نواز شريف يتوعد طالبان في الذكرى الأولى للاعتداء على مدرسة بيشاور

باكستان تكرم عائلات الضحايا وسط إجراءات أمنية مشددة

مسيحيون باكستانيون يضيئون شموعا على أرواح ضحايا الاعتداء الإرهابي في لاهور أمس (إ.ب.أ)
مسيحيون باكستانيون يضيئون شموعا على أرواح ضحايا الاعتداء الإرهابي في لاهور أمس (إ.ب.أ)
TT

نواز شريف يتوعد طالبان في الذكرى الأولى للاعتداء على مدرسة بيشاور

مسيحيون باكستانيون يضيئون شموعا على أرواح ضحايا الاعتداء الإرهابي في لاهور أمس (إ.ب.أ)
مسيحيون باكستانيون يضيئون شموعا على أرواح ضحايا الاعتداء الإرهابي في لاهور أمس (إ.ب.أ)

دعا رئيس الوزراء الباكستاني، نواز شريف، أمس إلى «الانتقام» في ذكرى مرور عام على هجوم شنته حركة طالبان على مدرسة تابعة للجيش، وكان الأسوأ في تاريخ البلاد أسفر عن مقتل 134 تلميذًا. وقال نواز شريف أمام صور أطفال قتلوا في الهجوم الذي استهدف مدرسة الجيش العامة في بيشاور، شمال غربي باكستان: «أطفالي الأعزاء، اليوم أقطع لكم هذا الوعد بأنني سأنتقم لكل قطرة من دمائكم».
واقتحمت مجموعة مسلحة من حركة طالبان المدرسة، في السادس عشر من ديسمبر (كانون الأول) 2014، وزرعت الرعب في صفوفها لساعات، وقتلت بدم بارد 151 شخصًا بينهم 134 طفلاً. وشارك شريف في المدرسة في مراسم مؤثرة جدا نقلت وقائعها مباشرة على التلفزيون وحضرها 2500 شخص. وبين هؤلاء شريف، وقائد الجيش الجنرال، رحيل شريف، الذي يتمتع بنفوذ كبير، وزعيم المعارضة، عمران خان، وممثلون ورياضيون وعائلات ضحايا.
ولم يتمكن الآباء من حبس دموعهم عند تلاوة أسماء التلاميذ القتلى الواحد تلو الآخر. وقال أحد التلاميذ إن «جبران حسين - كان يجهد لتحسين خطه. كان تلميذًا محبوبًا جدًا من المدرسين»، بينما كان أبواه يتقدمان وراء صورة له للحصول على وسام بعد موته. لكن أهالي غاضبين ويشعرون بالحزن أكدوا أن لا شيء سيعيد لهم أبناءهم. وقال عدد منهم إنهم ما زالوا يطالبون بتحقيق قضائي لمعرفة سبب إخفاق جهاز الأمن الباكستاني في مهمته إلى هذا الحد.
وقال جمال عبد الناصر الذي كان يبكي ابنه ويس: «لا يمكنهم تجفيف دموع زوجتي». وقاطعت 12 عائلة على الأقل هذه المراسم تعبيرا عن احتجاجها.
من جهته، قال أبو بكر الأستاذ الذي جرح في الهجوم: «نفكر كثيرًا في التلاميذ الذين فقدوا حياتهم». وأضاف: «كانوا تلاميذ أبرياء (...) يأتون للدراسة ولم يكونوا يخوضون حربًا ضد أحد». وأغلقت مدارس أبوابها في هذه المناسبة التي اختلط فيها الحزن بمخاوف من اعتداءات جديدة. وفي بيشاور، قطعت الطرق بينما قام الجنود بحماية الساحات الرئيسية. ويطوق الجيش المدرسة في الموقع الذي تحلق فوقه مروحية. وقال ناطق باسم وزارة الداخلية الباكستانية، لوكالة الصحافة الفرنسية أنه «تم تعزيز الأمن في جميع أنحاء البلاد ونشرت قوات إضافية من الشرطة في المدن الرئيسية (...) وفي أماكن تُعدّ حساسة».
وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، وضع العديد من الباكستانيين صورًا لزي المدرسة التي استهدفها الهجوم، وقد مزقته رصاصة بشكل زهر الخشخاش وكتب أمامه «بعض البقع لا تُمحى». وشارك اثنان من الناجين من المجزرة في مراسم بالمناسبة نفسها، في مدينة برمنغهام في بريطانيا، حضرتها حائزة نوبل للسلام ملالا يوسفزاي التي استهدفتها حركة طالبان في 2012 بسبب نضالها من أجل تعليم البنات. وروى أحمد نواز (14 عاما) الذي درس في مدرسة الجيش العامة: «ما زلت أعاني من الكوابيس». وأضاف: «رأيت أستاذي يحرق حيًا (...) وكنت محاطًا بجثث أصدقائي».
وكانت حركة طالبان قالت حينذاك إنها شنت هذا الهجوم ردًا على حملة عسكرية في المناطق القبلية. وأكدت أنه «إذا كان أبناؤنا ونساؤنا يقتلون، فان أبناءكم لن يخرجوا سالمين». وبعد الهجوم الذي صدم الرأي العام، كثفت السلطات هجومها العسكري على الجماعات المسلحة المتطرفة التي كانت تنشط بلا رادع في المناطق القبلية في شمال غربي باكستان.
وعبر شريف، أمس، عن أمله في اقتراب اليوم «الذي سيتم القضاء على هؤلاء الإرهابيين فيه إلى الأبد، وتعيش كل زاوية في باكستان بسلام وأمان».
وسمحت عملية الجيش الباكستاني بخفض الاعتداءات إلى أدنى مستوى منذ 2007، وهي السنة التي عززت فيها حركة طالبان الباكستانية قوتها. لكن الانتقادات تشير إلى أن هذا التراجع لن يدوم ما لم تتم معالجة جذور العنف.
وأعدم أربعة أشخاص شنقا في سجونهم في ديسمبر، بعدما أدانهم الجيش في جلسة مغلقة بارتباطهم بهجوم بيشاور، مما أثار استياء ذويهم الذين يطالبون بتنفيذ الأحكام في أماكن عامة وبمعلومات عن التحقيق. ومنحت عائلات الأطفال الذين قتلوا حصص ملكية في أرض سيتم البناء عليها في بيشاور في خطوة اعتبرها البعض فارغة من أي معنى. وقال والد أحد التلاميذ القتلى: «لا أريد شيئًا سوى الرد على أسئلتي. لماذا لم تتمكن الدولة من حماية ابني؟».
وأعلن رئيس الوزراء الباكستاني 16 ديسمبر يومًا وطنيًا للتعليم، مؤكدا أنه لن يسمح للمتطرفين «بإخماد شعلة المعرفة».



