بلجيكا.. جنة عقارية في قلب أوروبا

خبراء لـ {الشرق الأوسط} : السوق لم تتأثر بالعمليات الإرهابية

العاصمة البلجيكية بروكسل تستعد لاستقبال بداية العام مع تشديدات أمنية (رويترز)
العاصمة البلجيكية بروكسل تستعد لاستقبال بداية العام مع تشديدات أمنية (رويترز)
TT

بلجيكا.. جنة عقارية في قلب أوروبا

العاصمة البلجيكية بروكسل تستعد لاستقبال بداية العام مع تشديدات أمنية (رويترز)
العاصمة البلجيكية بروكسل تستعد لاستقبال بداية العام مع تشديدات أمنية (رويترز)

شهدت بلجيكا تحولا اقتصاديا عميقا في القطاع العقاري على مدى السنوات الماضية منذ الأزمة المالية العالمية، وتضمن ذلك التحول ارتفاعا كبيرا في الطلب على العقارات السكنية والتجارية والإدارية.
وعلى الرغم من هيمنة القطاع العام في العاصمة بروكسل على القطاع العقاري، وإضفاء صورة إدارية للعاصمة، فإن هناك طلبا قويا على العقارات السكنية، فمقارنة بأسعار المنازل في الدول المجاورة، تعد بلجيكا الأفضل بكل المقاييس، حيث تتميز بمستوى المعيشة المرتفع وأسعار العقارات المنخفضة مما يجعلها خيارا مناسبا للإقامة الدائمة للمواطنين أو الأجانب على حد سواء.. وما من شأنه أن أسفر عن تملك 72 في المائة من السكان لمنازلهم الخاصة، وهي نسبة مرتفعة أوروبيا.
وللمستأجر في بلجيكا حقوق واسعة، كالعقود الطويلة وتزيين وتحسين المنزل، ويرى محللون أن الاستثمار الطويل الأجل في منزل بإحدى المدن البلجيكية يستحق العناء، حيث تقدر ضريبة الأرباح الرأسمالية بنحو 16.5 في المائة على العقارات المباعة في غضون 5 سنوات من تاريخ الشراء، مما يجعل الاستثمارات قصيرة الأجل قليلة الربحية.
ووفقا لتقرير مؤشر العقارات «ديلويت»، فقد ارتفعت أسعار العقارات السكنية في بلجيكا بنحو 0.5 في المائة في عام 2014 مقارنة مع عام 2013. وعلى صعيد الأسعار داخل المدن، انخفضت الأسعار في العاصمة بروكسل بما يقارب 0.4 في المائة، وفي مدينة غنت الساحلية بنسبة 1.5 في المائة، بينما ارتفعت الأسعار في مدينة أنتويرب بنسبة 2.9 في المائة.
وعادة ما يتم اقتسام تكلفة الرسوم والمصاريف لشراء عقار بين البائع والمشتري، ويدفع الأخير معظمها بما يقرب من 11 إلى 15 في المائة، والبائع من 3 إلى 5 في المائة وفقا لحالة العقار والنسبة المقررة طبقا للمناطق.
وبحسب الخبير العقاري فريديرك شوت، في تصريح صحافي له، فإن «بلجيكا رائدة في صناعة العقارات والمقاولات، ونتوقع زيادة معتدلة في أسعار العقارات السكنية تمشيًا مع التضخم. وكان أداء سوق العقارات السكنية البلجيكي تقليديا ومستقرا جدا، وكان له أداء جيد خلال السنتين الماضيتين وأيضا خلال الأزمات».
وبلغ متوسط سعر المتر في أنحاء بلجيكا نحو 2100 يورو في الربع الثاني من عام 2015، وقد ارتفعت أسعار المساكن الجديدة في 12 منطقة في عام 2014، مقارنة بخمس مناطق فقط في عام 2013.
وبحسب معدل القدرة على تحمل تكاليف السكن في بلجيكا، فإن متوسطي الدخل يحتاجون إلى نحو 3.2 سنة لسداد قيمة مسكن بمساحة 70 مترا مربعا بكامل الراتب السنوي، وهو مقياس تخيلي بالطبع، لكنه يعطي رقما يمكن من خلاله الحكم على القدرة الشرائية، ويمكن البنوك والجهات المانحة للقروض من تحديد نسب الفوائد والمستحقين.
وعلى الرغم من ارتفاع معدلات الضريبة في بلجيكا، فإنها تبقى في المراتب العليا على ذلك المؤشر، ويكفي أن نعرف أنها تتقدم دولا مثل ألمانيا التي يحتاج فيها الفرد إلى 3.3 عام لسداد ذات القيمة، وهولندا 4.2، وإسبانيا 4.4، وآيرلندا 5.2، والسويد 5.3، والنمسا 5.8، وفرنسا 8، وروسيا 8.8، والمملكة المتحدة 10 سنوات.
