مفتي مصر لـ {الشرق الأوسط}: علماؤنا يدعمون التحالف الإسلامي وهو أساس وحدة الصف

الإفتاء المصرية ردًا على «داعش»: التحالف العسكري ينهي عقيدة «دابق» التي تؤمنون بها

د. شوقي علام
د. شوقي علام
TT

مفتي مصر لـ {الشرق الأوسط}: علماؤنا يدعمون التحالف الإسلامي وهو أساس وحدة الصف

د. شوقي علام
د. شوقي علام

قالت دار الإفتاء المصرية أمس إن تشكيل التحالف الإسلامي، الذي أعلنت عنه السعودية مؤخرا، لمواجهة «داعش» يمثل ضربة قاصمة لكافة روايات وادعاءات التنظيم وعدت التحالف بداية مسار هدم أركان التنظيم المعنوية، فيما أكد مفتي الديار المصرية الدكتور شوقي علام في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن علماء مصر كافة يدعمون تحالف المملكة بوصفه أساس وحدة الصف.
وردت دار الإفتاء المصرية أمس في بيان شديد اللهجة على التسجيل الصوتي الذي أصدره تنظيم داعش الإرهابي بعنوان «النحر الدامي حقيقة التحالف الإسلامي»، والذي يهاجم فيه التحالف الإسلامي العسكري، وقالت الدار إن تشكيل التحالف الإسلامي لمواجهة «داعش» يمثل ضربة قاصمة لكافة روايات وادعاءات «داعش» الدينية واستناده إلى نبوءات نهاية التاريخ ليبرهن على صدق قوله، مشددة على أن التحالف الإسلامي ينسف كل هذه الادعاءات ويدحضها ويهدم أركان التنظيم المعنوية والتي تستمد قوتها بالأساس من تلك الادعاءات الباطلة.
وشكلت السعودية تحالفا عسكريا إسلاميا لمحاربة الإرهاب، يضم 35 دولة إسلامية وعربية، وأكد الدكتور شوقي علام مفتي مصر «دعم علماء مصر الكامل للتحالف الإسلامي»، لافتا إلى ضرورة تضافر جهودنا للقضاء على الإرهاب الأسود الذي طال الجميع، مضيفا لـ«الشرق الأوسط» أن وحدة الصف والتعاون فيما بيننا من أسس تحقيق الأمن والأمان لبلادنا وشعوبنا؛ بل للعالم كله.
ويواصل مرصد فتاوى التكفير والآراء الشاذة والمتشددة عمله في دار الإفتاء المصرية، للرد عليها بطريقة علمية منضبطة لمواجهة الإرهاب الذي يجتاح العالم. وأضافت دار الإفتاء في تقرير أعده المرصد حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه أمس، أن تنظيم داعش استثمر بشكل كبير تشكيل التحالف الدولي (الذي شكلته السعودية أيضا) ليقدم نفسه باعتباره محققا لنبوءة الرسول صلى الله عليه وسلم في ملاقاة جيوش ثمانين دولة، واستمر في ترويج تلك الرواية التي لاقت صدى كبيرا لدى الكثيرين، قبل أن يجد التنظيم نفسه أمام تحالف إسلامي يهدم أركان روايته وينقضها بالكلية، ليفقد التنظيم بذلك الأساس الآيديولوجي، الذي استند إليه واستمد منه قوته.
وأوضح مرصد الإفتاء أن تنظيم داعش الإرهابي قد دأب على تسمية التحالف الدولي بـ«التحالف الصليبي» بهدف تصوير الأمر وكأنه حرب دينية بين المسلمين وغير المسلمين، وكثير من عناصره الإرهابية تؤمن بهذه الرواية، وتعمل على ترويجها؛ إلا أن التنظيم لم يحسب لمواجهة تحالف إسلامي يضم جيوش نحو خمس وثلاثين دولة إسلامية تؤكد جميعها أن التنظيم الإرهابي لا يمثل الإسلام ولا المسلمين، وإنما هو تنظيم متطرف يسعى لتحقيق مكاسب خاصة باستخدام شعارات دينية وترديد روايات ما يعرف بـ«نهاية التاريخ».
ولفت المرصد إلى أن أخطر ما يخشاه تنظيم داعش الإرهابي هو فقدانه لسنده الفكري والديني وهزيمة نبوءته الدينية حول معارك التاريخ، وهو ما يفسر الهجوم الكبير الذي يشنه التنظيم على التحالف الإسلامي منذ الوهلة الأولى للإعلان عنه، وإصداره لعدد من المواد الصوتية والمصورة ومواد الرأي التي تهاجم التحالف، وكان آخرها إصدار مقطع فيديو مرئي بعنوان «النحرُ الدامي حقيقة التحالف الإسلامي» الذي وضح فيه حجم الخوف الذي يعتري التنظيم جراء هذا التحالف.
وأكد المرصد أن تنظيم داعش لن يقبل بمعادلة «تحالف إسلامي في مواجهة دولة الخلافة المزعومة أو الدولة الإسلامية الزائفة»، لذا فإنه سيسعى بكل السبل المتاحة لديه لتشويه هذا التحالف ونزع صفة أنه تحالف لدول إسلامية، والترويج لعدد من فتاويه التي تكفر الدول الإسلامية بالكلية ليصل إلى الصيغة التي يقبلها والتي تحقق مصالحه وهي «تحالف مرتدين في مواجهة الدولة الإسلامية» - على حد زعمه.
وشدد المرصد على أن استمرار هذا التحالف والحفاظ عليه كفيل بهدم البناء الفكري والآيديولوجي للجماعات التكفيرية بشكل عام، وتنظيم داعش على وجه الخصوص، وهو ما يحتم على الدول الإسلامية المشاركة في التحالف أن تبذل قصارى جهدها للحفاظ على هذا التحالف وتحقيق الأهداف التي تم إنشاؤه من أجلها.
في ذات السياق، قال الدكتور علام إن التحالف الإسلامي خطوة على الطريق الصحيح من أجل مواجهة الإرهاب الذي استفحل خطره في بلاد العالم جميعا، مما يستوجب اصطفاف الدول جميعا لمواجهته ومحاربته والقضاء عليه.
وأضاف مفتي مصر في تصريحات له أمس، أن السائرين على درب النبي صلى الله عليه وسلم لا ينجون من عثرات في طريقهم تحاول إثناءهم عن منهجهم، وتتمثل هذه العثرات في وجود بعض المتطرفين والجماعات المتشددة والإرهابية، الذين اتخذوا من التطرف والتشدد منهجا لهم، وهم أبعد الناس عن المنهج النبوي القويم، مؤكدا أنه من واجبنا التصدي لهم والرد عليهم؛ لأنهم يرتكبون جرائم منكرة في حق المقام النبوي الشريف، بانتزاعهم الكلام النبوي من سياقه، ويحملونه على أسوأ المعاني والمحامل التي لا يحتملها، ويخلعون عليه ما وقر في نفوسهم من غلظة وعنف وشراسة وانفعال، مع جهل كبير بأدوات الفهم، وآداب الاستنباط، ومقاصد الشرع الشريف وقواعده.
ولفت الدكتور شوقي علام إلى أن المتطرفين يحولون الكلمة المنيرة من كلام النبوة - والتي تملأ النفوس سكينة ورحمة وإجلالا لهذا الدين، وشهودا لكماله - على أيديهم إلى معنى دموي قبيح، مشوه، يملأ النفوس نفورا ورعبا، وحاشاه صلى الله عليه وسلم أن يكون كذلك وهو رحمة الله للعالمين.



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.