شبان فرنسا لا يثقون بقدرة الانتخابات على تغيير حياتهم نحو الأفضل

عشية انطلاق الدورة الثانية من انتخابات المناطق

شبان فرنسا لا يثقون بقدرة الانتخابات على تغيير حياتهم نحو الأفضل
TT

شبان فرنسا لا يثقون بقدرة الانتخابات على تغيير حياتهم نحو الأفضل

شبان فرنسا لا يثقون بقدرة الانتخابات على تغيير حياتهم نحو الأفضل

يصوت الفرنسيون غدا الأحد في الدورة الثانية من انتخابات المناطق بعد أسبوع على دورة أولى أحدثت زلزالا سياسيا بسبب تصدر اليمين المتطرف في مواجهة يسار حاكم ومعارضة يمينية ضعيفة ومشرذمة.
لكن جيل الشبان في فرنسا لا يؤمن بأن مشاركتهم في التصويت ستدخل تغييرا على حياتهم، ويتحدثون عن «فقدان الثقة» في الأحزاب التقليدية، معتبرين حزب «الجبهة الوطنية» غير مؤهل للحكم مثل الباقين، ولذلك فإنهم يرون أن الامتناع عن التصويت هو الوسيلة الوحيدة للمطالبة بالتغيير.
وتقول بولين، وهي طالبة في علم النفس بمدينة تولوز: «لا أؤمن بالانتخابات، إنه من السذاجة الاعتقاد بأن السلطة والمال لن تعمي عيون أي شخص منتخب، ومن المؤسف أن نرى كل هذه العروض السياسية والوعود، في حين أن الأمور لا تتغير أبدا لأن ذلك لا يصب في صالحهم».
وتقف هذه الشابة، البالغة من العمر 22 عاما، في أقصى يسار المشهد السياسي، وتعرب عن سعادتها لبلوغ نسبة الامتناع عن المشاركة في التصويت يوم الأحد الماضي 50 في المائة، وذلك في أول دورة لانتخابات مجالس المناطق الفرنسية والعاصمة، وتقول بهذا الخصوص «آمل أن يفهموا في نهاية الأمر أن النظام لم يعد مجديا، وأن الناس ما عادوا يريدون ديمقراطية تمثيلية»، ولذلك تطالب «بالتصويت على كل قرار سياسي، بما يشبه الاستفتاء».
ومثلها تمتنع غالبية مكونة من 65 في المائة من الشبان الفرنسيين، البالغة أعمارهم ما بين 18 - 24 عاما، وفق استطلاع حديث عن «واجب التصويت»، الذي لا يكف اليمين واليسار عن التشديد عليه لمنع تقدم اليمين المتطرف، ممثلا بالجبهة الوطنية التي حصلت في الدورة الأولى على 28 في المائة من الأصوات.
وفي هذا السياق يقول توما غينوليه، أستاذ العلوم السياسية، إن الامتناع هو تعبير عن «رفض فرنسا التي يمثلها جيل الكبار، الذين ما عادوا محل ثقة لحل مشكلاتهم وفهمها، لأن فرنسا هذه لا تحبهم. الجيل الجديد يواجه صعوبة كبيرة في امتلاك مسكن وإيجاد وظيفة»، مضيفا أن «فرنسا الممثلة بالنموذج الاقتصادي والاجتماعي والسياسي للسنوات 1970 إلى 1990 أصبحت في طور الاندثار».
من جهتها، ترى إيلودي البالغة من العمر 25 عاما، وسيلفان البالغ من العمر 34 عاما، وهما زوجان من كولمار بشرق البلاد «لقد وصلنا إلى مرحلة لم يعد النظام فيها يحرز أي تقدم.. إنه من المؤسف قول ذلك لأن هناك فرنسيين ناضلوا من أجل حق التصويت، لكن لم تعد لدينا ثقة بأحد، الجميع بالنسبة لنا نصابون ويعملون لحساب عصابات مالية».
أما سيلفان فقال إنه كان في السابق يشجع الآخرين على التصويت: «أما اليوم فتوقفت عن ذلك. وإذا تحركت فسيكون ذلك بشكل مختلف: إذ مكن أن نتجمع على شبكات التواصل الاجتماعي». ويطالب سيلفان، الذي يعمل في شركة لإنتاج أجهزة التبريد، بمزيد من الإنسانية، ويؤكد أنه لم يغير رأيه في اللعبة السياسية بعد اعتداءات 13 من نوفمبر (تشرين الثاني)، التي أوقعت 130 قتيلا في باريس، وتبناها تنظيم داعش المتطرف، موضحا أن أمله خاب كثيرا بالرئيس فرنسوا هولاند، الذي أيده في 2012. وأن «الشعب يجب أن يستعيد السلطة ويتصرف بنفسه لأن الطبقة السياسية كلها في عالم آخر، هم لا يفكرون بتاتا بمعاناة الفرنسيين».
أما تيبو، الطالب في الكلية التجارية في روسني - سو - بوا بالضاحية الباريسية فيؤكد أنه لا يرى «كيف ستحسن هذه الانتخابات حياتنا أو تغير معيشتنا اليومية. إنه لأمر جميل أن يطلب منا الذهاب للإدلاء بأصواتنا. لكن ينبغي جعلنا نرغب في ذلك. فالسياسيون يعملون أولا وأخيرا من أجل الحفاظ على مناصبهم على حساب الفرنسيين».
لكن ماذا عن «الجبهة الوطنية» التي حصلت على ثلث أصوات الشبان الذين صوتوا الأحد؟ وكجواب على هذا التساؤل، يقول تيبو إن «الجبهة الوطنية تطرح أمورا مهمة مثل الخروج من الاتحاد الأوروبي لكن هذا غير ممكن. وباستثناء مارين لوبن (رئيسة الجبهة)، وفلوريان فيليبو (مساعدها) فأنا لا أرى أشخاصا آخرين يتمتعون بالكفاءة».
وفي ديجون وسط شرق فرنسا، يقول طالب التجارة لوسيان لوتولييه (20 عاما) إنه يفضل مقاطعة السياسيين «لأنهم زمرة من الفاسدين» عبر الامتناع عن التصويت، بدل «معاقبتهم والتصويت للجبهة الوطنية» التي لا يؤمن بها.
وفيما يسخر الشباب من صورة «الذئب الشرير»، التي تستخدمها الأحزاب التقليدية للتخويف من اليمين المتطرف، تقول إيلودي وسيلفان «أن يطلب منا التصويت حتى لا تفوز الجبهة الوطنية من دون أن تطرح النخبة على نفسها سؤالا واحدا يعني أن هناك أزمة مستعصية».



