مبعوث الأمم المتحدة يطالب الحوثيين بالانسحاب من صنعاء

بحاح: الهدف من المحادثات هو استعادة الدولة اليمنية من المتمردين

رئيس الوزراء اليمني خالد بحاح (يسار) وبجانبه رئيس جامعة قطر حسن رشيد الدرهام في الدوحة امس (رويترز)
رئيس الوزراء اليمني خالد بحاح (يسار) وبجانبه رئيس جامعة قطر حسن رشيد الدرهام في الدوحة امس (رويترز)
TT

مبعوث الأمم المتحدة يطالب الحوثيين بالانسحاب من صنعاء

رئيس الوزراء اليمني خالد بحاح (يسار) وبجانبه رئيس جامعة قطر حسن رشيد الدرهام في الدوحة امس (رويترز)
رئيس الوزراء اليمني خالد بحاح (يسار) وبجانبه رئيس جامعة قطر حسن رشيد الدرهام في الدوحة امس (رويترز)

على العكس من الجولات السابقة افتتحت الجولة الحالية من محادثات السلم اليمنية بالموافقة على جدول الأعمال ولقاء كبار المبعوثين وجها لوجه. وستكون المهمة الرئيسية للمفاوضات الاتفاق بشأن كيفية تطبيق قرار أصدره مجلس الأمن الدولي في أبريل (نيسان)، ودعا المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إسماعيل ولد الشيخ أحمد الحوثيين للانسحاب من العاصمة صنعاء والمدن الأخرى التي احتلوها في أواخر عام 2014 وأوائل عام 2015.
وقال في البداية: «أؤكد أن المحادثات حول اليمن بدأت في سويسرا، مشاورات برئاسة الأمم المتحدة، تهدف إلى إرساء وقف إطلاق نار دائم.. لإنهاء أشهر من القتال الذي أسفر عن مقتل 6 آلاف شخص تقريبا».
وردًا على سؤال لوكالة الصحافة الفرنسية عما إذا كان وقف إطلاق النار المقرر في اليمن دخل حيز التنفيذ في الوقت المحدد، قال المتحدث باسم التحالف العميد الركن أحمد عسيري: «نعم»، عبر رسالة نصية قصيرة.
وفي تصريحات أمام الوفود عند افتتاح المحادثات قال المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إسماعيل ولد الشيخ أحمد في تصريحات أوردتها «رويترز»: «أنتم من سيقرر ما إذا كان السلام سيسود أم سيدفع اليمن أكثر إلى الظلام والمأساة والمعاناة». وأضاف قوله: «هل ستتخلون عن اليمن وشعبه وتقودون البلد إلى مزيد من العنف والقتل أم ستضعون مصلحة اليمن أولا».
كانت جولة سابقة من المحادثات غير المباشرة جرت برعاية الأمم المتحدة في جنيف في يونيو (حزيران) وانتهت دون التوصل إلى اتفاق مع تبادل الطرفين الاتهامات.
وقال رئيس الوزراء اليمني خالد بحاح في قطر إن الهدف من المحادثات هو استعادة الدولة التي استولى عليها الحوثيون. وأضاف أن خيار استخدام القوة لتحقيق هذا لا يزال مطروحا.
ونقلت وكالة الأنباء القطرية عن بحاح قوله: «رغم التفاؤل إلا أن المحادثات لن تكون سهلة حسب تجربتنا مع الميليشيات الحوثية.. ونسعى بقدر ما نستطيع للوصول إلى حلول سلمية ولكن ستظل العصا موجودة لتحقيق ما لم يتم تحقيقه في المحادثات».
ونقل التلفزيون السعودي عن المتحدث باسم التحالف أن قوات التحالف سيطرت على جزيرة زقر وهي جزء من أرخبيل حنيش الذي يتحكم في الممر البحري الرئيسي على مقربة من مضيق باب المندب. ويقع في الجزيرة أعلى جبل في المنطقة وهو ما يمنح التحالف سيطرة على الممر البحري.
وذكر سكان أن التحالف شن غارات على ذمار والحديدة كما جرت اشتباكات برية في مدينة تعز، وهي نقطة قتال رئيسية بين الحوثيين ومؤيدي الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي فضلا عن مأرب شرق العاصمة صنعاء. ويشن التحالف ضربات جوية على الحوثيين منذ مارس (آذار) بعد أن سيطروا على عدد من المدن خلال سلسلة عمليات بدأت في سبتمبر (أيلول) عام 2014.
وقالت منظمة الصحة العالمية إن 19 شاحنة مستعدة في مدينة عدن الساحلية الجنوبية الخاضعة لسيطرة الحكومة وفي العاصمة صنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين لتوزيع الإمدادات الطبية في أنحاء اليمن.
وقال أحمد شادول ممثل المنظمة في اليمن إنه يتوقع نقل نحو 150 طنا من الإمدادات من مخازن منظمة الصحة العالمية بجيبوتي إلى صنعاء يومي 21 و22 ديسمبر (كانون الأول) على أن تنقلها سفن من هناك إلى موانئ يمنية أخرى.
وقال قادة عسكريون وسكان إن الهدنة تبدو صامدة إلى حد بعيد رغم بعض الانتهاكات المحدودة التي أبلغ عنها الجانبان. وقالت الأمم المتحدة إنها تستعد لتسليم أدوية وأغذية إلى اليمن هذا الأسبوع، مستفيدة من وقف إطلاق النار الذي يستمر سبعة أيام للتصدي لواحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.