روسيا تستدعي الملحق العسكري التركي بعد «حادث» في بحر إيجه

متخصصون يناقشون الخطة «ب» إذا أغلقت تركيا مضيقي البوسفور والدردنيل

قارب تابع لخفر السواحل التركي يصطحب الغواصة الروسية (روستوف أون دون) أثناء إبحارها في مضيق البوسفور المطل على إسطنبول في طريق عودتها إلى البحر الأسود بعد مهام عسكرية قرب الشواطئ السورية الأسبوع الماضي (رويترز)
قارب تابع لخفر السواحل التركي يصطحب الغواصة الروسية (روستوف أون دون) أثناء إبحارها في مضيق البوسفور المطل على إسطنبول في طريق عودتها إلى البحر الأسود بعد مهام عسكرية قرب الشواطئ السورية الأسبوع الماضي (رويترز)
TT

روسيا تستدعي الملحق العسكري التركي بعد «حادث» في بحر إيجه

قارب تابع لخفر السواحل التركي يصطحب الغواصة الروسية (روستوف أون دون) أثناء إبحارها في مضيق البوسفور المطل على إسطنبول في طريق عودتها إلى البحر الأسود بعد مهام عسكرية قرب الشواطئ السورية الأسبوع الماضي (رويترز)
قارب تابع لخفر السواحل التركي يصطحب الغواصة الروسية (روستوف أون دون) أثناء إبحارها في مضيق البوسفور المطل على إسطنبول في طريق عودتها إلى البحر الأسود بعد مهام عسكرية قرب الشواطئ السورية الأسبوع الماضي (رويترز)

