ماجد أبو غوش يدخل دنيا الرواية بـ«عسل الملكات»

بعد عالم الشعر

ماجد أبو غوش (يمين الصورة) ومقدم الندوة
ماجد أبو غوش (يمين الصورة) ومقدم الندوة
TT

ماجد أبو غوش يدخل دنيا الرواية بـ«عسل الملكات»

ماجد أبو غوش (يمين الصورة) ومقدم الندوة
ماجد أبو غوش (يمين الصورة) ومقدم الندوة

بعد سلسلة من المجموعات الشعرية على مدار السنوات الماضية، ومجموعة قصصية للأطفال، دخل ماجد أبو غوش دنيا الرواية بإطلاقه روايته الأولى «عسل الملكات»، الصادرة عن الدار الأهلية للنشر والتوزيع في العاصمة الأردنية عمّان.
تبدأ الرواية بنبأ تلقاه الراوي (الرفيق علي) حول وفاة أحمد الديب، ثم تتوالى الأحداث في إطار استعادة الماضي، بتقنية «الفلاش باك»، لمعرفة من هو أحمد الديب الذي عهد برسائله لعلي كي ينشرها، وما هي طبيعة هذه الرسائل، التي نشرت عبر صفحات الرواية، وما يوازيها من أحداث، وهذا ما يحاول أن يجيب عليه أبو غوش، من خلال استعراض تلك التحولات المجتمعية والثقافية في فلسطين ما بين الأعوام 2000 و2005، أي سني الانتفاضة الثانية (انتفاضة الأقصى).
وقال المؤلف في حفل توقيع روايته في متحف محمود درويش في رام الله: «بالنسبة لي أولاً، الكتابة طريقة حياة، والثقافة جزء من المقاومة الوطنية.. لدى العدو روايته المتسعة، ونحن لإنزال نعمل على سرد روايتنا.. هذه الرواية الفلسطينية مبنية من أحجار فيسفساء، ولا بد لنا كشعب فلسطيني أن يكون لدينا روايتنا التاريخية، وفي هذا الإطار تأتي (عسل الملكات)».
ولفت أبو غوش إلى أن هذا النص «يلح علي منذ سنوات»، سواء من باب التجارب التي عايشتها بنفسي، أو تلك التي عايشها رفاق لي، وفي شيء من الواقع، وشيء من الخيال، مشددًا على أهمية أن «يقول كل فلسطيني روايته، وخصوصًا الكتاب والأدباء منهم، رافضًا ما وصفه بالكتابة العبثية التي لا تصب في إطار مشروع الكتابة عن الواقع الفلسطيني، أو التاريخ الفلسطيني، أو الرموز.. أنا مع الكتابة الوطنية، بغض النظر عن شكل الكتابة أو الرواية على وجه الخصوص».
وأكد صاحب «عسل الملكات» حول الجرأة في النقد: «باعتقادي، وأؤمن بأن المثقف يجب أن يكون معارضًا، حتى في داخل الحزب أو التنظيم السياسي الذي ينتمي إليه.. إذا وصل المثقف إلى مرحلة أن يكون مسالمًا ينتهي دوره الفاعل والمطلوب، ويفقد قيمته الحقيقية، ويتحول إلى ما يشبه (شاعر البلاط).. هذه الرواية تختلف مع الجميع: الاحتلال، والحزب، والسلطة، والدول، في محاولة للوصول إلى الأمور كما هي.. لا أقول إلى المثالية، ولكن إلى تسمية الأشياء بتسمياتها، فالاحتلال هو احتلال، والمقاومة مقاومة، والوطن وطن، والدم دم، دون تأويلات متعددة أو مواربات في الطرح، كما هي المشاعر الإنسانية، والحب، الذي أراه مقاومة أيضًا».
وأشار د. إيهاب بسيسو في تقديمه للرواية، إلى أن أبو غوش اعتمد تقنية البوح الذاتي في «عسل الملكات»، واصفًا هذا البوح بـ«الدافئ»، لافتًا إلى أنه يعيد في الرواية الأولى له، إنتاج مرحلة في تاريخ فلسطين المجتمعي والسياسي رافقتها الكثير من الأسئلة، وهي مرحلة الانتفاضة الثانية بكل إفرازاتها المجتمعية والثقافية والسياسية.
وقال بسيسو: «من خلال هذا العمل، وعبر الحوارات المتداخلة ما بين شخوص الرواية، يطرح ماجد أبو غوش سؤالاً كبيرًا حول الانكسار الذاتي أمام صورة المجتمع المتغيرة، بصيغة: كيف يمكن لهذا الفرد الحزبي، والذي اتخذ أكثر من نمط عبر الشخصيات المتنوعة في الرواية، مواجهة هذه التغيرات التي تفرضها المرحلة، معتمدًا على خمسة شخوص روائية محورية، هم: أحمد الديب، والرفيق علي، وخالد، وغزالة، وتمارة، حيث تتوزع الأحداث ما بين القدس وطولكرم ورام الله جغرافيًا، حيث لم تخل الرواية من النوستالجيا (الحنين)».
ولم يرد أبو غوش تقديم أي استعراض لغوي في روايته، إذ عمد إلى نقل الواقع بسلاسة تكاد تقترب من المباشرة اللغوية في الحوار وفي الوصف، وهذا ما مثل تحديًا بالنسبة لشاعر، وهذه التحديات عادة ما تواجه الشعراء حين يتجهون لكتابة الرواية، فلم أرَ في «عسل الملكات» أي انحياز للشاعر في أبو غوش، رغم ما احتوته الرواية على تدفق في الكلمات والحالات، وهو تدفق لا ينقطع ويتواصل حتى الصفحة الأخيرة.
وفي إطار حديثه عن التحولات الكثيرة في الفترة ما بين عامي 2000 و2005 (الانتفاضة الثانية)، طرح بسيسو الكثير من الأسئلة حول الحزب، والسياسة، والنقد الذاتي، وكان هناك جرأة واضحة في انتقاد الجميع، ودون مواربة، أو مجاملة.. الرواية أرادت أن تقول الكثير، وقالت الكثير، ولكن يبقى السؤال: هل نجح ماجد أبو غوش في أن يقول كل ما يريد، لافتًا إلى أنه لم يفصل كثيرًا بين الرواية وسيرة كاتبها، وهذا شأن الكثير من الأعمال الأولى في الرواية، التي تنحى إلى السيرة أو جزء من السيرة.
وحول انعكاسات سيرته الذاتية على شخوص الرواية، علق أبو ريش بقوله: «أرى أن التجربة الشخصية عنصر مكمّل للتجربة الأدبية بصنوفها، وبرأيي هي باب مهم من بين الأبواب التي يجب أن تكون مفتوحة على مصراعيها كعناصر لتشكيل أي عمل أدبي».



