المتمردون انهاروا وتغيبوا عن إحدى جلسات مشاورات سويسرا.. وضغوط غربية لتنفيذ «2216»

مصادر لـ {الشرق الأوسط} : سفراء الدول الخمس الكبرى أكدوا ضرورة التزام الانقلابيين بالقرار الأممي واحترام الشرعية

صورة تظهر حضورا لوفد الحكومة اليمنية وغيابا لوفد الحوثي وصالح أمس الجمعة في قاعة المشاورات الرئيسية بمنتجع ماكولان  قرب بلدة بيين السويسرية
صورة تظهر حضورا لوفد الحكومة اليمنية وغيابا لوفد الحوثي وصالح أمس الجمعة في قاعة المشاورات الرئيسية بمنتجع ماكولان قرب بلدة بيين السويسرية
TT

المتمردون انهاروا وتغيبوا عن إحدى جلسات مشاورات سويسرا.. وضغوط غربية لتنفيذ «2216»

صورة تظهر حضورا لوفد الحكومة اليمنية وغيابا لوفد الحوثي وصالح أمس الجمعة في قاعة المشاورات الرئيسية بمنتجع ماكولان  قرب بلدة بيين السويسرية
صورة تظهر حضورا لوفد الحكومة اليمنية وغيابا لوفد الحوثي وصالح أمس الجمعة في قاعة المشاورات الرئيسية بمنتجع ماكولان قرب بلدة بيين السويسرية

