لافروف وكيري يؤكدان عقد اجتماع دولي حول سوريا في نيويورك الجمعة

مصدر أميركي: اللقاء استمر ثلاث ساعات وحضّر لجولة ثالثة من المحادثات

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف يتحدث مع نظيره الأميركي جون كيري أمس خلال مباحثات انتهت إلى تأكيد عقد الاجتماع الدولي الجمعة المقبل (رويترز)
وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف يتحدث مع نظيره الأميركي جون كيري أمس خلال مباحثات انتهت إلى تأكيد عقد الاجتماع الدولي الجمعة المقبل (رويترز)
TT

لافروف وكيري يؤكدان عقد اجتماع دولي حول سوريا في نيويورك الجمعة

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف يتحدث مع نظيره الأميركي جون كيري أمس خلال مباحثات انتهت إلى تأكيد عقد الاجتماع الدولي الجمعة المقبل (رويترز)
وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف يتحدث مع نظيره الأميركي جون كيري أمس خلال مباحثات انتهت إلى تأكيد عقد الاجتماع الدولي الجمعة المقبل (رويترز)

أعلن وزيرا الخارجية الأميركي جون كيري والروسي سيرغي لافروف، أمس، إثر اجتماع مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أن اجتماعا دوليا حول النزاع السوري سيعقد الجمعة في نيويورك على مستوى وزراء الخارجية.
وقال لافروف: «نؤيد فكرة الدعوة إلى اجتماع جديد في نيويورك الجمعة 18 ديسمبر (كانون الأول) على المستوى الوزاري للمجموعة الدولية لدعم سوريا»، وذلك بعد عدم رغبة روسية في تأكيد عقد هذا الاجتماع أو المشاركة فيه. وأكد كيري أن الاجتماع المذكور سيلتئم الجمعة.
جاء ذلك في ختام زيارة قام بها وزير الخارجية الأميركي لموسكو، أمس، ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن لافروف قوله: «اتفقنا على مواصلة العمل مع واشنطن لتحديد قائمة المعارضة المعتدلة وقائمة الإرهابيين»، وأضاف أن اجتماعات الرياض ستسهم في عملية إعداد قائمة بالمعارضة السورية. وقال وزير الخارجية الأميركي جون كيري إن روسيا والولايات المتحدة وجدتا «أرضية مشتركة» يمكن لجماعات المعارضة المشاركة على أساسها في محادثات السلام السورية. واستقبل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وزير الخارجية الأميركي جون كيري في الكرملين أمس، حيث باشرا محادثات حول جهود وقف الحرب في سوريا. وقال بوتين لكيري: «نحن نبحث معا عن سبل للخروج من أكثر الأزمات إلحاحا»، مضيفا أنه يتطلع إلى مناقشة «مجموعة من القضايا» مع كيري.
وشكر كيري لبوتين سماحه لوزير خارجيته سيرغي لافروف بالعمل معه على دفع محادثات السلام بين نظام الرئيس السوري بشار الأسد والمعارضة السورية المسلحة. وقال كيري الذي كان يجلس قبالة بوتين على طاولة مؤتمرات في أحد صالونات الكرملين الأنيقة: «لقد أتيحت لك فرصة الحديث مع الرئيس (باراك) أوباما في نيويورك، وبعد ذلك في باريس». وأضاف: «وقد تعهدت أنت والرئيس أوباما محاولة وضع مقاربة - من خلالي ومن خلال لافروف - لمعالجة الوضع في أوكرانيا وسوريا». وتابع: «ولذلك فإنني أتطلع إلى نقاشنا الآن، وأقدر جدية تخصيصك الوقت والتفكير في هاتين القضيتين». وبعد ذلك طلب من الصحافيين الخروج من القاعة لتبدأ المحادثات المغلقة.
