زيارة وفد الرباعية الدولية إلى رام الله لم تأتِ بجديد

عريقات أبلغه أن الفلسطينيين لن يستمروا في تطبيق الاتفاقات وحدهم

فلسطينيان يجلسان أمام حائط محطة بنزين في بيت لحم عليه غرافيتي للفنان البريطاني الشهير بانكسي (أ.ف.ب)
فلسطينيان يجلسان أمام حائط محطة بنزين في بيت لحم عليه غرافيتي للفنان البريطاني الشهير بانكسي (أ.ف.ب)
TT

زيارة وفد الرباعية الدولية إلى رام الله لم تأتِ بجديد

فلسطينيان يجلسان أمام حائط محطة بنزين في بيت لحم عليه غرافيتي للفنان البريطاني الشهير بانكسي (أ.ف.ب)
فلسطينيان يجلسان أمام حائط محطة بنزين في بيت لحم عليه غرافيتي للفنان البريطاني الشهير بانكسي (أ.ف.ب)

قالت مصادر فلسطينية مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، إن لقاء وفد الرباعية الدولية في رام الله، أمس، مع وفد فلسطيني رأسه أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، صائب عريقات، كان مجرد لقاء روتيني، ولم ينتهِ إلى أي اتفاق حتى على خطوات مقبلة. وأكدت المصادر أن وفد الرباعية لم يحمل أي مبادرة أو أي جديد بشأن دفع عملية السلام، أو حتى وقف التوتر في المنطقة. وإنما أكد على دور «الرباعية» في دعم الحل السلمي وضرورة إنهاء «العنف».
وبحسب المصادر، سأل عريقات الوفد عما يمكن أن يقدمه في ظل رفض إسرائيل لكل طلباتهم وطلبات الأميركيين، أو الالتزام بما جرى الاتفاق عليه سابقا، وأبلغهم أن الفلسطينيين لا يمكن لهم أن يستمروا وحدهم في تطبيق الاتفاقات بهذه الطريقة وأن القيادة بصدد اتخاذ قرارات.
وأكدت المصادر أن اللقاء لم يكن أكثر مما توقعه المسؤولون الفلسطينيون في رام الله، الذين لم يعولوا أصلا على الزيارة، ولم يكونوا متحمسين لها، بعدما تأجلت قبل ذلك أكثر من مرة بطلب إسرائيلي.
وأكد عريقات نفسه أن اللجنة الرباعية لم تأتِ بأي مبادرة لوقف الانتهاكات الإسرائيلية. وأكدت على تنفيذ التزاماتها تجاه جميع الفلسطينيين، بما في ذلك إقامة الدولة الفلسطينية على حدود عام 1967.
وقال عريقات للإذاعة الرسمية إنه طالب «الرباعية» بضرورة «وضع حد للممارسات الإسرائيلية اليومية بحق أبناء الشعب الفلسطيني من إعدامات يومية، ومصادرة للأراضي، وهدم المنازل، ونصب الحواجز العسكرية في مختلف المناطق بالضفة الغربية».
وتابع: «آن الأوان لمحاكمة إسرائيل على جرائمها بحق الشعب الفلسطيني»، مؤكدًا على أن إسرائيل اختارت الحلّ الأمني أداة لمحاربة الفلسطينيين.
وكان وفد «الرباعية» وصل إلى رام الله بعد لقائه مسؤولين إسرائيليين لبحث «آليات تخفيف التوتر ومحاولة تهدئة الأوضاع في المنطقة».
وتسعى السلطة الفلسطينية إلى تدويل القضية بشكل يسمح لدول أخرى بالإشراف على المفاوضات، في محاولة للتخلص من الهيمنة الأميركية.
وجاءت زيارة «الرباعية» في وقت استمرت فيه المواجهات على الأرض في الضفة الغربية، حيث قتل الجيش الإسرائيلي فلسطينيًا على حاجز حوارة قرب نابلس، بشبهة أنه كان ينوي تنفيذ عملية طعن.
وقال شهود عيان إن عبد الله حسين نصاصره (15 سنة) اقترب من الجنود من دون أن يشكل أي خطر، لكنهم قتلوه بزعم محاولته تنفيذ عملية طعن. وقال ناطق باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي، إن الجنود بعد أن أطلقوا النار على الفلسطيني «وجدوا بحوزته سكينًا».
وبمقتل نصاصرة، يرتفع عدد الفلسطينيين الذين قضوا منذ مطلع أكتوبر (تشرين الأول) إلى 126 «شهيدًا»، بينهم 25 طفلاً وطفلة و6 سيدات، من بينهم 105 من الضفة الغربية و19 من قطاع غزة، فيما بلغت حصيلة المصابين 14740 مصابًا بينهم 4695 بالرصاص الحي، بحسب إحصائية رسمية لوزارة الصحة.
وفيما تواصل إسرائيل حصار مدن فلسطينية في الضفة، اشتبك فلسطينيون مع القوات الإسرائيلية في مخيمات قلنديا في القدس والدهيشة في بيت لحم، ومواقع أخرى، أثناء عمليات اقتحام واعتقالات طالت 15 فلسطينيا في أنحاء الضفة الغربية.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.