انهار وفد المتمردين المشارك في المشاورات الجارية في إحدى ضواحي جنيف، أمس، بعد سقوط محافظة الجوف والتقدم في عدد من المحاور وجبهات القتال، وفي أعقاب الضغوط الواضحة التي مارسها المجتمع الدولي عليه للالتزام بقرارات الشرعية الدولية المتعلقة بالوضع في اليمن.
ودخلت مشاورات جنيف بين الحكومة اليمنية الشرعية والمتمردين مرحلة مهمة، وذلك بعد تشتت وانهيار وفد المشاورات في أعقاب التطورات الميدانية، التي اتخذ منها ذريعة للتغيب عن جلسة أمس، إضافة إلى انكشاف المناورات والمماطلة التي اعتمدها الوفد، المنقسم على نفسه، إزاء وأثناء مناقشة القضايا الرئيسية المطروحة على جدول المشاورات، التي تتعلق في مجملها بتطبيق القرار الأممي 2216.
وتغيب وفد المتمردين الحوثيين عن جلسة الجلسة الصباحية، أمس، وذلك احتجاجا على التطورات الميدانية المتمثلة في سقوط محافظة الجوف بيد قوات الشرعية، لكن الوفد عاد وحضر الجلسة المسائية، في ظل حالة استغراب تسود الدبلوماسيين والمراقبين في سويسرا الذين يراقبون تطورات المشاورات عن كثب، لتصرفات المتمردين، وقد سربت معلومات من أروقة الفندق الذي يحتضن المشاورات، عن تصاعد حدة الخلافات داخل وفد المتمردين، الذي يتكون من الحوثيين وأنصار المخلوع علي عبد الله صالح، بشأن جملة من القضايا، حيث تؤكد المصادر أن ممثلي المخلوع «يحاولون ضمان ألا تطالهم المزيد من العقوبات كطرف مشارك في الحرب وحليف للحوثيين، ولذلك يدفعون باتجاه التنصل من كل الأفعال والممارسات التي تجري على الأرض ويرمون بها على الحوثيين»، وفقا للمصادر الخاصة.
وقال دبلوماسيون غربيون إن وفد الحوثي - صالح «انهار في المشاورات بعد تغيرات على الأرض»، وبعد «تأكيد المجتمع الدولي لهم ضرورة التزامهم بالقرارات الدولية وانسحابهم من المدن وتسليم الأسلحة الثقيلة وإطلاق سراح المعتقلين»، وفقا لما نقلته لـ«الشرق الأوسط» مصادر خاصة في جنيف.
وعلمت «الشرق الأوسط» أن ضغوطا غربية تمارس على وفد المتمردين لتنفيذ قرارات الشرعية الدولية، وقالت مصادر مطلعة إن سفراء الدول الخمس الكبرى وسفيرة الاتحاد الأوروبي في اليمن، اجتمعوا، أمس، وإنهم «أكدوا في الاجتماع أنهم مع تعزيز مسار القرار 2216»، وأنه «ليس أمام الحوثي وصالح إلا الالتزام بالقرار الأممي واحترام الشرعية الدولية»، ونقلت المصادر عن سفير غربي قوله إن «الحوثيين حولوا المعتقلين إلى رهائن وهذا غير مقبول»، فيما اعتبر سفراء الدول الخمس وسفيرة الاتحاد الأوروبي أن «لدى وفد الشرعية استعدادا وجاهزية لإكمال المشاورات حتى مرحلة تسلم الأسلحة واستكمال استعادة مؤسسات الدولة»، وأن «هذا شيء إيجابي ولا بد من تنفيذ القرار وعودة الدولة لتحقيق الاستقرار».
ومن أبرز القضايا التي كشفت مراوغة وفد المتمردين، موضوع المعتقلين، حيث أكد مصدر مطلع ومقرب من المشاورات لـ«الشرق الأوسط» أنه تعذر على وفد الحوثي وصالح الإجابة على وفد الحكومة بخصوص المعتقلين وعن سلامتهم، وقال المصدر إن ضغوطات مورست على المتمردين للكشف عن مصير المعتقلين وأوضاعهم الصحية، في ظل المعلومات السابقة التي تحدثت عن استخدام بعضهم دروعا بشرية ووضعهم في مناطق مستهدفة بالقصف، وأضاف المصدر أن هذا الموقع «أثار ذلك قلق الجانب وفد الحكومة الشرعية مع مراقبين دوليين»، وأنه «ظهرت على وفد الحوثي وصالح ملامح ارتباك كبير وهم يتعرضون للأسئلة عن حياة المعتقلين وسلامتهم».
وتطرق مصدر «الشرق الأوسط» إلى قلق ينتاب وفد الحكومة والمراقبين الدوليين فيما يتعلق بالجوانب الإنسانية، وتحديدا بشأن وصول قوافل الإغاثة إلى محافظة تعز المحاصرة من قبل الحوثيين، حيث تؤكد التقارير الميدانية عدم وصول تلك المساعدات، حتى مساء أمس، واعتبر المصدر أن هذا التطور «يثبت عدم جدية الحوثيين في تنفيذ نقطة الاتفاق الوحيدة التي تم التوصل إليها، حتى الآن»، والمتعلقة بإدخال المساعدات الإنسانية إلى ملايين المواطنين في محافظة تعز.
وتؤكد مصادر «الشرق الأوسط» في جنيف أن حالة الانهيار التي وصل إليها وفد المتمردين، دفعت بعضو الوفد، مهدي المشاط، مدير مكتب عبد الملك الحوثي، إلى التطاول على الوسيط الأممي وعلى الأمم المتحدة، بشكل عام، والتهديد بألفاظ وصفت بـ«السوقية والنابية»، واتهم المنظمة الدولية بـ«التواطؤ»، قبل أن يتدخل وزير الخارجية اليمني الأسبق، الدكتور أبو بكر القربي، أحد ممثلي المخلوع صالح في الوفد، لتهدئة الموقف و«الشرح للمبعوث الأممي أن تهديدات الأعضاء غير مقصودة»، مبررا بأن خبرة الحوثيين الدبلوماسية محدودة، في حين نفى أحد أعضاء وفد المتمردين لـ«الشرق الأوسط» انسحابهم من المشاورات، وقال إنهم لم ينسحبوا «وإنما طلبت منا الأمم المتحدة الجلوس معنا»، وحول هذا الاجتماع، قالت المصادر الخاصة إن المبعوث الأممي شرح للمتمردين أن وضعهم «حرج» وأن عليهم «إثبات حسن النية».
وبحسب المراقبين، فإن حالة الانهيار التي ظهرت على وفد المتمردين في مقر انعقاد المشاورات، تضاف إلى الفجوة الكبيرة داخل وفدهم والخلافات التي برزت للعلن، بين ممثلي الحوثي والمخلوع علي صالح في الوفد، ويرى نجيب غلاب، رئيس «منتدى الجزيرة والخليج للدراسات»، أن المشاورات فتحت بابا لإنقاذ الحوثيين وأنصار المخلوع صالح، وأن «موافقتهم على مقررات مجلس الأمن تخرجهم من مأزقهم الانقلابي ومعضلتهم غير القابلة للحل إلا بالقرار أو بالغلبة الكاملة التي لا بد منها ولا مفر مهما كانت التضحيات، ومن جانب آخر إنقاذ الدولة من الانهيار واستعادتها وفتح الباب لتأسيس جديد للشرعية وإعادة بناء الدولة على أسس شراكة وطنية وسلام دائم يحقق العدالة والمساواة».
وأكد غلاب لـ«الشرق الأوسط» أن تعنت الانقلابيين وإصرارهم على المناورات واللعب بـ«البيضة والحجر» وعدم الالتزام بإجراءات بناء الثقة والاختراقات الدائمة لكل تعهداتهم، يقود إلى خيارات تطبيق مقررات مجلس الأمن بالقوة، وأشار إلى أن «التناقضات بين أطراف الانقلاب ومحاولتهم حجبها في توريط الجميع بالعنف، سيجعلهم ضحية لإجماع وطني وإقليمي ودولي، فالتلاعب الذي تعودوا عليه في المفاوضات لم يعدّ مجديا وأصبحوا محترفين في تدمير الثقة بقدرتهم على بناء السلام».
وقال الباحث غلاب إن لدى المتمردين قناعات ترسخت بأن «العنف والقوة هو طريق السيطرة والهيمنة وإلغاء الخصوم وهذا الأمر يجعل التحرك باتجاه تفكيك الانقلاب ومغالبته الطريق الأسلم والأصعب من أجل سلام دائم»، وأنه «لو كانت لدى أطراف الانقلاب الاستيعاب الكافي لمتغيرات الواقع داخليا وخارجيا، لقبلوا بوثيقة استسلام مؤسسة على المقررات الدولية، إلا أن عابدي القوة والتسلط ومدمني الفساد وسفك الدماء يمانعون كالعميان وبالأخير تلتهمهم الشعوب ثم ترميهم إلى مزبلة التاريخ وبلا رحمة».
وأكد غلاب أن الإنجازات الميدانية للمقاومة الشعبية «ليست إلا البدايات الأولى وهي مدخل انهيار الانقلاب وسوف تتصاعد حركة التحدي والحسم والحزم مع الأيام وإن لم يتعظوا على طاولات المفاوضات فالميدان وحده من يعلم المقامرين ومدمني الحروب».



الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.