استقالة الأمين العامة للحزب الحاكم في تونس

بسبب خلافات حادة في وجهات النظر مع نجل الرئيس

استقالة الأمين العامة للحزب الحاكم في تونس
TT

استقالة الأمين العامة للحزب الحاكم في تونس

استقالة الأمين العامة للحزب الحاكم في تونس

بعد نحو ثلاثة أشهر من الأخذ والرد، والتجاذب السياسي الحاد بين محسن مرزوق الأمين العام لحركة نداء تونس، وحافظ قائد السبسي نجل الرئيس التونسي ونائب رئيس الحزب، أعلن مرزوق أمس في اجتماع عقد في مدينة الحمامات عن استقالته من مهامه في حزب النداء، حاسما بذلك الصراع الذي تدخل فيه الرئيس التونسي، وراقبته معظم الأحزاب السياسية، وعلى رأسها حركة النهضة.
وكان الرئيس الباجي قائد السبسي قد اقترح لجنة مكونة من 13 قياديا في نداء تونس، أوكلت لهم مهمة وضع خارطة طريق، ورسم ملامح المستقبل وفض النزاع بين محسن مرزوق ونجله حافظ قائد السبسي، والمرتبط بعقد المؤتمر وشرعية المكتب السياسي والتنفيذي، غير أن 31 نائبا استقالوا من الكتلة النيابية لنداء تونس، وعبروا عن رفضهم لمقترحات اللجنة بعقد مؤتمر تأسيسي خلال شهر يناير (كانون الثاني) المقبل، ومؤتمر انتخابي بعد نحو ستة أشهر.
وقال مرزوق، الذي يقود الشق اليساري في نداء تونس أمام مؤيدي الحزب: «سأقابل محمد الناصر رئيس الحزب لأخبره أني أتخلى عن هذه المسؤولية»، معتبرا أن الجناح اليساري الذي يمثله في الحركة، سياسي يدعم المرأة، ومشروع بورقيبي بالأساس (نسبة إلى الرئيس الأسبق الحبيب بورقيبة)، وأضاف أنه أصبح عاجزا عن تسيير مهام الأمانة العامة، التي اعتبر أنها تحولت إلى منصب شكلي ليس له أي أهمية.
وبشأن ما تردد حول اعتزامه تشكيل حزب سياسي جديد، نفى مرزوق ذلك بقوله «سأسترجع مكاني بين بقية مناضلي الحركة.. ولن أسعى إلى تأسيس حزب جديد، بل (نداء تونس) جديد»، وهو ما قد يطرح فرضية ظهور نزاع جديد حول شرعية امتلاك علامة حزب النداء خلال الفترة المقبلة.
وأشار عدد من المتابعين للمشهد السياسي إلى أن مغادرة محسن مرزوق لحزب النداء، وتشكيل حزب سياسي جديد تعد «مغامرة صعبة»، بالنظر إلى أن مرزوق نفسه صنع مجده السياسي بالانخراط في مشروع نداء تونس، الذي أسسه الباجي قائد السبسي، وأن إمكانية الاعتماد على القاعدة الانتخابية لنداء تونس، وانتظار التحاقها بحزبه الجديد «أمر يصعب توقعه»، واعتبروا أن مراهنة مرزوق على النساء بالمقام الأول كما فعل الباجي قائد السبسي، الذي حصل على أصوات نحو مليون امرأة في انتخابات 2014، تعد مغامرة ثانية من قبله على الرغم من أهمية تلك المراهنة.
وفيما يتعلق بحرب تونس على الإرهاب، دعا مرزوق إلى الضرب بيد من حديد على المتشددين، وقال إنه يدعم الرئيس السبسي في محاربة الإرهاب، وإن البلاد لن تربح معركتها ضد التنظيمات المتشددة إلا بانخراط المرأة التونسية في هذه المعركة.
على صعيد آخر، تعكف نقابة القضاة التونسيين على مشروع نص قانوني يجرم كل أشكال التشكيك في وطنية ونزاهة القضاة، واتهامهم بالتلكؤ في البت في قضايا الإرهاب، ويطرح مشروع هذا القانون في ظل مخاوف عبرت عنها منظمات المجتمع المدني من التأسيس «لقضاة فوق القانون».
وكان المكتب التنفيذي للجمعية التونسية للقضاة الشبان (هيكل قضائي مستقل)، قد طالب في بداية الشهر الحالي بتمكين القضاة من أسلحة فردية لحمايتهم من التهديدات والخطر الإرهابي الذي يتربص بهم، إذ قال مراد المسعودي رئيس الجمعية، إن إقرار هذا الإجراء أصبح أمرا ضروريا بالنسبة للقضاة المكلفين بملفات الإرهاب، وأكد تعرض عدد منهم لتهديدات إرهابية مباشرة، نظرا لتعاملهم مع عدة قضايا متصلة بالإرهاب.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.