القوات الكردية تشدد إجراءاتها في سوريا.. واتهامات بتغيير ديموغرافي

أغلقت آخر الطرق بين الرقة والمنطقة الشمالية.. وتلاحق الهاربين من القتال

القوات الكردية تشدد إجراءاتها في سوريا.. واتهامات بتغيير ديموغرافي
TT

القوات الكردية تشدد إجراءاتها في سوريا.. واتهامات بتغيير ديموغرافي

القوات الكردية تشدد إجراءاتها في سوريا.. واتهامات بتغيير ديموغرافي

تتخذ وحدات حماية الشعب الكردية، الجناح المسلح لـ«حزب الاتحاد الديمقراطي» إجراءات أمنية مشددة وغير مسبوقة في مناطق سيطرتها بعد التفجيرات التي هزّت بلدة تل تمر غربي مدينة الحسكة الأسبوع الماضي وأدّت لمقتل العشرات. وتمنع عناصر الوحدات دخول المدنيين إلى المنطقة الشمالية إلا إذا كان لديهم أقرباء أو من يكفلهم، وسط اتهامات ناشطين بسعي القوات الكردية لـ«تغيير ديموغرافي عبر استقدام عائلات كردية للإقامة في المنطقة المذكورة».
وأفاد ناشطون بأن الوحدات الكردية أقفلت مطلع الأسبوع الحالي، آخر الطرق الواصلة بين مدينة الرقة والمنطقة الشمالية، وذلك عبر وضع أكوام من التراب، وحفر الطريق الواقع قرب قرية المغارة، وأوضحوا أن «الهدف من عملية الإغلاق هو منع تدفق أبناء المنطقة الشمالية لقراهم ومدنهم، التي نزحوا عنها في وقت سابق باتجاه الرقة، ونظرًا لأن العائدين هم من العرب».
وبحسب مصادر ميدانية في المنطقة الشمالية فإن «وحدات الحماية تحاول جاهدة وعبر سياسة الضغط على القرى بطريقة ليست واسعة، تغيير الحالة الديموغرافية عبر استقدام عائلات كردية للإقامة فيها، وهو ما يجري حاليًّا في منطقة عين عيسى».
وإذ استهجن العقيد طلال سلو المتحدث باسم «قوات سوريا الديمقراطية» تفسير الإجراءات التي تتخذها القوات الكردية بهذه الطريقة، أكّد أنّهم «رفعوا من مستوى التدابير التي يتخذونها بعيد التفجيرات التي استهدفت بلدة تل تمر وأدت لمقتل أكثر من 50 شخصا، منعا لتكرارها». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «لم نعد نسمح بدخول إلا من لديه أقارب في المنطقة أو من يكفله ويؤكد أنّه ليس مرسلا لتنفيذ عمل إرهابي، خاصة أنهم باتوا في الفترة الأخيرة يستخدمون سيارات مدنية بهدف التفجير ويلجأون للأحزمة الناسفة والانتحاريين».
وبإطار التدابير الأمنية المتخذة، شنت قوات «الآسايش» التي هي عبارة عن قوى أمن داخلي تابعة لـ«حزب الاتحاد الديمقراطي»، في الساعات الماضية حملة اعتقالات واسعة طالت مدنيين ونشطاء من ريفي مدينة عفرين في محافظة حلب شمالي سوريا، وديريك في محافظة الحسكة.
ونقلت وكالة «آرا نيوز» التي تُعنى بالشأن الكردي عن ناشطين من عفرين، قولهم إن قوات «الآسايش» شنت حملة اعتقالات ومداهمات واسعة طالت الكثير من قرى ريف عفرين، من بينها قرى، باسلة، صوغناك وجنديرس، سنارة وكفر صفرة، بلبل، شرّان، كيمار، عربا، معبطلي، ميدان اكبس.
وأكد هؤلاء النشطاء، أن «الحملة التي تشنها الآسايش لا تزال مستمرة، وتترافق بمداهمات للمنازل ومصادرات للممتلكات، حيث تمت مصادرة الآليات الشخصية والزراعية للكثير ممن تم اعتقالهم خلال اليومين الماضيين»، مشيرين إلى أن «أغلب من تم اعتقالهم هم من أعضاء الحزب الديمقراطي الكردستاني - سوريا».
وقال الناشط نور الدين رسول من ديريك إنه «بعد قطع الكهرباء عن القرية، اقتحمت قوات الآسايش قرية السويدية في ريف ديريك في أعقاب امتناع الأهلي تسليم أبنائهم للتجنيد الإجباري، وتخليص عدد منهم ممن تم اعتقالهم بالفعل»، لافتا إلى أنّه «تم اعتقال أكثر من 36 مدنيًا من الأهالي بينهم نساء وأطفال وعائلات كاملة، وفرض منع التجول في القرية التي ما زالت محاصرة بالكامل».
وردت «الآسايش» سبب دخول قواتها إلى قرية السويدية بريف مدينة ديرك لـ«وجود أسلحة وذخائر مخبئة في القرية»، ونشرت مقطع فيديو على صفحتها الرسمية على موقع «فيسبوك» يُظهر قيام قواتها بالاستيلاء على كمية من الأسلحة والذخائر قالت إنها في قرية السويدية.
وأعدت الشبكة السورية لحقوق الإنسان بوقت سابق تقريرا رصد «الانتهاكات» التي تقوم بها قوات الحماية الكردية، التي تتنوع ما بين التجنيد الإجباري والتهجير والاعتقال والتعذيب والقتل. وهذا ما أشار إليه وائل العجي، المتحدث باسم الشبكة، لافتا إلى أن عناصر هذه الوحدات «وسّعوا سيطرتهم في المنطقة وبالتالي انتهاكاتهم، بعد الدعم الكبير والمستمر الذي يتلقونه من الأميركيين إن كان تسليحا أو تدريبا».
وقال لـ«الشرق الأوسط»: «هم استفادوا من تفاقم مشكلة داعش وتقارب وجهات النظر الدولية بشأن وجوب المسارعة لمواجهة التنظيم المذكور، فوجدوا أنفسهم مدعومين من النظام السوري ومن القوى الدولية في آن».



