لحظات النهاية في حياة الإمبراطور بلاتر

كيف تداعت سياسات رئيس الفيفا «المكيافيللي» الهوى والرافض لقرار إيقافه؟

بلاتر وبلاتيني ونهاية مخزية (رويترز)
بلاتر وبلاتيني ونهاية مخزية (رويترز)
TT

لحظات النهاية في حياة الإمبراطور بلاتر

بلاتر وبلاتيني ونهاية مخزية (رويترز)
بلاتر وبلاتيني ونهاية مخزية (رويترز)

استقبل جوزيف بلاتر رئيس الـ«فيفا» قرار منعه من ممارسة أي نشاط كروي لمدة ثماني سنوات بالتحدي والإصرار على أنه غير متورط في أية تجاوزات فيما يخص دفع مبالغ بطريقة غير شرعية لميشال بلاتيني رئيس الاتحاد الأوروبي للعبة.
وأكد رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (المستقيل) البالغ من العمر 79 عامًا، أنه لا يزال رئيسا لـ«فيفا»، قبل الإشارة إلى عزمه عرض قضيته على محكمة التحكيم الرياضية.
بالنسبة لبلاتر الذي قضى فترة طويلة على نحو استثنائي داخل الـ«فيفا» امتدت إلى 40 عامًا، منها 17 في منصب الرئيس، فإن أكثر ما آلمه أسلوب رحيله. وجاءت تصريحاته العصبية أمس على نحو متزايد خلال الفترة الأخيرة و«انهياره المعنوي» الشهر الماضي بمثابة لحظات النهاية في حياة الإمبراطور المتداعي.
وخلال حديثه في مؤتمر صحافي عقده في زيوريخ وبينما كانت تقف إلى جواره ابنته كورين، ادعى بلاتر أنه ضحية. وأضاف: «الادعاء بأن هذا يوم جيد بالنسبة لي أو لـ(فيفا) يخالف الحقيقة تمامًا».
وقال: «يمكنكم وصفي بالمتفائل، لأنني إلى جانب المحامي السويسري الذي استعنت به اعتقدنا أننا أقنعنا اللجنة برئاسة القاضي إيكرت، بخصوص الملابسات المحيطة بالمبلغ المذكور. وخالجنا اعتقاد بأننا في موقف نظيف لا تشوبه شائبة».
وأوضح: «كنا مرتبطين مع بلاتيني بتعاقد شفهي، أو ما يقال عليه اتفاق (جنتلمان). وقد أبرم هذا الاتفاق عام 1998 بعد بطولة كأس العالم. وما يشعرني بالدهشة اليوم عند الحديث عن هذا القرار أنهم ينفون وجود مثل هذا الاتفاق. لقد جرى التأكيد على هذا الاتفاق عبر اجتماعين. ولدينا دليل على أن هذا الاتفاق كان قائمًا».
وأضاف: «وعليه، فإن الـ2 مليون فرنك سويسري التي تلقاها بلاتيني مرت من خلال اللجنة المالية واللجنة التنفيذية وجرى تنفيذها على نحو جيد. إنها عبارة عن تبرع أو منحة. لقد تجنبنا مسألة الفساد. وفعلنا ذلك لأن هذا الإجراء موجود في القواعد الحاكمة لـ(فيفا)، التي تتيح إبرام اتفاقات شفهية. إننا ننوي اللجوء للجنة الاستئناف من جديد، وكذلك محكمة التحكيم الرياضية. قد يكون قد حدث خطأ إداري، لكن الأمر لا علاقة له بالأخلاق. ولا يمكن إثبات حدوث تجاوز. وإذا كان يتعذر عليك إثبات وقوع تجاوز، إذن لا يمكن أن يدان أحد».
جدير بالذكر، أن بلاتر مثل أمام لجنة الأخلاق الخميس الماضي، حيث دفع ببراءته في خطاب وجهه إلى جميع أعضاء الـ«فيفا» الـ209، وشبه ما يجري معه بمحاكم التفتيش الإسبانية. واستمر في الدفاع عن نفسه أمس، مشبهًا نفسه بنيلسون مانديلا.
وأضاف خلال مؤتمره الصحافي الأخير: «سأقاتل. سأقاتل من أجلي ومن أجل الـ(فيفا). على ماذا يوقفونني؟ لقد تحدثت إلى المحامي الخاص بي صباحًا ولم نكن مندهشين من أن القرار جرى إبلاغه أولاً لوسائل الإعلام. إن تلك اللجنة لا يحق لها التحرك ضد رئيس الـ(فيفا). ولا يمكن الإطاحة برئيس الاتحاد سوى من خلال المجلس العام. وحتى إذا تعرضت للإيقاف، سأظل رئيس الاتحاد. أشعر بالندم، لكن لا أشعر بالعار».
