الأزهر: التحالف العسكري مطلب ملح لشعوب الدول الإسلامية

مؤتمر القاهرة يدشن أكبر تجمع إفتائي في العالم للتصدي لفوضى الفتاوى

الأزهر: التحالف العسكري مطلب ملح لشعوب الدول الإسلامية
TT

الأزهر: التحالف العسكري مطلب ملح لشعوب الدول الإسلامية

الأزهر: التحالف العسكري مطلب ملح لشعوب الدول الإسلامية

وصف الأزهر قرار السعودية بتشكيل تحالف عسكري إسلامي لمحاربة الإرهاب، يضم 34 دولة إسلامية، بـ«التاريخي»، معتبرا أنه «مطلب ملح لشعوب الدول الإسلامية لمواجهة الإرهاب الأسود». وخيم قرار تشكيل التحالف السعودي على مؤتمر دار الإفتاء المصرية، أمس، للإعلان عن تأسيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم تحت مظلة الإفتاء المصرية، بمشاركة أكثر من 30 مفتيًا للتصدي لآراء تنظيم داعش وظاهرة التطرف في الفتوى. وشكر الدكتور شوقي علام، مفتي مصر، المملكة لإنشائها قوة دفاع مشتركة من الدول الإسلامية.
وبينما قال الدكتور محمد مطر الكعبي، رئيس الشؤون الإسلامية بالإمارات لـ«الشرق الأوسط» على هامش المؤتمر، إن تحالف المملكة سيخلصنا من الواقع المرير الذي يعاني منه بعض الشعوب، نتيجة الأفكار المتطرفة، أكد مفتي تشاد، الشيخ محمد النور محمد الحلو، أن التحالف خطوة على الطريق الصحيح للحد من الوقوع في براثن التطرف والإرهاب.
وأعلنت مشيخة الأزهر، في بيان لها أمس، ترحيبها بالقرار التاريخي للمملكة، قائلة: «طالما طالب به شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب في عدة لقاءات ومؤتمرات، كما أنه مطلب ملح لشعوب الدول الإسلامية التي عانت أكثر من غيرها من الإرهاب الأسود الذي يرتكب جرائمه البشعة دون تفريق بين دين أو مذهب أو عرق».
ودعت مشيخة الأزهر كل الدول الإسلامية إلى الانضمام لهذا التحالف لمواجهة الإرهاب بمختلف صوره وأشكاله. وأعربت المشيخة عن أملها أن يكون التحالف نواة لتكامل وتنسيق إسلامي في كل المجالات، معبرة عن تطلعها إلى نجاح جهود هذا التحالف في دحر الإرهاب وتخليص العالم من شروره.
وشهدت القاهرة، أمس، إعلان أول تجمع لدور وهيئات الإفتاء حول العالم تحت مظلة دار الإفتاء المصرية، بحضور كبار المفتين حول العالم الممثلين عن دور الإفتاء في بلادهم. ويأتي إعلان هذا الكيان المهم تنفيذا لتوصيات المؤتمر العالمي للإفتاء الذي عقدته الدار في أغسطس (آب) الماضي برعاية الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.
وقال الدكتور شوقي علام، وهو رئيس مجلس الأمانة العامة لدور الإفتاء في العالم، إن «داعش» أضر بالإسلام والمسلمين، مشددا على الحاجة إلى بذل جهود كثيرة بسبب أفعال هؤلاء، موجها التحية إلى المملكة العربية السعودية، لإنشائها قوة دفاع مشتركة من الدول الإسلامية. وأضاف مفتي مصر، خلال مؤتمر صحافي للإعلان عن إنشاء الأمانة العامة لدور الإفتاء أمس، إننا «نحتاج إلى بناء منهج لضبط الفتوى وتثقيف المفتين»، مؤكدا أنه في هذه الحالة سننجح في القضاء على كثير من المشكلات، ومشيرا إلى أن سبب الأزمة تصدي غير المتخصصين للفتوى، وأن الباب مفتوح أمام الدول التي ترغب في الانضمام إلى الهيئة. وتابع المفتي: «الإرهاب يحتاج إلى تضافر جهود الدول، ولا شك أن التحالف الذي أعلنته السعودية نادت به مصر من قبل»، مشيرا إلى أن «التعاون مطلوب من دور الإفتاء، لتبين الحكم الشرعي، وفضح مفاهيم الجماعات المتطرفة، وتوضيح الرأي الصحيح». وقال إننا «ننكر ونجرم ما يفعله (داعش)، وينبغي أن يواجه هذا الإرهاب بكل قوة من كل النواحي التي تؤدي إلى استئصاله»، مضيفا أن «الأمانة ستتعاون بشكل كامل مع كل المجامع الفقهية في دول العالم، وتفتح الباب لكل الآراء، لأننا نبحث عن الحق في كل مكان، ونستفيد من آراء كل المفتين»، ولافتا إلى أن آراء الأمانة العامة غير ملزمة.