بسبب القوانين... «أطباء بلا حدود» تُوقف إنقاذ المهاجرين في البحر المتوسط

منظمة «أطباء بلا حدود» تنقذ مئات المهاجرين على متن قارب في البحر الأبيض المتوسط (أ.ب)
منظمة «أطباء بلا حدود» تنقذ مئات المهاجرين على متن قارب في البحر الأبيض المتوسط (أ.ب)
TT

بسبب القوانين... «أطباء بلا حدود» تُوقف إنقاذ المهاجرين في البحر المتوسط

منظمة «أطباء بلا حدود» تنقذ مئات المهاجرين على متن قارب في البحر الأبيض المتوسط (أ.ب)
منظمة «أطباء بلا حدود» تنقذ مئات المهاجرين على متن قارب في البحر الأبيض المتوسط (أ.ب)

أعلنت منظمة «أطباء بلا حدود»، الجمعة، وقف عملياتها لإنقاذ المهاجرين في وسط البحر الأبيض المتوسط؛ بسبب «القوانين والسياسات الإيطالية» التي تجعل «من المستحيل مواصلة النموذج التشغيلي الحالي».

وقالت المنظمة غير الحكومية، في بيان، إنّ سفينتها الإنسانية «جيو بارنتس» تعرضت، خلال العامين الماضيين، «لأربع عقوبات من السلطات الإيطالية، ممّا فرض عليها عدم مغادرة الميناء لمدة 160 يوماً». وأضافت المنظمة أنه «في ديسمبر (كانون الأول) 2024، شدّدت إيطاليا العقوبات من خلال تسهيل وتسريع مصادرة سفن البحث والإنقاذ الإنسانية».

كما أدّى تحديد السلطات الإيطالية موانئ نائية، غالباً في شمال البلاد، لإنزال المهاجرين الذين يجري إنقاذهم، إلى تقليل قدرة سفينة «جيو بارنتس» على إنقاذ الأرواح في البحر والوجود في المناطق التي تحتاج إليها، وفق ما أكدت المنظمة غير الحكومية. وأوضحت أنه «في يونيو (حزيران) 2023، طلبت السلطات الإيطالية من سفينة جيو بارنتس، التي يمكنها استيعاب ما يصل إلى 600 شخص على متنها، التوجه إلى لا سبيتسيا في شمال إيطاليا لإنزال 13 ناجياً. وهذا يعني الإبحار لأكثر من ألف كيلومتر، رغم أن هناك موانئ أقرب بكثير».

وعلى الرغم من ذلك، شددت «أطباء بلا حدود» على أنها لا تنوي التخلي عن المهاجرين. وقالت المنظمة إن «التزامها راسخ تجاه المهاجرين، وخاصة أولئك الذين يقومون بالعبور الخطِر للبحر الأبيض المتوسط، وهو طريق قضى، أو فُقد فيه، أكثر من 31 ألف شخص منذ عام 2014».

وقال خوان ماتياس جيل، ممثل منظمة «أطباء بلا حدود» لعمليات البحث والإنقاذ، في بيان، إنّ المنظمة «ستعود في أقرب وقت لإجراء عمليات البحث والإنقاذ على أحد أخطر طرق الهجرة في العالم».