قال وزير الخارجية الأميركي جون كيري للرئيس بوتين إن روسيا والولايات المتحدة يمكنهما العمل معا من أجل تحقيق تقدم نحو إنهاء الحرب في سوريا، ساعيا لتضييق هوة الخلاف بشأن الانتقال السياسي في دمشق.
ونقلت «رويترز» عن كيري بعد وصوله إلى موسكو أنه يريد إحراز «تقدم حقيقي» خلال الزيارة في مجال تضييق الخلافات مع الزعيم الروسي فلاديمير بوتين حول كيفية إنهاء الصراع في سوريا.
ويسعى كيري إلى تمهيد الطريق إلى جولة ثالثة من محادثات القوى العالمية بشأن سوريا، لكن ليس من الواضح إن كان الاجتماع المزمع يوم الجمعة في نيويورك سيعقد. ولم تتوصل الولايات المتحدة وروسيا إلى اتفاق حول دور الرئيس السوري بشار الأسد في أي انتقال سياسي أو حول أي جماعات المعارضة السورية المسلحة ستشارك في المحادثات.
وأشار مصدر بالخارجية الأميركية لـ«الشرق الأوسط» أن المحدثات كانت إيجابية وتركزت بشكل أساسي على معالجة الخلافات مع القادة الروس بشأن دور الرئيس السوري بشار الأسد في أي عملية انتقال سياسي وتشكيل المعارضة السورية، إضافة إلى مناقشة الضربات الجوية الروسية واستهدافها لمواقع المعارضة السورية ورغبة الولايات المتحدة في أن توجه روسيا تركيزها لمكافحة واستهداف معاقل (داعش) بشكل أكبر».
وأوضح المسؤول الأميركي أن اللقاء بين وزير الخارجية الأميركي ونظيره الروسي استمر لأكثر من ثلاث ساعات، حيث تطرق إلى كيفية التحضير لجولة ثالثة من المحادثات الدولية حول الأزمة السورية، والمقرر عقده في نيويورك يوم الجمعة القادم، إضافة إلى تفاصيل المقترحات لوقف إطلاق النار في سوريا وتشكيله المعارضة السورية التي من المفترض أن تبدأ المحادثات مع ممثلي النظام السوري مع الأول من يناير (كانون الثاني) المقبل.
ونفى المسؤول الأميركي وجود أي تفاهمات أو مقترحات لتخفيف العقوبات الأميركية على روسيا التي تم فرضها في أعقاب استيلاء روسيا على شبه جزيرة القرم في مقابل تغيير روسيا لموقفها ودعمها للرئيس السوري بشار الأسد، مشيرا إلى اهتمام الولايات المتحدة بتنفيذ اتفاقية مينسك للسلام وتنفيذ خطط إجراء انتخابات حرة ونزيهة في شرق أوكرانيا.
وأبرزت التصريحات التي سبقت المحادثات في موسكو المسافة بين الولايات المتحدة وروسيا حول كيفية التعامل مع الأزمة السورية. وقبيل وصول كيري، قال مسؤول بوزارة الخارجية الأميركية إن الوزير الأميركي سيثير بواعث القلق المتعلقة باستمرار الغارات الجوية الروسية على جماعات المعارضة السورية، ومن بينها جماعات تساندها الولايات المتحدة وحلفاؤها.
ومن جانبها أصدرت وزارة الخارجية الروسية بيانا ينتقد السياسة الأميركية بشأن سوريا، قائلة: «إن واشنطن ليست مستعدة للتعاون الكامل في مكافحة (داعش)، ويجب أن تعيد النظر في سياستها القائمة على «تقسيم الإرهابيين إلى طيبين وأشرار».
وقدمت روسيا رسائل متضاربة بشأن الجيش السوري الحر. ونقلت وكالات أنباء أمس الاثنين عن رئيس هيئة الأركان الروسية فاليري جيراسيموف قوله إن بلاده تقدم أسلحة وذخيرة ومواد دعم للجيش السوري الحر، في حين نفى مساعد كبير في الكرملين في وقت لاحق وجود مثل هذا الترتيب.
وقال المتحدث باسم البيت الأبيض جوش إرنست، قبل الاجتماع، إن كيري سيشجع الجهود المتواصلة لروسيا لنزع فتيل التوترات مع تركيا بعد أن أسقطت أنقرة طائرة عسكرية روسية قرب الحدود السورية في 24 نوفمبر (تشرين الثاني).



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.