آية الله حسين الصدر: السعودية عمق العراق الاستراتيجي

أكد لـ {الشرق الأوسط} أن المحاصصة والطائفية تسببتا في خراب البلاد

آية الله حسين إسماعيل الصدر(«الشرق الأوسط»)
آية الله حسين إسماعيل الصدر(«الشرق الأوسط»)
TT

آية الله حسين الصدر: السعودية عمق العراق الاستراتيجي

آية الله حسين إسماعيل الصدر(«الشرق الأوسط»)
آية الله حسين إسماعيل الصدر(«الشرق الأوسط»)

قال آية الله حسين إسماعيل الصدر إن «المحاصصة والطائفية أساءتا لعلاقات العراق مع محيطه العربي عامة ودول الخليج العربي خاصة»، مشددا على أننا «نكن كل الاحترام والتقدير للسعودية التي تشكل عمقا استراتيجيا للعراق». وأضاف المرجع الديني الذي يوصف بالاعتدال والوسطية أن رئيس الوزراء حيدر العبادي يحاول أن يصلح ولكن التركيبة السياسية وعدم مساعدة الكتل السياسية الأخرى، بل عدم مساعدة قسم من كيانه السياسي (حزب الدعوة وائتلاف دولة القانون) وقفت حائلا دون أن يقدم (العبادي) ما هو مطلوب من الإصلاحات».
وتابع الصدر قائلا في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «سمعنا شعارات وتصريحات كثيرة من رئيس الوزراء عن الإصلاحات، ولكن تنفيذ هذه الشعارات قليل جدا»، مشيرا إلى أن «هذه المطالب التي لم تنحصر من قبل طائفة أو فئة أو كتلة أو قومية معينة بل من جميع فئات الشعب، وبالتأكيد أن العراقيين يطالبون بإصلاحات حقيقية، ومنذ اليوم الأول الذي خرجت فيه المظاهرات الشعبية ومطالبتها بحقوقها كنا معها وقلنا نحن نشد على سواعدكم، وكنا نتمنى أن يكون العراق بلدا ديمقراطيا بالفعل ويشعر الشعب بوجوده وبأهميته، وبأنه يتحمل جزءا من المسؤولية لهذا البلد، وبالنتيجة لا بد أن يكون لكل عراقي الأثر في قرار البلد، ويؤسفني أن أقول إننا ومنذ سنوات طويلة كنا وما زلنا بحاجة للإصلاحات والتغيير، فهناك سلبيات موجودة في كل مرافق حياتنا، هناك التطرف وعدم الاهتمام بالجانب الصحي والخدمي والتعليم، وكل هذه المرافق تحتاج إلى عمل إصلاحي كبير، والمتظاهرون طالبوا بكثير من الإصلاحات».
وأضاف المرجع الشيعي أن «بعض المؤسسات الإعلامية والأحزاب الدينية بالغت في الوقوف ضد مطالب الشعب العادلة. العراقيون طالبوا بإنهاء المحاصصة الطائفية والسياسية التي يعيشها العراق التي تسبب كثيرا من الخراب في البلد، وحتى اليوم المحاصصة مكرسة ولهذا لا وجود ولا مكان للكفاءات العلمية الوطنية غير المرتبطة بكيانات سياسية، وفي تقديري أن الأساس في الإصلاح هو إنهاء المحاصصة التي هي أساس لكل السلبيات التي نعيشها والعودة إلى مبدأ الوطنية والكفاءة والنزاهة، لكن حتى الآن الحكومة لم تحقق أي شيء من ذلك، فالمحاصصة موجودة وتتكرس يوما بعد آخر بصورة أعمق، وعندما تتكرس مسألة المحاصصة هذا يعني تكريس فكرة الطائفية المقيتة في الإسلام، والمحاصصة تؤكد ثقافة الطائفية البغيضة».
