قمة المناخ.. ترحيب الزعماء أمام تحدي التنفيذ

العلماء يرون أن الإشادة الحقيقية «عند تخفيض حرارة الأرض»

متظاهرون يطالبون بالحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري خلال انعقاد قمة المناخ في باريس أول من أمس (أ.ف.ب)
متظاهرون يطالبون بالحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري خلال انعقاد قمة المناخ في باريس أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

قمة المناخ.. ترحيب الزعماء أمام تحدي التنفيذ

متظاهرون يطالبون بالحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري خلال انعقاد قمة المناخ في باريس أول من أمس (أ.ف.ب)
متظاهرون يطالبون بالحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري خلال انعقاد قمة المناخ في باريس أول من أمس (أ.ف.ب)

لن يكون اتفاق باريس بشأن قمة المناخ تاريخيًا فعليًا إلا بعد تنفيذ خطوات جادة من الرؤساء الذين تهافتوا للإشادة به فور التوقيع مساء يوم السبت. ويذهب البعض إلى القول بأن الإشادة الحقيقية تجب حين تقل درجة حرارة الأرض درجتين، حينها سيظهر مدى حرص الرؤساء والمسؤولين في نحو 195 دولة، والذين حضروا قمة المناخ في فرنسا على مدار أكثر من أسبوعين، في الحفاظ على أرواح ملايين من البشر حول العالم، بل على الحياة على كوكب الأرض.
وأوضح الرئيس الأميركي باراك أوباما، مساء السبت، رغم إشادته بالاتفاق، أن «المشكلة لم تحل بمجرد التوصل إلى اتفاق باريس». فيما أظهرت الخلافات بين الدول الغنية والفقيرة اتساع العراقيل التي لا يزال يتعين تجاوزها لتنفيذ الاتفاق، ولم يضمن أحد فعليًا حتى الآن تنفيذها. وحدد الاتفاق هدف الخفض إلى «أدنى بكثير» من درجتين مئويتين ارتفاع حرارة الأرض قياسًا بما كانت عليه قبل العهد الصناعي وحتى إذا أمكن إلى 1.5 درجة مئوية.
وهي مهمة تبدو صعبة، إذ إن ارتفاع حرارة الأرض بلغ أصلا نحو درجة مئوية، وفق ما أفادت الشهر الماضي المنظمة العالمية للرصد الجوي. وحتى في حال احترام الالتزامات بخفض انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري التي أعلنتها غالبية الدول، فإن ذلك يعني ارتفاع حرارة الأرض ثلاث درجات مئوية.
والأمل الوحيد يكمن في الإجراءات التي تضمنها الاتفاق بتشجيع الدول على مراجعة وعودها بخفض انبعاثات الغازات المسببة للارتفاع الحراري باتجاه رفعها في السنوات المقبلة.
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية، عن تسنيم ايسوب، من الصندوق العالمي للطبيعة قوله: «هذا هو العنصر المحوري لضمان أن تكون المبادرات أكبر، بما يتيح بلوغ درجتين مئويتين وما دونها». وبحسب العلماء، فإن ارتفاع الحرارة أكثر من درجتين مئويتين، سيؤدي إلى عواقب وخيمة في شكل أعاصير وجفاف وارتفاع مستوى المحيطات وخلافات حول المياه وهجرات كثيفة.
ونص الاتفاق على آلية مراجعة التعهدات الطوعية للدول حتى يبقى من الممكن احتواء ارتفاع حرارة الأرض دون درجتين مئويتين. لكن بحسب منظمة «كليمايت أكشن تراكر» التي تضم أربعة معاهد بحوث فإن الوعود المقطوعة من معظم الدول «غير كافية» وعليها «جميعا تقريبًا» أن ترفع التزاماتها التي اتخذتها في أفق 2025 و2030.
وفي 2018، وقبل عامين من دخول الاتفاق حيز النفاذ، تعنى المرحلة الأولى بوضع حصيلة للتقدم المحرز في الانتقال من الطاقات الأحفورية (الفحم الحجري والغاز والنفط) إلى الطاقات المتجددة (الرياح والشمس).
وستمثل هذه الحصيلة قاعدة لتعهدات جديدة بخفض انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري تحل محل التعهدات التي تدخل حيز النفاذ مع اتفاق 2020.
وقال محمد إدو من منظمة «كريستيان أيد» غير الحكومية لوكالة الصحافة الفرنسية: «سنكون إزاء لحظة سياسية مهمة حيث سيتم حض الدول على زيادة جهودها».
وإذا لم تتم مراجعة التعهدات باتجاه رفعها قريبا، فإن العالم نفسه عالق عند مسار ارتفاع حرارة الأرض ثلاث درجات مئوية في السنوات العشر المقبلة.
وبحسب تسنيم ايسوب فإن بعض الدول حددت لنفسها أهدافًا في أفق 2025، وأخرى في أفق 2030، وهو اختلاف يعقد أكثر المهمة. وعند دخول الاتفاق حيز النفاذ، فإن أثر الجهود المبذولة ستتم دراسته كل خمس سنوات بداية من 2023، وبحسب هذه الحصيلة تتم مراجعة الأهداف باتجاه رفعها كل خمس سنوات بداية من 2025.
وكان الكثيرون يأملون في أن يكون الاتفاق أكثر صرامة في هذه النقطة الخلافية. وتريد الولايات المتحدة مثلا أن تكون الالتزامات طوعية وليست إلزامية لتفادي أن تجبر على عرض الاتفاق على الكونغرس المناهض للتصديق عليه.
من جانب آخر، تريد الصين والهند ودول نامية أخرى أن تربط تعهداتها بضمان حصولها على مليارات الدولارات من الدعم المالي لإنجاز عملية انتقال اقتصاداتها من الطاقات الأحفورية إلى الطاقة المتجددة. ويرى العلماء أن احترام عتبة ارتفاع حرارة الأرض درجتين مئويتين يتطلب أن تنخفض انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري بما بين 40 و70 في المائة بين 2010 و2050، وبلوغ مستوى ارتفاع صفر في 2100. ويأمل كثيرون في جسر الخلافات بين الدول مع تطوير تكنولوجيات جديدة قليلة الكربون بكلفة أقل.
وقال المفاوض الهندي أجاي ماتور إن الطاقة «الخضراء يجب أن تكون جذابة، وهذا هو التحدي الرئيسي». ويرى فيليب كالديرون، رئيس فريق «غلوبال كوميشن أون ذي إيكونومي آند كليمايت»، إن الانتقال إلى اقتصاد متدني الكربون بدأ وسيتم تشجيعه عبر الاتفاق الذي نص على الانبعاثات التي سببتها الطاقات الأحفورية.
ولخص رئيس الوزراء الهندي ناريندا مودي، أمس الأحد، الأمر بقوله: «ليس هناك رابح ولا خاسر في إبرام اتفاق باريس. إن العدالة المناخية هي الرابحة ونحن جميعًا نعمل من أجل مستقبل أكثر خضرة».