أكدت روسيا، أمس، أن مدمرة روسية تجنبت في اللحظة الأخيرة اصطداما بمركب تركي في بحر إيجه، أمس، وأنها استدعت الملحق العسكري التركي في موسكو بعد هذا الحادث.
وأعلنت وزارة الدفاع الروسية، أمس، أنه «في 13 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، تجنب طاقم السفينة الروسية (سميتليفي)، التي كانت موجودة على بعد 22 كم عن جزيرة ليمنوس اليونانية في شمال بحر إيجه، اصطداما مع مركب صيد تركي»، مؤكدة أن الطاقم استخدم أسلحة خفيفة لتحذير السفينة.
وذكرت الوزارة أن نائب وزير الدفاع الروسي أناتولي أنطونوف استدعى الملحق العسكري بالسفارة التركية الأميرال أحمد غيونيش إلى مقر الوزارة في موسكو على وجه السرعة على خلفية الحادثة. وقالت الوزارة: «تم الإيضاح للدبلوماسي العسكري التركي بشكل صارم العواقب الكارثية المحتملة للإجراءات المتهورة من قبل أنقرة ضد الوحدات العسكرية الروسية، المكلفة بمهمة مكافحة الإرهاب الدولي في سوريا». وأضاف البيان: «تم استدعاؤه على وجه الخصوص، للإعراب عن قلقنا العميق من الأعمال الاستفزازية من قبل الجانب التركي في ما يتعلق بالسفينة الروسية»، مشيرا إلى أن الملحق التركي وعد بنقل وجهة النظر الروسية فورا إلى أنقرة.
وقالت الوزارة إن «طاقم سفينة الحراسة (سميتليفي) كشف عند الساعة 9:03 صباحا بتوقيت موسكو سفينة تركية على بعد ألف متر بحري تقترب من الجانب الأيمن لـ(سميتليفي) التي كانت راسية». وأضافت أن «السفينة التركية تجاهلت جميع محاولات طاقم (سميتليفي) للاتصال اللاسلكي وبالإشارات الضوئية وقنابل الإنارة بها». وأضافت: «عند اقتراب سفينة الصيد التركية من السفينة الروسية على مسافة نحو 600 متر أطلقت السفينة الروسية أعيرة نارية على مسار سير السفينة التركية على مسافة لا تسمح على الإطلاق بإصابتها بهذه الأعيرة، وذلك بهدف تفادي اصطدام السفينتين».
وأكد البيان أن «السفينة التركية غيرت مسارها بسرعة بعيد إطلاق الأعيرة النارية» التحذيرية، وأنها تابعت سيرها على مسافة 540 مترا دون أن تحاول الاتصال بالسفينة الروسية.
وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد أمر خلال اجتماع لقيادة وزارة الدفاع الروسية ترأسه في 11 ديسمبر الحالي، بالرد الفوري على أي تهديد للقوات الروسية. ويأتي ذلك على خلفية حادث إسقاط الطيران الحربي التركي قاذفة «سو 24» الروسية في أجواء سوريا في 24 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، الأمر الذي وصفه بوتين بأنه «طعنة في الظهر».
وقبل حادث السفينة، نشر موقع «روسيا اليوم»، مقالا بعنوان: «كيف سيتمكن الجيش الروسي من الوصول إلى الشرق الأوسط إذا قررت أنقرة إغلاق مضيقي البوسفور والدردنيل اللذين يربطان البحرين الأسود والمتوسط؟».
ومن المعروف أن تركيا لا تستطيع إغلاق المضيقين قانونيا، وفقا لاتفاقية مونترو الموقعة عام 1936 في سويسرا. وتنظم هذه الاتفاقية مرور السفن في مضيقي البوسفور والدردنيل وبحر مرمرة، وتنص على «عدم أحقية تركيا في منع مرور السفن خلالهما، إلا إذا كانت تنتمي لدول في حالة حرب مع أنقرة». ويقول المحلل الروسي ديمتري ليتوفكين إنه وفقا للاتفاقية، فإنه على تركيا الإبقاء على حركة السفن التجارية من جميع البلدان عبر المضيقين في وقت السلم ووقت الحرب. ومع ذلك، فإن مرور السفن الحربية يختلف بين الدول المطلة على البحر الأسود والدول غير المطلة على البحر. فمع مراعاة إخطار مسبق للسلطات التركية فإنها تسمح بمرور سفن حربية للدول المطلة على البحر الأسود من أي فئة عبر المضيقين في وقت السلم، أما في حالة مشاركة تركيا في الحرب، أو إذا ما رأت أنقرة أن ذلك يهددها بشكل مباشر، فإن لها الحق في السماح أو منع مرور تلك السفن الحربية.
ويخشى بعض الخبراء الروس أن تستغل أنقرة هذه النقطة في الاتفاقية لتغلق المضيقين في وجه السفن الروسية المتجهة من البحر الأسود إلى البحر المتوسط. وفي هذا الخصوص، قال السكرتير الصحافي للكرملين ديمتري بيسكوف، إن «قواعد حركة الملاحة البحرية عبر أي مضيق يحكمها القانون الدولي - اتفاقية مونترو - وهنا بالطبع نحن نعول على ثبات قواعد حرية الملاحة في المضيقين». في الوقت نفسه، بين بيسكوف أنه من الصعب التنبؤ بتصرفات القيادة التركية مستقبلا.
وقال القائد السابق لأسطول البحر الأسود الأدميرال إيغور كاساتونوف «إن الأتراك لن يغلقوا أبدا البوسفور والدردنيل». وأضاف «في أسوأ الحالات يمكن تجهيز عسكريينا في سوريا، على سبيل المثال، عبر إيران. من خلال هذا الطريق كانت تمر خلال الحرب (العالمية الثانية) المساعدة الفنية العسكرية بين الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة في إطار برنامج الإعارة والتأجير. إذن بخصوص هذه المسألة، وضعنا حلولا للمسائل اللوجيستية منذ فترة طويلة».
ووفقا للأميرال، فإن طرق الإمدادات تمر عبر الأراضي الروسية المطلة على بحر قزوين ثم إيران والخليج، ومن ثم بحرا حول شبه الجزيرة العربية والبحر الأحمر، علما بأن هذا الطريق أطول من طريق البحر الأسود.
ولا يمكن استبعاد، إذا لزم الأمر، تشغيل جسر جوي مباشر إلى سوريا باستخدام طائرات النقل العسكري الفائقة الثقل «إيه إن 124» المعروفة باسم «روسلان». وتملك روسيا 26 طائرة من هذا الطراز. وتستطيع حمل ما يصل إلى 120 طنا. ورغم تكلفة الشحن الجوي فإنه سريع وفعال.
وأخيرا، هناك طريق آخر يصل إلى البحر المتوسط عبر مضيق جبل طارق الواقع عند جنوب إسبانيا، ورغم طوله فإنه يبقى طريقا احتياطيا.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».