وبصدد ما صدر من بعض السياسيين من أن هناك أجندات خارجية تحرك المتظاهرين، قال الصدر: «المتظاهرون وطنيون وحريصون على العراق وعلى حقوق الشعب العراقي وحريصون على أن يعيشوا بأمان واستقرار وأن تتوفر لهم أساسيات الحياة الحرة الكريمة»، مؤكدا أن «السياسيين الموجودين في الحكم وصلوا إلى مناصبهم اعتمادا على المحاصصة وليس على أساس مهني أو لتمتعهم بروح وطنية، وهم منحازون لكياناتهم السياسية ومذاهبهم وأديانهم وقومياتهم، لهذا لا يمكن القيام بإصلاحات مع وجود مثل هذا النظام الذي يعتمد على المحاصصة والطائفية».
وعزا المرجع الديني سوء علاقات العراق مع محيطه العربي عامة، ودول مجلس التعاون الخليجي خاصة، إلى أن «الفكر الذي تأسست عليه السلطة في العراق بعد عام 2003 كرس للفكر الطائفي وأشاع الطائفية، وانعكس ذلك على علاقاتنا مع الدول العربية بشكل عام وعلى دول الخليج العربي بشكل خاص، والعراق من دون الدول العربية يضيع، والدول العربية هي أجنحة العراق التي يحلق بها، ولا يمكن أن يستمر العراق في حمل رسالته من دون الدول العربية الأخرى، فلا العراق يقدر أن يستغني عن الدول العربية، والعكس صحيح»، مشيرا إلى أن «الطائفية تحكمت في موازين علاقات العراق مع محيطه العربي، وفي كثير من الأمور فإن الطائفية هي التي تحكمت بالداخل فكيف لا تتحكم في الخارج وعلاقاتنا مع أشقائنا العرب، حتى أن الأمور وصلت إلى اتهام بعض الأشقاء العرب بالترويج للإرهاب وغيره». وتساءل: «كيف يمكن أن نوجه اتهامات لبلد مجاور يعد عمق العراق الاستراتيجي، مثل السعودية، التي نكن لها كل التقدير والاحترام؟ حدود العراق مفتوحة ومستباحة من قبل الجميع للأسف، فلماذا نتهم الدول العربية مع أن هناك دولا اخترقت البلد وتتدخل في شأننا الداخلي؟». ومضى قائلا: «أكرر بأننا نحمل للسعودية ولبقية دول الخليج العربي كل التقدير والاحترام والاعتزاز».
وبسؤاله عن اتهام البعض للعرب السنة في العراق بمسؤولية تمدد تنظيم داعش في البلد، استنكر الصدر هذه الاتهامات، وقال: «هذه الاتهامات غير صحيحة، وإن عدم معالجة ما حصل من اعتصامات في الأنبار ونينوى وكركوك في بدايتها كان سببا في تدخل أياد غير نظيفة إلى تلك الاعتصامات، ومن دون أن يدري أبناؤنا في المناطق التي تسمى بالغربية أو الساخنة». وتابع «منذ بداية الاعتصامات دعونا أصحاب القرار للالتفات للمعتصمين وتنفيذ مطالبهم المشروعة، للأسف بعض السياسيين معرضون للاتهام لأنهم لم يستطيعوا أن يفعلوا أو يقدموا شيئا، لهذا يكون الاتهام أفضل طريق من قبل خصومهم»، منوها بأن تمدد الإرهاب وتنظيم داعش في العراق سببه «الخلافات السياسية التي تسببت في ضعف العراق من جهة وقوة الإرهاب من جهة أخرى، فالإرهاب له أوجه متعددة، ومن أوضح صوره غير القتل المعلن هي المحاصصة والفساد من قبل بعض السياسيين الذين أوصلوا العراق لهذا الوضع السيئ».