الرئيس السريلانكي الجديد يتعهّد «بذل قصارى جهده» للنهوض بالبلاد

الرئيس السريلانكي الجديد أنورا كومارا ديساناياكا مجتمعاً مع كبار ضباط الجيش والشرطة بعد أدائه اليمين الدستورية في كولومبو الاثنين (إ.ب.أ)
الرئيس السريلانكي الجديد أنورا كومارا ديساناياكا مجتمعاً مع كبار ضباط الجيش والشرطة بعد أدائه اليمين الدستورية في كولومبو الاثنين (إ.ب.أ)
TT

الرئيس السريلانكي الجديد يتعهّد «بذل قصارى جهده» للنهوض بالبلاد

الرئيس السريلانكي الجديد أنورا كومارا ديساناياكا مجتمعاً مع كبار ضباط الجيش والشرطة بعد أدائه اليمين الدستورية في كولومبو الاثنين (إ.ب.أ)
الرئيس السريلانكي الجديد أنورا كومارا ديساناياكا مجتمعاً مع كبار ضباط الجيش والشرطة بعد أدائه اليمين الدستورية في كولومبو الاثنين (إ.ب.أ)

تولى أنورا كومارا ديساناياكا، أول رئيس يساري في تاريخ سريلانكا، مهامه اليوم (الاثنين)، متعهداً «بذل قصارى جهده» للنهوض بالبلاد، بعد عامين من أزمة مالية غير مسبوقة أثرت في جزء كبير من السكان وفرضت عليهم سياسة تقشف حادة.

وأدى ديساناياكا اليمين في العاصمة كولومبو، أمام رئيس المحكمة العليا جايانثا جاياسوريا خلال مراسم نقلتها التلفزيونات.

وقال الرئيس الجديد (55 عاماً) في كلمة مقتضبة: «أنا أعرف تماماً أهمية التفويض الذي حصلت عليه... أنا لست مشعوذاً، ولست ساحراً. سأطلب مشورة الآخرين وسأبذل قصارى جهدي (...) مسؤوليتي هي المشاركة في الجهد الجماعي للخروج من هذه الأزمة».

