الانقلابيون يضربون كريش وتعز بالأسلحة الثقيلة

مقاومة تهامة تتصدى لاختراقات الميليشيات للهدنة

الانقلابيون يضربون كريش وتعز بالأسلحة الثقيلة
TT

الانقلابيون يضربون كريش وتعز بالأسلحة الثقيلة

الانقلابيون يضربون كريش وتعز بالأسلحة الثقيلة

لا يبدو أن الحرس الجمهوري الموالي لعلي صالح وميليشيا الحوثيين، يعرفون لغة السلام، أو الهدنة، أو التوقف، أو أي كلمة تدور في هذا الفلك. فبعد مضي أقل من ساعة، خرق الانقلابيون عملية وقف إطلاق النار التي بدأت فعليا من الساعة 12 ظهرا، التي أعلنت عنها قوات التحالف العربي بطلب من الرئيس اليمني، وذلك بهدف فتح المجال للمحادثات، وأن يخضع الانقلابيون للقرارات الدولية.
وشرع الحوثيون والحرس الجمهوري، مع وقف طيران التحالف التحليق على المدن التي تسيطر عليها الميليشيا وثبات الجيش الوطني عند النقاط التي وصل إليها، في ضرب مناطق «كريش، وتعز ووادي الضباب» بالأسلحة الثقيلة والصواريخ فيما نقل شهود عيان أن أفرادا من الميليشيا مدعومين بمدرعات وآليات عسكرية قصفوا عددا من الأحياء في الحديدة بشكل عشوائي مساء أمس الثلاثاء، الأمر الذي نتج عنه عدد من الوفيات وإصابة عشرات المدنيين في المدينة.
واستغلت ميليشيا الحوثيين وعلي صالح، توقف طيران التحالف في منتصف نهار أمس الثلاثاء ونقلت صواريخ بالستية إلى منطقة الزرانيق شمال محطة إبراهيم قاسم جنوب منطقة العمرية بمديرية الدريهمي، إضافة إلى نقل أسلحة من مواقع مختلفة في إقليم تهامة بشكل كبير إلى جبهات القتال وتزويد المجاميع، الأمر الذي يشير بحسب عسكريين يمنيين إلى أن الميليشيا تعيد هيكلة نفسها، مستفيدة من هذا التوقف.
هذه الخروقات، دفعت المقاومة الشعبية إلى الدفاع عن سكان الإقليم في عدد من المواقع، مستهدفة عناصر ميليشيا الحوثي المتمركزة في مقر حزب الإصلاح بحي السلخانة بمدينة الحديدة بهجوم بقنبلة يدوية، كما استهدفت المقاومة الشعبية في إقليم تهامة أحد عناصر ميليشيا الحوثي بالقرب من جامع الأسودي في مدينة الحديدة. وهاجم مسلحون أحد الأحياء التي تتمركز فيها ميليشيا الحوثي، فيما تمكنت المقاومة من استهداف أحمد موسى المتهم بقتل مواطنين، ومداهمة ونهب منازل المدنيين في مديرية باجل.
ميدانيًا، ظل الجيش الوطني والمقاومة الشعبية المدعومة من قوات التحالف العربي الذي تقوده السعودية، ثابتًا في المواقع التي حررت قبل بدء وقف إطلاق النار في جبهة «باب المندب وادي العمري والمخا» التي نجحت في دفع الحوثيين إلى المواقع الخلفية، التي كانت الميليشيا تسعى إلى السيطرة عليها لأهداف عسكرية. وتمسك الجيش الوطني بالصبر على هذه التجاوزات العسكرية حتى تصدر أوامر عليا من القيادة حيال انتهاكات الحوثيين.
وقال العميد عبد الله الصبيحي، قائد اللواء 15 ميكا، وقائد القطاع الشمالي الشرقي في عدن لـ«الشرق الأوسط»: «إن ميليشيا الحوثيين وحليفهم علي صالح لا يفهمون إلا لغة القوة ولا يمكن أن يلتزموا بمؤتمر جنيف ولا القرارات الدولية الصادرة في الحفاظ على الأمن وعودتهم إلى ما كانوا عليه قبل عملية الانقلاب على الشرعية، ولا يعرفون إلا لغة القوة والحرب»، مشددًا على أنهم إن حاولوا الالتفاف والمراوغة على الحوار أو مؤتمر جنيف، سيفشلون في الوصول إلى مآربهم وسنكون لهم بالمرصاد».
وحول المديريات التي اخترقت فيها الميليشيا عملية وقف إطلاق النار، قال العميد الصبيحي: «إن المواقع كثيرة ولكن من أبرز تلك الاختراقات ما يحدث على الجبهات من استفزاز للمقاومة الشعبية بإطلاق النار والصواريخ، خاصة في باب المندب، وكريش وتعز ووادي الضباب، إضافة إلى عملية إطلاق الصواريخ من توشكا».
وشدد العميد الصبيحي على أن هذه الفئة لا يمكنها الالتزام بأي بنود أو اتفاقيات لأنهم يقاتلون على معتقد، مضيفًا: «لا يمكن الوثوق بهم، خصوصًا أن لنا تجارب عدة في هذا السياق، منها اختراق آخر هدنة، التي أطلقت لعملية إعادة الأمل في اليمن، وهم يعتقدون أن وقف القوات الموالية الشرعية للقتال للعودة للحوار، ضعفا في القدرات العسكرية، وهو ما سنرد عليه قريبا في حال لم تنجح هذه المفاوضات»، موضحًا أن فئة ظلت تماطل وتلتف على كل الطرق المؤدية للوحدة الوطنية إبان دعوة الرئيس عبد ربه منصور هادي إلى الحوار الوطني طيلة عام كامل، «لا يتوقع منهم أن يعودوا إلى صوابهم إلا بالقوة فقط».
ويعد هذا الاختراق لعملية وقف إطلاق النار الرابع، بعد أن خرق الانقلابيون الهدنة الإنسانية في أواخر يوليو (تموز) الماضي بطلب الرئيس اليمني، الذي اشترط التزام الحوثيين وحليفهم علي صالح، إضافة إلى هدنتين سابقتين في منتصف مايو (أيار) والعاشر من يوليو الذي توافق مع نهاية شهر رمضان للعام الحالي.
وقال عبد الحفيظ الخطامي، الناشط الاجتماعي في الحديدة: «إن تحركات غريبة لآليات ودبابات ميليشيا الحوثيين والحرس الجمهوري، بدأت تتحرك بشكل ملحوظ من موقع إلى آخر صباح أمس الثلاثاء، فيما رصد سكان الحديدة تحرك عربات وشاحنات كبيرة وعملاقة لم يسبق أن رأوها، دخلت صباح أمس إلى مناطق زراعية في اللاوية والعباسي.
ولفت الخطامي إلى أن انتهاكات ميليشيا الحوثي مع الساعات الأولى لوقف إطلاق النار، تصدت له المقاومة الشعبية بشكل قوي، وقامت بعمليات رد خاصة، وأن الميليشيا استهدفت أحياء سكنية، وتسببت في نشر الذعر والخوف بين السكان على أثر إطلاق نار كثيف وبشكل عشوائي.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.