مشاورات سويسرا تفشل في إطلاق المعتقلين.. واتفاق على تشكيل لجنة عسكرية

مصادر لـ {الشرق الأوسط} : أعضاء من حزب الله يثيرون التساؤلات لوجودهم مع الحوثيين في جنيف

أفراد من الشرطة في نقطة مراقبة بعدن (أ.ف.ب)
أفراد من الشرطة في نقطة مراقبة بعدن (أ.ف.ب)
TT

مشاورات سويسرا تفشل في إطلاق المعتقلين.. واتفاق على تشكيل لجنة عسكرية

أفراد من الشرطة في نقطة مراقبة بعدن (أ.ف.ب)
أفراد من الشرطة في نقطة مراقبة بعدن (أ.ف.ب)

انتهى، أمس، اليوم الخامس من المشاورات التي ترعاها الأمم المتحدة في بلدة بضواحي مدينة جنيف السويسرية، بين الحكومة اليمنية والمتمردين، في التوصل إلى اتفاق بشأن كل القضايا المطروحة على أجندة المشاورات، التي وضعها المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، وذلك بسبب تعنت ورفض المتمردين البدء في تنفيذ القرار الأممي 2216، الصادر عن مجلس الأمن الدولي بخصوص الوضع في اليمن.
وفشلت المشاورات، حتى أمس، في التوصل إلى اتفاق بشأن القضية الرئيسية، التي أثارها وفد الحكومة الشرعية وهي قضية المعتقلين، في إطار بند إجراءات بناء الثقة الموضوع في صدارة أجندة المشاورات، وقالت مصادر «الشرق الأوسط» في المشاورات، إن المتمردين رفضوا الإفراج عن المعتقلين أو الإدلاء بأية معلومات بشأن مصيرهم، على الرغم من الضغوطات التي مورست عليهم خلال الأيام القليلة الماضية، وإن وفد المتمردين (الحوثي - صالح)، لم يقدم أية معلومات حول المعتقلين، رغم تقدم الحكومة اليمنية بطلب رسمي، بهذا الخصوص، إلى المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ أحمد، قبل يومين، في ضوء اتفاق مسبق على ذلك، وأضافت المصادر أن «مخاوف حقيقية تنتاب وفد الحكومة الشرعية إزاء مصير المعتقلين، وفي مقدمتهم وزير الدفاع اللواء محمود سالم الصبيحي».
وينتظر أن يعلن اليوم ولد الشيخ في مدينة بيرن السويسرية نتائج المشاورات وقد يعلن موعد المشاورات المقبلة.
وقال لـ«الشرق الأوسط» مصدر دبلوماسي يمني بارز، رفض الكشف عن هويته إن «المشاورات صعبة والطرف الانقلابي متوتر ويتم ترويضه بالمزيد من قوة المنطق والحكمة وقوة الحجة والقانون الدولي»، مؤكدًا أنهم يبذلون جهودا «من أجل أن تخرج المشاورات بنتائج إيجابية حتى وإن كانت نتائج متواضعة مثل ضمان استمرار فتح الممرات الإنسانية الآمنة إلى تعز وإطلاق سراح الأسرى ولو على مراحل»، وأشار المصدر إلى وجود مشروع لتشكيل لجنة عسكرية لمتابعة وقف إطلاق النار وأخرى لمتابعة شؤون الإغاثة.
وقد شهدت المشاورات، في يومها الخامس، لقاءات ثنائية، وبحسب المعلومات، فإن اللجان التي ستشكل من الطرفين وبمشاركة أممية، سوف تسعى إلى وضع الخطوات الأولى لتسهيل عملية التطبيق الفعلية للمقررات الأممية، وفي سياق أداء وفد الشرعية، الذي يلقى إشادة دولية بتعاونه، قدمت الحكومة اليمنية خطة مكتوبة إلى الوسيط الأممي حول «آلية تسليم أجهزة الدولة والآليات التي تضمن عودة السلطة الشرعية لممارسة مهامها»، إلا أنه لم تتم مناقشة الخطة، حتى اللحظة.
ورفضت مصادر متطابقة القول إن المشاورات فشلت، ولكن هذه المصادر أكدت أن المشاورات «ما زالت تمر بمراحل صعبة جدا، بسبب تعنت وفد المتمردين وعدم مرونته إزاء وأثناء مناقشة كثير من القضايا وعدم وجود النية لديه للإقدام على أية خطوات جدية»، وأردفت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن وفد المتمردين يتخبط في النقاشات، وأنه يلجأ إلى مستشارين، غير رسميين ومعتمدين من قبل الأمم المتحدة ضمن قوام الوفد المشارك في المشاورات، لمناقشة قضايا سير النقاشات، وتتحدث المصادر عن وجود دبلوماسيين وخبراء إيرانيين ومن حزب الله ومن أطراف أخرى في المنطقة، في بلدة بييال التي تدور فيها المشاورات.