تقرير دولي يتهم مخابرات الحوثيين بالسيطرة على المساعدات الإنسانية

جهاز مخابرات الحوثيين اعتقل عشرات الموظفين الأمميين وعمال المنظمات الدولية والمحلية (إعلام حوثي)
جهاز مخابرات الحوثيين اعتقل عشرات الموظفين الأمميين وعمال المنظمات الدولية والمحلية (إعلام حوثي)
TT

تقرير دولي يتهم مخابرات الحوثيين بالسيطرة على المساعدات الإنسانية

جهاز مخابرات الحوثيين اعتقل عشرات الموظفين الأمميين وعمال المنظمات الدولية والمحلية (إعلام حوثي)
جهاز مخابرات الحوثيين اعتقل عشرات الموظفين الأمميين وعمال المنظمات الدولية والمحلية (إعلام حوثي)

اتهم تقرير دولي حديث مخابرات الحوثيين بالسيطرة، طوال السنوات الماضية، على المساعدات الإنسانية وتوجيهها لخدمة الجماعة الانقلابية، وذكر أن عدداً من كبار المسؤولين فيما يُسمَّى «جهاز الأمن والمخابرات»، شاركوا في استهداف العاملين في مجال حقوق الإنسان وتعطيل المشاريع الإنسانية في سبيل جني الأموال وتجنيد عملاء في مناطق سيطرة الحكومة، بهدف إشاعة الفوضى.

التقرير الذي يستند إلى معلومات استخباراتية مفتوحة المصدر، وأعدَّه مركز مكافحة التطرف، ذكر أن كثيراً من كبار المسؤولين في المخابرات الحوثية شاركوا في استهداف العاملين بمجال حقوق الإنسان، ونشر التطرف بين جيل من اليمنيين (بمن في ذلك الأطفال)، وتعطيل المشاريع الإنسانية في البلاد من أجل جني مكاسب مالية شخصية، وإدارة شبكات مالية ومشتريات غامضة، وتجنيد العملاء لزرع الفوضى والدمار في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة الشرعية.