الملاحظ أن بلاتر تعمد إطالة أمد رئاسته للاتحاد لمدة طويلة للغاية، ناكثًا عهوده بالتنحي خلال أعوام 2006 و2011 وهذا العام. وعند إمعان النظر في تصريحاته، يتضح أنه أصبح يتعامل مع الاتحاد كما لو كان زوجته التي يربطه بها رباط مقدس لا انفصام له، ويرى نفسه شخصًا لا استغناء عنه في مستقبل الكيان الكروي العالمي.
ويرى أنصاره، الذين لا يزال الكثيرون منهم داخل كيان الـ«فيفا» الذي أصابه العطب، أن بلاتر له الفضل في بناء إرث عظيم يقوم على تطوير كرة القدم عالميًا منذ توليه مهام عمله عام 1975. وترى اتحادات كرة القدم في أفريقيا ودول نامية أخرى أن الأموال التنموية التي وفرها بلاتر وتوسيع نطاق المشاركة ببطولة كأس العالم والبطولات الأخرى الخاصة بـ«فيفا» نجحت في إحداث انفتاح على صعيد كرة القدم العالمية.
ولا يزال هؤلاء يتذكرون الفترة البغيضة إلى قلوبهم لرئاسة سير ستانلي روس لـ«فيفا» حتى عام 1974 والتي يشيرون إليها باسم «الفترة الاستعمارية» وعلاقته الكريهة باتحاد كرة القدم بجنوب أفريقيا خلال فترة الفصل العنصري.
في المقابل، فإن منتقدي بلاتر، وبينهم بعض الشخصيات البارزة بمجال كرة القدم الأوروبية التي تكن كراهية عميقة تجاهه يرون أن حكم الإيقاف الصادر من اللجنة الأخلاقية يكشف النقاب عن الحقيقة القبيحة لأساليب الرجل السويسري. ويرى هذا المعسكر أن بلاتر أتقن السياسات «المكيافيللية» داخل الـ«فيفا»، والتي تعلمها من البرازيلي جواو هافيلانج الذي حل محل روس وأبقى على قبضته على رئاسة الاتحاد طيلة 24 عامًا حتى عام 1998 عندما تم انتخاب بلاتر لخلافته - وهي فترة طويلة على نحو استثنائي.
وقد أثبت هافيلانج، الذي استولى على الملايين في صورة رشى من وراء صفقات بين الـ«فيفا» وشركة «آي إس إل» للتسويق، أن أي رئيس للاتحاد بحاجة لتصويت غالبية اتحادات كرة القدم لصالحه. وإذا نجح بعد ذلك في السيطرة على نشاطات الاتحاد، فإنه سيظل بحاجة لدعم اللجنة التنفيذية البالغ عدد أعضائها 24 عضوًا، وتضم بصورة أساسية ممثلين عن الاتحادات القارية الستة.
ويرى منتقدو بلاتر أنه عقد تحالفات غير نزيهة مع كثير من المحتالين داخل اللجنة التنفيذية، مثل جاك وارنر رئيس اتحاد شمال ووسط أميركا ومنطقة الكاريبي لكرة القدم المعروف باسم «كونكاكاف»، الممنوع حاليًا من ممارسة أي نشاط كروي مدى الحياة وأدانته السلطات الأميركية باتهامات فساد، ونيكولاس ليوز، الرئيس السابق لاتحاد أميركا الجنوبية لكرة القدم الذي تقاضى رشى من «آي إس إل»، ويتعرض للمحاكمة حاليًا داخل الولايات المتحدة، وريكاردو تيكسيرا، رئيس الاتحاد البرازيلي لكرة القدم الذي تقاضى رشى أيضًا من الشركة ذاتها ومدان حاليًا، والقطري محمد بن همام الداعم الرئيس لبلاتر عام 1998 ومحظور عليه حاليًا ممارسة أي نشاط كروي مدى الحياة بسبب مزاعم تتعلق بالفساد. وهناك أيضًا جوليو غروندونا الرئيس الراحل للاتحاد الأرجنتيني لكرة القدم، علاوة على اللجنة المالية بـ«فيفا» التي لم تعلن قط عن راتب بلاتر كرئيس للاتحاد، والتي وقفت إلى صفه طيلة الوقت.