«الوزارية العربية الإسلامية» تبحث مع غوتيريش تفعيل الاعتراف بدولة فلسطين

جانب من اجتماع اللجنة الوزارية العربية والإسلامية مع أمين عام الأمم المتحدة في نيويورك (واس)
جانب من اجتماع اللجنة الوزارية العربية والإسلامية مع أمين عام الأمم المتحدة في نيويورك (واس)
TT

«الوزارية العربية الإسلامية» تبحث مع غوتيريش تفعيل الاعتراف بدولة فلسطين

جانب من اجتماع اللجنة الوزارية العربية والإسلامية مع أمين عام الأمم المتحدة في نيويورك (واس)
جانب من اجتماع اللجنة الوزارية العربية والإسلامية مع أمين عام الأمم المتحدة في نيويورك (واس)

بحثت اللجنة الوزارية العربية الإسلامية بشأن تطورات غزة، الأربعاء، مع أنطونيو غوتيريش، أمين عام الأمم المتحدة، دعم الجهود الرامية إلى تفعيل الاعتراف بالدولة الفلسطينية، والذي يكفل تلبية حقوق الشعب بتجسيد دولته المستقلة ذات السيادة على حدود 1967 وعاصمتها القدس المحتلة.

وترأس الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله، وزير الخارجية السعودي، الاجتماع الذي حضره الأعضاء: الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري، ومحمد مصطفى رئيس الوزراء وزير الخارجية الفلسطيني، وأيمن الصفدي نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الأردني، ووزراء الخارجية بدر عبد العاطي (مصر)، والدكتور عبد اللطيف الزياني (البحرين)، وهاكان فيدان (تركيا)، وريتنو مارسودي (إندونيسيا)، وأمينا جامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، ومنظمة التعاون الإسلامي حسين طه.

وناقش الاجتماع، الذي جاء على هامش أعمال الأسبوع رفيع المستوى للدورة الـ79 للجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك، التطورات الخطيرة في غزة، ومواصلة الاحتلال الإسرائيلي التصعيد العسكري ضد المدنيين العُزل، حيث جدّدت اللجنة موقف الدول العربية والإسلامية الموحَّد الرافض للعدوان، ودعوتها لضرورة الوقف الفوري والتام لإطلاق النار، وضمان حماية المدنيين وفق القانون الدولي الإنساني.

الأمير فيصل بن فرحان خلال مشاركته في اجتماع اللجنة الوزارية العربية والإسلامية مع غوتيريش (الأمم المتحدة)

وبحث أعضاء اللجنة أهمية دور وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا» بوصفها ضرورة لا بديل عنها في جميع عمليات الاستجابة الإنسانية بغزة، مشددين على أهمية التصدي للحملات المُمنهجة التي تستهدف تقويض دورها، مع استمرار دعمها لضمان إيصال المساعدات الضرورية للمحتاجين.

وطالبوا بالتصدي لكل الانتهاكات الصارخة التي تُمارسها قوات الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني، وتزيد المأساة الإنسانية، وعرقلتها دخول المساعدات الإنسانية العاجلة إلى غزة، مؤكدين أهمية محاسبة إسرائيل على الانتهاكات المتواصلة في القطاع والضفة الغربية المحتلة، والتصدي لعمليات التهجير القسري التي يسعى الاحتلال لتنفيذها.

ونوّه الأعضاء بأهمية اتخاذ الخطوات الجادة والعاجلة لضمان تأمين الممرات الإغاثية لإيصال المساعدات الإنسانية والغذائية والطبية الكافية والعاجلة لغزة، معبّرين عن رفضهم تقييد دخولها بشكلٍ سريع ومستدام وآمن، ومقدّرين جهود غوتيريش ومواقفه خلال الأزمة، خصوصاً فيما يتعلق بجهود حماية المدنيين، وتقديم المساعدات.

جانب من اجتماع اللجنة الوزارية العربية والإسلامية مع غوتيريش في نيويورك (الأمم المتحدة)

من جانب آخر، أكد الأمير فيصل بن فرحان أن صناعة السلام تتطلب الشجاعة في اتخاذ القرارات الصعبة، «فخلف كل تعطيل لمسارات السلام والتسويات السياسية، نجد بعض القيادات السياسية تُغلِّب مصالحها الشخصية واعتباراتها الحزبية على المصالح الجامعة والسلم الإقليمي والدولي، وهو ما انعكس بشكل واضح على كفاءة المنظمات الدولية، ومجلس الأمن على وجه الخصوص، في أداء مهامها».

جاء ذلك خلال مشاركته في الجلسة المفتوحة لمجلس الأمن تحت عنوان «القيادة في السلام»، وذلك على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة. وقال وزير الخارجية السعودي إن «الاجتماع يأتي في فترة تتصاعد فيها وتيرة الصراعات والأزمات، وتتضاعف التحديات والتهديدات المشتركة، وتتنامى أزمة الثقة في النظام الدولي متعدد الأطراف، وقدرته على تحقيق آمال الشعوب بمستقبل يسوده السلام والتنمية».

