تركيا تسحب بعض قواتها على الحدود العراقية

البيت الأبيض يحث أنقرة على التعاون مع بغداد

تركيا تسحب بعض قواتها على الحدود العراقية
TT

تركيا تسحب بعض قواتها على الحدود العراقية

تركيا تسحب بعض قواتها على الحدود العراقية

سحبت تركيا جزءا من قواتها، أمس، من معسكر «بعشيقة» قرب الموصل في شمال العراق، حيث نشرت جنودها دون موافقة بغداد، في خطوة تساعد في التخفيف من حدة الأزمة الدبلوماسية بين البلدين.
ولم يعرف حتى الآن بالتحديد عدد الدبابات ولا عدد الجنود الذين أرسلتهم أنقرة إلى المعسكر الأسبوع الماضي. وتؤكد تركيا أن الهدف من إرسال هذه القوة حماية مدربين أتراك يعملون على تدريب قوات عراقية تستعد لقتال تنظيم داعش.
وقال رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو في مقابلة مع تلفزيون «إيه هابر» التركي، إن «إعادة تموضع للقوات حصلت»، مضيفا: «قمنا بما ينبغي القيام به على الصعيد العسكري»، وتابع: «نحن مستعدون لكل أشكال التعاون مع الحكومة العراقية»، لافتا إلى أن «جنودنا سيظلون موجودين هناك».
وفي اتصال هاتفي مع وكالة الصحافة الفرنسية، أكد سالم الشبكي عضو مجلس النواب العراقي انسحاب القوات التركية من المعسكر الواقع في منطقة بعشيقة القريبة من مدينة الموصل المعقل الرئيسي لتنظيم داعش في العراق.
وقال في هذا الإطار: «تم فجر اليوم انسحاب الجيش التركي من معسكر زلكان باتجاه الحدود التركية»، مضيفا: «بحسب معلوماتنا لم يبق سوى المدربين لتدريب قوات الحشد الوطني».
وأكد شهود عيان انسحاب القوات التركية من شمال العراق فجر أمس نحو معبر حدودي. وقال أحد هؤلاء الشهود، طالبا عدم كشف اسمه، وهو من بلدة زاخو الحدودية، لوكالة الصحافة الفرنسية: «رأيت باحا آليات تحمل دبابات ومدرعات وعليها أعلام تركية تتجه نحو معبر إبراهيم الخليل الحدودي خلال فجر أمس».
وهو ما أكده شاهد آخر أيضا موضحا: «رأيت هذه السيارات ومتأكد أنها كانت تركية، ولكن لا نعلم إن كان انسحابا جزئيا أو كليا».
كما أعلن البيت الأبيض أن نائب الرئيس الأميركي، جو بايدن، رحب بنبأ سحب قوات تركية من معسكر بعشيقة، وحث أنقرة على الاستمرار في محاولة التعاون مع بغداد.
وقال البيت الأبيض في بيان إن «بايدن قال خلال اتصال هاتفي مع رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو، إن نقل القوات التركية من معسكر بعشيقة، خطوة مهمة لتهدئة التوتر خلال الفترة الأخيرة».
وأكد بايدن ضرورة موافقة الحكومة العراقية على أي وجود عسكري أجنبي هناك. وأضاف البيان: «نائب الرئيس شجع الحكومة التركية على مواصلة الحوار مع بغداد بشأن مزيد من الإجراءات لتحسين العلاقات بين تركيا والعراق».
وفي وقت سابق، ذكرت وكالة أنباء «الأناضول» الحكومية التركية، نقلا عن مصادر عسكرية أن «قافلة من عشر إلى 12 آلية، بينها دبابات، خرجت من بعشيقة باتجاه الشمال»، من غير أن توضح ما إذا كانت هذه القوات ستبقى في العراق أو تعود إلى تركيا.
ولم تؤكد الحكومة العراقية أو تنفي أي معلومات حول التحركات الأخيرة، لكن المتحدث باسم الخارجية، أحمد جمال، قال لوكالة الصحافة الفرنسية: «إذا كانت هناك تحركات، فإن هذا يعتبر خطوة بالاتجاه الذي نريده». وأضاف: «لكن العراق لا يرضى إلا بسحب شامل وغير مشروط للقوات التركية خارج أراضيه».
وتابع: «حتى الآن نحن نراقب للتعرف على حقيقة وطبيعة تحركات القطاعات التركية الموجودة. وما زلنا ننتظر الموقف من قيادة العمليات المشتركة ومكتب القائد العام وحرس الحدود لمعرفة طبيعة هذه التحركات».
وكان مسؤول تركي رفيع أعلن الأسبوع الماضي أن ما بين 150 إلى 300 جندي وعشرين دبابة نشرت لحماية المدربين الأتراك في قاعدة بعشيقة العسكرية قرب مدينة الموصل التي يسيطر عليها متطرفو تنظيم داعش منذ يونيو (حزيران) 2014.
وتقوم كتيبة تركية منذ بضعة أشهر هناك بتدريب قوات الحكومة الإقليمية لكردستان العراق، البيشمركة، ومتطوعين عراقيين يرغبون في قتال تنظيم داعش. وتؤكد أنقرة أنها أرسلت هذه التعزيزات لتأمين حماية مدربيها.
وأثار هذا الانتشار التركي توترا حادا مع الحكومة العراقية التي طالبت بانسحاب القوات التركية ورفعت الجمعة رسالة احتجاج إلى مجلس الأمن الدولي.
وأكد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، الجمعة الماضي، أن سحب القوات المنتشرة في بعشيقة «غير وارد»، لكنه طرح احتمال إعادة نشر القوات العسكرية التركية في المنطقة. وقال متحدثا للصحافة إن «عدد الجنود سيرفع أو يخفض تبعا لعدد البيشمركة الذين يتم تدريبهم»، مؤكدا أن «أي انسحاب غير وارد».