علاوة على ذلك، يعتقد منتقدو بلاتر أن برامج المساعدة الرياضية السنوية المعنية باتحادات كرة القدم بمختلف أرجاء العالم بقيمة 250 ألف دولار لا تخلو من فساد، وتعمل فعليًا على شراء تأييد الدول النامية. من جهتها، أشارت الـ«فيفا» إلى أنه جرى إنفاق ما يزيد على ملياري دولار كمساعدات تنموية منذ إقرار بلاتر هذه البرامج فور انتخابه رئيسًا للاتحاد عام 1998، وأنه رغم أن بعض ممارسات الفساد تعد أمرًا محتومًا على الصعيد المحلي، فإن هناك تحسنًا واضحًا لا تخطئه العين في البنية التحتية العالمية لكرة القدم. كما أعلن الاتحاد عن تشديد إجراءات المراجعة الحسابية، مشيرًا إلى أنه جرى وقف تمويل 28 اتحادًا كرويًا الشهر الماضي لاختراقها المعايير اللازمة.
من ناحيته، أعرب إيمانويل ماراداس، رئيس تحرير مجلة «أفريكان سوكر» السابق، الذي عمل أيضًا في أدوار عدة داخل الـ«فيفا»، عن اعتقاده بأن إغداق هذا القدر الكبير من الأموال على اتحادات كروية فقيرة أسهم في ضمان بلاتر للدعم اللازم، بجانب أن هذه الأموال كانت معرضة حتمًا لبعض صور الفساد. ومع ذلك أكد أن الصورة السائدة عن بلاتر أنه شخص عمل بجد على رفع شأن كرة القدم الأفريقية ونجح بالفعل في ترك إرث هائل وملموس على هذا الصعيد.
وقال: «داخل أفريقيا، لا يزالون يتذكرون سير ستانلي روس والآخر السابق لبلاتر باعتبار أنهما لم يحققا أي شيء للقارة. أما بلاتر فقد وعد عام 1998 بتوفير مساعدات مالية، الأمر الذي أنجزه فور انتخابه. ومنذ ذلك الحين، شهدت كرة القدم بكثير من الدول تقدمًا كبيرًا، وأقيمت بعض المشروعات الرائعة، وأصبحت هناك مقار لاتحادات كرة القدم وملاعب وأكاديميات لكرة القدم. داخل أفريقيا، يقولون عن بلاتر إنه: «رجل ينجز ما يعد به»، ولهذا يؤيدونه.
من ناحية أخرى، كانت رسالة التحدي التي بعث بها بلاتر الأسبوع الماضي إلى اتحادات كرة القدم الذين يمثلون جمهور الـ«فيفا» بمختلف أرجاء العالم، بمثابة بيان تقليدي يؤكد خلاله على براءته. واللافت في الخطاب النبرة الدينية التي تظهر بها أحيانًا، مثل تشبيهه التحقيق الجاري معه بمحاكم التفتيش. وأشار بلاتر إلى النشاطات التنموية التي نفذتها الـ«فيفا» بمختلف أرجاء العالم، مؤكدًا تمسكه بالقيم التي تعلمها عبر تنشئته الدينية والريفية.
وقال: «تلقيت هذه القيم عبر والدي، وقد التزمت بها دومًا على الصعيدين المهني والشخصي»، ثم أشار إلى مثالين محددين بقوله: «لا تقبل قط أموال لم تكسبها بعملك» و«احرص دومًا على تسديد ديونك».
بيد أن الملاحظ أن التصرفات التي تسببت بقرار الإيقاف بحقه، ولا تزال قيد تحقيق جنائي داخل سويسرا، الأمر الذي يسبب له شعورًا هائلاً بالصدمة والألم، لا تتعلق بحصوله على أموال غير مستحقة، وإنما دفعه أموالاً على نحو غير لائق لآخرين كانوا يعدون حلفاءه السياسيين داخل الـ«فيفا»: 1.35 مليون جنيه إسترليني لبلاتيني وعقد تلفزيوني سخي للغاية لجاك وارنر. وتتماشى هذه الاتهامات مع شكاوى لطالما أطلقها البعض بحق بلاتر حول تعمده مساعدة آخرين على الإثراء مقابل البقاء في منصبه.