دراسة عن «قصيدة النثر» العابرة

دراسة عن «قصيدة النثر» العابرة
TT

دراسة عن «قصيدة النثر» العابرة

دراسة عن «قصيدة النثر» العابرة

صدر حديثاً عن «دار غيداء للنشر والتوزيع» في عمان بالأردن كتاب «قصيدة النثر العابرة دراسة في مطولات منصف الوهايبي وقصائد أخر» للدكتورة نادية هناوي. وهو الثاني والثلاثون في عديد الكتب المنشورة لها. واشتمل الكتاب الجديد على ثلاثة فصول تدور حول المطولات الشعرية عند الشاعر التونسي منصف الوهايبي. يحمل الفصل الأول عنوان «العبور: من التجسير إلى الاجتياز»، وفيه ثلاثة مباحث، تناولت فيها المؤلفة ممكنات قصيدة النثر من ناحية القابلية على العبور، ووصفية فاعلية العبور وصنفية قصيدة النثر ودوامية تعابرها.

واهتم الفصل الثاني بـ«موجبات العبور في مطولات منصف الوهايبي»، وفيه خمسة مباحث تدور حول موجبات العبور الأجناسي. أما الفصل الثالث فيحمل عنوان «ميزات قصيدة النثر العابرة: مقاربة بين مطولتين»، وفيه عرضت المؤلفة نقاط التلاقي والاختلاف في عبور قصيدة النثر، ومثلت على ذلك بمطولتين شعريتين: الأولى هي «الفصل الخامس» للشاعر عبد الرحمن طهمازي، والأخرى هي «نيابوليس (نابل) - لنذبوشة (لمبدوزا)» للشاعر منصف الوهايبي.

وينتهي الكتاب بخاتمة هي حصيلة استنتاجية تؤشر على ما لعبور قصيدة النثر من آفاق فنية ودلائل يضمنها فضاؤها الأجناسي العابر على سائر أجناس الشعر وأنواعه. ويأتي بعد الخاتمة ملحق قدمت فيه المؤلفة منظورها النقدي في ثلاث قصائد لشعراء عراقيين هم عبد الرحمن طهمازي وياسين طه حافظ وموفق محمد.

ومن مطولات الشاعر منصف الوهايبي المدروسة في هذا الكتاب «بدر شاكر السياب: ما زال يهطل في قصيدته المطر» و«شارع بول فاليري. سيت. صيف. 2011» و«قيروان: لوحة الأحد الكبيرة» و«الفينيقيون: رسوم لم يحلم بها بانويل» وغيرها.

عن مفهوم العبور الأجناسي في قالب قصيدة النثر، تذهب المؤلفة إلى أنه «ليس من عادة التراكيب أن تستجد أو تتوالد إلا بترابط يساعد على ابتكارها؛ إما بإعادة صنعها، وأما بتنمية تشكلها باستمرار وبتجديد يتماهى فيه القديم بالضعيف والمتهاوي بالسطحي فتغدو التراكيب المبتكرة أقوى شكلاً وأصلب بنية وأعمق دلالة. وبهذا يكون العبور ناجزاً بالانبثاق من الترابطات التي ساهمت في إعادة تقنين الفضاء الكتابي بين المعبور عليه والعابر». وتضيف أن الترابط تأسيس تقاني وصورته تحويلية، وفيها تنعكس تأثيراته النوعية، مشتملة على مستويات وعلاقات ذات مفاصل ومجسات تدخل بمجموعها في عمليات صناعة القالب العابر.

وعن الشروط التي يستدعيها العبور، تقول إن «الاستجابة لمستلزمات التطور الأدبي في بعديه الشكلي والموضوعي واتساع واطراد هذه الاستجابة، له دور مهم في توثيق صلات الأجناس الأدبية بسلسلة متشابكة من المشتركات التي تجعلها في مجموعات وكل مجموعة تؤلف نوعاً من الأنواع الأدبية، وتتألف كل مجموعة من فصائل ورُتب شبيهة بما في أجناس الكائنات الحية من روابط فتتشعب عبرها فصائلها بشكل عضوي وبحسب ما لها من صلات طوبوغرافية ووظائفية، تمنحها قدرات أكبر على الاستمرار والنماء».