«كوب 16» يختتم أعماله بالموافقة على 35 قراراً لتعزيز جهود مكافحة التصحر

صورة جماعية للمشاركين في مؤتمر «كوب 16» في اختتام أعماله (واس)
صورة جماعية للمشاركين في مؤتمر «كوب 16» في اختتام أعماله (واس)
TT

«كوب 16» يختتم أعماله بالموافقة على 35 قراراً لتعزيز جهود مكافحة التصحر

صورة جماعية للمشاركين في مؤتمر «كوب 16» في اختتام أعماله (واس)
صورة جماعية للمشاركين في مؤتمر «كوب 16» في اختتام أعماله (واس)

أنتج مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر (كوب 16) الذي عقد في الرياض، 35 قراراً حول مواضيع محورية شملت الحد من تدهور الأراضي والجفاف، والهجرة، والعواصف الترابية والرملية، وتعزيز دور العلوم والبحث والابتكار، وتفعيل دور المرأة والشباب والمجتمع المدني، والسكان الأصليين لمواجهة التحديات البيئية، بالإضافة إلى الموافقة على مواضيع جديدة ستدرج ضمن نشاطات الاتفاقية مثل المراعي، ونظم الأغذية الزراعية المستدامة.

هذا ما أعلنه وزير البيئة والمياه والزراعة رئيس الدورة الـ16 لمؤتمر الأطراف، المهندس عبد الرحمن الفضلي، في كلمة بختام أعمال المؤتمر، مؤكداً التزام المملكة بمواصلة جهودها للمحافظة على النظم البيئية، وتعزيز التعاون الدولي لمكافحة التصحر وتدهور الأراضي، والتصدي للجفاف، خلال فترة رئاستها للدورة الحالية للمؤتمر.