«خليجي 26»... السعودية والعراق وجهاً لوجه في المجموعة الثانية

الكويت ستحتضن كأس الخليج بنهاية العام الحالي (الشرق الأوسط)
الكويت ستحتضن كأس الخليج بنهاية العام الحالي (الشرق الأوسط)
TT

«خليجي 26»... السعودية والعراق وجهاً لوجه في المجموعة الثانية

الكويت ستحتضن كأس الخليج بنهاية العام الحالي (الشرق الأوسط)
الكويت ستحتضن كأس الخليج بنهاية العام الحالي (الشرق الأوسط)

أسفرت قرعة بطولة كأس الخليج (خليجي 26) لكرة القدم التي أجريت السبت، وتستضيفها الكويت خلال الفترة من 21 ديسمبر (كانون الأول) 2024، وحتى 3 يناير (كانون الثاني) 2025، عن مجموعتين متوازنتين.

فقد ضمت الأولى منتخبات الكويت، وقطر، والإمارات وعمان، والثانية العراق والسعودية والبحرين واليمن.

ويتأهل بطل ووصيف كل مجموعة إلى الدور نصف النهائي.

وسُحبت مراسم القرعة في فندق «والدورف أستوريا» بحضور ممثلي المنتخبات المشارِكة في البطولة المقبلة.

وشهد الحفل الذي أقيم في العاصمة الكويت الكشف عن تعويذة البطولة «هيدو»، وهي عبارة عن جمل يرتدي قميص منتخب الكويت الأزرق، بحضور رئيس اتحاد كأس الخليج العربي للعبة القطري الشيخ حمد بن خليفة، إلى جانب مسؤولي الاتحاد وممثلين عن الاتحادات والمنتخبات المشاركة ونجوم حاليين وسابقين.

السعودية والعراق وقعا في المجموعة الثانية (الشرق الأوسط)

وجرى وضع الكويت على رأس المجموعة الأولى بصفتها المضيفة، والعراق على رأس الثانية بصفته حاملاً للقب النسخة السابقة التي أقيمت في البصرة، بينما تم توزيع المنتخبات الستة المتبقية على 3 مستويات، بحسب التصنيف الأخير الصادر عن الاتحاد الدولي (فيفا) في 24 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وتقام المباريات على استادي «جابر الأحمد الدولي» و«جابر مبارك الصباح»، على أن يبقى استاد علي صباح السالم بديلاً، ويترافق ذلك مع تخصيص 8 ملاعب للتدريبات.

وستكون البطولة المقبلة النسخة الرابعة التي تقام تحت مظلة اتحاد كأس الخليج العربي بعد الأولى (23) التي استضافتها الكويت أيضاً عام 2017. وشهدت النسخ الأخيرة من «العرس الخليجي» غياب منتخبات الصف الأول ومشاركة منتخبات رديفة أو أولمبية، بيد أن النسخة المقبلة مرشحة لتكون جدية أكثر في ظل حاجة 7 من أصل المنتخبات الثمانية، إلى الاستعداد لاستكمال التصفيات الآسيوية المؤهلة إلى كأس العالم 2026 المقررة في الولايات المتحدة وكندا والمكسيك.

وباستثناء اليمن، فإن المنتخبات السبعة الأخرى تخوض غمار الدور الثالث الحاسم من التصفيات عينها، التي ستتوقف بعد الجولتين المقبلتين، على أن تعود في مارس (آذار) 2025.

ويحمل المنتخب الكويتي الرقم القياسي في عدد مرات التتويج باللقب الخليجي (10) آخرها في 2010.

الكويت المستضيفة والأكثر تتويجا باللقب جاءت في المجموعة الأولى (الشرق الأوسط)

ووجهت اللجنة المنظمة للبطولة الدعوة لعدد من المدربين الذين وضعوا بصمات لهم في مشوار البطولة مع منتخبات بلادهم، إذ حضر من السعودية ناصر الجوهر ومحمد الخراشي، والإماراتي مهدي علي، والعراقي الراحل عمو بابا، إذ حضر شقيقه بالنيابة.

ومن المقرر أن تقام مباريات البطولة على ملعبي استاد جابر الأحمد الدولي، الذي يتسع لنحو 60 ألف متفرج، وكذلك استاد الصليبيخات، وهو أحدث الملاعب في الكويت، ويتسع لـ15 ألف متفرج.

وتقرر أن يستضيف عدد من ملاعب الأندية مثل نادي القادسية والكويت تدريبات المنتخبات الـ8.