ومن بين هؤلاء الأشخاص، ناصر أخضر، الذي يتحرك ضمن وفد الحوثيين ويلتقي بهم قبل وأثناء الجلسات، وهو لبناني ومن بلدة جبشيت الجنوبية، وبحسب مصادر «الشرق الأوسط»، فإن خضر من عناصر حزب الله الفاعلة ويشغل منصب فاعل وكبير بقناة «المنار»، التابعة للحزب، واعتبرت المصادر أنه يعد ضمن «الوفد الخلفي الذي لا يجلس على طاولة المفاوضات في جنيف، إنما الذي يشارك بفعالية وإلى جانب مسؤولين إيرانيين بدور استشاري سياسي - دبلوماسي» للمتمردين الحوثيين.
وأردفت المصادر أن «وجود أخضر أو غيره من الشخصيات اللبنانية والإيرانية في وفد الحوثي أمر ليس مستغربا، باعتبار أن التعاون والتنسيق بين الحوثيين وحزب الله وإيران أمر معروف وغير سري، فهذا التنسيق لا يقتصر على المستوى العسكري، بل يتعداه إلى التنسيق الدبلوماسي والسياسي ويشمل الدعم والتمويل». وأضافت: «لا شك أن لدى طرفي حزب الله والخارجية الإيرانية خبرات دبلوماسية وسياسية تجعلهم شركاء أساسيين بإدارة ملف التفاوض في جنيف». وعلق مصدر سياسي يمني رفيع لـ«الشرق الأوسط» حول موضوع الخبراء الإيرانيين واللبنانيين بالقول إن «المشاورات واضحة جدا مع الأدوات التنفيذية للمشروع الإيراني»، وإن «الاتفاقات، على محدوديتها، لا يمكن أن تنجزها أو تنفذها هذه الأدوات التنفيذية»، واستدرك: «القرار الاستراتيجي بيد غيرهم وهم سينفذون ما يملى عليهم».
كما قدمت الحكومة اليمنية رسالة إلى ولد الشيخ من أبناء محافظة تعز، عبر نقابة المحاميين، وتتضمن الرسالة مطالبات برفع الحصار عن المدينة وفتح ممرات آمنة وإتاحة حرية التنقل كحق إنساني مكفول، ومما جاء في الرسالة، التي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منها: «إلى ذلك، جدد المتمردون التزامهم بوقف إطلاق النار، في حين أكدت المصادر أن المشاورات انصبت، في الوقت الراهن، باتجاه تثبيت وقف إطلاق النار، قبيل انتهاء هذه الجولة اليوم واستئنافها في العاشر من الشهر المقبل، وذلك بعد أن تعثرت كل المساعي الهادفة إلى تحقيق تقدم كبير في المشاورات، على صعيد تطبيق القرار الأممي 2216، والبدء في الخطوات التنفيذية لتطبيق القرار، خاصة فيما يتعلق بالإفراج عن المعتقلين من أجل الانتقال إلى قضايا وبنود أخرى».
ووفقًا للمصادر، في المشاورات، فإن حالة الانهيار التي أصيب بها وفد المتمردين، جراء التطورات الميدانية وسقوط محافظة الجوف وعدد من المناطق الهامة واقتراب المعارك من العاصمة صنعاء، جراء خرق المتمردين للهدنة، إضافة إلى الخلافات التي كانت تسود بين أعضائه الممثلين للحوثيين، من جهة، والممثلين للمخلوع علي عبد الله صالح، من جهة أخرى، جعلت من موضوع تثبيت وقف إطلاق النار والمضي في مسألة تحسين الوضع الإنساني، عبر إرسال قوافل المساعدات إلى المناطق المتضررة والمنكوبة، وبالأخص تعز، مسألة ملحة، مسائل معقدة بالنسبة لهم، لكن هذه المصادر أكدت أن «الحوثيين يواجهون المجتمع الدولي والشرعية الدولية في هذه المشاورات وأنهم لن يستطيعوا الإفلات من تنفيذ الالتزامات الدولية».



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.