وكان مؤتمر «كوب 16» الذي استضافته المملكة بين 2 و13 ديسمبر (كانون الأول)، هو الأول في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ما يؤكد دور المملكة الريادي في حماية البيئة على المستويين الإقليمي والدولي.

أعلام الدول المشارِكة في «كوب 16» (واس)

وشهد المؤتمر الإعلان عن مجموعة من الشراكات الدولية الكبرى لتعزيز جهود استعادة الأراضي والقدرة على الصمود في مواجهة الجفاف، مع تضخيم الوعي الدولي بالأزمات العالمية الناجمة عن استمرار تدهور الأراضي. ونجح في تأمين أكثر من 12 مليار دولار من تعهدات التمويل من المنظمات الدولية الكبرى، مما أدى إلى تعزيز دور المؤسسات المالية ودور القطاع الخاص في مكافحة تدهور الأراضي والتصحر والجفاف.

ورفع الفضلي الشكر لخادم الحرمين الشريفين وولي عهده على دعمهما غير المحدود لاستضافة المملكة لهذا المؤتمر الدولي المهم، الذي يأتي امتداداً لاهتمامهما بقضايا البيئة والتنمية المستدامة، والعمل على مواجهة التحديات البيئية، خصوصاً التصحر، وتدهور الأراضي، والجفاف، مشيراً إلى النجاح الكبير الذي حققته المملكة في استضافة هذه الدورة، حيث شهدت مشاركة فاعلة لأكثر من 85 ألف مشارك، من ممثلي المنظمات الدولية، والقطاع الخاص، ومؤسسات المجتمع المدني، ومراكز الأبحاث، والشعوب الأصلية، وقد نظم خلال المؤتمر أكثر من 900 فعالية في المنطقتين الزرقاء، والخضراء؛ مما يجعل من هذه الدورة للمؤتمر، نقطة تحول تاريخية في حشد الزخم الدولي لتعزيز تحقيق مستهدفات الاتفاقية على أرض الواقع، للحد من تدهور الأراضي وآثار الجفاف.

خارج مقر انعقاد المؤتمر في الرياض (واس)

وأوضح الفضلي أن المملكة أطلقت خلال أعمال المؤتمر، 3 مبادرات بيئية مهمة، شملت: مبادرة الإنذار المبكر من العواصف الغبارية والرملية، ومبادرة شراكة الرياض العالمية لتعزيز الصمود في مواجهة الجفاف، والموجهة لدعم 80 دولة من الدول الأكثر عُرضة لأخطار الجفاف، بالإضافة إلى مبادرة قطاع الأعمال من أجل الأرض، التي تهدف إلى تعزيز دور القطاع الخاص في جميع أنحاء العالم للمشاركة في جهود المحافظة على الأراضي والحد من تدهورها، وتبني مفاهيم الإدارة المستدامة. كما أطلق عدد من الحكومات، وجهات القطاع الخاص، ومنظمات المجتمع المدني، وغيرها من الجهات المشاركة في المؤتمر، كثيراً من المبادرات الأخرى.

وثمّن الفضلي إعلان المانحين الإقليميين تخصيص 12 مليار دولار لدعم مشروعات الحد من تدهور الأراضي وآثار الجفاف؛ داعياً القطاع الخاص، ومؤسسات التمويل الدولية، لاتخاذ خطوات مماثلة؛ «حتى نتمكن جميعاً من مواجهة التحديات العالمية، التي تؤثر في البيئة، والأمن المائي والغذائي، للمجتمعات في مختلف القارات».

وأعرب عن تطلُّع المملكة في أن تُسهم مخرجات هذه الدورة لمؤتمر الأطراف السادس عشر، في إحداث نقلة نوعية تعزّز الجهود المبذولة للمحافظة على الأراضي، والحد من تدهورها، إضافةً إلى بناء القدرات لمواجهة الجفاف، والإسهام في رفاهية المجتمعات بمختلف أنحاء العالم، مؤكداً التزام المملكة بالعمل الدولي المشترك مع جميع الأطراف المعنية؛ لمواجهة التحديات البيئية، وإيجاد حلول مبتكرة ومستدامة لتدهور الأراضي والتصحر والجفاف، والاستثمار في زيادة الرقعة الخضراء، إلى جانب التعاون على نقل التجارب والتقنيات الحديثة، وتبني مبادرات وبرامج لتعزيز الشراكات بين الحكومات، والقطاع الخاص، والمجتمعات المحلية، ومؤسسات التمويل، والمنظمات غير الحكومية، والتوافق حول آليات تعزز العمل الدولي المشترك.