عبد الحكيم الخيواني رئيس جهاز مخابرات الحوثيين مجتمعاً مع رئيس مجلس الحكم الانقلابي مهدي المشاط (إعلام حوثي)

ورأى التقرير أن المنظمات الدولية فشلت في صدّ مسؤولي المخابرات الحوثية الذين يمارسون السيطرة على مشاريعها أو ينسبون الفضل إليهم. وقال إنه، ومع أن الوضع الإنساني حساس للغاية؛ حيث يحتجز الحوثيون شعبهم رهينة ولا يعطون قيمة كبيرة للحياة البشرية، من الواجب اتخاذ تدابير إضافية للكشف عن مسؤولي المخابرات ومنعهم مِن استغلال أنشطة المنظمات الإنسانية.

واستعرض التقرير الدور الذي يلعبه جهاز مخابرات الحوثيين في التحكُّم بالمساعدات الإنسانية. وقال إن الحوثيين قاموا بحل الجهة المكلَّفة السيطرة على المساعدات، المعروفة باسم مجلس تنسيق الشؤون الإنسانية، في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ونقلوا مسؤولياتها إلى وزارة الخارجية ووزارة العمل والشؤون الاجتماعية في الحكومة الانقلابية غير المعترَف بها.

وأكد أن جهاز المخابرات الحوثي كان شريكاً رئيسياً لذلك المجلس في جمع المعلومات عن المنظمات الإنسانية وأنشطتها، وكذلك في فرض مطالبهم عليها. ومع ذلك، يؤكد التقرير أن حل المجلس لا يشير بالضرورة إلى نهاية مشاركة جهاز المخابرات في السيطرة على المساعدات وتحويلها.

استمرار السيطرة

نبَّه التقرير الدولي إلى أنه، وقبل أقل من شهرين من نقل مسؤوليات هذا المجلس إلى وزارة الخارجية في الحكومة الحوثية غير المعترف بها، تم تعيين عبد الواحد أبو راس نائباً لوزير الخارجية، وكان يشغل في السابق منصب وكيل المخابرات للعمليات الخارجية.

وبيّن التقرير سيطرة جهاز المخابرات على مجلس تنسيق الشؤون الإنسانية من خلال تسلُّل أفراده إلى مشاريع المساعدات، واحتجازه للعاملين في مجال المساعدات، وتعيين رئيس الجهاز عبد الحكيم الخيواني عضواً في مجلس إدارة المجلس.

عبد الواحد أبو راس انتقل إلى خارجية الحوثيين مع نقل صلاحيات تنسيق المساعدات الإنسانية معه (إعلام محلي)

ورجَّح مُعِدّ التقرير أن يكون نَقْل أبو راس إلى وزارة الخارجية مرتبطاً بنقل صلاحيات تنسيق المساعدات الإنسانية إلى هذه الوزارة، ورأى أن ذلك سيخلق رابطاً جديداً على مستوى عالٍ بين المخابرات والجهود المستمرة التي يبذلها الحوثيون لتحويل المساعدات الإنسانية، بعد انتهاء ولاية مجلس تنسيق الشؤون الإنسانية.

وأشار التقرير إلى أن حل المجلس الحوثي الأعلى لتنسيق الشؤون الإنسانية قد يكون نتيجة لضغوط دولية متزايدة على المنظمات الإنسانية لوقف التعاون مع هذه الهيئة الحوثية المعروفة بتعطيل وتحويل المساعدات.

ولاحَظَ التقرير أن مشكلة تحويل المساعدات من قبل الحوثيين كانت مستمرة لمدة تقارب عقداً من الزمن قبل إنهاء عمل هذا المجلس. وقال إنه ينبغي على الأقل استهداف هؤلاء الأفراد من خلال العقوبات وقطعهم عن الوصول إلى النظام المالي الدولي.