وتقع مديونية الأسر في بلجيكا ضمن المعدل الأوروبي، فلا يوجد تراكم ديون عقارية مفرط في بلجيكا. ويبلغ متوسط الدين السكني كنسبة للدخل المتاح للأسر 82 في المائة، وهو أعلى قليلا من فرنسا التي يبلغ فيها 65 في المائة، وألمانيا 66 في المائة، ولكن أقل بكثير من المملكة المتحدة حيث يبلغ 119 في المائة، وهولندا 218 في المائة.
وتعد البنوك البلجيكية هي الأقل تطلبا بين بنوك أوروبا لتمويل المشروعات العقارية بهامش فائدة يبلغ 1.25، 1.75 في المائة وهو ما يؤكده محللون على استقرار وصحة سوق العقارات السكنية في بلجيكا.
ويعد سوق الإسكان البلجيكية سوقا قادرا على تحمل الأزمات، فرغم الأزمة المالية العالمية ومخاطر التصحيح السعري الكبيرة في أسعار المنازل، فإنها كانت محدودة في السوق البلجيكية.. فارتفعت أسعار المنازل بنحو 15 في المائة بين عامي 2008 و2014.
ويشير تقرير «يوروستات» الصادر في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي إلى زيادة مؤشر الإسكان في بلجيكا إلى 107.06 نقطة في الربع الثاني من 2015، ارتفاعا من 105.22 نقطة في الربع الأول، ليصل إلى أعلى مستوى له منذ الربع الأول من العام الماضي حين بلغ 108.74 نقطة. بينما يذكر أن المؤشر بلغ أقل مستوى قياسي له في الربع الأول من عام 2005 بنحو 75.81 نقطة فقط.
كما أشار التقرير لارتفاع أسعار المنازل في أنحاء دول الاتحاد الأوروبي 2.5 في المائة خلال الربع الأول من 2015، وارتفعت أسعار العقارات التجارية بنسبة 2.1 في المائة، وارتفعت أسعار العقارات الإدارية بنسبة اثنين في المائة في نفس الفترة.
وبحسب حديث الخبير العقاري ديدير فليجر لـ«الشرق الأوسط»، فإن السوق البلجيكية واحدة من أفضل أسواق العقارات في أوروبا وأكثرها استقرارا، خاصة في فترات الركود والانخفاض الحاد في الأسعار كما سجلته بعض البلدان في أوروبا. مضيفا أن «الأحداث الإرهابية الأخيرة لم تؤثر على السوق العقارية حتى مع الشلل الذي أصاب حركة المعيشة لأيام، فما زال الطلب مستمرا وكبيرا على القطاعات السكنية والتجارية في السوق البلجيكية».
وظلت العائدات على العقارات السكنية ثابتة خلال العام الماضي، فيتراوح العائد على تأجير الشقق في العاصمة البلجيكية بروكسل ما بين 4.56 و5.53 في المائة، والعائدات على المنازل تتراوح بين 4.46 و5.01 في المائة.
ووفقا لتقرير مجموعة باركليز الصادر في نوفمبر (تشرين الثاني)، فقد تم استثمار ما يقرب من 244.6 متر مربع في الربع الثالث في 2015 بزيادة قدرها 19 في المائة مقارنة بالربع الثالث العام الماضي. إضافة إلى ما يقرب من ألفي يورو مقابل المتر المربع خلال نفس الفترة في الشوارع الرئيسية بالعاصمة بروكسل والمدينة الساحلية أنتويرب، و1550 يورو للمتر مربع في غنت، 1200 في كل من بروج ولييج، و1100 للمتر مربع في هاسيلت. كما تم الانتهاء من 160 ألف متر خلال 2015 وسيتم الانتهاء من 300.9 ألف متر مربع في 2016. وتم استثمار ما يقرب من 1.67 مليار يورو حتى الآن، وتم استثمار 1.2 مليار يورو في الربع الثالث من 2015 وحده.
وبحسب المحلل العقاري جيف دوستر لـ«الشرق الأوسط»، فإن الطلب انخفض على العقارات التجارية نسيبا خلال الربع الرابع (حتى الآن) من 2015، على الرغم من قوته أثناء الأزمات، فقد ضعفت الإيجارات في الشوارع الرئيسية داخل المدينة، وضعف الطلب على مراكز التسوق الكبرى، كنتيجة للركود التجاري العالمي، «ولا أعتقد أن الأحداث الإرهابية كان لها الأثر على ذلك».