ونوه مفتي مصر بأننا «في الحقيقة نحتاج إلى بناء علمي وبناء منهجي، ويتأتى ذلك من ضبط الفتوى وتأهيل المتخصصين للتصدر للإفتاء.. ومشكلتنا أن هناك أناسا كثيرين تصدروا للفتوى وهم من غير المتخصصين»، مؤكدا أن «الأمانة العامة ستقوم بالتنسيق بين دور الفتوى والهيئات الإفتائية العاملة في مجال الإفتاء في أنحاء العالم، بهدف رفع كفاءة الأداء الإفتائي لتلك الجهات، مع التنسيق فيما بينها لإنتاج عمل إفتائي علمي رصين، ومن ثم زيادة فاعليتها في مجتمعاتها حتى يكون الإفتاء أحد عوامل التنمية والتحضر للإنسانية».
وأضاف مفتي مصر أن «التجمع الإفتائي يهدف إلى ترسيخ منهج الوسطية في الفتوى، وتبادل الخبرات العلمية والعملية والتنظيمية بين دور وهيئات الإفتاء الأعضاء، وتقديم الاستشارات العلمية والعملية إلى دور وهيئات الإفتاء لتنمية وتطوير أدائها الإفتائي، وتقليل فجوة الاختلاف بين جهات الإفتاء من خلال التشاور العلمي بصوره المختلفة»، موضحا أن من ضمن آليات هذه الكيان عقد مؤتمر علمي سنوي لمناقشة القضايا المستجدة، وإنشاء أكاديمية للتدريب على صناعة الفتوى، وإرسال قوافل إفتائية للخارج، لتصحيح المفاهيم المغلوطة عن الإسلام، وإنشاء موقع إلكتروني بعشر لغات لنشر رسالة هذا الكيان إلى العالم أجمع.
في ذات السياق، قال الشيخ محمد النور محمد الحلو، مفتي تشاد، إن «التحالف الذي أطلقته السعودية خطوة على الطريق الصحيح للحد من الوقوع في براثن التطرف والإرهاب»، مضيفا أن إنشاء الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم خطوة على الطريق الصحيح لمواجهة فوضى الفتاوى، التي أودت بكثيرين إلى الوقوع في براثن التطرف والإرهاب، مشيدا بمجهودات دار الإفتاء المصرية في هذا الشأن على مدار العامين الماضيين وما حققته من إنجازات.
من جهته، أكد الدكتور محمد مطر الكعبي أن الأمانة العامة لهيئات الإفتاء في العالم هي تحالف إسلامي يوازي تحالف المملكة الذي سيخلصنا من الواقع المرير الذي يعاني منه بعض الشعوب، مضيفا أن انزلاقات الفتوى خطيرة اليوم، فقد ينزلق المفتي ويعطي فتوى تشكل آثارا جسيمة على المجتمع، فالتشدد والتعصب والتطرف وما ينتج عنها من التدمير قد يكون منشأه فتوى ضالة وظفت النصوص القرآنية والحديثية، وأصبح هؤلاء الناس يوهمون العقول الصغيرة والشابة بأنها من منطلق الدين الإسلامي.. وهذا غير صحيح». وتابع الكعبي بقوله: «هذا التجمهر والتحالف الكبير في دار الإفتاء المصرية سيكون له صدى جيد وانعكاسات على المجتمعات بشكل ملاحظ خلال الفترة المقبلة»، مشيرا إلى أنه لا بد من سحب البساط من مفتي الفضائيات الذين يخرجون بفتاوى غريبة وشاذة تثير البلبلة في المجتمع، فينبغي على العلماء توضيح سماحة الدين وتصحيح المفاهيم المغلوطة. كما شدد على أن الدور لا بد أن يقسم على مؤسسات الدولة، بداية من الأسرة والمجتمع وثقافة المجتمع، ولا بد أن يتحمل الدعاة والوعاظ دورا كبيرا، لأنهم مؤثرون في الناس.
من جانبه، أوضح الدكتور إبراهيم نجم، مستشار مفتي مصر، أن إنشاء الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم يعد مبادرة مصرية خالصة تسهم في عودة الريادة الإفتائية لمصر بعد ظهور كيانات سياسية زائفة استغلت بعض مدعي العلم لترويج أفكارها المتطرفة البعيدة عن وسطية الدين الإسلامي، مضيفا أن الأمانة العامة تهدف إلى تبادل الخبرات العلمية والعملية والتنظيمية بين دور وهيئات الإفتاء الأعضاء، ودراسة مشكلات الحياة المعاصرة، والاجتهاد فيها اجتهادا أصيلا فاعلا، بهدف تقديم الحلول النابعة من التراث الإسلامي والمنفتحة على تطور الفقه الإسلامي.



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».