ألمانيا»، فإن ميرتز وكل الأحزاب الأخرى، يرفضون التحالف مع «الحزب» المتطرف. وقد كرر ميرتز إعلانه هذا خلال خطابه في «البوندستاغ» الأربعاء قائلاً: «يستحيل أن نتحالف مع مجموعة مثل هذه» وهو يشير إلى تكتل نواب «البديل من أجل ألمانيا».

وزير المالية المقال كريستيان ليندنر (إ.ب.أ)

وتورط عدد من السياسيين المنتمين إلى حزب «البديل من أجل ألمانيا» في فضائح خلال الأشهر الماضية، بداية من مشاركة عدد منهم، بينهم مستشار مقرب من زعيمة الحزب أليس فايدل، في اجتماع، كشف عنه صحافي متنكر، لمجموعة من اليمينيين المتطرفين، ناقش ترحيل ملايين المهاجرين، وحتى الألمان الذين هم من أصول مهاجرة، من ألمانيا. والأسبوع الماضي، أعلن المدعي العام الفيدرالي عن القبض على مجموعة تعرف بـ«انفصاليي ساكسونيا»، وتضم سياسيين من «البديل لأجل ألمانيا» أرادوا تنفيذ عمليات طرد من ولاية ساكسونيا تشبه «التطهير العرقي»، ويحملون أفكاراً شبيهة بأفكار «الحزب النازي».

ويعتقد المروجون لحظر «الحزب» المتطرف أن أمثلة كهذه تثبت أن الحزب يخالف الدستور، وأنها يمكن أن تشكل أدلة كافية لحظره. ولكن آخرين يشككون ويخشون من أن تكون لفشل مساعي حظره نتائج عكسية وتؤدي إلى تقويته بدلاً من إضعافه. ويمكن لهذا الحزب أن يتحول بعد الانتخابات المقبلة إلى أكثر حزب معارض في البرلمان.

وإذا كانت مساعي حظره الآن بعيدة المنال لأن العملية معقدة وطويلة وبيروقراطية، فإن متاعبه قد تعود بعد الانتخابات، خصوصاً بعد صدور تقرير المخابرات، الذي في حال أكد تصرفه، وهو المتوقع، فإن ذلك يعني أنه سيبقى تحت المراقبة، وهو ما يزيد من احتمالات حظره وإن على المدى الأبعد.