مقتل القيادي في حزب الله سمير القنطار بغارة إسرائيلية جوية على ريف دمشق

وضعته أميركا على لائحة «الإرهاب العالمي»

دروز من قرية عين كينيا في الجولان المحتلة يرفعون صورة لسمير القنطار وفرحان الشعلان اللذين كانا من بين من اغتيلوا بالغارة الإسرائيلية في دمشق أمس (أ.ب)
دروز من قرية عين كينيا في الجولان المحتلة يرفعون صورة لسمير القنطار وفرحان الشعلان اللذين كانا من بين من اغتيلوا بالغارة الإسرائيلية في دمشق أمس (أ.ب)
TT

مقتل القيادي في حزب الله سمير القنطار بغارة إسرائيلية جوية على ريف دمشق

دروز من قرية عين كينيا في الجولان المحتلة يرفعون صورة لسمير القنطار وفرحان الشعلان اللذين كانا من بين من اغتيلوا بالغارة الإسرائيلية في دمشق أمس (أ.ب)
دروز من قرية عين كينيا في الجولان المحتلة يرفعون صورة لسمير القنطار وفرحان الشعلان اللذين كانا من بين من اغتيلوا بالغارة الإسرائيلية في دمشق أمس (أ.ب)

قتل القيادي في حزب الله اللبناني سمير القنطار، الذي أمضى نحو ثلاثين عاما في السجون الإسرائيلية ويشارك في معارك سوريا إلى جانب النظام منذ أكثر من عامين، جراء غارة اتهم الحزب إسرائيل بشنها ليل السبت قرب دمشق. وفي حين رحب مسؤولون سياسيون وعسكريون إسرائيليون بمقتل القنطار، من دون إعلان مسؤولية إسرائيل عن تنفيذ هذه العملية، ساد القلق والترقب المنطقة الحدودية الجنوبية - اللبنانية، بحيث رفع الجيش الإسرائيلي إلى أعلى درجات حالة استنفار بين قواته، وأبعد دورياته عن الخط الحدودي المحاذي للسياج الشائك تحسبا لأي تطورات عسكرية، وفق ما ذكرت «الوكالة الوطنية للإعلام»، مشيرة كذلك إلى تعزيز «اليونيفيل» أعمال المراقبة لجانبي الحدود في ظل تكثيف دورياتها على طول الخط الأزرق.
واستبعد الباحث الاستراتيجي، العميد المتقاعد نزار عبد القادر، أن يقوم حزب الله بالرد على العملية، موضحا في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن القنطار قتل في عملية مباشرة في وقت سبق لإسرائيل أن اغتالت في عملية بالقنيطرة، عميدا إيرانيا والقيادي جهاد مغنية نجل القائد العسكري لحزب الله عماد مغنية الذي قتل في تفجير في دمشق العام 2008: «ولم يحدث أي ردّ من قبل الحزب بالمعنى الفعلي للكلمة»، مضيفا: «لا أعتقد أن القنطار أكثر أهمية منهما بالنسبة إلى الحزب الذي سيتصرف بشكل عقلاني وليس عاطفيا، وبالتالي لن يدخل في مواجهة مع إسرائيل بل سيبقى متفرغا لقضيته الأساس اليوم في العمل العسكري والسياسي بسوريا لإطالة عمر نظام الرئيس السوري بشار الأسد».
وأعلن حزب الله في بيان له أنه «عند الساعة العاشرة والربع من مساء يوم السبت (أول من أمس) أغارت طائرات العدو الصهيوني على مبنى سكني في مدينة جرمانا في ريف دمشق، ما أدى إلى (استشهاد) عميد الأسرى اللبنانيين في السجون الإسرائيلية الأسير المحرر الأخ المقاوم و(المجاهد) سمير القنطار وعدد من المواطنين السوريين». واستقبل الحزب العزاء بالقنطار يوم أمس في قاعة المجتبى في الضاحية الجنوبية لبيروت، من دون أن يعلن عن زمان ومكان التشييع، فيما أشارت معلومات إلى أن تشييعه سيكون اليوم الاثنين.
والقنطار (54 عاما) يتحدر من بلدة عبيه ذات الغالبية الدرزية جنوب شرقي بيروت، وهو معتقل لبناني سابق في إسرائيل لنحو ثلاثين عاما، ويلقب بـ«عميد الأسرى اللبنانيين في السجون الإسرائيلية»، حيث كان يقضي عقوبة بالسجن المؤبد بعد اتهامه بقتل ثلاثة إسرائيليين بينهم طفلة في نهاريا (شمال إسرائيل) عام 1979.
وكان القنطار يبلغ من العمر حينها 16 عاما ومنضويا في صفوف «جبهة التحرير الفلسطينية». وأفرج عنه في إطار صفقة تبادل مع حزب الله عام 2008.
ونشرت قناة «المنار» التابعة لحزب الله مشاهد فيديو تظهر المبنى الذي استهدفته الغارة الإسرائيلية وهو شبه مدمر وقد انهارت جدرانه.
وأوردت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) من جهتها «(استشهاد) عميد الأسرى المحررين سمير القنطار الليلة الماضية جراء قصف صاروخي إرهابي معاد على بناء سكني جنوب مدينة جرمانا بريف دمشق». واعتبر رئيس الوزراء السوري وائل الحلقي أن «استهداف القنطار هو استهداف محور المقاومة والصمود» مضيفا أن «دماءه التي روت تراب سوريا الغالي دليل آخر على وحدة المصير بين الشعبين السوري واللبناني».
وتولى القنطار (54 عاما) الموجود في سوريا منذ إعلان حزب الله تدخله العسكري لمساندة قوات النظام عام 2013 مسؤوليات قيادية في إحدى المجموعات التي أسسها الحزب والمسؤولة عن تنفيذ عمليات في مرتفعات الجولان التي تحتل إسرائيل جزءا منها.
وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، قتل إلى جانب القنطار أحد مساعديه ويدعى فرجان الشعلان.
وشغل القنطار وفق المرصد منصب «قائد المقاومة السورية لتحرير الجولان» التي أسسها حزب الله منذ نحو عامين لشن عمليات ضد إسرائيل في مرتفعات الجولان.
وأضاءت تقارير عدّة على دور للقنطار في الحرب على جبهة هضبة الجولان السوري، على خلفية «لعب دور عملاني بمساعدة إيران وسوريا في إقامة بنية تحتية إرهابية في هضبة الجولان»، بحسب ما ذكرت الخارجية الأميركية بعد إدراجه على قائمة الإرهاب العالمية في شهر سبتمبر (أيلول) الماضي.
وتحدث ناشطون وقياديون معارضون سوريون عن دور له في تنسيق مجموعات تنفذ عمليات ضد قوات إسرائيل في الجولان، وتنسيق التواصل بين دروز الجولان المحتل مع دروز البلدات السورية المحاذية لخط فض الاشتباك، انطلاقًا من كونه ينتمي إلى طائفة الموحدين الدروز.
وقتل ستة عناصر من حزب الله اللبناني ومسؤول عسكري إيراني، في غارة شنتها إسرائيل في يناير (كانون الثاني) على منطقة القنيطرة جنوب سوريا. وكان من بين القتلى جهاد مغنية نجل القائد العسكري لحزب الله عماد مغنية الذي قتل في تفجير في دمشق العام 2008. وأفاد معارضون سوريون حينها بأن قتلى حزب الله كانوا من أعضاء المجموعة التي ينشط القنطار في إطارها.
وأشار المرصد السوري إلى أن «الطيران الإسرائيلي استهدف القنطار في أوقات سابقة ولمرات عدة داخل الأراضي السورية من دون أن يتمكن من قتله».
ويعد حزب الله حليفا رئيسيا للنظام السوري ويقاتل الآلاف من عناصره إلى جانب قوات النظام على جبهات عدة منذ بدء النزاع السوري عام 2011.
وقال أحد أصدقاء عائلة القنطار لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» رافضا الكشف عن اسمه إن «سمير انتقل إلى سوريا منذ إعلان حزب الله قتاله إلى جانب قوات النظام وكان يقاتل في صفوفه» مضيفا بأسى «كانت عائلته تتوقع مقتله في أي لحظة».
وللقنطار صبي يبلغ من العمر أربعة أعوام هو ثمرة زواجه من الإعلامية اللبنانية زينب برجاوي عام 2009. وهي من عائلة شيعية تنتمي لحزب الله.
ونعى الصحافي بسام القنطار، شقيقه سمير، وكتب في تغريدة على موقع «تويتر» صباح الأحد «بعزة وإباء ننعى (استشهاد) القائد المجاهد سمير القنطار ولنا فخر انضمامنا إلى قافلة عوائل الشهداء بعد 30 عاما من الصبر في قافلة عوائل الأسرى».



تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
TT

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)

أفرجت الجماعة الحوثية عن عدد ممن اختطفتهم، على خلفية احتفالاتهم بعيد الثورة اليمنية في سبتمبر (أيلول) الماضي، لكنها اختطفت خلال الأيام الماضية المئات من سكان معقلها الرئيسي في صعدة، ووجَّهت اتهامات لهم بالتجسس، بالتزامن مع بث اعترافات خلية مزعومة، واختطاف موظف سابق في السفارة الأميركية.

وذكرت مصادر محلية في محافظة صعدة (242 كيلومتراً شمال صنعاء)، أن الجماعة الحوثية تنفِّذ منذ عدة أيام حملة اختطافات واسعة طالت مئات المدنيين من منازلهم أو مقار أعمالهم وأنشطتهم التجارية، وتقتادهم إلى جهات مجهولة، بتهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل، مع إلزام أقاربهم بالصمت، وعدم التحدُّث عن تلك الإجراءات إلى وسائل الإعلام، أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وقدرت المصادر عدد المختطَفين بأكثر من 300 شخص من مديريات مختلفة في المحافظة التي تُعدّ معقل الجماعة، بينهم عشرات النساء، وشملت حملة المداهمات منازل عائلات أقارب وأصدقاء عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عثمان مجلي، الذي ينتمي إلى صعدة.

فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

ورجحت المصادر أن اختطاف النساء يأتي بغرض استخدامهن رهائن لابتزاز أقاربهن الذين لم تتمكن الجماعة من الوصول إليهم، أو لإقامتهم خارج مناطق سيطرتها، ولإجبار من اختُطفنَ من أقاربهم على الاعتراف بما يُطلب منهن. وسبق للجماعة الحوثية اتهام حميد مجلي، شقيق عضو مجلس القيادة الرئاسي، أواخر الشهر الماضي، بتنفيذ أنشطة تجسسية ضدها، منذ نحو عقدين لصالح دول عربية وغربية.

إلى ذلك، اختطفت الجماعة الحوثية، الاثنين الماضي، موظفاً سابقاً في سفارة الولايات المتحدة في صنعاء، من منزله دون إبداء الأسباب.

وبحسب مصادر محلية في صنعاء؛ فإن عدداً من العربات العسكرية التابعة للجماعة الحوثية، وعليها عشرات المسلحين، حاصرت مقر إقامة رياض السعيدي، الموظف الأمني السابق لدى السفارة الأميركية في صنعاء، واقتحمت مجموعة كبيرة منهم، بينها عناصر من الشرطة النسائية للجماعة، المعروفة بـ«الزينبيات»، منزله واقتادته إلى جهة غير معلومة.

مسلحون حوثيون يحاصرون منزل موظف أمني في السفارة الأميركية في صنعاء قبل اختطافه (إكس)

وعبث المسلحون و«الزينبيات» بمحتويات منزل السعيدي خلال تفتيش دقيق له، وتعمدوا تحطيم أثاثه ومقتنياته، وتسببوا بالهلع لعائلته وجيرانه.

إفراج عن مختطَفين

أفرجت الجماعة الحوثية عن الشيخ القبلي (أمين راجح)، من أبناء محافظة إب، بعد 4 أشهر من اختطافه، كما أفرجت عن عدد آخر من المختطفين الذين لم توجه لهم أي اتهامات خلال فترة احتجازهم.

وراجح هو أحد قياديي حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اختطفتهم الجماعة الحوثية إلى جانب عدد كبير من الناشطين السياسيين وطلاب وشباب وعمال وموظفين عمومين، خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، على خلفية احتفالهم بثورة «26 سبتمبر» 1962.

مخاوف متزايدة لدى اليمنيين من توسيع حملات الترهيب الحوثية بحجة مواجهة إسرائيل (أ.ب)

ومن بين المفرَج عنهم صاحب محل تجاري أكَّد لـ«الشرق الأوسط» أنه لم يعلم التهمة التي اختُطِف بسببها؛ كونه تعرض للاختطاف في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أي بعد شهرين من حملة الاختطافات التي طالت المحتفلين بذكرى الثورة اليمنية.

وذكر أن الوسطاء الذين سعوا لمحاولة الإفراج عنه لم يعرفوا بدورهم سبب اختطافه؛ حيث كان قادة أجهزة أمن الجماعة يخبرونهم في كل مرة بتهمة غير واضحة أو مبرَّرة، حتى جرى الإفراج عنه بعد إلزامه بكتابة تعهُّد بعدم مزاولة أي أنشطة تخدم أجندة خارجية.

خلية تجسس مزعومة

بثَّت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، اعترافات لما زعمت أنها خلية تجسسية جديدة، وربطت تلك الخلية المزعومة بما سمته «معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس»، في مواجهة الغرب وإسرائيل.

وطبقاً لأجهزة أمن الجماعة، فإن الخلية المزعومة كانت تسعى لإنشاء بنك أهداف، ورصد ومراقبة المواقع والمنشآت التابعة للقوة الصاروخية، والطيران المسيَّر، وبعض المواقع العسكرية والأمنية، بالإضافة إلى رصد ومراقبة أماكن ومنازل وتحركات بعض القيادات.

خلال الأشهر الماضية زعمت الجماعة الحوثية ضبط عدد كبير من خلايا التجسس (إعلام حوثي)

ودأبت الجماعة، خلال الفترة الماضية، على الإعلان عن ضبط خلايا تجسسية لصالح الغرب وإسرائيل، كما بثَّت اعترافات لموظفين محليين في المنظمات الأممية والدولية والسفارات بممارسة أنشطة تجسسية، وهي الاعترافات التي أثارت التهكُّم، لكون ما أُجبر المختطفون على الاعتراف به يندرج ضمن مهامهم الوظيفية المتعارف عليها ضمن أنشطة المنظمات والسفارات.

وسبق للجماعة أن أطلقت تحذيرات خلال الأيام الماضية للسكان من الحديث أو نشر معلومات عن مواقعها والمنشآت التي تسيطر عليها، وعن منازل ومقار سكن ووجود قادتها.

تأتي هذه الإجراءات في ظل مخاوف الجماعة من استهداف كبار قياداتها على غرار ما جرى لقادة «حزب الله» اللبناني، في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي إطار المواجهة المستمرة بينها وإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا، بعد هجماتها على طرق الملاحة الدولية في البحر الأحمر، والهجمات الصاروخية باتجاه إسرائيل.