السعودية ومصر لوضع هيكل «مجلس التنسيق الأعلى» بين البلدين

ولي العهد السعودي والرئيس المصري خلال لقاء سابق بينهما (واس)
ولي العهد السعودي والرئيس المصري خلال لقاء سابق بينهما (واس)
TT

السعودية ومصر لوضع هيكل «مجلس التنسيق الأعلى» بين البلدين

ولي العهد السعودي والرئيس المصري خلال لقاء سابق بينهما (واس)
ولي العهد السعودي والرئيس المصري خلال لقاء سابق بينهما (واس)

تعكف الرياض والقاهرة على وضع هيكل «مجلس التنسيق الأعلى السعودي - المصري»، وفق ما أعلنه وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي. وهو ما عدَّه خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» بمثابة «خطوة على طريق تعميق التعاون بين البلدين في المجالات السياسية والاقتصادية والتنموية».

وقال عبد العاطي، في تصريحات متلفزة، مساء الخميس: «نعمل حالياً على وضع الهيكل التنسيقي للمجلس المصري - السعودي»، مؤكداً على «العلاقة الاستراتيجية الوطيدة، والتنسيق المستمر بين البلدين».

وكان الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، قد شهدا في ختام مباحثاتهما بالقاهرة، منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، التوقيع على تشكيل «مجلس التنسيق الأعلى المصري - السعودي» برئاسة الرئيس السيسي، وولى العهد السعودي.

ومنتصف الشهر الماضي، وافقت الحكومة المصرية على قرار تشكيل «مجلس التنسيق الأعلى المصري - السعودي». وأوضحت الحكومة في إفادة لها، أن «المجلس يهدف إلى تكثيف التواصل وتعزيز التعاون بين مصر والمملكة العربية السعودية في مختلف المجالات التي تهم الجانبين».

وعدَّ الإعلامي السعودي، خالد المجرشي، «مجلس التنسيق الأعلى السعودي - المصري» بمثابة «خطوة تؤكد إمكانية توسيع تكامل العلاقات بين الرياض والقاهرة، في إطار سلسلة من الخطوات التي بدأت قبل نحو عقد من الزمان».

وقال إن «المجلس يأتي في إطار بناء الآلية المستقبلية لتعزيز التعاون بين البلدين في مختلف المجالات، لا سيما مع توجيهات رسمية من قادة البلدين لتشجيع الاستثمار والتبادل التجاري». واستشهد المجرشي بما سبق أن قاله وزير التجارة السعودي، ماجد القصبي، عن تكليفه بتشجيع الاستثمار في مصر.

ونهاية عام 2018، قال القصبي، خلال الجلسة الافتتاحية لاجتماعات «مجلس الأعمال المصري - السعودي»، إنه «تلقى تكليفاً واضحاً من ولي العهد السعودي بأن يعد نفسه وزيراً بالحكومة المصرية سعياً لتعزيز التعاون الاستراتيجي بين البلدين».

وقال مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير رخا أحمد حسن، إن «وجود مجلس أعلى للتنسيق بين القاهرة والرياض من شأنه تذليل أي عقبات أمام التعاون الثنائي لا سيما أنه برئاسة الرئيس السيسي وولي العهد»، موضحاً أن «المجلس خطوة لتعميق العلاقات بين السعودية ومصر في مختلف المجالات».

بدر عبد العاطي خلال استقبال الأمير فيصل بن فرحان بالقاهرة في سبتمبر الماضي (الخارجية المصرية)

وأوضح عضو مجلس الشيوخ المصري (الغرفة الثانية بالبرلمان)، الدكتور عبد المنعم سعيد، أن «السعودية ومصر هما قبة الميزان في المنطقة، وتعزيز التعاون بينهما ضروري لمواجهة التحديات الإقليمية»، وَعَدَّ سعيد «مجلس التنسيق الأعلى المصري - السعودي»، «نقطة بداية لمواجهة التحديات، وتحقيق الاستقرار الإقليمي».

وأضاف: «لا تستطيع دولة عربية واحدة مواجهة عدم الاستقرار الإقليمي»، مشيراً إلى أن «تعميق العلاقات السعودية - المصرية من خلال (مجلس التنسيق الأعلى) من شأنه حماية القاهرة والرياض من الأخطار، وأيضاً التنسيق لمواجهة ما يحيط بالمنطقة من تحديات».

وكان وزير الخارجية المصري أكد خلال مؤتمر صحافي مع نظيره السعودي، الأمير فيصل بن فرحان، في القاهرة، سبتمبر (أيلول) الماضي، أن «مجلس التنسيق الأعلى المصري - السعودي»، «سيكون مظلة شاملة لمزيد من تعميق العلاقات الثنائية بين البلدين، والدفع لآفاق التعاون بينهما في المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية والتنموية والاستثمارية، بما يحقق مصالح الشعبين».

ووفق بيان الحكومة المصرية، الشهر الماضي، «يتألف المجلس من عدد من الوزراء والمسؤولين من البلدين في المجالات ذات الصلة»، كما «يعقد اجتماعات دورية بالتناوب في البلدين، ويحق له عقد اجتماعات استثنائية كلما دعت الحاجة إلى ذلك». والمجلس «سيحل محل الاتفاق الخاص بإنشاء اللجنة العليا المصرية - السعودية المشتركة».