وشدد على أن «هذه الظروف تُحتِّم علينا تقييم حالة العمل الدولي متعدد الأطراف، وأسباب تراجعه عن حلّ الأزمات ومعالجة التحديات المشتركة»، متابعاً: «ولعلّ النظر الجاد في الإسراع بعملية إصلاح مجلس الأمن أصبح ضرورة مُلحّة أكثر من أي وقت مضى»، ومنوهاً بأن «استعادة الاحترام للمواثيق والأعراف الدولية تأتي عبر تطبيق القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، ومحاسبة منتهكيه دون انتقائية».

وأوضح الأمير فيصل بن فرحان أن التحدي لا ينحصر في عجز منظومة السلم والأمن والمؤسسات الدولية عن الاستجابة للتحديات المشتركة، بل يتعداه ليشمل غياب «القيادة من أجل السلام»، مضيفاً: «للخروج من دائرة العنف والأزمات، يجب علينا تمكين القيادة الدولية المسؤولة، وإحباط محاولات تصدير المصالح السياسية الضيقة على حساب أمن الشعوب وتعايشها».

ولفت إلى أن «غياب التحرّك الدولي الجادّ لإيقاف التصعيد العسكري الإسرائيلي المستمر هو دليل قاطع على ما يعانيه النظام الدولي متعدد الأطراف من قصور وتضعضع في الإرادة السياسية الدولية».

وأبان وزير الخارجية السعودي أن بلاده تؤمن بأن السلام هو الأساس الذي يمهّد للتعاون والتنمية، وهو الحامي لديمومتهما، مؤكداً دعمها النظام الدولي متعدد الأطراف، وسعيها لتطويره وتمكين مقاصده، واستعادة الثقة بمؤسساته، والتزامها بتعزيز العمل الجماعي من أجل تحقيق الأمن والتنمية المشتركة.

وزير الخارجية السعودي يتحدث خلال جلسة مجلس الأمن حول «القيادة في السلام» (واس)

إلى ذلك، شارك الأمير فيصل بن فرحان في الاجتماع الوزاري بشأن السودان، على هامش أعمال الجمعية العامة، الذي تناول المستجدات، وأهمية تحقيق وقف دائم لإطلاق النار، وتخفيف المعاناة الإنسانية للشعب السوداني.

كما شارك في الاجتماع الوزاري المشترك بين دول مجلس التعاون الخليجي و«البينيولكس»، الذي استعرض فرص تعزيز التعاون بين الجانبين بمختلف المجالات، ومن بينها إمكانية زيادة التبادل التجاري، وتطوير العمل التنموي والاقتصادي. كما ناقش آخِر تطورات الأوضاع الإقليمية والدولية؛ بما فيها حرب غزة، والجهود المبذولة بشأنها.

الأمير فيصل بن فرحان لدى مشاركته في الاجتماع الوزاري بشأن السودان (واس)

من ناحية أخرى، قال وزير الخارجية السعودي، إن بلاده تؤمن بضرورة تعزيز آليات التشاور بين مجلس الأمن والمنظمات الإقليمية، مثمّناً القرار التاريخي لسلوفينيا بالاعتراف بدولة فلسطين.

وشدّد خلال مشاركته في اجتماع ترويكا جامعة الدول العربية (السعودية، البحرين، العراق) مع الدول الأعضاء بمجلس الأمن، على دعم الرياض الكامل لجهود الوساطة التي تبذلها القاهرة والدوحة وواشنطن، ورفضها للإجراءات الإسرائيلية التي تعرقلها.

وجدّد الأمير فيصل بن فرحان دعم السعودية لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، وتقديرها للجهود التي تبذلها في قطاع غزة.

وزير الخارجية السعودي خلال مشاركته في اجتماع الترويكا العربية مع مجلس الأمن (واس)

وأكد على أهمية تكثيف التعاون والتنسيق بين جامعة الدول العربية ومجلس الأمن والشركاء الدوليين من أجل إحراز تقدم ملموس بقضايا المنطقة، والمساهمة في تعزيز السلم والأمن الدوليين.

وشارك وزير الخارجية السعودي، في الفعالية السنوية لدعم أعمال (الأونروا)، حيث جرى بحث ضرورة توفير الدعم اللازم لها، لضمان استمرار تقديم خدماتها الحيوية للاجئين الفلسطينيين.