وقالت «وكالة الصحافة الفرنسية» إن العشرات من أنصار الرئيس الجديد في أثناء تأديته اليمين تجمعوا أمام مبنى الرئاسة ملوحين بصوره وبأعلام سريلانكا.

وحسب النتائج التي نشرتها اللجنة الانتخابية، الأحد، حصل حزب «جبهة تحرير الشعب» على 42.3 في المائة من الأصوات، في حين حلّ الرئيس المنتهية ولايته رانيل ويكريميسينغه (75 عاماً) في المركز الثالث بحصوله على 17.27 في المائة منها.

مناصرون للرئيس الجديد أمام مبنى الرئاسة خلال أدائه اليمين الدستورية الاثنين (إ.ب.أ)

وترك أنورا كومارا ديساناياكا زعيم حزب «جبهة تحرير الشعب» الذي كان وراء تمردَين دمويين في السبعينات والثمانينات، الكفاح المسلح وحوّل اهتمامه إلى اقتصاد السوق، وحصل على دعم شعبي واسع، إذ أدان خلال حملته الزعماء «الفاسدين» المسؤولين في نظره عن الفوضى التي حدثت عام 2022.

وقبل إعلان فوزه، أعلن ديساناياكا أنه لن «يمزّق» خطة الإنقاذ الموقعة مع صندوق النقد الدولي عام 2023 بعد مفاوضات طويلة، والبالغة قيمتها 2.9 مليار دولار.

وقال عضو المكتب السياسي في حزب «جبهة تحرير الشعب» اليساري، بيمال راتناياكي: «إنه نص ملزم، لكنه يحتوي على بند لإعادة التفاوض».

ووعد ديساناياكا بخفض الضرائب والرسوم على المنتجات الغذائية والأدوية لتأثيرها في السكان.

وقالت فروة عامر، من مركز «إيجا سوسايتي»، إنه «بالنسبة إلى ديساناياكا الذي وعد بعصر جديد وبضمان الاستقرار وتشجيع التغيير، ستكون التوقعات عالية».

في عام 2022، شهدت سريلانكا أسوأ أزمة اقتصادية في تاريخها، وأدت إلى احتجاجات في الشوارع أطاحت بالرئيس -آنذاك- غوتابايا راجاباكسا، الذي حاصر متظاهرون غاضبون قصره واقتحموه شاكين من التضخم ونقص الإمدادات. واضطر الرئيس السابق إلى الفرار من البلاد.

وخلفه ويكريميسينغه الذي قاد سياسة تقشف قاسية وزاد الضرائب وخفّض بشكل جذري الإنفاق العام.

وتمكّن ويكريميسينغه خلال العامين اللذين أمضاهما في منصبه من إعادة الهدوء إلى الشارع.

الرئيس السريلانكي الجديد أنورا كومارا ديساناياكا خلال أدائه اليمين الدستورية الاثنين (إ.ب.أ)

لكن خطة الإنقاذ تركت ملايين السريلانكيين يكافحون من أجل العيش. وأكد البنك الدولي أن بداية التعافي في سريلانكا أدت إلى زيادة نسبة الفقر الذي بات يطول حالياً أكثر من ربع السكان البالغ عددهم 22 مليوناً.

وقال الرئيس المنتهية ولايته، مساء الأحد، إن «التاريخ سيحكم على جهودي، ويمكنني القول بثقة إنني بذلت كل ما في وسعي لإعادة الاستقرار إلى البلاد».

وأمام الدبلوماسيين الذين تمت دعوتهم لحضور مراسم تنصيبه، أكد ديساناياكا للذين يقولون إنه يفضّل الصين على الهند، أنه سيتعاون مع الجميع من أجل تنمية سريلانكا.

وقال: «نحن عازمون على العمل لصالح بلادنا مع الدول الأخرى، بغض النظر عن الخلافات بين القوى» الكبرى.

وفي بكين، شدد الرئيس الصيني شي جينبينغ على «الأهمية الكبرى» التي يوليها «لتطوير العلاقات» مع سريلانكا، وفق تصريحات نقلها التلفزيون الرسمي الصيني عقب تنصيب الرئيس السريلانكي. والصين هي إحدى الدول الدائنة الرئيسية لسريلانكا.

وقبل أن يؤدي الرئيس الجديد اليمين الدستورية، قدّم رئيس الوزراء دينيش غوناواردينا استقالته، ما يفتح الطريق أمام تعيين حكومة جديدة.

ومن المقرر إجراء انتخابات تشريعية العام المقبل. ويشغل حزب «جبهة تحرير الشعب» 3 مقاعد فقط من أصل 225 مقعداً.