ومع مطالَبَة التقرير بانتظار كيف سيؤثر حل المجلس الأعلى لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية على جهود تحويل المساعدات التي يبذلها الحوثيون، توقَّع أن يلعب أبو راس، المسؤول الكبير السابق في المخابرات العامة، دوراً رائداً في ضمان تخصيص أي موارد تدخل المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون لتعزيز مصالح سلطتهم.

استراتيجية أوسع

بشأن القيادي الحوثي، منتظر الرشيدي، الذي يشغل حالياً منصب مدير جهاز المخابرات في محافظة صنعاء، يذكر التقرير أنه يحضر الفعاليات الترويجية الحوثية الكبرى، مثل الافتتاح الكبير لمنشأتين طبيتين جديدتين في صنعاء (بتمويل من اليونيسيف) وافتتاح مشروع تنموي لبناء 20 وحدة سكنية جديدة.

طوال عقد وجَّه الحوثيون المساعدات الإنسانية لما يخدم مصالحهم (إعلام محلي)

وقال إنه من المرجح أن يكون هذا جزءاً من استراتيجية أوسع نطاقاً للحوثيين تهدف إلى الحصول على الفضل في أعمال البنية الأساسية، التي يتم تمويل كثير منها من قبل منظمات الإغاثة الإنسانية، بينما في الوقت نفسه يبتز جهاز المخابرات هذه الهيئات ذاتها ويضطهد موظفيها.

أما زيد المؤيد، فيشغل (بحسب التقرير) منصب مدير جهاز المخابرات الحوثية في محافظة إب؛ حيث يتخذ الحوثيون إجراءات وحشية بشكل خاص بسبب شكوك الجماعة تجاه سكان هذه المحافظة المختلفين مذهبياً.

ويورد التقرير أن الحوثيين وعدوا بالعفو عن أولئك الذين فرُّوا من حكمهم، فقط لكي يعتقل جهاز المخابرات ويعذب بعض العائدين. وقال إنه في حالة أخرى أصدروا مذكرة اعتقال بحق أطفال أحد المعارضين لهم في المحافظة.

وبحسب هذه البيانات، أظهر المؤيد مراراً وتكراراً أنه يدير إب وكأنها «دولة مافيا». وقال التقرير إنه في إحدى الحالات، كانت إحدى قريبات المؤيد تخطط للزواج من رجل من مكانة اجتماعية أدنى، وفقاً للتقسيم العرقي لدى الحوثيين، إلا أنه أمر جهاز المخابرات باختطاف المرأة لمنع الزواج.

الحوثيون متهمون بأنهم يديرون محافظة إب بطريقة عصابات المافيا (إعلام محلي)

وفي قضية منفصلة، يذكر التقرير أنه عندما أُدين أحد المنتمين للحوثيين بارتكاب جريمة قتل، اتصل المؤيد بالمحافظ للتأكد من عدم تنفيذ حكم الإعدام. وذكر أن المؤيد شغل سابقاً منصب مدير جهاز المخابرات في الحديدة؛ حيث ورد أنه أشرف على تهريب الأسلحة عبر مواني الحديدة الثلاثة (الحديدة، رأس عيسى، الصليف).

وفقاً لما جاء في التقرير، قام زيد المؤيد بتجنيد جواسيس للتسلل إلى الحكومة اليمنية، خصوصاً الجيش. وذكر التقرير أن الجواسيس الذين جنَّدهم كانوا مسؤولين عن بعض محاولات الاغتيال رفيعة المستوى ضد مسؤولين عسكريين يمنيين، بما في ذلك محاولة اغتيال رئيس أركان الجيش اليمني.

وسبق المؤيد في منصبه مديراً لجهاز المخابرات والأمن في إب العميد محمد (أبو هاشم) الضحياني، ويرجّح التقرير أنه خدم بسفارة الحوثيين في طهران قبل أن يتولى منصبه مديراً لجهاز المخابرات والأمن في إب.