السعودية: توقع «طفرة سكنية» يصحبها تراجع جديد في أسعار العقارات

تمكنت وزارة الإسكان من تلبية مطالب مختلف الفئات بإنتاج وحدات سكنية جاهزة
تمكنت وزارة الإسكان من تلبية مطالب مختلف الفئات بإنتاج وحدات سكنية جاهزة
TT

السعودية: توقع «طفرة سكنية» يصحبها تراجع جديد في أسعار العقارات

تمكنت وزارة الإسكان من تلبية مطالب مختلف الفئات بإنتاج وحدات سكنية جاهزة
تمكنت وزارة الإسكان من تلبية مطالب مختلف الفئات بإنتاج وحدات سكنية جاهزة

بعد سلسلة من المتغيرات التي شهدها قطاع الإسكان السعودي، يتجه القطاع إلى التوازن مع انخفاض التضخم الحاصل في الأسعار بمختلف فروع القطاع العقاري، وسط مبادرات سعت إليها وزارة الإسكان السعودية؛ الأمر الذي قلص الفجوة بين العرض والطلب خلال السنوات الماضية، حيث حققت الوزارة القيمة المضافة من خلال تلك المبادرات في رفع نسب التملك بالبلاد.
وتوقع مختصان أن تشهد الفترة المقبلة مزيداً من النجاح الحكومي في مجال الإسكان، مشيرين إلى أن المواطن سيجني ثمار ذلك على مستوى الأسعار وتوافر المنتجات، التي تلبي مطالب جميع الفئات. ويمثل هذا النجاح امتداداً لإنجازات الحكومة، في طريق حل مشكلة الإسكان، عبر تنويع المنتجات العقارية وإتاحتها في جميع المناطق، مع توفير الحلول التمويلية الميسرة، والاستفادة بالشراكة مع القطاع الخاص.
وأشار المختصان إلى أن أداء الحكومة، ممثلة في وزارة الإسكان، كان وراء خفض أسعار المساكن بشكل كبير، وذلك بعد أن وفرت للمواطنين منتجات عقارية متنوعة تلبي أذواق جميع المستفيدين من برامج الدعم السكني. وقال الخبير العقاري خالد المبيض إن «وزارة الإسكان تمكنت من إيجاد حلول عقارية ناجعة ومتنوعة، أدت إلى تراجع الأسعار بنسب تشجع جميع المواطنين بمختلف مستوياتهم المادية، على تملك العقارات»، مضيفاً أن «الفترة المقبلة ستشهد مزيداً من النجاح في هذا الجانب».
وتابع: «أتذكر أن أول مشروع تسلمته وزارة الإسكان، كان يتعلق ببناء 500 ألف وحدة سكنية، بقيمة 250 مليار ريال (133.3 مليار دولار)، ما يعني أن قيمة الوحدة السكنية 500 ألف ريال (133.3 ألف دولار). أما اليوم، فقد تمكنت الوزارة من إيجاد وحدات جاهزة بقيمة تصل إلى نصف هذا المبلغ وهو 250 ألف ريال (66.6 ألف دولار)»، لافتاً إلى أن «الفرد يستطيع الحصول على هذه الوحدات بالتقسيط، مما يؤكد حرص البلاد على إيجاد مساكن لجميع فئات المجتمع السعودي».
وأضاف المبيض: «تفاوت أسعار المنتجات العقارية يمثل استراتيجية اتبعتها الوزارة في السنوات الأخيرة، ونجحت فيها بشكل كبير جداً». وقال: «أثمرت هذه السياسة زيادة إقبال محدودي الدخل على تملك المساكن، بجانب متوسطي وميسوري الدخل الذين يقبلون على تملك مساكن ومنازل وفيلات تناسب قدراتهم المادية، وهذا يُحسب لوزارة الإسكان ويمهد لإنهاء مشكلة السكن التي لطالما أرقت المجتمع في سنوات ماضية».
وتوقع الخبير العقاري أن تشهد المرحلة المقبلة طفرة في قطاع الإسكان. وقال: «يجب أن نضع في الاعتبار أن منتجات الوزارة التي تعلن عنها تباعاً، تحظى بإقبال الأفراد كافة، لا سيما أنها تراعي خصوصية الأسرة السعودية، كما أنها تلبي احتياجاتها في الشكل والمساحات».
وأضاف: «تمكنت الوزارة من تلبية مطالب مختلف الفئات بإنتاج وحدات سكنية جاهزة، ومنازل مستقلة، وفيلات، ومنح أراضٍ وقروض لمن يرغبون في البناء بأنفسهم». وتابع «كل هذه الخيارات وفرتها الوزارة في صورة مبادرات متعددة، موجودة في برنامج (سكني)، وروجت لها بشكل جيد، ووصلت بها إلى المواطنين».
من جانبه، رأى المحلل الاقتصادي علي الجعفري أن شراكة الوزارة مع شركات العقار السعودية تمثل خطوة استراتيجية تُحسب للحكومة في السنوات الأخيرة. وقال: «إحقاقاً للحق؛ أضاعت الوزارة عقب تأسيسها، بعض الوقت والجهد للبحث عن آليات تمكنها من بناء 500 ألف وحدة سكنية، لكنها عوضت ذلك بالشراكة مع القطاع الخاص».
وأضاف الجعفري: «الوزارة في بداية عهدها لم تتعاون مع شركات التطوير العقاري السعودية لتنفيذ مشاريع السكن، ولو أنها سارعت بهذا التعاون، لكان لدينا اليوم عدد كبير من المنتجات العقارية التي تساهم في حل مشكلة السكن».
واستطرد: «الوزارة تداركت في السنوات الأخيرة هذا الأمر، واعتمدت على شركات التطوير السعودية، التي أصبحت بمثابة الذراع التنفيذية لتصورات الحكومة وتوجهاتها لحل مشكلة السكن»، مضيفاً: «اليوم الوزارة ترتكن إلى حزمة من المبادرات النوعية، التي وفرت كثيراً من التنوع في المنتجات العقارية، وهو ما أشاع جواً من التفاؤل بإمكانية حل مشكلة السكن في المملكة في وقت وجيز».
وأكد الجعفري ثقته باستمرار نجاح البلاد في إدارة ملف الإسكان. وقال: «أنا واثق بأن مؤشرات السكن اليوم أفضل بكثير منها قبل 8 سنوات مضت، بعد طرح الوزارة آلاف المنتجات العقارية وتسليمها إلى مستحقيها، بل ودخول عدد كبير منها إلى حيز الاستخدام».
وختم الجعفري: «نجاحات وزارة الإسكان تحقق مستهدفات (رؤية المملكة 2030)، خصوصاً فيما يتعلق بالوصول إلى نسبة تمليك بين المواطنين تصل إلى 70 في المائة» على حد وصفه.
وكانت «مؤسسة النقد السعودي (ساما)» أشارت إلى أن عقود التمويل العقاري السكني الجديدة للأفراد واصلت صعودها لشهر يناير (كانون الثاني) الماضي، مسجلة أعلى معدلات إقراض في تاريخ البنوك السعودية من حيث عدد العقود ومبالغ التمويل بنحو 23 ألفاً و668 عقداً مقارنة بنحو 9 آلاف و578 عقداً في يناير 2019، من إجمالي القروض العقارية السكنية المُقدمة من جميع الممولين العقاريين من بنوك وشركات التمويل.
وأوضح التقرير الخاص بـ«ساما» أن النمو في عدد عقود التمويل العقاري السكني وصل لنحو 147 في المائة مقارنة مع يناير 2019، فيما سجل حجم التمويل العقاري السكني الجديد في يناير 2020، نمواً بمقدار 112 في المائة مقارنة بالشهر نفسه من عام 2019، والذي سجل نحو 4.766 مليار ريال (1.270 مليار دولار)، كما سجلت قروض يناير السكنية ارتفاعاً بنسبة اثنين في المائة عن الشهر السابق ديسمبر (كانون الأول) 2019، والذي وصل حجم التمويل خلاله إلى نحو 9.86 مليار ريال (2.6 مليار دولار)، فيما ارتفع عدد العقود بنسبة 1.5 في المائة عن شهر ديسمبر 2019، والذي شهد توقيع نحو 23 ألفاً و324 عقداً.
وأشار التقرير إلى أنه تم إبرام 94 في المائة من قيمة هذه العقود عن طريق البنوك التجارية، بينما أبرمت 6 في المائة منها عن طريق شركات التمويل العقاري، فيما بلغ عدد عقود المنتجات المدعومة من خلال برامج الإسكان في شهر يناير 2020 عن طريق الممولين العقاريين 22 ألفاً و432 عقداً وبقيمة إجمالية بلغت 9.4 مليار ريال (2.5 مليار دولار).